صدمة فرنسية بسبب عمليات التنصت الأميركية واسعة النطاق

باريس «تستدعي» السفير الأميركي وتقدم له ثلاثة مطالب أساسية

صدمة فرنسية بسبب عمليات التنصت الأميركية واسعة النطاق
TT

صدمة فرنسية بسبب عمليات التنصت الأميركية واسعة النطاق

صدمة فرنسية بسبب عمليات التنصت الأميركية واسعة النطاق

هل كان توقيت نشر صحيفة «لوموند» المستقلة تحقيقا عن عمليات تجسس إلكترونية أميركية على اتصالات الفرنسيين، أفرادا ومؤسسات وهيئات، محض مصادفة أم كان مقصودا ليصادف وجود وزير الخارجية جون كيري في باريس للقاءات متعددة؟ الجواب غير معروف. لكن الثابت أن ما جاءت به الصحيفة الفرنسية قد سمم أجواء كيري وأجواء لقاءاته الفرنسية، وأهمها صباح أمس مع نظيره لوران فابيوس، الذي كان رد فعله الأول عندما وصله خبر «لوموند» أن «استدعى» السفير الأميركي في باريس «فورا» إلى وزارة الخارجية لإسماعه «احتجاجا على هذه الممارسات غير المقبولة»، خصوصا بين حلفاء وأصدقاء.
وفي الساعات الأخيرة، طغى هذا الخبر على كل ما عداه. وباستثناء رئيس الجمهورية فرنسوا هولاند الذي لم يدل بدلوه في هذا الموضوع، فقد جندت الدولة الفرنسية قواها للرد على الإهانة الأميركية وضمن ما تسمح به اللغة الدبلوماسية والأعراف المعمول بها. وفيما أعرب رئيس الحكومة جان مارك أيرولت من كوبنهاغن التي يقوم بزيارتها رسميا عن أنه «أصيب بصدمة شديدة» خصوصا أن تقوم دولة «حليفة» لفرنسا مثل الولايات المتحدة الأميركية بالتجسس على الاتصالات الخاصة للفرنسيين «من دون أي مبرر استراتيجي أو خاص بالدفاع القومي»، فإنه تقدم إلى الجانب الأميركي بثلاثة مطالب: أن توفر أميركا ردودا «واضحة» حول ما قامت به وكالة الأمن القومي الأميركي، وأن تبين الأسباب التي دفعتها للجوء إلى هذه الممارسات، وأن توفر الظروف والضمانات وتحديدا الشفافية الكاملة لوضع حد لها. ولعل ما زاد من ذهول الفرنسيين هو المدى غير المسبوق الذي وصلت إليه عمليات التجسس الإلكترونية الأميركية وفق ما أفادت به الوثائق التي سربها العميل الأميركي إدوارد سنودن اللاجئ إلى روسيا، واطلعت عليها صحيفة «لوموند». وبحسب ما كتبته الصحيفة، فإن الجهاز الأميركي تجسس ما بين 10 ديسمبر (كانون الأول) و8 يناير (كانون الثاني) عام 2013 (أي خلال شهرين) على سبعين مليون مكالمة هاتفية قام بها الفرنسيون، فضلا عن تجسسه على ملايين الرسائل النصية والرسائل الإلكترونية التي طالت الأفراد والشركات وشخصيات إدارية ورسمية. وتبين وثائق سنودن أن المعدل اليومي لعمليات الرصد الأميركية كان يدور حول 3 ملايين مكالمة. لكن هذا المعدل وصل إلى سبعة ملايين في الفترة المشار إليها سابقا. وقالت الخارجية الفرنسية، بعد استدعاء السفير تشارلز ريفكين الذي استضاف في مقر إقامته في باريس مساء أمس اجتماعا ضم جون كيري وأمين عام الجامعة العربية نبيل العربي ووزراء الخارجية العربية من لجنة المتابعة، إن فرنسا «ذكرت ريفكين بأن هذا النوع من الممارسات غير مقبول بتاتا ويتعين التأكد من عدم تكراره». وطلبت الخارجية من ريفكين أن يعود بـ«رد ملموس» لطمأنة باريس على توقف الممارسات الأميركية.
وحفل تحقيق الصحيفة الفرنسية بتفاصيل مثيرة للغاية عن طريقة عمل جهاز التجسس الأميركي وعن الرمز النمطي لفرنسا وعن الوسائل التقنية وبرامج المعلوماتية المستخدمة في عمليات التجسس وكيفية تخزين تسجيلات المكالمات والتعاطي معها لاحقا. وقال مصدر فرنسي رسمي إنه على ضوء ما عرف عن عمليات التجسس التي لحقت بفرنسا وبقطاعاتها الاقتصادية ودوائر اتخاذ القرار وخلافها فإنه «يمكن أن نفهم» حزم الإدارة الأميركية وسعيها إلى وضع اليد على سنودن والأزمة التي افتعلتها مع روسيا التي حمت العميل الأميركي ووفرت له الملجأ.
وسيعود الموضوع إلى مائدة البحث مجددا صباح اليوم، وفق ما قالته الخارجية الفرنسية، بمناسبة اجتماع فابيوس - كيري. وكان الأخير دأب منذ تعيينه وزيرا للخارجية أن يبين كم هو «متعلق» بفرنسا وبلغتها وثقافتها، إذ يحرص في كل اللقاءات العلنية أن يتحدث بالفرنسية التي يجيدها، وأن يذكر أن له علاقات قربى على الأراضي الفرنسية. فضلا عن ذلك، فإن التطور الأخير سيرخي بظله الثقيل على نهاية عمل السفير الأميركي تشارلز ريفكين في باريس الذي يجيد هو الآخر الفرنسية ويكرر في كل المناسبات تعلقه بهذا البلد.
وليست هذه هي المرة الأولى التي يستدعى فيها ريفكين إلى وزارة الخارجية الفرنسية، إذ سبق أن جرى ذلك مرة أولى في شهر يوليو (تموز) الماضي يوم اندلاع فضيحة التنصت. وعمد الطرفان الأوروبي والأميركي إلى تشكيل لجنة مشتركة اجتمعت مرتين فقط. لكن عندها لم تكن هذه التفاصيل وقتها قد عرفت على حقيقتها. وبعد مجلة «دير شبيغل» الألمانية التي كشفت عن عمليات التجسس الأميركية في ألمانيا جاء تحقيق «لوموند» ليثير بدوره ارتباكا جديدا في علاقات البلدين الحليفين والصديقين.

