لبنان: مطالبة بالسعي لتحرير المطرانين المخطوفين بعد إطلاق مخطوفي أعزاز

معارض سوري مواكب للملف يؤكد أنهما بخير رغم مرض إبراهيم

علي زغيب أحد المفرج عنهم من مخطوفي أعزاز لدى وصوله إلى مطار بيروت حيث نثر الأرز فوقه (أ.ب)
علي زغيب أحد المفرج عنهم من مخطوفي أعزاز لدى وصوله إلى مطار بيروت حيث نثر الأرز فوقه (أ.ب)
TT

لبنان: مطالبة بالسعي لتحرير المطرانين المخطوفين بعد إطلاق مخطوفي أعزاز

علي زغيب أحد المفرج عنهم من مخطوفي أعزاز لدى وصوله إلى مطار بيروت حيث نثر الأرز فوقه (أ.ب)
علي زغيب أحد المفرج عنهم من مخطوفي أعزاز لدى وصوله إلى مطار بيروت حيث نثر الأرز فوقه (أ.ب)

لا يزال مصير المطرانين بولس يازجي (أرثوذكس) ويوحنا إبراهيم (سريان) المختطفين منذ شهر أبريل (نيسان) الفائت بريف حلب مجهولا، بعدما لم تشملهم صفقة تحرير المخطوفين اللبنانيين التسعة، الذين كانوا محتجزين في مدينة أعزاز السورية منذ شهر مايو (أيار) 2012.
وبينما اكتفى المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم، الذي تولى عملية المفاوضات لتحرير المخطوفين اللبنانيين، بالإشارة في تصريحات عدة خلال اليومين الأخيرين، إلى أنه «لا علاقة لملف مخطوفي أعزاز بملف المطرانين، ونحن نعمل عليه على خط آخر»، تحفظت مصادر متابعة لقضية المطرانين في بيروت عن ذكر أي تفاصيل بشأن تطورات الملف. واكتفت أيضا بالتأكيد على التواصل الدائم مع اللواء عباس إبراهيم واستمرار المساعي من أجل تحريرهما.
وفي سياق متصل، قال ممثل الطائفة السريانية في الائتلاف السوري المعارض والمجلس الوطني السوري عبد الأحد اسطيفو لـ«الشرق الأوسط» أمس: «نتابع الملف لكن مع الأسف، لا تزال الأمور على حالها»، مؤكدا أن «الأخبار التي وصلتنا أخيرا تفيد بأن المطرانين ما زالا حيين وبصحة جيدة رغم مرض المطران يوحنا».
وأشار اسطيفو إلى «إننا كنا قد تفاءلنا الأسبوع الماضي بإمكانية إطلاق سراحهما مع المخطوفين اللبنانيين لكن لم تثمر المساعي». وتابع: «تواصلت شخصيا مع وزير الخارجية القطري خالد العطية بهذا الصدد، وما نستطيع قوله حتى اللحظة أن ثمة تفعيلا جديا للملف، ونأمل أن يطلق سراح المطرانين في أقرب وقت ممكن».
وكان الرئيس اللبناني ميشال سليمان هنأ أمس المدير العام للأمن العام اللبناني على الجهود التي بذلها في سبيل الإفراج عن مخطوفي أعزاز، لافتا إلى «متابعة الاتصالات من أجل إطلاق المطرانين المخطوفين، وكذلك البحث الجدي في ملف المفقودين والمعتقلين في سوريا».
وأمل نائب رئيس حكومة تصريف الأعمال سمير مقبل أن «تسفر المساعي المبذولة إلى إطلاق المطرانين في وقت قريب بعدما تسربت معلومات بأنهما في مكان آمن وبصحة جيدة». وقال: «كنا نأمل أن تشمل عملية الإفراج عن مخطوفي أعزاز إطلاق المطرانين لتكتمل فرحتنا».
ونوه مقبل، في بيان أمس، بـ«الجهود التي بذلتها السلطات اللبنانية التي أفضت إلى الإفراج عن مخطوفي أعزاز، المساعي التي قام بها إبراهيم»، لافتا إلى أن «قطر وتركيا وسوريا إضافة إلى الوساطة الفلسطينية ساهمت وتجاوبت مع الدولة اللبنانية وكان لها الدور الأبرز في اختتام مأساة المخطوفين».
وفي سياق متصل، أكد وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية شكيب قرطباوي أن «جهدا لبنانيا بذل لإطلاق المخطوفين اللبنانيين، فضلا عن جهد قطري مشكور ومساهمة تركية»، معتبرا أن «العامل الذي ساهم بشكل أساسي في إطلاق المخطوفين هو أن هذا الموضوع بات عبئا على المعارضة السورية».
وأعرب حزب الكتائب برئاسة الرئيس اللبناني السابق أمين الجميل عن ارتياحه «لعودة المواطنين اللبنانيين الذين اختطفوا في أعزاز على مدى أشهر طويلة، سالمين إلى أهلهم ووطنهم، كما والإفراج عن المواطنين التركيين». ودعا، بعد اجتماعه أمس، إلى «متابعة الفصول الأخرى من هذا المسلسل الظلامي بالإفراج عن المطرانين المحتجزين في سوريا»، مطالبا بـ«إنهاء ملف الخطف بكل فصوله وأشكاله وتحرير كل المعتقلين في السجون السورية».
من جهة أخرى، نوه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، في موقفه الأسبوعي لجريدة «الأنباء» الصادرة عن حزبه، «بالجهود الكبيرة التي بذلها اللواء عباس إبراهيم لإنهاء أزمة اختطاف الزوار اللبنانيين وإعادتهم إلى الحرية بعد أشهر طويلة من الاحتجاز».
وقال إن هذه المسألة «تدل على أن المرجعية الرسمية اللبنانية تبقى تحتفظ بالمكانة الأهم في أي تعاملات مع الخارج في أوقات الأزمات وفي غير أوقات الأزمات»، لافتا إلى أن «المداخلات التي حصلت من الكثير من الأطراف في هذا الملف ولدت تعقيدات إضافية أخرت إتمامها في الوقت المطلوب». قضائيا، وافق قاضي التحقيق في جبل لبنان زياد مكنا، وبعد موافقة النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان، على تخلية سبيل الموقوفين الثلاثة في قضية خطف الطيارين التركيين لقاء كفالة مالية. وشكر أحد الموقوفين المطلق سراحهم القضاة الذين أفرجوا عنهم، وقال: «نحن مظلومون وسيظهر كل شيء لاحقا».
وكان طيار تركي ومساعده اختطفا بعد خروجهما من مطار بيروت خلال شهر أغسطس (آب) الماضي، واشترط الخاطفون تحرير مخطوفي أعزاز قبل إطلاق سراحهما، وهو ما تم قبل يومين بعد تأكيد الإفراج عن المخطوفين اللبنانيين.



