حملات التطهير تنتقل إلى المخابرات والتعليم والإعلام.. وإقالة الآلاف

توقيف مستشار عسكري آخر لإردوغان.. ومخاوف من انتهاك القانون بزعم مكافحة الانقلابيين.. زعيم المعارضة يطالب بمحاسبة من أهانوا الجنود

مناصرون للرئيس التركي رجب طيب إردوغان يتجمعون بالقرب من تمثال السلطان محمد الثاني في إسطنبول أمس (أ.ف.ب)
مناصرون للرئيس التركي رجب طيب إردوغان يتجمعون بالقرب من تمثال السلطان محمد الثاني في إسطنبول أمس (أ.ف.ب)
TT

حملات التطهير تنتقل إلى المخابرات والتعليم والإعلام.. وإقالة الآلاف

مناصرون للرئيس التركي رجب طيب إردوغان يتجمعون بالقرب من تمثال السلطان محمد الثاني في إسطنبول أمس (أ.ف.ب)
مناصرون للرئيس التركي رجب طيب إردوغان يتجمعون بالقرب من تمثال السلطان محمد الثاني في إسطنبول أمس (أ.ف.ب)

تواصلت حملات تطهير الانقلابيين وداعميهم في تركيا على خلفية محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت مساء الجمعة الماضي. وأوقفت السلطات التركية أمس المقدم أركان كيفراك المستشار العسكري الجوي للرئيس التركي رجب طيب إردوغان، في فندق بولاية أنطاليا جنوبي البلاد.
وبحسب مصادر أمنية تم توقيف كيفراك خلال قضائه عطلة في أحد فنادق منطقة «سريك» بأنطاليا. وقالت المصادر إنه تم نقل كيفراك إلى أنقرة، بعد إنهاء الإجراءات الأمنية اللازمة في أنطاليا. وأقال جهاز المخابرات التركي أمس 100 من موظفيه على خلفية التحقيقات الحالية بشأن محاولة الانقلاب الفاشلة. وقالت مصادر في جهاز المخابرات لوكالة أنباء الأناضول إن الجهاز أقال 100 موظف، ممن ليست لهم صلاحية الوصول إلى المعلومات الاستخباراتية، لـ«وجود ملفات تحقيق بحقهم».
كما أوقفت السلطات التركية مساء أول من أمس، في قاعدة أنجرليك الجوية جنوب تركيا، التي يستخدمها التحالف الدولي لضرب تنظيم داعش الإرهابي في سوريا والعراق بقيادة الولايات المتحدة، سبعة عسكريين ووضعوا قيد الحبس الاحتياطي. وكان مدعون وشرطيون قاموا في وقت سابق بعملية مداهمة في هذه القاعدة الاستراتيجية، التي تم غلقها يوم السبت، غداة محاولة الانقلاب الفاشلة.
وكانت السلطات التركية أوقفت ضابطا رفيع المستوى في سلاح الجو وعشرة مشتبه بهم آخرين في هذه القاعدة للاشتباه في مساعدتهم الانقلابيين.
وقال مسؤولون أتراك إنهم يشتبهون في أن القاعدة القريبة من الحدود مع سوريا استخدمت في تموين طائرات عسكرية سيطر عليها منفذو محاولة الانقلاب.
في الوقت نفسه، قررت محكمة في محافظة جناق قلعة شمال غربي تركيا إخلاء سبيل الجنرال إسماعيل جورجان قائد لواء المشاة الميكانيكي الثامن عشر. واعتقل جورجان من قبل القوات الأمنية على خلفية محاولة الانقلاب العسكري الفاشل التي شهدتها تركيا ليلة الجمعة الماضية في منطقة جالي بولو بمدينة جناق قلعه في تمام الساعة الرابعة فجر أمس، وتمت إحالته إلى المحكمة، وأصدرت المحكمة التي حققت معه قرارًا بإخلاء سبيله.
وأعلن المجلس الأعلى للجامعات في تركيا إقالة 1577 عميدًا على خلفية محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا مؤخرًا من بينهم 401 عميد في الجامعات الخاصة و1176 في الجامعات الحكومية.
كما أعلنت وزارة تعليم العالي أمس عبر موقعها الإلكتروني فتح التحقيقات مع 15 ألفا و200 موظف حكومي في إطار التحقيقات الدائرة في تركيا عقب محاولة الانقلاب العسكري. وأشارت الوزارة في بيانها إلى استمرار التحقيقات، وأنه سيتم اطلاع الرأي العام حول سير التحقيقات أولا بأول.
وقررت السلطات التركية إلغاء تراخيص محطات راديو وتلفزيون، بتهمة علاقتها بالداعية فتح الله غولن الذي يتهمه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة.
