مقتل ضابط شرطة وإصابة خمسة آخرين في ثلاثة انفجارات بمحيط جامعة القاهرة

الدكتور جابر نصار لـ : مصرون على استمرار الدراسة

محاولات لإسعاف مصاب عقب سلسلة انفجارات في محيط جامعة القاهرة أمس  (إ.ب.أ)
محاولات لإسعاف مصاب عقب سلسلة انفجارات في محيط جامعة القاهرة أمس (إ.ب.أ)
TT

مقتل ضابط شرطة وإصابة خمسة آخرين في ثلاثة انفجارات بمحيط جامعة القاهرة

محاولات لإسعاف مصاب عقب سلسلة انفجارات في محيط جامعة القاهرة أمس  (إ.ب.أ)
محاولات لإسعاف مصاب عقب سلسلة انفجارات في محيط جامعة القاهرة أمس (إ.ب.أ)

قتل ضابط شرطة مصري برتبة عميد، وأصيب خمسة آخرون من قوة مديرية أمن الجيزة، (غرب العاصمة)، في ثلاثة انفجارات متتالية وقعت صباح أمس بمحيط جامعة القاهرة. وعقد رئيس الوزراء إبراهيم محلب اجتماعا أمنيا طارئا - رفيع المستوى - بحضور وزراء الدفاع والداخلية والعدل ورؤساء أجهزة المخابرات العامة والمخابرات الحربية والأمن القومي، مؤكدا أن «هذا الحادث الجبان لن يثني الدولة عن عزمها على اتخاذ كافة الإجراءات لمنع الإرهاب من العبث بأمن وسلامة الوطن».
وتزايدت أعمال العنف التي استهدفت عناصر ومقار أمنية تابعة للجيش والشرطة، عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، في يوليو (تموز) الماضي. واتهمت الجماعة، المصنفة رسميا وقضائيا كجماعة إرهابية، بالوقوف وراء هذه التفجيرات.
وأصدرت جماعة تدعى «أجناد مصر» مساء أمس بيانا تتبنى فيه العملية، ناسبة
إلى نفسها عمليات تفجيرات سابقة خلال الأشهر الماضية.
وجاء الحادث أمس قبيل ساعات من مظاهرة دعا إليها ائتلاف يسمى «طلاب ضد الانقلاب»، الذي ينتمي معظم أفراده إلى «الإخوان»، للتنديد بالإدارة الحالية للبلاد، وضبط زملاء لهم في مظاهرات سابقة.
وأثار الحادث، الذي وقع في الشارع المواجه لكلية الهندسة، أمام البوابة الرئيسة لجامعة القاهرة، الذعر بين الطلاب داخل الجامعة، الذين تكدسوا على الأبواب الجانبية في محاولة للخروج خوفا من وجود قنابل أخرى في الداخل، لكن رئيس الجامعة الدكتور جابر نصار قال لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «الدراسة مستمرة. ولم يجر إخلاء الجامعة، ومصرون على استكمالها لنهاية العام الدراسي»، مشددا على أن «الإرهاب لن يمنعهم من استكمال العملية التعليمية». وأضاف أن «قوات الأمن قامت بتمشيط الجامعة عقب الانفجارات ولم يجر العثور على أي قنابل (داخلها)».
وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت أن «انفجارين وقعا بالشارع المواجه للباب الرئيس لجامعة القاهرة، حيث تبين زرع عبوتين ناسفتين بإحدى الأشجار بالمنطقة، مما أسفر عن استشهاد العميد طارق المرجاوي، رئيس مباحث قطاع غرب الجيزة، وإصابة خمسة من الضباط من قوة مديرية أمن الجيزة». وأضاف المركز الإعلامي للوزارة في بيان أمس أن «رتب الضباط المصابين هي لواء وعقيد وعميد ومقدم».
وأوضح مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» أن «الانفجارات استهدفت سيارات للشرطة أمام كلية الهندسة، وأن من بين المصابين اللواء عبد الرؤوف الصيرفي نائب مدير أمن الجيزة لقطاع الغرب»، مشيرا إلى أنه «جرى نقل المصابين إلى مستشفى الشرطة بالعجوزة لإسعافهم».
وأعقب الانفجارين المتزامنين، انفجار لقنبلة ثالثة أمام الباب الرئيس لجامعة القاهرة، خلال معاينة المعمل الجنائي لآثار انفجار القنبلتين السابقتين. وأكد مصدر أمني أن الانفجار الثالث لم يسفر عن أي إصابات، وأنه ناجم عن عبوة ناسفة جرى أيضا تعليقها على إحدى الأشجار المواجهة للبوابة الرئيسة للجامعة.
وقال قيادي أمني رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط» إن قوات الأمن عززت من وجودها بالمنطقة، وأغلقت ميدان «النهضة» والشوارع المحيطة به لتمشيط المنطقة باستخدام الأجهزة الحديثة والكلاب البوليسية للتأكد من أنه لا وجود لأي عبوات ناسفة أخرى، كما جرى ضبط عدد من المشتبه فيهم، للوصول إلى المعلومات الأولية حول الحادث، والجهات التي تقف وراءه.
وبينما جرى إخلاء حديقتي الحيوان والأورمان (المجاورتين لموقع الانفجارات) من الزوار لتمشيطهما تحسبا لوجود أي متفجرات، أجرى فريق من محققي النيابة العامة معاينة لموقع التفجيرات الثلاثة، لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حياله، كما قام محققو النيابة بمناظرة جثمان العميد طارق المرجاوي، والتصريح بدفن جثمانه عقب تشريحه بمعرفة الطب الشرعي.
وأمرت النيابة أيضا بندب خبراء مصلحة الأدلة الجنائية «قسم المفرقعات» لرفع الآثار الفنية للحادث والانفجار، وتحديد نطاق الانفجار وطبيعة المواد المستخدمة في صنع العبوات الناسفة التي تسببت في وقوعه، وبيان التلفيات التي أسفر عنها التفجير وما ترتب عليه من أضرار.
وفي جنازة عسكرية مهيبة، شيع جثمان العميد المرجاوي من مسجد أكاديمية الشرطة بحي العباسية (شرق القاهرة). وكان في مقدمة مشيعي الجنازة رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب، ووزير الدفاع الفريق أول صدقي صبحي، ووزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، ورئيس أركان القوات المسلحة الفريق محمود حجازي.
ونعى محلب مقتل ضابط الشرطة، مشيدا بتضحيات رجال الشرطة، ودورهم في حماية أبناء مصر في الجامعات من عبث الخائنين من أنصار الجماعات الإرهابية، مشددا على أن «هذا الحادث الجبان لن يثني الدولة عن عزمها على اتخاذ كافة الإجراءات لمنع الإرهاب من العبث بأمن وسلامة الوطن والمواطنين، واستمرار العمل والإنتاج للنهوض بالوطن في كافة القطاعات لبناء مصر». ووجه رئيس الوزراء بسرعة عقد لجنة أمنية بحضور وزراء الدفاع والداخلية والعدل، ورؤساء أجهزة المخابرات العامة والمخابرات الحربية والأمن القومي.
كما أدان الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، التفجيرات. وقال في بيان له إن «ما يقع من أحداث وعمليات إرهابية الغرض منها عرقلة المسيرة الوطنية، التي من شأنها أن تصل بالبلاد إلى بر الأمان»، مشيرا إلى أنه «يجب أن نكون جميعا على قدر كبير من اليقظة والحذر في المرحلة المقبلة، وأن نقف جميعا يدا واحدة ضد الإرهاب الأسود الذي يطل برأسه داخل مصرنا الحبيبة».
وتشهد معظم الجامعات المصرية، منذ بدء العام الدراسي، مظاهرات لطلاب «الإخوان»، واشتباكات عنيفة مع قوات الشرطة، التي تعمل على تطبيق قرار الحكومة بحظر المظاهرات داخل الجامعات. وقال مراقبون إن فشل جماعة الإخوان في حشد أنصار لها في الشارع دعاها للجوء إلى الطلاب، الذين يقومن بأعمال عنف بهدف تعطيل الدراسة لإثبات فشل إدارة الدولة.
وشهدت جامعة المنصورة أمس اشتباكات بين مجموعة من الطلاب المنتمين إلى جماعة الإخوان وعدد من الإداريين والعمال بالجامعة، قام خلالها طلاب الجماعة بإلقاء الطوب والحجارة وإطلاق الشماريخ والألعاب النارية على العمال وتدخلت قوات الشرطة وتمكنت المباحث الجنائية، بالتنسيق مع قوات الأمن المركزي، من ضبط ستة من طلاب الجماعة. وكان المئات من طلاب الجماعة قد نظموا مسيرة داخل حرم الجامعة رددوا خلالها الهتافات المعادية للجيش والشرطة، وتصدى لهم بعض الإداريين والعمال، فقام الطلاب بقذفهم بالطوب والحجارة.
وفي جامعة الأزهر، الأكثر عنفا بين الجامعات، سادت حالة من الهدوء أمس وانتظمت الدراسة بكليات الجامعة للبنين والبنات وسط إجراءات أمنية مشددة داخل وخارج الحرم الجامعي. وأوضحت مصادر بجامعة الأزهر أن قوات الأمن الداخلي تواصل إجراءاتها الاحترازية على الباب الرئيس للجامعة والأبواب الجانبية بتفتيش الطلاب والسيارات، بينما توجد قوات الأمن بشكل رمزي أمام المبنى الإداري للجامعة كإجراء وقائي، في الوقت الذي تستمر فيه أعمال الدراسة بشكل طبيعي.
وأعرب الدكتور أسامة العبد، رئيس جامعة الأزهر، عن أسفه لما حدث في جامعة القاهرة «على يد الإرهابيين الذين يستهدفون زعزعة الطلاب وتعكير العملية التعليمية في الجامعات»، على حد وصفه. مؤكدا في بيان له أمس، أن «الإسلام بريء من هذه الأفعال الإجرامية التي ترفضها الإنسانية»، مؤكدا أن «الإنسان بنيان الله ملعون من هدمه، ومن روع مؤمنا روعه الله يوم القيامة».
وفي جامعة حلوان، قام خبراء المفرقعات بعملية تمشيط بمحيط الجامعة ومن الداخل بأكملها، تحسبا لوجود أي متفجرات. بينما قام عدد من الطلاب، بينهم ملثمون، بإشعال النيران في البوابة الخلفية بالجامعة بعد فشلهم في اقتحامها، مما أدى إلى وقوع اشتباكات بينهم وبين قوات الأمن التي تمكنت من فضهم.
وفي السياق ذاته، قالت وكالة أنباء الشرق الأوسط إن ملثمين مجهولين يستقلون دراجة نارية ألقوا عبوة مواد حمضية حارقة (مياه نار) على وجه اثنين من أمناء الشرطة بمركز أبشواي بمحافظة الفيوم، مما أدى إلى إصابة الأمينين بحروق في الوجه وأنحاء متفرقة من الجسد، وجرى نقلهما لمستشفى الفيوم العام.