انقلابيو اليمن يحولون المدارس إلى ثكنات 

أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 (غيتي)
أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 (غيتي)
TT

انقلابيو اليمن يحولون المدارس إلى ثكنات 

أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 (غيتي)
أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 (غيتي)

أعادت وكالة أممية حديثها عن تسرب ملايين الأطفال من التعليم، وتدمير آلاف المدارس في اليمن، بينما تتعسف الجماعة الحوثية مع موظفي قطاع التعليم، وحرمتهم من صرف نصف راتب شهري تعهدت به سابقاً، بالتزامن مع إجبار طلاب المدارس على المشاركة في دورات قتالية، وسط اتهامات داخلية للجماعة بالتآمر على قطاع التعليم.

ورفض نادي المعلمين اليمنيين ما سماه «سياسة التجويع» التي اتهم الجماعة الحوثية بممارستها ضد التربويين، مطالباً بعدم الانخداع بـ«أنصاف الحلول وفتاتها»، مع دعوته إلى صرف رواتب المعلمين كاملة، ومعها كامل المستحقات الأخرى، وذلك إثر استثناء الجماعة الحوثية قطاع التعليم من نصف الراتب الشهري الذي تعهدت به للموظفين العموميين.

ودعا الكيان النقابي المعلمين والأكاديميين والموظفين العموميين وعموم قطاعات المجتمع إلى الثورة في مواجهة ممارسات الجماعة الحوثية ورفض «حياة العبودية».

من داخل مدرسة في تعز تعمل «اليونيسيف» على إعادة إلحاق الطالبات المتسربات للدراسة فيها (الأمم المتحدة)

وعدّ النادي المطالبة بالراتب الكامل حقّاً أصيلاً، وليس ترفاً، مشدداً على أن كرامة المعلم لا ينبغي أن تكون رهينة لسياسات عمياء تُغلق الأبواب في وجه العدالة، في حين أعلنت مكاتب التربية الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية رفضها القاطع لاستثناء الإداريين في مكاتب التربية من صرف نصف الراتب الشهري.

وتعرضت الإجراءات الحوثية بشأن صرف رواتب الموظفين العموميين، التي أعلنت عنها منذ أوائل ديسمبر (كانون الأول) الماضي لانتقادات حادة، كونها تعتمد على التمييز وتصنيف الموظفين إلى فئات، ما يؤدي إلى اختلالات عميقة، وتمييز حاد بين هذه الفئات.

