«الأزمة الاقتصادية» تخلط أوراق سوق العمل الروسية

المواطنون يقبلون على العمل في مجالات كانت حكرًا على «العمالة المهاجرة»

عمالة مهاجرة إلى روسيا
عمالة مهاجرة إلى روسيا
TT

«الأزمة الاقتصادية» تخلط أوراق سوق العمل الروسية

عمالة مهاجرة إلى روسيا
عمالة مهاجرة إلى روسيا

تشهد سوق العمل في روسيا تغيرات بالنوع والكم فيما يخص العمالة الأجنبية الوافدة، وذلك نتيجة الأزمة الاقتصادية التي دفعت من جهة بعض العاملين من الأجانب في روسيا إلى البحث عن أسواق عمل بديلة أكثر استقرارا، وجعلت أعدادا كبيرة من المواطنين الروس الذين فقدوا عملهم نتيجة الأزمة يقبلون على تلك المجالات من العمل التي لم يكونوا يبدون أي اهتمام بها سابقا، وكانت في السنوات الأخيرة «حكرًا» إلى حد ما على العمالة «المهاجرة» من عدد من الجمهوريات السوفياتية السابقة، لا سيما جمهوريات آسيا الوسطى ومولدافيا وأوكرانيا. وتشير دراسات في هذا المجال إلى أن العمالة المحلية الروسية أخذت في الآونة الأخيرة تنافس على وظائف «المهاجرين» في سوق العمل الروسية.
وتُظهر دراسة أعدتها مجموعة «W - City Community Research» للأبحاث والدراسات الاجتماعية أن العمالة الروسية الداخلية المهاجرة، قد ارتفعت في الربع الأول من العام بنسبة 15 في المائة، حيث يسجل تدفق للعمالة من المدن الروسية الصغيرة إلى الكبرى، بحثا عن فرصة عمل.. مقابل تدفق عكسي، أي خروج من السوق، لبعض فئات العمالة الأجنبية المهاجرة.
وحسب أكاديمية العمل والشؤون الاجتماعية الروسية، فقد سُجلت في الوقت ذاته هجرة عكسية للعمالة الأجنبية المهاجرة، حيث فضل كثيرون من هؤلاء التوجه للبحث عن فرص عمل في أسواق بديلة أكثر استقرارًا من السوق الروسية. ويُسجل التدفق العكسي بالدرجة الأولى في أوساط العمالة من الكوادر ذوي الخبرات العلمية والمهنية.
وحسب دراسة جرت في مدينة موسكو، المركز الأكبر لاستقطاب العالمة، تراجع خلال الربع الأول من العام عدد العاملين الأجانب في القطاع المالي بنسبة 46 في المائة، وبنسبة 13 في المائة من العاملين في مجال الرعاية الصحية، وبنسبة 96 في المائة من العاملين في مجال التعليم.
إلا أن الأمر مختلف بالنسبة للعمالة الأجنبية المهاجرة في روسيا من العاملين في المجالات التي لا تتطلب تخصصات علمية، وتأتي بدخل مادي محدود، حيث زادت نسبة هؤلاء خلال الربع الأول من العام بنسبة 15 في المائة. الأمر الذي زاد من حدة التنافس بين العمالة المهاجرة أو «الوافدة» إلى المدن الروسية الكبرى من داخل البلاد والعمالة الوافدة من خارجها. إذ تشير دراسات عدة منذ بداية الأزمة إلى زيادة ملحوظة بأعداد المواطنين الروس الذين أبدوا استعدادهم للعمل في وظائف كانت حكرا في السابق على العمالة المهاجرة الأجنبية، وتحديدًا في مجال النظافة، أي عامل نظافة في البلديات، أو مستخدم تنظيف في المنازل والفنادق، فضلا عن أعمال البناء.
وما يزيد من حدة التنافس في هذا القسم من سوق العمالة هو أن الأزمة لم تطل روسيا وحدها، بل أصابت كذلك دول الجوار، مثل أوزبكستان وطاجيكستان. لذلك لا يرى القادمون إلى روسيا من هاتين الجمهوريتين بحثا عن عمل ما يبرر العودة إلى الوطن، ويفضلون البقاء في روسيا حيث تبقى الفرصة للحصول على العمل فيها أكبر من الفرص في بلادهم.
وتجدر الإشارة إلى أن 133 ألف مواطن من دول الجوار الروسي دخلوا الأراضي الروسية في الربع الأول من عام 2016. مقابل 131 ألفا دخلوا في الفترة ذاتها من العام الماضي. الأمر الذي يزيد الوضع تعقيدًا في سوق العمل، ويدفع أعدادًا من المهاجرين الخارجيين إلى البحث عن فرص عمل فيما يطلق عليه «السوق الرمادية»، أي سوق العمل غير المقننة، نظرًا لإقبال «مهاجرين محليين» على فرص العمل النظامية.
وفي الوقت الحالي يوجد في روسيا قرابة 10 ملايين مواطن أجنبي (بصورة رئيسية من جمهوريات آسيا الوسطى)، يقيم 4 ملايين منهم على الأراضي الروسية بصورة نظامية. وتشكل المبالغ التي يرسلها هؤلاء العمال إلى بلادهم مصدرًا رئيسيا للدخل، لا سيما في جمهورية طاجيكستان.. وغالبًا ما تكون المسائل المتعلقة بوضع المهاجرين الطاجيك العاملين في روسيا موضوعًا رئيسيا على جدول أعمال لقاءات الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والطاجيكي إمام علي رحمون.