السفير الأميركي لدى فرنسا تشارلز ريفكين عقب استدعائه إلى مقر الخارجية الفرنسية في العاصمة باريس أمس (أ.ب)



لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
TT

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)

اتفقت المملكة المتحدة وإيطاليا واليابان، اليوم الجمعة، على إنشاء شركة مشتركة لبناء طائرتها المقاتِلة الأسرع من الصوت، والمتوقع أن تجهز في عام 2035، في إطار برنامج يحمل اسم القتال الجوي العالمي «GCAP».

وأعلنت الشركات المصنّعة الثلاث المسؤولة عن تطوير الطائرة المقاتِلة، الجمعة، في بيان، أنها وقّعت على اتفاقية إنشاء الشركة التي تملك كلٌّ منها ثُلثها. والشركات هي: «بي إيه إي سيستمز (BAE Systems)» البريطانية، و«ليوناردو (Leonardo)» الإيطالية، و«جايك (JAIEC)» اليابانية، التي أنشأتها، على وجه الخصوص، شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة.

وأنشئت الشركة المشتركة، التي ستبدأ أنشطتها منتصف عام 2025، في إطار برنامج القتال الجوي العالمي الذي أُعلن في عام 2022 بالشراكة بين لندن وروما وطوكيو. وستحلّ الطائرة الضخمة ذات الذيل المزدوج على شكل حرف V محل طائرات «إف-2» (F-2) اليابانية ومقاتِلات يوروفايتر الإيطالية والبريطانية. ومن المتوقع أن يمتد عمرها الافتراضي إلى ما بعد عام 2070، وفقاً للبيان.

وفي حال احترام الجدول الزمني، الذي وضعه القائمون على المشروع، فإنها ستدخل الخدمة قبل خمس سنوات على الأقل من الطائرة التي يبنيها مشروع نظام القتال الجوي المستقبلي «SCAF» الذي تُنفذه فرنسا وألمانيا وإسبانيا.