من التاريخ : تأملات تاريخية في البطولة الأوروبيةhttps://aawsat.com/home/article/690551/%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE-%D8%AA%D8%A3%D9%85%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B7%D9%88%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D9%8A%D8%A9
تابعت كما تابع الملايين، بل المليارات حول العالم، نهائيات كأس الأمم الأوروبية التي أقيمت في فرنسا أخيرًا، وكانت محل اهتمام كل وسائل الإعلام والجماهير الغفيرة، خصوصًا فيما يتعلق بمباراة فرنسا وألمانيا ثم النهائي بين فرنسا والبرتغال. ولقد وجدت ومضات فكر تتناثر أمامي حول تاريخ كرة القدم وأنا أشاهد المباراة بتحمس شديد، وقد رأيت طرحها على القارئ العزيز على النحو التالي: أولاً: أمعنت التدقيق في المنتخب الوطني الفرنسي أثناء عزف السلام الوطني المعروف باسم «لامارسييز»، ولاحظت على الفور كثافة عدد اللاعبين من أصحاب الوجوه السمراء وذوي الأصول الأفريقية ولقد غلب هؤلاء على الفريق الفرنسي بشكل يكاد يكون كاملاً. وعاد إلى ذاكرتي على الفور المنتخب الفرنسي المشارك في كأس العالم بإسبانيا عام 1982 بقيادة ميشال بلاتيني وديدييه سيس وألان جيريس وغيرهم، فمحصت في ذاكرتي هذا الفريق العملاق وتذكرت أن هذا الفريق لم يشمل إلا لاعبين اثنين من ذوي البشرة السمراء هما ماريوس تريزور وجان تيغانا اللذان أمتعانا جميعًا، وعندها أدركت أن العالم بالفعل تغير، وأن أبناء الأجيال الأفريقية أصبح لها دورها في تمثيل بلادها من دون أن تنسى جذورها. ثانيًا: عدت بذاكرتي على الفور إلى عام 1974 خلال نهائيات كأس العالم الشهيرة في ألمانيا الغربية آنذاك، وتذكرت على الفور الفريق الألماني الذي كنت أشجعه بكل قوة وأنا طفل، الذي تضمن لاعبين عظماء مثل غيرد موللر وفرانتس بيكنباور والحارس العملاق سيب ماير. ثم عدت من رحلة الذاكرة على الفور لأراجع وجوه المنتخب الألماني المشارك في نهائيات فرنسا الأخيرة، الذي خرج منها بعد هزيمته أمام الفريق الفرنسي، ولقد ضم هو الآخر الكثير من أبناء المجنّسين الألمان وعلى رأسهم جيروم بواتانغ ومسعود أوزل وسامي خضيرة، وهذا أمر لم يكن متخيلاً في عام 1974. وعند هذا الحد أدركت مرة أخرى أن العالم بالفعل تغير، وأن العولمة صارت في كل شيء بما في ذلك كرة القدم. ففكرة الانصهار الإثني في كرة القدم أصبحت قاعدة أكيدة مع أنها ليست بالضرورة قاعدة مطبقة في كل المجالات، بطبيعة الحال. ولو تخيلنا فرنسا من دون الأسود من الأصول الأفريقية ما كنت أظن أنها كانت ستصل إلى النهائي. وأعتقد أن الشيء نفسه ينطبق على الفريق الألماني. ثالثًا: واتصالاً بما سبق، أذكر الحوار الذي دار مع والدي - رحمات الله عليه - خلال نهائيات كأس العالم عام 1974 عن سبب عدم مشاركة مصر في البطولة، فأوضح لي أن الأماكن المخصصة لأفريقيا هي لمنتخبين فقط لا غير، ولا يسمح لها بأكثر من ذلك في الوقت الذي تشارك فيه قارات العالم بنصيب أوفر بكثير. وأذكر أنني كنت مستاءً للغاية لهذه الظاهرة وهي الظاهرة التي بدأت تتغير بعض الشيء مع مرور البطولات، فاليوم تشارك أفريقيا بخمسة منتخبات، وذلك في الوقت الذي يشارك أبناء هذه القارة العظيمة في أندية الدوري الأوروبي بشكل كبير للغاية. وحاليًا لا يمكن أن نتخيل فريقًا أوروبيًا ليس فيه ممثل عن القارة السمراء، إلى الحد الذي يمكن أن نرى فريقًا في الدوري الإنجليزي لا يتضمن إلا لاعبين أو ثلاثة لاعبين إنجليز أما الباقون فمن الدول المختلفة سواء الأوروبية أو الأفريقية أو الأميركية اللاتينية. وتقديري أن هذا نتاج طبيعي لتغير الموروث التاريخي ويأتي إعلانًا مرة أخرى عن ضغوط العولمة والمصلحة والعوامل الاقتصادية والربحية التي بدأت تغير شكل كرة القدم. رابعًا: وجدت نفسي خلال مشاهدة المباراة أتأمل ما صارت إليه لعبة كرة القدم منذ أن بدأت متابعتها خلال أربعة حقب، فوجدت أن البطولات الدولية المختلفة مثل كأس العالم وكأس القارات وغيرها سيطرت على العالم كله. فاليوم يتابع العالم كله هذه البطولات، بل أصبحت تذاع حصريًا على قنوات بعينها تدفع الملايين بهدف الاستئثار بنقل هذه المناسبات لتحصل منها على ملايين إضافية. لقد أصبحت كرة القدم التي كنت أعرفها مرة أخرى «ظاهرة دولية» لها قواعد بدأت تترسخ تدريجيًا حتى أصبح الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» FIFA، وهو الجهاز المنظم لهذه اللعبة في العالم، إمبراطورية قائمة بذاتها، لها قواعدها وأسلوبها في إدارة شؤون اللعبة دون أي اعتبار لسيادة أو حدود قطرية. وعقب الانتهاء من المباراة اطلعت مرة أخرى على مراجع مادة العلاقات الدولية لأحاول توصيف «الفيفا» بعدما أصبح كيانًا قويًا للغاية يمكن أن يسهم في فرحة الملايين أو إتعاسهم على حد سواء، فوجدت أفضل تعريف له هو مفهوم «تنظيمات عابرة الحدود» Transnational Regimes، أي «تنظيم دولي خاص». فكل دولة لها اتحادها الذي يخضع لإشراف الاتحاد الدولي الذي يُنتخَب من قبل هذه الاتحادات. بل المدهش في الأمر أن القوانين المحلية لا تنطبق بالضرورة على عمل الاتحاد، ومن المستغرب له أن بعض الاتحادات القطرية لا تخضع للأحكام القضائية. وفي حال ما إذا أصرت الدولة على تطبيق الأحكام تخالف قرارات الاتحاد الدولي فقد تحرم هذه الدولة من المشاركة في البطولات الدولية، وبالتالي، يصبح اتحادها مارقًا أي خارجًا عن قواعد الاتحاد الدولي ويتعرض للعزل. وختامًا، تيقنت أيضًا من أن اللعبة ذاتها دخلت عليها من المتغيرات الكثيرة على المستوى التكتيكي أو الشكلي، فبجانب التغير الطبيعي المتوقع في شكل ملابس اللاعبين عبر الحقب لاحظت المتغيرات التي دخلت على طريقة لعب كرة القدم. وعدت على الفور إلى بعض المباريات القديمة، فلاحظت تغيّر استراتيجيات اللعبة وديناميكياتها بشكل مخيف. ففي الماضي كانت المباريات تدار بوسيلة 4 - 2 - 4، أما اليوم فهي تدار بـ4 - 4 - 2 أو ما شابه ذلك، وهو ما يحتاج إلى انصهار تكتيكي كبير للغاية بين أعضاء الفريق. والقصد أنه في يومنا هذا لا يلعب أي فريق بجناح، لكن هذا الدور يقوم به لاعب خط الوسط الأيمن أو الأيسر في مناسبات كثيرة أو المدافع الأيمن أو الأيسر، وبالفعل هناك ديناميكية غريبة غيّرت من تاريخ طريقة هذه اللعبة، فالفكر تغير، ومعه المضمون ومعه أيضًا انصهار الأعراق.
نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبياhttps://aawsat.com/%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%82/%D8%AD%D8%B5%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%A8%D9%88%D8%B9/5097783-%D9%86%D9%8A%D8%AA%D9%88%D9%85%D8%A8%D9%88-%D9%86%D8%AF%D8%A7%D9%8A%D8%AA%D9%88%D8%A7%D9%87-%D8%A3%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%85%D8%B1%D8%A3%D8%A9-%D8%AA%D8%AA%D8%B1%D8%A3%D8%B3-%D9%86%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A8%D9%8A%D8%A7
سطرت نيتومبو ناندي ندايتواه، 72 عاماً، اسمها في التاريخ بوصفها أول امرأة تتولى رئاسة ناميبيا منذ استقلال البلاد عام 1990، بعدما حصدت 57 في المائة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية التي جرت نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، فيما حصل أقرب منافسيها باندوليني إيتولا على 26 في المائة فقط من الأصوات. شكَّل فوز نيتومبو الملقبة بـ«NNN»، حلقةً جديدةً في حياة مليئة بالأحداث، عاشتها المرأة التي ناضلت ضد الاحتلال، واختبرت السجن والنفي في طفولتها، قبل أن تعود لتثبت نفسها بصفتها واحدة من أبرز النساء في السياسة الناميبية وقيادية فاعلة في الحزب الحاكم «سوابو».
في أول مؤتمر صحافي لها، بعد أسبوع من إعلان فوزها بالانتخابات الرئاسية، تعهدت نيتومبو، التي ستتولى منصبها رسمياً في مارس (آذار) المقبل، بإجراء «تحولات جذرية» لإصلاح مستويات الفقر والبطالة المرتفعة في ناميبيا، الدولة الواقعة في الجنوب الأفريقي، والتي يبلغ عدد سكانها ثلاثة ملايين نسمة.
نيتومبو أشارت إلى أنها قد تنحو منحى مختلفاً بعض الشيء عن أسلافها في حزب «سوابو» الذي يحكم ناميبيا منذ استقلالها عن جنوب أفريقيا في عام 1990. وقالت نيتومبو: «لن يكون الأمر كالمعتاد، يجب أن نُجري تحولات جذرية من أجل شعبنا».
لم توضح نيتومبو طبيعة هذه التحولات الجذرية التي تعتزم تنفيذها، وإن أشارت إلى «إصلاح الأراضي، وتوزيع أكثر عدالة للثروة». وبينما يصنف البنك الدولي ناميبيا على أنها دولة ذات «دخل متوسط»، فإنها تعد واحدة من أكثر الدول التي تعاني من عدم المساواة في توزيع الدخل على مستوى العالم، مع ارتفاع مستويات الفقر التي ترجع جزئياً إلى إرث عقود الفصل العنصري وحكم الأقلية البيضاء.
ووفق تقرير رسمي من البنك الدولي صدر عام 2021 فإن «43 في المائة من سكان ناميبيا يعيشون فقراً متعدد الأبعاد». وهو مؤشر يأخذ في الاعتبار عوامل عدة إلى جانب الدخل، من بينها الوصول إلى التعليم والخدمات العامة.
ولأن طريق نيتومبو السياسي لم يكن أبداً ممهداً، لم يمر إعلان فوزها بالانتخابات دون انتقادات. وقالت أحزاب المعارضة إنها ستطعن على نتيجة الانتخابات الرئاسية، متحدثةً عن «صعوبات فنية وقمع ضد الناخبين». لكنَّ نيتومبو، المعروفة بين أقرانها بـ«القوة والحزم»، تجاهلت هذه الادعاءات، واحتفلت بالفوز مع أعضاء حزبها، وقالت: «أنا لا أستمع إلى هؤلاء المنتقدين».
نشأة سياسية مبكرة
وُلدت نيتومبو في 29 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1952 في قرية أوناموتاي، شمال ناميبيا، وهي التاسعة بين 13 طفلاً، وكان والدها رجل دين ينتمي إلى الطائفة الأنغليكانية. وفي طفولتها التحقت نيتومبو بمدرسة «القديسة مريم» في أوديبو. ووفق موقع الحزب الحاكم «سوابو» فإن «نيتومبو مسيحية مخلصة»، تؤمن بشعار «قلب واحد وعقل واحد».
في ذلك الوقت، كانت ناميبيا تعرف باسم جنوب غرب أفريقيا، وكان شعبها تحت الاحتلال من دولة «جنوب أفريقيا»، مما دفع نيتومبو إلى الانخراط في العمل السياسي، والانضمام إلى «سوابو» التي كانت آنذاك حركة تحرير تناضل ضد سيطرة الأقلية البيضاء، لتبدأ رحلتها السياسية وهي في الرابعة عشرة من عمرها.
في تلك السن الصغيرة، أصبحت نيتومبو ناشطة سياسية، وقائدة لرابطة الشباب في «سوابو»، وهو ما أهّلها فيما بعد لتولي مناصب سياسية وقيادية، لكنها تقول إنها آنذاك «كانت مهتمة فقط بتحرير بلدها من الاحتلال»، مشيرةً في حوار مصوَّر نُشر عبر صفحتها على «فيسبوك» في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلى أن «السياسة جاءت فقط بسبب الظروف، التي لو اختلفت ربما كنت أصبحت عالمة».
شاركت نيتومبو في حملة «ضد الجَلْد العلنيّ»، الذي كان شائعاً في ظل نظام الفصل العنصري، وكان نشاطها السياسي سبباً في إلقاء القبض عليها واحتجازها، عدة أشهر عام 1973، وهي ما زالت طالبة في المرحلة الثانوية. ونتيجة ما تعرضت له من قمع واضطهاد، فرَّت نيتومبو إلى المنفى عام 1974، وانضمت إلى أعضاء «سوابو» الآخرين هناك، واستكملت نضالها ضد الاحتلال من زامبيا وتنزانيا، قبل أن تنتقل إلى المملكة المتحدة لاستكمال دراستها.
تدرجت نيتومبو في مناصب عدة داخل «سوابو»، فكانت عضواً في اللجنة المركزية للحركة من عام 1976 إلى عام 1986، والممثلة الرئيسية للحركة في لوساكا من عام 1978 إلى عام 1980. والممثلة الرئيسية لشرق أفريقيا، ومقرها في دار السلام من عام 1980 إلى عام 1986.
درست نيتومبو في كلية غلاسكو للتكنولوجيا، وحصلت على دبلوم في الإدارة العامة والتنمية عام 1987، ودبلوم العلاقات الدولية عام 1988، ودرجة الماجستير في الدراسات الدبلوماسية عام 1989 من جامعة كيل في المملكة المتحدة، كما حصلت على دبلوم في عمل وممارسة رابطة الشبيبة الشيوعية التابعة للاتحاد السوفياتي، من مدرسة «لينين كومسومول العليا» في موسكو.
ونالت الكثير من الأوسمة، من بينها وسام النسر الناميبي، ووسام «فرانسيسكو دي ميراندا بريميرا كلاس» من فنزويلا، والدكتوراه الفخرية من جامعة دار السلام بتنزانيا.
تزوجت نيتومبو عام 1983 من إيبافراس دينجا ندايتواه، وكان آنذاك شخصية بارزة في الجناح المسلح لجيش التحرير الشعبي في ناميبيا التابع لـ«سوابو»، وتولى عام 2011 منصب قائد قوات الدفاع الناميبية، وظل في المنصب حتى تقاعده في عام 2013، ولديها ثلاثة أبناء.
العودة بعد الاستقلال
بعد 14 عاماً من فرار نيتومبو إلى المنفى، وتحديداً في عام 1988، وافقت جنوب أفريقيا على استقلال ناميبيا، لتعود نيتومبو إلى وطنها، عضوة في حزب «سوابو» الذي يدير البلاد منذ الاستقلال.
تدرجت نيتومبو في المناصب وشغلت أدواراً وزارية عدة، في الشؤون الخارجية والسياحة ورعاية الطفل والمعلومات. وعُرفت بدفاعها عن حقوق المرأة.
وعام 2002 دفعت بقانون عن العنف المنزلي إلى «الجمعية الوطنية»، وهو القانون الذي يعد أحد أبرز إنجازاتها، حيث دافعت عنه بشدة ضد انتقادات زملائها، ونقلت عنها وسائل إعلام ناميبية في تلك الفترة تأكيدها أن الدستور يُدين التمييز على أساس الجنس.
وواصلت صعودها السياسي، وفي فبراير (شباط) من العام الماضي، أصبحت نائبة رئيس ناميبيا. كانت أول امرأة تشغل مقعد نائب رئيس حزب «سوابو» بعدما انتخبها مؤتمر الحزب في عام 2017 وأعيد انتخابها في مؤتمر الحزب نوفمبر 2022، مما أهَّلها لتكون مرشحة الحزب للرئاسة عام 2024، خلفاً للرئيس الحاج جينجوب، الذي توفي خلال العام الماضي، وتولى رئاسة البلاد مؤقتاً نانجولو مبومبا.
صعوبات وتحديات
لم تكن مسيرة نيتومبو السياسية مفروشة بالورود، إذ اتُّهمت في فترة من الفترات بدعم فصيل منشق في حزب «سوابو» كان يسعى لخلافة سام نجوما أول رئيس لناميبيا بعد الاستقلال، لكنها سرعان ما تجاوزت الأزمة بدعم من هيفيكيبوني بوهامبا، خليفة نجوما.
يصفها أقرانها بأنها قادرة على التعامل مع المواقف الصعبة بطريقة غير صدامية. خلال حياتها السياسية التي امتدّت لأكثر من نصف قرن أظهرت نيتومبو أسلوباً عملياً متواضعاً في القيادة، ولم تتورط -حسب مراقبين- في فضائح فساد، مما يمنحها مصداقية في معالجة مثل هذه الأمور، لكنَّ انتماءها منذ الطفولة إلى «سوابو»، وعملها لسنوات من خلاله، لا ينبئ بتغييرات سياسية حادة في إدارة البلاد، وإن تعهَّدت نيتومبو بذلك.
ويرى مراقبون أنها «لن تبتعد كثيراً عن طريق الحزب، ولن يشكل وجودها على سدة الحكم دعماً أكبر للمرأة». وأشاروا إلى أن نيتومبو التي كانت رئيسة المنظمة الوطنية الناميبية للمرأة (1991-1994)، والمقررة العامة للمؤتمر العالمي الرابع المعنيّ بالمرأة في عام 1995 في بكين، ووزيرة شؤون المرأة ورعاية الطفل 2000-2005، «لا يمكن وصفها بأنها نسوية، وإن دافعت عن بعض حقوق النساء».
خلال الانتخابات قدمت نيتومبو نفسها بوصفها «صوتاً حازماً يتمحور حول الناس، وزعيمة سياسية وطنية، مخلصة للوحدة الأفريقية، مناصرةً لحقوق المرأة والطفل والسلام والأمن والبيئة»، وتبنت خطاباً يضع الأوضاع المعيشية في قمة الأولويات، متعهدةً بـ«خلق 250 ألف فرصة عمل خلال السنوات الخمس المقبلة» ليتصدر هذا التعهد وسائل الإعلام الناميبية، لكن أحداً لا يعرف إن كانت ستنجح في تنفيذ تعهدها أم لا.
تبدأ نيتومبو فترة حكمها بصراعات سياسية مع أحزاب المعارضة التي انتقدت نتيجة الانتخابات التي جعلتها رئيسة لناميبيا، تزامناً مع استمرار تراجع شعبية الحزب الحاكم. وفي الوقت نفسه تواجه نيتومبو عقبات داخلية في ظل ظروف اقتصادية صعبة يعيشها نحو نصف السكان، مما يجعل مراقبون يرون أنها أمام «مهمة ليست بالسهلة، وأن عليها الاستعداد للعواصف».
