بالبهجة والطرب ومناجاة الوطن والحبيب، افتتحت الفنانة اللبنانية كارول سماحة «مهرجانات بيبلوس الدولية» يوم أول من أمس، بحفل استعراضي يقدم لليلة واحدة. وكما كان متوقعًا فإن الإقبال جاء كثيفًا، لحضور حفل النجمة التي غابت لفترة طويلة عن المسرح، رغم أن لها جمهورها الذي يتابعها منذ كانت تطل بطلة في المسرحيات الرحبانية، ومن ثم عبر فيديو كليباتها، وحفلاتها.
أطلت كارول سماحة كما يليق بفنانة شاملة، تعرف كيف تجعل التناغم انسيابيًا رقراقًا بين الصوت والحركة والموسيقى، وكيف تتعاطى مع الجمهور والطبيعة الجبيلية الخلابة التي تحيط بها. بمساعدة المخرج جيرار أفيديسيان، الذي اشتغل على جعل الاستعراض قريبًا من روح كارول ورومانسية أغنياتها أحيانًا كما حماستها في أحيان أخرى، جاء الحفل متوكئًا على الرقص دون أن يجعله المحور الأساسي كما كان متوقعًا.
بقي صوت كارول وحضورها الجذاب على المسرح، وحسن اختيارها لأغنياتها هو الجوهر. الشاشات العملاقة التي شكلت جدارًا لخلفية الخشبة وجانبيها، بما عرضته من جميل المشاهد والصور والأفلام والغرافيك، رفعت العرض على مراتب جمالية متعة للمتفرج.
إضافة إلى النشيد الوطني اللبناني، أراد منظمو المهرجان التضامن مع الشعب الفرنسي في محنته التي تعرض لها في مدينة نيس، فبقي الحضور وقوفًا تحية للنشيد الوطني الفرنسي أيضًا.
دندنات من صوت كارول سماحة، وخليط من أغنياتها، والشاشة الخلفية تحولت إلى بحر هادئ في ليل ساكن، تمامًا كما هو المشهد الفعلي الذي يلف المدرجات التي نجلس عليها وسط بحر جبيل، وتدخل كارول بفستانها الأزرق، لتغني «راجع تسأل عني، إيه والله كثر خيرك» و«تطلّع فيني هيك، هو دى مش عينيك»، متساءلة عن تغير أحوال الحبيب ولمساته وهمساته، وكذلك «ذكريات» قبل أن تستدعي الراقصين لمشاركتها الخشبة وتسأل الجمهور إن كان جاهزًا.
على وقع أغنية «مرسي مرسي أعرف قيمة حالي أكثر» رقصت كارول بصحبة الفرقة، التي أدت لوحات من تصميم سامي خوري.
كما غنت «خليك بحالك» و«من أول ما تلاقينا». مجموعة مختارة من أجمل أغنياتها بدءًا من ألبومها الأول «حلم» وصولا إلى الأخير الذي يحمل اسم «ذكرياتي».
22 أغنية قدمت على ثلاث مراحل، وبأثواب ثلاثة مختلفة فكان الأزرق ومن ثم الفضي الذي اختارته لإطلالتها الثانية التي دشنتها وهي تدخل إلى المسرح بدراجة نارية، وأدت خلالها «خليك بحالك» و«حدودي السما» مع رقص تانغو ثنائي رومانسي، و«تعودت عالحياة من بعده» وأغنيات أخرى بينها، أغنية روك تحمل عنوان «ريكنج بال» قالت الفنانة إنها من بين المفضلات لديها، شارحة أنها حين كانت في الجامعة كانت تميل في لباسها إلى موضة «الهيبيز قليلاً، كما صارحت الجمهور أنها في اليوم الذي سبق الحفل، وأثناء التمرينات صعدت المدرجات لتتحدث مع العاملين معها، وسقطت وقد طلب لها الصليب الأحمر الذي أجرى الإسعافات اللازمة، وأنها ربما في كل مرة يكون لها حفل في لبنان تقع لها حادثة مشابهة».
غنت كارول في هذه الليلة التي كانت أشبه بعيد بالنسبة لعشاقها، ما يقارب الساعتين، دون استراحة فعلية باستثناء تلك التي كانت تسرقها لتغير ملابسها، وجاء الرقص غربيًا وشرقيًا، دون إغفال الدبكة، كما شهدنا لوحات تم أداؤها بالعصا والطربوش.
وفي المحطة الثالثة والأخيرة، ارتدت سماحة فستانًا أبيض له لمسة فرعونية، مستمدة ربما من إقامتها المستجدة بعد زواجها في مصر. وقد خصص لهذا القسم الذي اختتم السهرة أحلى الأغنيات وأكثرها إثارة لحماسة الجمهور.
وما بين المصري واللبناني تنقلت الفنانة، وجاءت أغنية «وحشاني الدنيا في بلدي»، بما رافقها من أشرطة لقوافل مسافرين على رمال الصحراء حاملين حقائبهم وحاجياتهم، رافعين يافطات تنادي بالحرية، بمثابة تحية للألم العربي بهجراته واللاجئين والمحرومين من أوطانهم. أما التحية الأكبر فكانت للمطربة الراحلة صباح، حيث مرت صورها المعلقة على جدران حمراء على جوانب المسرح جميلة متألقة، بينما كانت كارول سماحة تؤدي لها أغنية «تعلى وتتعمر يا ديار» لتدب حيوية جنونية على المسرح.
مرة أخرى تبدو الصبوحة هي السيدة التي تبقى أغنياتها ومواويلها متعة لشعب بلدها. وختمت كارول بأغنية جديدة لبيروت، تقدمها للمرة الأولى خصت بها جمهورها، فيها الكثير من الحب للأرض والنقد للسياسيين، وفتح أبواب الأمل، حيث تقول للبنان إن على ترابه «جمعتنا الأديان وصلينا وصفينا الإيمان.. ست الحلا أنت، بيروت ما تزعلي». على مشاهد من جبال لبنان وبحره وآثاره، اختتم الحفل الشيق الذي كان خير ما يمكن أن تفتتح به مهرجانات صيفية تريد لروادها أن يسعدوا ويطربوا ويخرجوا آخر السهرة، وهم يرددون أحلى الكلمات وأكثرها ندى ورقة.
كارول سماحة تفتتح «مهرجانات بيبلوس» باستعراض العصا والطربوش
تحيتان واحدة لـ«الصبوحة» وأخرى لـ«بيروت» التي جمعت صفاء الإيمان
كارول سماحة تفتتح «مهرجانات بيبلوس» باستعراض العصا والطربوش
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة