اقتصاديون يمنيون يحذرون من طبع شركات روسية عملات من دون غطاء

اتهموا الحوثيين ومجهودهم الحربي في تبديد أموال البلاد

الحوثيون كبدوا اليمنيين عناء اقتصاديًا كبيرًا أضيف إلى معاناتهم السابقة (إ.ب.أ)
الحوثيون كبدوا اليمنيين عناء اقتصاديًا كبيرًا أضيف إلى معاناتهم السابقة (إ.ب.أ)
TT

اقتصاديون يمنيون يحذرون من طبع شركات روسية عملات من دون غطاء

الحوثيون كبدوا اليمنيين عناء اقتصاديًا كبيرًا أضيف إلى معاناتهم السابقة (إ.ب.أ)
الحوثيون كبدوا اليمنيين عناء اقتصاديًا كبيرًا أضيف إلى معاناتهم السابقة (إ.ب.أ)

حذر مختصون اقتصاديون يمنيون من محاولة الانقلابيين طبع عملة جديدة من قبل شركة روسية دون وجود غطاء لذلك، مؤكدين وجود تحركات تدلل على هذا التواطؤ مع الميليشيات الانقلابية دون معرفة السلطة الشرعية.
وقال المختصون إن طبع العملة وضخ السيولة للسوق تأتي لتلبية احتياجات الميليشيات للمجهود الحربي، الأمر الذي كان سيشعل حالة من التضخم الذي سيصيب كل إنسان في اليمن.
لكن مسؤولا يمنيا قال، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، إن طبع الأموال لا بد أن يأتي بموافقة محافظ البنك المركزي، وهذا لم يحدث، ولمح المسؤول إلى أن روسيا قد تكون الدولة الوحيدة التي تستطيع فعل ذلك، لكنني أكرر أن هذا لم يحدث.
وقال المستشار الاقتصادي اليمني، خالد عبد الواحد نعمان، لـ«الشرق الأوسط» إن «الضغوطات الدولية شلت أداء عمل الحكومة لتلبية احتياجات السكان في المناطق المحررة، وإجبار الحكومة على تقديم تنازلات غير منطقية أو مقبولة وطنيا».
وأضاف نعمان أن الانقلابيين بددوا نحو 3.7 مليار دولار من الاحتياطات النقدية الأجنبية في ظرف أقل من عام، واستنزفت ما يربو على 33 في المائة من الموارد الشحيحة للبلاد، في سبيل أغراض المجهود الحربي للانقلابيين، وفق تأكيدات الحكومة.
وأوضح نعمان أن أزمات السيولة المحلية في المناطق المحررة مفتعلة، وتم افتعالها من خلال التحكم بتوريدها إلى المحافظات المحررة بالقطارة، لاستثارة السكان في تلك المحافظات.
وأشار إلى أن الانقلابيين لم يكتفوا بكل ما فعلوه، بل سوفوا في تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي التي صدرت تحت الفصل السابع، خصوصا القرار رقم 2216. متسائلا عن عجز الأمم المتحدة ومجلس الأمن في إجبار القوى الانقلابية على تنفيذ القرار الذي اتخذ بالإجماع، وأردف قائلا إن هذا يعد تحديا للإرادة الدولية وقراراتها التي لم تحترم، ولم يتم القبول بها ولو لفظيا أو مكتوبا.
ولفت إلى أن الميليشيات اغتصبت السلطة وأشاعت في الأرض الدمار والخراب والبؤس والفقر والجوع في كل أنحاء البلاد، وأدت أعمالهم إلى الانهيار التام لكل المنظومة الاقتصادية والخدمية في البلاد.
ودعا نعمان إلى كتلة وطنية يمنية موحدة خلف السلطة الشرعية لكي تتصدى لهذه الضغوطات الدولية وتبدأ في إنهاء الانقلاب سلما أو حربا، لاستعادة الدولة المخطوفة، ومواجهة أي ضغوطات دولية والتنديد بها ورفضها عبر خلق بدائل والإصرار على استعادة الموارد وتصدير النفط والغاز من المناطق المحررة من قبل الحكومة الشرعية. واعتبر الكاتب والاقتصادي اليمني، عبد الله ناجي علي، خطاب رئيس الحكومة اليمنية إعلانا رافضا للاستمرار في «الهدنة الاقتصادية» مع الحوثيين، وهو ما يعني توجها حكوميا للسيطرة على إيرادات المدن المحررة.