المعارضة الصومالية تجتمع في غوبالاند وسط توترات مع الحكومة

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

المعارضة الصومالية تجتمع في غوبالاند وسط توترات مع الحكومة

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)

تجتمع المعارضة الصومالية في ولاية غوبالاند التي تشهد خلافات حادة مع الحكومة الفيدرالية بمقديشو، وسط توترات سياسية متصاعدة حول الانتخابات المباشرة واستكمال الدستور.

هذا الاجتماع، الذي يستمر من 17 إلى 20 ديسمبر (كانون الأول)، يراه خبير في الشأن الأفريقي والصومال تحدث لـ«الشرق الأوسط» أقرب إلى «محطة سياسية ذات تأثير محدود، ما لم يتمكن من تجاوز الانقسامات الداخلية والتوترات مع الحكومة وتقديم خطاب وطني جامع يستجيب لتطلعات الشارع الصومالي في الاستقرار والأمن والديمقراطية».

وتحتضن مدينة كيسمايو، العاصمة المؤقتة لولاية غوبالاند، الوفود المشاركة في مؤتمر المعارضة؛ فيما استقبل الأمين العام لمنتدى الإنقاذ الصومالي المعارض، محمد آدم كوفي، وزير الداخلية في غوبالاند، محمد إبراهيم أوغلي، وعدداً من المسؤولين بإدارة الولاية، بحسب ما نقله الموقع الإخباري «الصومال الجديد».

وأوضح أوغلي في تصريحات إعلامية، الثلاثاء، أن المؤتمر سيركز على وضع اللمسات الأخيرة على هيكل مجلس مستقبل الصومال وتحليل الوضع السياسي الذي تمر به البلاد.

وقال كوفي في تصريحات وقتها إن مؤتمر كيسمايو سيناقش قضايا مهمة في ظل المرحلة السياسية الصعبة التي تمر بها البلاد.

