حالة استنفار في تونس بعد الكشف عن هوية منفذ الهجوم الإرهابي

حالة استنفار في تونس بعد الكشف عن هوية منفذ الهجوم الإرهابي
TT

حالة استنفار في تونس بعد الكشف عن هوية منفذ الهجوم الإرهابي

حالة استنفار في تونس بعد الكشف عن هوية منفذ الهجوم الإرهابي

أكد سفيان السليطي المتحدث باسم المحكمة الابتدائية بالعاصمة التونسية إعطاء القضاء التونسي الإذن بفتح تحقيق ضد كل من يكشف عنه البحث في تورطه في القتل أو محاولة القتل بعد ثبوت تورط شخص من أصول تونسية في الهجوم على حشد من الناس في مدينة نيس الفرنسية. فيما أعلنت وزارة الشؤون الخارجية عن إحداث خلية أزمة لمتابعة تداعيات العملية الإرهابية على التونسيين المقيمين في فرنسا وبهدف الحصول على تفاصيل رسمية من السلطات الفرنسية حول ملابسات هذه العملية الإرهابية وجنسيات الضحايا. وفي السياق ذاته، تحول صباح أمس الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي إلى مقر إقامة السفير الفرنسي بتونس العاصمة لتقديم التعازي والإعراب عن تضامن تونس مع فرنسا بعد الحادث الإرهابي الدموي الثاني الذي شهدته فرنسا في فترة لا تزيد عن تسعة أشهر. وقال السليطي بأن القضاء التونسي وجه إنابة عدلية قضائية للقضاء الفرنسي للنظر في هذه الجريمة وذلك وفق ما ينص عليه الفصل 83 من قانون الإرهاب ومنع غسل الأموال المصادق عليه السنة الماضية. وأكد أن قانون مكافحة الإرهاب يخول للمحاكم التونسية المختصة في جرائم الإرهاب المرتكبة طلب إنابات قضائية في حال ارتكاب تونسيين لجرائم إرهابية خارج تونس.
ووفق بلاغ لوزارة الخارجية التونسية، أكد محمد علي الشيحي سفير تونس في باريس خبر وفاة تونسيين: الأول توفي على عين المكان ويدعى بلال اللباوي وهو مقيم بفرنسا ومولود سنة 1987 وهو أصيل ولاية - محافظة - القصرين وسط غربي تونسي، أما الثاني فيدعى محمد التوكابري وتوفي خلال اليوم الموالي نتيجة إصابته بجراح مميتة.
وأدانت تونس بشدة الاعتداء الذي تعرضت له مدينة نيس ووصفته بـ«الإرهابي الجبان»، ودعت المجتمع الدولي بأسره «للوقوف صفا واحدا لمحاربة آفة الإرهاب التي لا حدود إنسانية أو أخلاقية أو دينية لإجرامها».
وأفادت وسائل إعلام فرنسية عثورها على هوية منفذ الهجوم داخل الشاحنة التي نفذ بواسطتها العملية الإرهابية، وتبين أنه مواطن فرنسي من أصل تونسي وقد ولد في تونس من أب وأم تونسيين. وبشأن هوية منفذ الهجوم الإرهابي في نيس الفرنسية، ذكرت مصادر أمنية محلية أنه يدعى محمد لحويج بوهلال وهو في الـ31 من العمر ومقيم في مدينة نيس.
ووفق معطيات أولية، فإن بوهلال أصيل مدينة مساكن من ولاية - محافظة - المنستير (وسط شرقي تونس) وهو مقيم بنيس غير أنه زار تونس منذ ثلاث سنوات على الأقل ثم غادرها إلى فرنسا وفق بيانات مصالح القمارق التونسية بعد قضاء مدة قليلة، وأكدت أنه غالبا ما يكون في غير وعيه بسبب إدمانه على استهلاك المخدرات. ولم ترد أي معلومات أمنية في سجله الشخصي تؤكد تأييده للفكر المتطرف واستعداده لتنفيذ أعمال إرهابية، وتعرف مدينة مساكن التونسية بكثرة أعداد التونسيين المقيمين والعاملين في مدينة نيس الفرنسية. وأضافت المصادر ذاتها أن عائلته بما في ذلك والداه يقيمان حاليا بمدينة مساكن ولكن لم يتم إبلاغهما رسميا بأي معلومات في انتظار استكمال الأبحاث والتحقيقات الأمنية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم