الحكومة المصرية تبدي مرونة بشأن قانون التظاهر وتستعد لإصدار «قانون الإرهاب»

لجنة تعديل الدستور تناقش المسودة الأولى في اجتماع مغلق اليوم خشية الخلافات

حازم الببلاوي و عمرو موسى
حازم الببلاوي و عمرو موسى
TT

الحكومة المصرية تبدي مرونة بشأن قانون التظاهر وتستعد لإصدار «قانون الإرهاب»

حازم الببلاوي و عمرو موسى
حازم الببلاوي و عمرو موسى

أبدى رئيس الوزراء المصري حازم الببلاوي مرونة بشأن تعديل مشروع قانون تنظيم الحق في التظاهر، بعد انتقادات واسعة وجهت للمشروع، في وقت تستعد فيه الحكومة لإقرار مشروع «قانون الإرهاب». وتعمل الحكومة تحت ضغط قرب انتهاء المدة القانونية لحالة الطوارئ منتصف الشهر المقبل، وسط مخاوف من المساس بالحريات العامة تحت تأثير هذه الضغوط والظروف الأمنية المضطربة.
وقال الببلاوي في لقاء تلفزيوني، مساء أول من أمس، إن الحكومة لا تمانع في إعادة النظر في مشروع قانون حق التظاهر، وإنها (أي الحكومة) لن تعمل تحت ضغط انتهاء حالة الطوارئ المعلنة في البلاد منذ منتصف أغسطس (آب) الماضي، وستعمل على إقامة حوار مجتمعي حتى إن تأخر صدور قانوني التظاهر والإرهاب إلى ما بعد 14 نوفمبر (تشرين الثاني)؛ وهو الموعد المحدد لانتهاء حالة الطوارئ.
وتتيح حالة الطوارئ للسلطات اتخاذ إجراءات استثنائية، من بينها حق توقيف أو تفتيش أو اعتقال المشتبه بهم من دون إذن مسبق من السلطات القضائية. وتشهد البلاد موجة من أعمال العنف والاحتجاجات المتواصلة منذ فض السلطات اعتصاما لأنصار الرئيس المعزول محمد مرسي في 14 أغسطس الماضي. وأعلن رئيس الجمهورية المؤقت عدلي منصور، الذي يملك سلطة إصدار مراسيم لها قوة القانون والإعلانات الدستورية، حالة الطوارئ لمدة شهر آنذاك؛ ومددها لشهرين آخرين. ولا يزال من غير المعروف ما إذا كان منصور سيلجأ إلى مد العمل بحالة الطوارئ مجددا أم لا. وينص الدستور المعطل والإعلان الدستوري الذي أصدره منصور في 8 يوليو (تموز) الماضي، على حق رئيس الجمهورية في إعلان حالة الطوارئ لثلاثة شهور، لا يمكنه تمديدها إلا مرة واحدة - ولمدة مماثلة - بعد استفتاء شعبي. وظلت حالة الطوارئ معلنة في مصر طوال ثلاثة عقود من حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، وأوقف العمل بالطوارئ خلال عام من حكم مرسي، وإن أعلنه في مدن القناة لمدة محدودة عقب أحداث عنف دامية.
ويرى مراقبون أن حملة «تمرد» الشعبية نجحت في إقامة تحالف واسع مناوئ لجماعة الإخوان المسلمين التي سعت للهيمنة على مفاصل الدولة خلال عام من حكم مرسي، لكنه تحالف هش، يمكن أن يتصدع تحت إلحاح الخلافات على قضايا المرحلة الانتقالية.
ويسعى نائب رئيس الوزراء، زياد بهاء الدين، الذي انتقد قانون التظاهر داخل اجتماع مجلس الوزراء، إلى فتح حوار مجتمعي حوله. وبدأ زياد الدين أمس سلسلة من الاجتماعات واللقاءات مع القوى السياسية في الإطار ذاته.
ويقول المنتقدون لمشروع القانون إنه يمثل ردة على قانون وضعته حكومة هيمنت عليها جماعة الإخوان. ويعد تجريم القانون للاعتصام، ومنح وزير الداخلية الحق في الاعتراض على تنظيم المظاهرة، أبرز انتقادين موجهين لمشروع القانون. ويرى المناصرون لمشروع القانون أن الظروف الأمنية والسياسية التي تمر بها البلاد لا تسمح بأولوية الحديث عن الحقوق والحريات العامة، وهو خطاب يجد له ظهيرا شعبيا بعد أن أرهق المواطنين جراء نحو ثلاث سنوات من الأزمات الاقتصادية والأمنية.
وبينما تسعى الحكومة لتجاوز الانتقادات التي وجهت إليها، تستعد لجنة تعديل الدستور، المشكلة من خمسين عضوا، لمناقشة المسودة الأولية للمرة الأولى في جلستها العامة، التي تقرر أن تكون جلسة مغلقة، لتفادي الآثار المترتبة على أي خلاف خلال تلك المناقشات، بحسب مصادر داخل اللجنة.
وتواجه لجنة الـ50 خلافات بشأن مواد تتعلق بالجيش ووضع الشريعة الإسلامية في الدستور. ورغم اقتراب اللجان النوعية من حسم عدد من تلك الخلافات، لا يزال من غير المعروف ردود الفعل التي قد تصدر خلال اجتماعات اللجنة العامة.
وازداد شعور القلق جراء حالة التعتيم التي تفرضها اللجنة على أولى جلسات مناقشة المسودة الأولية، وأثار قرار هيئة مكتب لجنة الخمسين بقصر حضور الأعضاء الأساسيين دون الاحتياطيين (الذين ليس لهم حق التصويت) خلال الجلسة العامة المقرر عقدها اليوم (الثلاثاء)، استياء واسعا في أوساطهم.
وقالت مصادر داخل اللجنة إن عددا من الأعضاء الاحتياطيين ناقشوا عمرو موسى، رئيس اللجنة، في أسباب منعهم من حضور الجلسة العامة، خاصة أن كثيرا منهم شاركوا بفاعلية في مناقشة العديد من مواد الدستور داخل اللجان النوعية المختلفة، إلا أن موسى أبلغهم بأن قرار الهيئة نهائي، وأنهم حصلوا على حقهم كاملا خلال الفترة الماضية، مشددا على أن «اللائحة تمنح الأعضاء الأساسيين فقط حق التصويت».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».