وتستضيف الولاية هذا المؤتمر، الذي لم تعلق عليه مقديشو، بعد نحو 10 أيام من إعلان رئيس برلمان غوبالاند، عبدي محمد عبد الرحمن، أن غوبالاند انتقلت من ولاية إقليمية إلى دولة، في تصعيد للتوتر السياسي القائم بينها وبين الحكومة الفيدرالية التي تصف الإدارة الحاكمة حالياً في غوبالاند بأنها غير شرعية بعد إجرائها انتخابات أحادية الجانب في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 أعادت رئيسها أحمد مدوبي الذي يحكم غوبالاند منذ عام 2012 إلى السلطة.

توتر واحتقان

ويرى الخبير في الشؤون الأفريقية، علي محمود كلني، أن المؤتمر ينعقد في توقيت بالغ الحساسية، وسط احتقان سياسي متصاعد وخلافات مزمنة بين الحكومة الفيدرالية في مقديشو وبعض الإدارات الإقليمية.

وتأتي أعمال المؤتمر، بحسب كلني، في ظل قطيعة طويلة بين إدارة غوبالاند والحكومة الفيدرالية؛ وهي قطيعة هيمنت على المشهد السياسي طوال معظم فترة رئاسة حسن شيخ محمود، مشيراً إلى أن العلاقة بين الرئيس الفيدرالي ورئيس غوبالاند أحمد محمد إسلام (مدوبي) اتسمت بتوتر حاد وصل في بعض المراحل إلى مستوى المواجهة السياسية المفتوحة، ما أفقد أي مسعى للتنسيق أو الشراكة معناها العملي.

وعن التحديات التي تواجه مخرجات المؤتمر، لفت كلني إلى التباين الواضح في مواقف القوى المشاركة في المؤتمر، سواء بشأن شكل نظام الحكم، أو آليات إدارة الدولة، أو مستقبل العملية الديمقراطية في البلاد، مشيراً إلى أن هذا التباين يقلّص فرص الخروج برؤية سياسية موحدة، ويجعل من الصعب تحويل المؤتمر إلى منصة ضغط فعالة في مواجهة الحكومة الفيدرالية.

وتأتي تلك التحركات المعارضة، بينما يشتد منذ عام الجدل بشأن الانتخابات الرئاسية المباشرة المرتقبة عام 2026، بعد 57 عاماً من آخر اقتراع أُجري عام 1968، بديلاً عن نظيرتها غير المباشرة في عام 2000، التي اعتمدت بشكل رئيسي على المحاصصة القبلية في ولايات البلاد الخمس، وجرى العمل بها بعد «انقلابات وحروب أهلية»، وفي ظل سيطرة أربع عشائر كبرى هي: هوية، ودارود، ورحنوين، ودِر.

وعلى مدى عام تقريباً، تصاعدت الأزمة السياسية على نحو لافت، وكانت العودة لاستكمال الدستور المؤقت الذي يعود إلى 2012 هي الشرارة الأبرز لتفاقم الخلافات بين الحكومة الفيدرالية وولايتي بونتلاند وغوبالاند من جانب، و«منتدى الإنقاذ الصومالي» من جانب آخر.

هل من مخرجات ملموسة؟

كانت الخلافات بين الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود والمعارضة قد اشتدت بعد تأسيسه حزب «العدالة والتضامن» في 13 مايو الماضي، وتسميته مرشحاً للحزب في الانتخابات المباشرة المقبلة، وسط تحركات للمعارضة وتشكيل تحالفات.

وفي ضوء هذه المعطيات والخلافات المتصاعدة، يرى خبير الشؤون الأفريقية كلني أن تأثير مؤتمر كيسمايو سيظل محدوداً على مشروع الانتخابات المباشرة الذي تعمل حكومة حسن شيخ محمود على الإعداد له.

وتبقى القيمة السياسية للمؤتمر مرهونة بما قد يصدر عنه من مخرجات ملموسة، وبمدى قدرة المشاركين على توحيد مواقفهم حيال القضايا الوطنية الكبرى، وفي مقدمتها استكمال جهود تحرير البلاد من الجماعات المسلحة، ومسار الانتخابات العامة وإعادة تصميمها على أسس توافقية، وإدارة الخلافات السياسية القائمة والسعي إلى مواءمتها ضمن إطار وطني جامع.

