إردوغان.. الحصن المنيع في مواجهة جيش الانقلابات

كسب الكثير من الجولات ضد العسكر والقضاة.. وحبس في عهده رؤساء أركان وجنرالات

إردوغان.. الحصن المنيع في مواجهة جيش الانقلابات
TT

إردوغان.. الحصن المنيع في مواجهة جيش الانقلابات

إردوغان.. الحصن المنيع في مواجهة جيش الانقلابات

لم تظهر على الرئيس التركي رجب طيب إردوغان علامات الخوف أو الهلع وهو يستقبل أنباء محاولة الانقلاب التي وقعت في تركيا ليلة أول من أمس، واستهدفت الإطاحة به وبحزب «العدالة والتنمية» المستمر في السلطة منذ 14 عامًا، في سابقة لم تشهدها تركيا بالنسبة لحزب إسلامي من قبل. ويبدو إردوغان كحصن منيع في مواجهة المؤسسات العلمانية في تركيا، سواء الجيش أو القضاء، وأفلت حزب العدالة والتنمية عندما كان يرأسه قبل أن يصبح رئيسًا للجمهورية (في أغسطس آب 2014) من مقصلة الإغلاق بقرار من المحكمة الدستورية العليا في تركيا عام 2008، بعد أن أقام المدعي العام الجمهوري لمدينة أنقرة دعوى لإغلاق الحزب لانتهاكه مبادئ العلمانية.
وواصل إردوغان مسيرته في ترسيخ الإسلام السياسي في تركيا واستبدال حلتها العلمانية بثوب أجداده العثمانيين تارة تحت شعار العثمانية الجديدة، وأخرى تحت شعار الجمهورية الثانية، وثالثة تحت شعار تركيا الجديدة.
كسب إردوغان الكثير من الجولات ضد العسكر والقضاة، وتمكن من لجم المؤسسة العسكرية المهيبة في تركيا وحبس في عهده رؤساء أركان وجنرالات، كما تغير في عهده وجه المجلس الأعلى للقضاة والمدعي العموم، لكنه بدا في السنوات الخمس الأخيرة منتشيًا بما حقق مزهوًا بقوته نزاعا إلى تعزيز سلطته إلى الحد الذي اتهم فيه بالجنوح إلى تأسيس سلطنة جديدة ونظام استبدادي خانق قد يقول البعض إنه هو الذي قاد إلى محاولة الليلة قبل الماضية للانقلاب العسكري عليه. ولد رجب طيب إردوغان في 26 فبراير (شباط) 1954 في مدينة إسطنبول لأسرة فقيرة من أصل جورجي في ريزا القريبة من حدود جورجيا. انتخب رئيسا لبلدية إسطنبول في الفترة من 1994 إلى 1998.
تولى رئيس وزراء تركيا منذ مارس (آذار) 2003 وحتى أغسطس 2014.
كان رئيسا لحزب العدالة والتنمية حتى انتخابه رئيسًا للجمهورية في 10 أغسطس 2014. ينحدر من التيار الإسلامي أو حركة الرؤية الوطنية «مبللي جوروش» التي أسسها نجم الدين أربكان، وتثير تصريحاته - التي تزداد حدة مع الوقت - شكوكًا لدى البعض حول مستقبل تركيا الديمقراطي. تعود بداية نشاطه في الحركة الإسلامية إلى سنوات الجامعة، عندما التحق بحركة رئيس الوزراء الراحل نجم الدين أربكان البطلة السياسي الذي توفي عام 2011.
يفتخر إردوغان، الذي نشأ في حي قاسم باشا أفقر أحياء إسطنبول، بأنه كان في صباه يبيع السميط والبطيخ لينفق على دراسته بمدرسة إمام خطيب الدينية.
انتُخب رئيسًا لبلدية إسطنبول في عام 1994، وبات يتمتع بشعبية كبيرة بفضل حسن إدارته لخدمات البلدية.
ألقى، عندما كان رئيس بلدية إسطنبول شعرًا يشيد بالتيار الإسلامي في تجمع انتخابي ما أدّى إلى الحكم عليه بالسجن أربعة أشهر وحرمانه من ممارسة حقوقه السياسية. عند خروجه من السجن قال إنه استخلص العبر من ماضيه الإسلامي، معلنًا تمسكه بالقيم الموالية للغرب والعلمانية، غير أنه يبقى مسلمًا يمارس الشعائر الإسلامية ولا يتناول الكحوليات وترتدي زوجته وبناته الحجاب. عُيِّن رئيسا للوزراء في مارس 2003 بعد أشهر من تولّي حزب العدالة والتنمية الحكم وتعديل قوانين حظرت عنه ممارسة النشاط السياسي منذ 1997 ولمدة 5 سنوات. اعتبر خلال ولايته الأولى من أكبر الإصلاحيين ويبحث عن إحلال الديمقراطية في المجتمع التركي في وجه النفوذ السياسي للعسكر.
بعد أن حقق حزبه انتصارًا كاسحًا في الانتخابات التشريعية عام 2007، انتقده الكثير من المحللين لميوله الشعبوية والتعسفية وإرادته في توجيه الدبلوماسية التركية نحو الشرق الأوسط ولا سيما إيران على حساب أوروبا وحلفاء تركيا التقليديين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) الذي تنتمي إليه بلاده، وهي اتهامات كان ينفيها دائمًا.
حظي بالإشادة في ولايته الثانية (2007 - 2011)، لأنه نهض بالاقتصاد على الرغم من الأزمة المالية العالمية، حتى إن تركيا سجلت في 2010 نسبة نمو تضاهي ما تحققه الصين.
عرف بعدم دبلوماسيته، وبتصريحات عنيفة استهدفت الصحافة ومعارضي نشاطه في التيار الإسلامي، قبل أن يتحوّل إلى «ديمقراطي محافظ» كما وصف بنفسه خط حزبه، العدالة والتنمية، وتشكك المعارضة العلمانية في هذا التطور، لا سيما وأنها تتمسك بمبادئ العلمانية التي أرساها مؤسس الجمهورية التركية الحديثة لكمال أتاتورك، وتتهمه بالسعي إلى أسلمة المجتمع التركي.
كان حليفا قويًا للداعية فتح الله غولن حتى اختلفا بعد انتخابات عام 2011 لنظرة غولن إلى العدالة والتنمية عن مبادئ الديمقراطية والوسطية، إلى أن تفجرت الخلافات بينهما على خلفية تحقيقات الفساد والرشوة في تركيا في ديسمبر (كانون الأول) 2013، التي طالت وزراء في حكومة إردوغان، واتهم غولن بالوقوف وراءها، وأطلق على حركته «الخدمة» اسم الكيان الموازي، وصنفها كتنظيم إرهابي مسلح، وطاردها، وضيق على مؤسساتها الإعلامية والاقتصادية والتعليمية، واصفًا تحقيقات الفساد بأنها محاولة للانقلاب على حكومته، ثم اتهمها بالوقوف وراء محاولة الانقلاب التي وقعت الليلة قبل الماضية.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.