في السياق ذاته، تضاربت الأنباء حول ما وصف باعتراف قائد القوة الجوية التركية السابق الجنرال أكين أوزتورك للمحققين معه بالدور الذي قام به في التخطيط للمحاولة الانقلابية الفاشلة ضد الحكومة التي جرت مساء الجمعة الماضي. وبينما أكدت وكالة الأناضول التركية الرسمية أن الجنرال أوزتورك اعترف بأنه كان من المخططين للمحاولة الانقلابية، وأنه قال للمحققين إنه «تصرف بنية القيام بانقلاب»، قالت إذاعتان مستقلتان إنه لم يعترف بذلك. فقد نقلت محطة تلفزيون «إن تي في» عن قائد سلاح الجو السابق قوله: «لست من الذين خططوا للمحاولة أو أداروها، ولا أعلم من فعل ذلك». كما قالت إذاعة «خبرتورك» الخاصة إن أوزتورك لم يعترف بضلوعه في المحاولة. وأظهرت صور نشرت لأوزتورك عقب اعتقاله إصابته بجروح مختلفة في الرأس والجزء العلوي من الجذع.
وكان أوزتورك ينفي إلى وقت قريب ضلوعه في المحاولة، ويصر على أنه عمل على وأدها، وذلك في تصريحات أدلى بها للإعلام التركي.
وكانت وكالة الأناضول قالت في وقت سابق إن جهات التحقيق في أنقرة بصدد استجواب نحو 112 جنرالا وأميرالا، بمن فيهم أوزتورك الذي وصفته بأنه زعيم الحلقة التي خططت للمحاولة الانقلابية، وأن 50 من هؤلاء أوقفوا فعلا وأحيلوا للقضاء. وقال مسؤولون أتراك إن 8 آلاف تقريبا من رجال الشرطة أوقفوا عن العمل للاشتباه في أن لهم صلة بمحاولة الانقلاب. كما ألقي القبض على نحو 6 آلاف من العسكريين ومسؤولي الجهاز القضائي، بينما وصل عدد ضحايا محاولة الانقلاب إلى نحو 232 قتيلا و1491 جريحا.
وتوقع وزير العدل التركي بكير بوزداغ اعتقال المزيد من الأشخاص، واصفا ما يحدث بأنه «عملية تطهير». وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال حضوره جنازة شقيق أحد أقرب مساعديه في إسطنبول تعهد بأن «تتواصل عملية التطهير في جميع مؤسسات الدولة، لأن هذا الفيروس قد استشرى. ولسوء الحظ، إنه مثل السرطان الذي تغلغل في أجهزة الدولة».
وطالب كمال كيليشدار أوغلو رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض بالتحقيق مع القادة المدبرين لمحاولة الانقلاب العسكري الفاشلة التي شهدته تركيا ليلة الجمعة الماضي وليس الجنود الذين تلقوا الأوامر ونزلوا إلى الشوارع. وأكد في مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء بن علي يلدريم عقب لقائهما أمس في أنقرة إنه يجب أن يتم التحقيق مع القادة في إطار سيادة القانون، وأضاف أوغلو أنهم لا يستحسنون المشاهد المرعبة من ضرب وإهانة تعرض لها الجنود الذين نفذوا أوامر قادتهم من قبل بعض المواطنين الذين نزلوا لمظاهرات منددة بالانقلاب. وتابع كيليشدار أوغلو حديثه قائلا: «لا يمكن تصويب الحالة السيئة التي تعرض لها الجنود، كلنا نثق بجيشنا الباسل ولكننا نرفض هذا الوضع البائس ونطالب بالتحقيق في إطار القانون مع القادة الذين أصدروا لهم الأوامر للنزول إلى الشوارع كما نطالب بالتحقيق مع المعتدين على جنودنا الأبرياء الذين نزلوا إلى الشوارع عقب تلقيهم الأوامر بهذا الصدد».
في الوقت نفسه أكد الحقوقي رئيس نقابة المحامين في مانيسا غرب تركيا علي أرسلان ضرورة عدم استغلال محاولة الانقلاب الأخيرة لتصفية فصائل المعارضة السياسية والاجتماعية والمدنية والشخصيات بدعوى محاسبة الانقلابيين. وتطرّق أرسلان إلى ضرورة الالتزام بمبدأ محاكمة الانقلابيين أمام القانون وإنزال العقوبة التي يستحقونها عليهم، لافتًا إلى ضرورة اتخاذ الإجراءات القانونية بحق مرتكبي الأعمال المتطرفة في الطرقات والشوارع تحت اسم محاسبة الانقلابيين، كقطع رأس أحد الجنود.
يذكر أن السلطات التركية بدأت حملة اعتقالات وإقالات طالت أعضاء في المحكمة العليا، وذلك على خلفية المحاولة الانقلابية الفاشلة، حيث أصدرت مذكرات اعتقال بحق 140 من أفراد المحكمة العليا و48 من أعضاء مجلس الدولة و2745 شخصًا ما بين مدع عام وقاضٍ.
وعقب رئيس نقابة المحامين بقوله: «صدرت قرارات اعتقال بحق 2745 مدعيًا عامًا وقاضيًا، وهذا الرقم يساوي رُبع العدد الإجمالي للمدعين العامين والقضاة في البلاد. هذه القرارات وقرارات العزل والإبعاد الأخرى لم تتخذ في إطار الإجراءات والخطوات الواجب اتباعها قانونيًا في مثل هذه الأحوال والظروف».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».