وفي النهاية، يؤكد كلني أن التحدي الحقيقي لا يكمن في عقد المؤتمرات بحد ذاتها، بل في القدرة على تحويلها إلى أدوات فاعلة لإنتاج حلول سياسية قابلة للحياة.


مصر تدعم «سلام الكونغو» وتبدي استعدادها لمساندة مسار التسوية

لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)
لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تدعم «سلام الكونغو» وتبدي استعدادها لمساندة مسار التسوية

لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)
لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي دعم بلاده لاستقرار جمهورية الكونغو الديمقراطية بعد التوقيع على اتفاقيات سلام تهدف إلى إنهاء التوتر القائم في منطقة «شرق الكونغو»، معرباً عن استعداد بلاده لبذل «كل جهد ممكن لمساندة مسار التسوية».

وتلقى السيسي اتصالاً هاتفياً، الأربعاء، من نظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي، تناول مجمل العلاقات الثنائية بين البلدين وتطرق إلى مستجدات الأوضاع في شرق الكونغو الديمقراطية، وفق بيان صادر عن المتحدث باسم الرئاسة المصرية.

ورحب السيسي خلال الاتصال بالتوقيع على اتفاق «الدوحة للسلام» الشامل بين حكومة الكونغو الديمقراطية وتحالف نهر الكونغو (حركة 23 مارس)، كما أعرب عن دعم مصر الكامل لاتفاق السلام الموقع في واشنطن ديسمبر (كانون الأول) الحالي، مؤكداً أنه يمثل خطوة بالغة الأهمية نحو إنهاء حالة التوتر وتعزيز الأمن والاستقرار في منطقة البحيرات العظمى.

وأكد الرئيس المصري «استعداد بلاده لبذل كل جهد ممكن، بما في ذلك توفير المحافل اللازمة للأطراف المعنية، دعماً لمسار تسوية النزاع»، وفقاً لبيان الرئاسة المصرية.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مراسم توقيع «اتفاق السلام» مع رئيسي رواندا بول كاغامي والكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)

من جانبه، نقل البيان المصري عن الرئيس الكونغولي «تقديره لمساندة مصر لجهود السلام والاستقرار في بلاده وفي المنطقة، واتفق الرئيسان على ضرورة تكثيف الجهود لتذليل أي عقبات قد تواجه تنفيذ اتفاقيات السلام».

ووقع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيسا رواندا بول كاغامي، والكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، في واشنطن مطلع الشهر الحالي، اتفاقاً يعزز فرص السلام والتعاون الاقتصادي بتلك المنطقة الأفريقية التي تخوض نزاعاً منذ عقود.

ويشهد شرق الكونغو، الغني بالموارد الطبيعية والمجاور لرواندا، نزاعات مسلحة متواصلة منذ نحو ثلاثة عقود. وتصاعدت حدة العنف بين يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، بعدما سيطرت حركة «23 مارس»، بدعم من كيغالي، على مدينتَي غوما وبوكافو الرئيسيتين.

ويعد الاتفاق بين رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن هو الأحدث ضمن سلسلة تفاهمات بإطار أُبرمت في يونيو (حزيران) الماضي بواشنطن، إضافة إلى إطار عمل الدوحة لاتفاقية سلام شاملة، الذي وقعته كينشاسا وحركة «23 مارس» في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) في قطر، استكمالاً لاتفاق في 19 يوليو (تموز) الماضي.

وأشار المتحدث باسم الرئاسة المصرية إلى أن الرئيسين اتفقا خلال اتصال، الأربعاء، على أهمية تعزيز التشاور والتعاون الثنائي في القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما يسهم في تحقيق الاستقرار والسلام والتنمية في جمهورية الكونغو الديمقراطية.

وأكد السيسي تطلعه لاستضافه نظيره الكونغولي لمواصلة تعزيز التعاون بين البلدين، فيما ثمَّن تشيسكيدي الزخم الذي تشهده العلاقات مع مصر، مُعبراً عن تقديره للدعم الذي تقدمه لبلاده في مختلف القطاعات.

وفي مطلع هذا الأسبوع، قالت الخارجية المصرية إنها «تتابع بقلق بالغ التطورات المتسارعة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وما تشهده بعض المناطق من تدهور في الأوضاع الإنسانية الذي يفرض تحديات عاجلة على المدنيين»، مؤكدة دعمها المستمر لوحدة وسلامة وسيادة الأراضي الكونغولية.