وقال ناجي لـ«الشرق الأوسط» إن سيطرة الميليشيات الانقلابية على العاصمة صنعاء مكنتهم من السيطرة على البنك المركزي، لافتا إلى أن هذه الهيمنة على البنك بحكم الأمر الواقع الذي وجدت فيه الميليشيات تسيطر على عاصمة البلاد صنعاء.
ولفت إلى أن تعامل صندوق النقد الدولي وتعامله مع الميليشيات الانقلابية في صنعاء يمثل أمرا طبيعيا، نظرا لإشرافهم على الإصلاحات المالية والإدارية في اليمن منذ عام 1995، مشيرا إلى أن هذا الإشراف يأتي استمرارا لهذه التوجهات السابقة، مؤكدا أن صندوق النقد تعامله دائما مع البنوك المركزية بغض النظر عن الزمان والمكان.
وأشار الاقتصادي اليمني إلى أن المخطط الدولي تجاه اليمن ساعد إلى حد كبير تقبل صندوق النقد الدولي للتعامل مع السلطات الانقلابية، مشيرا بهذا السياق إلى أن مفاوضات الكويت كشفت عن الموقف الدولي بوجهه الحقيقي وكيفية تعامله مع ميليشيات مسلحة انقلابية.
وأعرب عن قلقه من أن يكون اليمن ليس إلا محطة أولى للعبور إلى ترتيبات لمقدمات اقتصادية لمصالح اقتصادية دولية في المنطقة، معتبرا مخرجات حرب اليمن أنها ربما تكون مدخلا لحرب إقليمية يراد لها في أرض الخليج.
وكانت الأحزاب والتنظيمات السياسية اليمنية، أعلنت عن دعهما تحركات الحكومة، الرامية إلى السيطرة على واردات المدن المحررة، وتنفيذ مهامها الطبيعية في إدارة الاقتصاد الوطني.
وأكدت الأحزاب السياسية اليمنية، في بيان سابق، تأييدها الخطوات الحكومية في تطبيع الأوضاع في المناطق المحررة والعمل من داخل العاصمة المؤقتة عدن واتخاذ جميع الإجراءات والتدابير التي من شأنها استعادة مؤسسات الدولة السياسية والاقتصادية.
وقالت الأحزاب والتنظيمات السياسية، في بيانها، إن إدارة الاقتصاد وتحصيل الموارد وإعادة الخدمات وبرامج إعادة الإعمار، هي مهام خالصة للحكومة الشرعية بما في ذلك تصدير النفط والغاز وتحصيل الإيرادات وإدارة الموازنة العامة للدولة.
وأضافت: «نؤكد دعمنا الحكومة في القيام بمهامها الطبيعية في إدارة الاقتصاد الوطني، الذي أنهكته الميليشيات مستغلة الهدنة الاقتصادية، التي تم استخدامها في إطالة عمر الانقلاب على حساب الشعب اليمني ومعاناته الإنسانية».
وجاء بيان الأحزاب اليمنية، عقب تصريحات الحكومة اليمنية، أحمد بن دغر، التي انتقد فيها موقف المجتمع الدولي الذي يصر على توريد موارد الدولة إلى البنك المركزي بصنعاء الواقع تحت سيطرة الحوثيين.
وكانت الحكومة اليمنية الشرعية اتهمت المصرف المركزي بالتواطؤ مع الحوثيين، من خلال الاستمرار في صرف مائة مليون دولار شهريًا للمجهود الحربي لميليشيات الحوثيين وصالح، وقيامه بخفض سعر الريال مقابل الدولار، من دون التشاور مع الحكومة اليمنية، ما أدى إلى انخفاض الاحتياطي النقدي إلى 1.1 مليار دولار.
وكان احتياطي اليمن من النقد الأجنبي تراجع في الفترة التي تسيطر عليها الميليشيات على البنك المركزي إلى 1.2 مليار دولار ديسمبر (كانون الأول) 2015، مقابل 4.2 مليار دولار في فبراير (شباط) 2015، وتتضمن الاحتياطات وديعة بقيمة مليار دولار قدمتها المملكة العربية السعودية لليمن في عام 2012. في حين وصل حجم الدين المحلي إلى نحو 26 مليار دولار.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.