وحذّر الناشط الحوثي طه الرزامي من تقسيم الموظفين إلى فئات (أ) و(ب) و(ج)، لصرف الرواتب لهم بحسب هذا التصنيف الذي قال إنه «سيولد الحقد والكراهية بين من يعملون من الفئة (ج) ولا تُصرف لهم أنصاف رواتب إلا كل ثلاثة أشهر، وبين من يستلمون رواتب شهرية كاملة من الفئة (أ) دون أن يعملوا».

ووصف إسقاط أسماء عشرات الآلاف من الموظفين القدامى ذوي الخبرة والكفاءة من قوائم صرف الرواتب بالجريمة التي ترتكب بحقهم بعد معاناتهم وعائلاتهم لتسع سنوات.

إيقاف الدراسة للتجنيد

اتهم القيادي الحوثي علي عبد العظيم، وكنيته أبو زنجبيل الحوثي الجماعة التي ينتمي لها، باستهداف قطاع التربية والتعليم وإهماله، إثر استثناء موظفيه من كشوفات صرف نصف الراتب الشهري الذي كانت تعهدت به لجميع موظفي الدولة في مناطق سيطرتها، واصفاً ذلك بالمؤامرة على التعليم، خصوصاً مع عدم إبداء الأسباب، وتجاهل مطالب المعلمين.

ويقود نادي المعلمين اليمنيين إضراباً منذ بداية العام الدراسي للمطالبة بصرف رواتب المعلمين، واعترض على تعرض قادته وعدد من المنتمين إليه خلال هذه الفترة لإجراءات عقابية حوثية، مثل الاختطاف والإخفاء القسري، واتهامهم بالخيانة والعمالة والتآمر، وقد توفي عدد من الخبراء التربويين في السجون.

في غضون ذلك أجبرت الجماعة الحوثية عشرات المدارس في مناطق سيطرتها على التوقف عن الدراسة لإلزام مئات الطلاب والمدرسين على المشاركة في دورات قتالية للتدرب على استخدام الأسلحة في أفنية المدارس.

ونقلت مصادر محلية في مدينة الحديدة الساحلية الغربية عن مدرسين وأولياء أمور الطلاب أن المدارس تحولت إلى مراكز حوثية لاستقطاب الأطفال وإغرائهم أو ترهيبهم للانضمام للجماعة والمشاركة في فعالياتها التدريبية والدعوية، تحت مزاعم مواجهة الغرب وإسرائيل.

منذ بداية العام الدراسي الماضي يواصل المعلمون اليمنيون إضرابهم للمطالبة برواتبهم (إكس)

وتنوعت وسائل الترهيب والإغراء للطلاب وأولياء أمورهم، حيث يجري استغلال الضربات الجوية الإسرائيلية على ميناء الحديدة وخزانات النفط لإقناعهم بأن هدف هذه العمليات هو إخضاع اليمنيين، إلى جانب عرض إعفائهم من الرسوم الدراسية، وزيادة درجات تحصيلهم الدراسي في حال المشاركة في تلك الأنشطة، والتهديد بزيادة الأعباء المالية والحرمان من الدرجات عقاباً على التغيب أو التهرب منها.

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة مشابهة وموازية يتعرض لها طلاب الجامعات العمومية، وخصوصاً جامعة صنعاء وكادرها التدريسي والوظيفي، ضمن مساع لاستقطاب وتجنيد الآلاف من الشباب والأطفال.

تأهيل أممي للمدارس

أعلنت «اليونيسيف» أن تداعيات الصراع المسلح في اليمن منذ أكثر من عقد من السنوات تسببت بتسرب أكثر من 4.5 مليون طفل خارج المدرسة، حيث خلّفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمين والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

وأوضحت المنظمة الأممية أنها وشركاءها من أجل التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين من الأطفال، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، نظراً لأن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

أطفال نازحون يدرسون في مبنى مهجور بمحافظة الحديدة الغربية (أ.ف.ب)

ونبهت «اليونيسيف» من تأثير النزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء اليمن، وتجزئة نظام التعليم الذي وصفته بأنه شبه منهار، وقالت إن ذلك كان له أثر بالغ على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية لكل الأطفال في سن الدراسة، البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

وأحصت المنظمة تدمير 2,916 مدرسة، بواقع مدرسة واحدة على الأقل، من بين كل 4 مدارس، أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية بسبب النزاع الذي تشهده البلاد.

ويواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين، ما يقارب 172 ألف معلم ومعلمة، على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ 2016، أو أنهم انقطعوا عن التدريس؛ بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.

وأشارت المنظمة إلى اضطرار المدارس لإغلاق أبوابها أمام الطلاب بسبب تفشي جائحة «كورونا» منذ خمسة أعوام، ما تسبب في تعطيل العملية التعليمية لحوالي 5.8 مليون طالب، بمن فيهم 2.5 مليون فتاة.