وشددت مصر، وفق بيان للخارجية، السبت، على أهمية التهدئة ووقف أي تصعيد ميداني بما يسهم في خلق بيئة مواتية للحوار واستعادة الاستقرار؛ مؤكدة الالتزام باتفاق واشنطن للسلام بوصفه إطاراً أساسياً لبناء الثقة وتخفيف التوتر.

كما أكدت مصر ضرورة وقف الأعمال العدائية وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، مشددة على الحاجة إلى دعم الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تحسين الوضع الإنساني ومنع مزيد من التدهور.


«الوحدة» الليبية تعد بتعديل وزاري قريب

صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل
صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل
TT

«الوحدة» الليبية تعد بتعديل وزاري قريب

صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل
صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل

استبقت حكومة الوحدة الليبية المؤقتة نتائج الحوار الأممي المهيكل بالتأكيد على «أولوية الاستفتاء على الدستور»، معلنة إجراء تعديلات وزارية قريبة، تزامناً مع تأكيد عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، دعم فرنسا للانتخابات.

وقالت حكومة الوحدة المؤقتة، التي رحبت بانطلاق الحوار المهيكل، إنها ستُعلن خلال الأيام القريبة المقبلة عن تعديلات حكومية إصلاحية، تشمل سدّ الشواغر الوزارية، وتهدف إلى رفع مستوى الكفاءة، وتعزيز الأداء المؤسسي، وتوسيع دائرة التوافق بما يدعم متطلبات المرحلة المقبلة.

وأكدت «الوحدة» في بيان لها، مساء الثلاثاء، أن جوهر المرحلة لا يرتبط بتعدد المسارات أو تسمياتها، بقدر ما ينصرف إلى تحقيق الهدف الوطني، المتمثل في إجراء الانتخابات، بوصفها الاستحقاق الذي ينتظره الليبيون لتجديد الشرعية، ووضع حد لحالة عدم اليقين السياسي، مشدّدةً على أن توجهها الأساسي يتمثل في الاستفتاء على مشروع الدستور أولاً، ومؤكدة أنها تتعاطى بإيجابية مع الاختراق، الذي طرأ على حالة الجمود السابقة، وعبّر عن ذلك شخصيات فاعلة، الأمر الذي يفضي إلى الذهاب المباشر نحو الانتخابات التي أصبحت اليوم محل إقرار من مختلف الأطراف، بعد أن ظلت لفترة موضع نقاش، بما يعكس تحولاً واضحاً في مقاربة الحل السياسي.

وعدّت «الوحدة» أن استمرار الخلاف حول القوانين الانتخابية، إن لم يُحسم، فإنه يكرّس الحاجة إلى الاحتكام إلى أسس دستورية واضحة، تُبنى عليها العملية الانتخابية، وتضمن قابليتها للتطبيق، وهو ما أكدت عليه المفوضية العليا للانتخابات بإعلان جاهزيتها متى توفرت هذه الأطر القانونية السليمة.

كما جدّدت الحكومة التزامها بدعم كل ما من شأنه الدفع نحو الانتخابات ضمن مسار وطني مسؤول، يحفظ وحدة الدولة، ويعكس الإرادة الشعبية، ويجنب البلاد الدخول في مراحل انتقالية إضافية.

في سياق ذلك، أوضح وزير الدولة للاتصال بحكومة الوحدة، وليد اللافي، أن التعديلات الوزارية المرتقبة ستركز على اختيار وزراء أكفاء، وتراعي المناطق الجغرافية دون استثناء، مشيراً إلى أنها ستشمل وزارات سيادية وخدمية، وتمثيلاً أكبر للشباب.

في غضون ذلك، أظهر تقرير أممي تفضيلاً واسعاً بين الليبيين لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة. وطبقاً للتقرير، الذي نشرته بعثة الأمم المتحدة في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء، حول نتائج المشاورات العامة للحوار المهيكل، فقد أكد 86 في المائة ممن شاركوا في استطلاع عبر الإنترنت جاهزيتهم للتصويت فوراً، فيما أكد أكثر من 70في المائة أن مشاركتهم تؤثر فعلياً.