حقائق
ناميبيا بلد الماس... و43% من سكانه يعيشون تحت خط الفقر
في أقصى جنوب غربي القارة الأفريقية تقع دولة ناميبيا التي تمتلك ثروات معدنية كبيرة، بينما يعيش ما يقرب من نصف سكانها فقراً متعدد الأبعاد.ورغم مساحة ناميبيا الشاسعة، فإن عدد سكانها لا يتجاوز 3 ملايين نسمة؛ ما يجعلها من أقل البلدان كثافة سكانية في أفريقيا، كما أن بيئتها القاسية والقاحلة تصعّب المعيشة فيها. ومن الجدير بالذكر أن البلاد هي موطن صحراء كالاهاري وناميب.وفقاً لموقع حكومة ناميبيا، فإن تاريخ البلاد محفور في لوحات صخرية في الجنوب، «يعود بعضها إلى 26000 عام قبل الميلاد»، حيث استوطنت مجموعات عرقية مختلفة، بينها «سان يوشمن»، و«البانتو» وأخيراً قبائل «الهيمبا» و«هيريرو» و«ناما»، أرض ناميبيا الوعرة منذ آلاف السنين.ولأن ناميبيا كانت من أكثر السواحل القاحلة في أفريقيا؛ لم يبدأ المستكشفون وصيادو العاج والمنقبون والمبشرون بالقدوم إليها؛ إلا في منتصف القرن التاسع عشر، لتظل البلاد بمنأى عن اهتمام القوى الأوروبية إلى حدٍ كبير حتى نهاية القرن التاسع عشر عندما استعمرتها ألمانيا، بحسب موقع الحكومة الناميبية.سيطرت ألمانيا على المنطقة التي أطلقت عليها اسم جنوب غربي أفريقيا في أواخر القرن التاسع عشر، وأدى اكتشاف الماس في عام 1908 إلى تدفق الأوروبيين إلى البلاد، وتعدّ ناميبيا واحدة من أكبر 10 دول منتجة للماس الخام في العالم، وتنتج وفق التقديرات الدولية نحو مليونَي قيراط سنوياً.شاب فترة الاستعمار صراعات عدة، وتمرد من السكان ضد المستعمر، تسبَّبا في موت عدد كبير، لا سيما مع إنشاء ألمانيا معسكرات اعتقال للسكان الأصليين، وعام 1994 اعتذرت الحكومة الألمانية عن «الإبادة الجماعية» خلال فترة الاستعمار.ظلت ألمانيا تسيطر على ناميبيا، التي كانت تسمى وقتها «جنوب غربي أفريقيا» حتى الحرب العالمية الأولى، التي انتهت باستسلام ألمانيا، لتنتقل ناميبيا إلى تبعية جنوب أفريقيا، فيما تعتبره الدولة «مقايضة تجربة استعمارية بأخرى»، وفق موقع الحكومة الناميبية.في عام 1966، شنَّت المنظمة الشعبية لجنوب غرب أفريقيا (سوابو)، حرب تحرير، وناضلت من أجل الاستقلال، حتى وافقت جنوب أفريقيا في عام 1988 على إنهاء إدارة الفصل العنصري. وبعد إجراء الانتخابات الديمقراطية في عام 1989، أصبحت ناميبيا دولة مستقلة في 21 مارس (آذار) 1990، وأصبح سام نجوما أول رئيس للبلاد التي ما زال يحكمها حزب «سوابو». وشجعت المصالحة بين الأعراق السكان البيض في البلاد على البقاء، وما زالوا يلعبون دوراً رئيسياً في الزراعة والقطاعات الاقتصادية الأخرى.وتعد ناميبيا دولة ذات كثافة سكانية منخفضة، حيث يعيش على مساحتها البالغة 824 ألف متر مربع، نحو ثلاثة ملايين نسمة. ويشير البنك الدولي، في تقرير نشره عام 2021، إلى أن ناميبيا «دولة ذات دخل متوسط»، لكنها تحتل المركز الثالث بين دول العالم من حيث عدم المساواة في توزيع الدخل، حيث يمتلك 6 في المائة فقط من السكان نحو 70 في المائة من الأملاك في البلاد، وتعيش نسبة 43 في المائة من سكان ناميبيا في «فقر متعدد الأبعاد». وتدير ثروات البلاد الطبيعية من الماس والمعادن شركات أجنبية.وتمتلك ناميبيا ثروة برية كبيرة، لكنها تعاني بين الحين والآخر موجات جفاف، كان آخرها الصيف الماضي، ما اضطرّ الحكومة إلى ذبح أكثر من 700 حيوان بري من أجناس مختلفة، بينها أفراس نهر، وفيلة، وجواميس وحمير وحشية، وهو إجراء ووجه بانتقادات من جانب جمعيات البيئة والرفق بالحيوان، لكن حكومة ناميبيا دافعت عن سياستها، مؤكدة أنها تستهدف «إطعام السكان الذين يعانون الجوع جراء أسوأ موجة جفاف تضرب البلاد منذ عقود».ووفق برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة منتصف العام الحالي، فإن «نحو 1.4 مليون ناميبي، أي أكثر من نصف السكان، يعانون انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، مع انخفاض إنتاج الحبوب بنسبة 53 في المائة ومستويات مياه السدود بنسبة 70 في المائة مقارنة بالعام الماضي».