الجزائر: جدل حول إخضاع برلماني للتحقيق بسبب إشادته بملك المغرب

انتقد في مقابلة صحافية عدم كفاءة وزراء بوتفليقة

الجزائر: جدل حول إخضاع برلماني للتحقيق بسبب إشادته بملك المغرب
TT

الجزائر: جدل حول إخضاع برلماني للتحقيق بسبب إشادته بملك المغرب

الجزائر: جدل حول إخضاع برلماني للتحقيق بسبب إشادته بملك المغرب

يثير تحقيق أمني أجرته المخابرات الجزائرية مع برلماني شهير، جدلا حادا في البلاد لسببين: الأول هو أن المخابرات عادت إلى ممارساتها القديمة بمنع الأشخاص من التعبير عن مواقفهم السياسية، والسبب الثاني هو طبيعة تصريحات هذا البرلماني، الذي أشاد بنظام الحكم الملكي في المغرب، وهاجم السلطات الجزائرية، وهو ما خلف حساسية كبيرة لدى المسؤولين.
ويوجد البرلماني وحيد بوعبد الله منذ يومين بفرنسا للعلاج، على إثر إصابته بنوبة قلبية بعد خروجه من مركز المخابرات بأعالي العاصمة، حيث خضع الثلاثاء الماضي لتحقيق على أيدي ضباط تلقوا أوامر صارمة من رئاسة الجمهورية، بـ«وقف بوعبد الله عند حده».
وقالت مصادر سياسية مهتمة بالقضية، تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، إن سبب الوعكة السياسية هي الشدة التي تعرض لها أثناء التحقيق، وأوضحت بأن بوعبد الله رفع تقريرا إلى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة حول الحادثة، قبل أن يغادر إلى باريس للعلاج.
وأضافت نفس المصادر بأن الرئاسة مستاءة جدا من برلماني حزب الأغلبية «جبهة التحرير الوطني»، بسبب حديثه الإيجابي عن مدير المخابرات المعزول الجنرال محمد مدين، وعن العاهل المغربي محمد السادس، كما انتقد المخابرات في مقابلة مثيرة مع صحيفة إلكترونية محلية ناطقة بالفرنسية، نشرت الأربعاء. يشار إلى أن بوعبد الله مارس مسؤوليات كبيرة في البلاد، كان آخرها مدير عام شركة الخطوط الجوية الحكومية، الوحيدة في البلاد.
ومن أهم ما قاله بوعبد الله، وخلف استياء كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين أن الجنرال مدين، المعروف بـ«توفيق»، شخص «محترف ونزيه»، كما هاجم البرلماني أمين عام حزبه عمار سعداني الذي حمل «توفيق» مسؤولية الأحداث الأمنية التي جرت في البلاد في تسعينات القرن الماضي، وحمله أيضا تعرض بوتفليقة لمحاولة اغتيال شرق الجزائر في سبتمبر (أيلول) 2007.
وعزل الرئيس الجنرال القوي في 13 سبتمبر 2015. وحل جهاز المخابرات القديم (دائرة الاستعلام والأمن)، الذي كان هيكلا تابعا لوزارة الدفاع، وعوضه بثلاث مديريات هي المخابرات التقنية، والأمن الخارجي والأمن الداخلي (الذي استدعى بوعبد الله للتحقيق معه). والمصالح الثلاث ملحقة برئاسة الجمهورية. وعندما يشيد البرلماني بالجنرال المعزول، فهو خطأ كبير في نظر الرئيس ومحيطه، لأنه ما تمت تنحيته إلا لأنه «عديم الكفاءة» و«أخطاؤه كثيرة»، حسبهم. ويشن الإعلام الخاص الموالي للرئيس، حملة مركزة على «توفيق» منذ تنحيته، من دون أن يرد عليها.
أما «الخطيئة الكبرى» التي جرت بوعبد الله إلى مقر المخابرات، المسمى «ثكنة عنتر»، فهو تصريحه لفائدة ملك المغرب، حيث قال عنه «قد أفاجئكم عندما أقول بأن المغاربة محظوظون لأن لديهم ملكا مثل محمد السادس الذي يحب بلاده، فلقاؤه متاح ويتجول في البلدان بشكل عادي، والناس في الشوارع يقتربون منه ويصافحونه. محمد السادس حول المشهد السياسي في البلاد (نحو الأحسن)، وأحدث ثورة في الاقتصاد وكان شجاعا في اتخاذ قرارات. لقد أنجز المترو والترامواي والطرق السريعة بالمغرب.. وكل هذا تم بفعالية وفي صمت. أما عندنا فنكثر الحديث من دون فائدة».
وقال أيضا «ولدت بالمغرب، وكلما أزوره أعجب وأفاجأ بالتحولات التي تجري به، مما يجعلني أشعر بالغيرة أمام الجمود الذي تعيشه بلادي. أما أعضاء الحكومة المغربية فهم أكثر كفاءة من وزرائنا. إنني أدافع عن محمد السادس لأني أعتقد فعلا أنه ملك جيد وقريب من شعبه الذي يحبه».
ومثل هذا الكلام لا يعجب المسؤولين الجزائريين بالتأكيد، في سياق القطيعة بين البلدين، المتميزة بخلافهما القديم مع المغرب حول نزاع الصحراء وبغلق الحدود المشتركة منذ 22 سنة. وهذا الجفاء كان سببا في جمود اتحاد المغرب العربي، الذي أطلق عام 1989.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.