ووصف التقرير الأزمة الجوهرية في ليبيا، بأنها أزمة سياسية ناجمة، عما وصفه بانقسام مؤسسي وجهوي عميق، وسلطات متنافسة، وغياب سلطة تنفيذية واحدة ذات شرعية وطنية، ما ينعكس سلباً على الاقتصاد والأمن والحوكمة.

وعدّ انتشار السلاح عقبة أساسية أمام الانتخابات والسلام الدائم، وحدّد الأولويات الأساسية في القطاع الأمني بنزع سلاح التشكيلات المسلحة، وإعادة إدماجها، وإنشاء جيش ومؤسسات أمنية موحدة، مع تأكيد السيطرة المدنية، وتحقيق أمن مرتكز على الحقوق وفي خدمة المواطن.

كما تحدث التقرير عن «سلطة سياسية شرعية واحدة، تسيطر فعلياً على الجيش والأمن»، بالإضافة إلى «أطر قانونية ومعايير مهنية واضحة تُطبق بعدالة، وحوافز مالية وضوابط مشفوعة بعقوبات لتشجيع الاندماج والالتزام».

وكانت البعثة الأممية قد أصدرت وثيقة «الإطار المرجعي» الرسمي للحوار، الذي يحدد منصة شاملة تضم 120 إلى 124 مشاركاً ليبياً، يمثلون تنوعاً جغرافياً واجتماعياً، مع نسبة لا تقل عن 35 في المائة للنساء، بالإضافة إلى مشاركة الشباب وذوي الإعاقة.

ويركز الحوار على أربعة مسارات رئيسية هي: الحوكمة، والاقتصاد، والأمن، والمصالحة الوطنية وحقوق الإنسان، مع دمج حقوق المرأة بوصفه موضوعاً مشتركاً.

ويعتمد على مبادئ الملكية الليبية، والشمول، والشفافية، وبناء التوافق، ويستمر لمدة 4 إلى 6 أشهر، بهدف إصدار توصيات توافقية ملموسة لمعالجة جذور النزاع، وتهيئة الانتخابات.

اجتماع صالح ورئيسة الجمعية الوطنية الفرنسية (مجلس النواب)

وتعهد أعضاء الحوار المهيكل، وفقاً لمدونة قواعد السلوك، التي أصدرتها البعثة الأممية أيضاً بوضع المصلحة الوطنية أولاً، والنزاهة، ورفض الضغوط أو المزايا المادية، واحترام الآراء، وتجنب التمييز أو المضايقة، والحفاظ على سرية المداولات.

في المقابل، أكد رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، الذي بدأ زيارة مفاجئة إلى العاصمة الفرنسية باريس، لم يسبق الإعلان عنها، في لقائه، مساء الثلاثاء، مع رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية يائيل بيفيه، أن حل الأزمة الليبية يتطلب تضافر الجهود الدولية لمساعدة الشعب الليبي في التعبير عن إرادته الحرة في انتخابات رئاسية وبرلمانية نزيهة، وحذّر من أن قيام البعثة الأممية بفتح مسارات إضافية «سيعقد هذا المسار، ولن يكون لها أثر فعلي إيجابي على ملف التسوية السياسية».

ونقل صالح عن يائيل التزام فرنسا بدعم ومساندة الشعب الليبي في تحقيق رغبته في بناء دولة ديمقراطية مستقرة.

وكان صالح نقل عن رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي، جيرارد لاروشيه، في اجتماعهما تأييده لمقترحاته بشأن حل الأزمة الليبية من خلال الوقوف مع الشعب الليبي، وحقه في اختيار رئيسه وبرلمانه عن طريق الانتخابات المباشرة، لافتاً إلى قيام مجلس النواب بواجباته كاملة في إصدار قانوني انتخاب الرئيس ومجلس الأمة، وتقديم لجنة (6 + 6) المشتركة مع مجلس الدولة، نتائج أعمالها، التي قال وفقاً لعبد الله بليحق، الناطق باسم صالح، إنها نالت رضا مختلف الأطراف، ودعم مجلس الأمن الدولي.

كما أكد صالح، خلال لقائه مع بول سولير، المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي، دعم فرنسا لمجلس النواب الليبي ومساعيه لتنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتزامنة، مشيداً بمخرجات لجنة (6 + 6) بوصفها خطوة توافقية مهمة بشأن القوانين الانتخابية، مشيراً إلى ضرورة استمرار اللجنة في مهامها.