بعد ساعات على تعيين بايرو... «موديز» تخفّض تصنيف فرنسا بشكل مفاجئ

رئيس الوزراء الفرنسي المعين فرنسيس بايرو وسلفه المنتهية ولايته ميشال بارنييه خلال حفل التسليم (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الفرنسي المعين فرنسيس بايرو وسلفه المنتهية ولايته ميشال بارنييه خلال حفل التسليم (د.ب.أ)
TT

بعد ساعات على تعيين بايرو... «موديز» تخفّض تصنيف فرنسا بشكل مفاجئ

رئيس الوزراء الفرنسي المعين فرنسيس بايرو وسلفه المنتهية ولايته ميشال بارنييه خلال حفل التسليم (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الفرنسي المعين فرنسيس بايرو وسلفه المنتهية ولايته ميشال بارنييه خلال حفل التسليم (د.ب.أ)

خفّضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني تصنيف فرنسا بشكل غير متوقع يوم الجمعة، ما أضاف ضغوطاً على رئيس الوزراء الجديد للبلاد، لحشد المشرّعين المنقسمين لدعم جهوده للسيطرة على المالية العامة المتوترة.

وخفض التصنيف، الذي جاء خارج جدول المراجعة المنتظم لـ«موديز» لفرنسا، يجعل تصنيفها «إيه إيه 3» من «إيه إيه 2» مع نظرة مستقبلية «مستقرة» للتحركات المستقبلية، أي 3 مستويات أقل من الحد الأقصى للتصنيف، ما يضعها على قدم المساواة مع تصنيفات وكالات منافسة «ستاندرد آند بورز» و«فيتش».

ويأتي ذلك بعد ساعات من تعيين الرئيس إيمانويل ماكرون للسياسي الوسطي المخضرم، وحليفه المبكر فرنسوا بايرو كرئيس وزراء رابع له هذا العام.

وكان سلفه ميشال بارنييه فشل في تمرير موازنة 2025، وأطاح به في وقت سابق من هذا الشهر نواب يساريون ويمينيون متطرفون يعارضون مساعيه لتقليص الإنفاق بقيمة 60 مليار يورو، التي كان يأمل في أن تكبح جماح العجز المالي المتصاعد في فرنسا.

وأجبرت الأزمة السياسية الحكومة المنتهية ولايتها على اقتراح تشريع طارئ هذا الأسبوع، لترحيل حدود الإنفاق وعتبات الضرائب لعام 2024 مؤقتاً إلى العام المقبل، حتى يمكن تمرير موازنة أكثر ديمومة لعام 2025.

وقالت «موديز» في بيان: «إن قرار خفض تصنيف فرنسا إلى (إيه إيه 3) يعكس وجهة نظرنا بأن المالية العامة في فرنسا سوف تضعف بشكل كبير بسبب التشرذم السياسي في البلاد، الذي من شأنه في المستقبل المنظور أن يقيد نطاق وحجم التدابير التي من شأنها تضييق العجز الكبير».

وأَضافت: «بالنظر إلى المستقبل، هناك الآن احتمال ضئيل للغاية بأن تعمل الحكومة المقبلة على تقليص حجم العجز المالي بشكل مستدام بعد العام المقبل. ونتيجة لذلك، نتوقع أن تكون المالية العامة في فرنسا أضعف بشكل ملموس على مدى السنوات الثلاث المقبلة مقارنة بسيناريو خط الأساس الخاص بنا في أكتوبر (تشرين الأول) 2024».

وفتحت وكالة التصنيف الائتماني الباب لخفض تصنيف فرنسا في أكتوبر، عندما غيرت توقعاتها للبلاد من «مستقرة» إلى «سلبية».

وكان بارنييه ينوي خفض عجز الموازنة العام المقبل إلى 5 في المائة من الناتج الاقتصادي من 6.1 في المائة هذا العام، مع حزمة بقيمة 60 مليار يورو من تخفيضات الإنفاق وزيادات الضرائب. لكن المشرّعين اليساريين واليمينيين المتطرفين عارضوا كثيراً من حملة التقشف وصوتوا على إجراء حجب الثقة ضد حكومة بارنييه، مما أدى إلى سقوطها.

وقال بايرو، الذي حذر منذ فترة طويلة من ضعف المالية العامة في فرنسا، يوم الجمعة بعد وقت قصير من توليه منصبه، إنه يواجه تحدياً «شاقاً» في كبح العجز.

وقال وزير المالية المنتهية ولايته أنطوان أرماند، إنه أخذ علماً بقرار «موديز»، مضيفاً أن هناك إرادة لخفض العجز كما يشير ترشيح بايرو. وقال في منشور على أحد مواقع التواصل الاجتماعي: «إن ترشيح فرنسوا بايرو رئيساً للوزراء والإرادة المؤكدة لخفض العجز من شأنه أن يوفر استجابة صريحة».

ويضيف انهيار الحكومة وإلغاء موازنة عام 2025، إلى أشهر من الاضطرابات السياسية التي أضرت بالفعل بثقة الشركات، مع تدهور التوقعات الاقتصادية للبلاد بشكل مطرد.

ووضعت الأزمة السياسية الأسهم والديون الفرنسية تحت الضغط، ما دفع علاوة المخاطر على سندات الحكومة الفرنسية في مرحلة ما إلى أعلى مستوياتها على مدى 12 عاماً.