تونس: حرب كلامية بين الباجي والمرزوقي تغطي على الأزمة السياسية

سببها إطلاق إشاعة تتحدث عن موت الرئيس

تونس: حرب كلامية بين الباجي والمرزوقي تغطي على الأزمة السياسية
TT

تونس: حرب كلامية بين الباجي والمرزوقي تغطي على الأزمة السياسية

تونس: حرب كلامية بين الباجي والمرزوقي تغطي على الأزمة السياسية

لم تنته المنافسة الحادة بين الباجي قائد السبسي، الرئيس التونسي الحالي، والمنصف المرزوقي الرئيس التونسي السابق، حيث ظل الخصمان يتلقفان سقطات بعضهما البعض، ويتبادلان الاتهامات بدءا بحملة «وينو البترول»، التي اتهم المرزوقي بالوقوف وراءها، وصولا إلى إشاعة موت الباجي خلال عيد الفطر الماضي التي اتهم المرزوقي مجددا بالوقوف وراء إطلاقها.
ووجدت هذه الإشاعة أرضية خصبة للانتشار، خاصة أن قائد السبسي تلافى معايدة الشعب وتوجيه كلمة إليه عبر وسائل الإعلام المحلية، وتخلف عن أداء صلاة العيد الفطر كما دأب على ذلك رؤساء الجمهورية، وهو ما خلف إشاعات قوية حول عجزه عن مواصلة رئاسة الجمهورية وصل حد إطلاق إشاعة وفاته.
وكان الرئيس التونسي الباجي قد وعد التونسيين بنشر ملفه الطبي بعد الانتخابات الرئاسية التي تفوق فيها على المنصف المرزوقي، غير أن هذا الوعد لم يجد طريقه إلى التحقق، وهو ما أطلق شائعات كثيرة متواترة حول حقيقة وضعه الصحي. وتطور الخلاف بين الباجي والمرزوقي من خلال تبادل الاتهامات عبر مواقع التواصل الاجتماعي بين المؤيدين والأنصار من المخيمين. وقد استغل السبسي موكب التوقيع على وثيقة قرطاج المتعلقة بأولويات حكومة الوحدة الوطنية قبل يومين، ليرد بحدة على من يقفون وراء إشاعة وفاته في إشارة صريحة إلى الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي.
وفي هذا السياق قال الرئيس التونسي: «على الأقل أنا لم أدخل إلى مستشفى الأمراض العقلية في تونس ولا خارجها»، واتهم عدنان منصر، الرئيس السابق للحملة الانتخابات الرئاسية للمرزوقي والمرزوقي نفسه، وعددا من مستشاريه بالوقوف وراء الحملة ضده، وقال إن من يقف وراء إشاعة موته «عصابة مفسدون» على حد تعبيره، وأشار متهكما: «إذا كان لهؤلاء مرض عقلي فنتمنى لهم الشفاء، وأنا لم أدخل أي مستشفى للأمراض العقلية ومداركي لا بأس بها».
ويأتي الرد الحاد الصادر عن السبسي إثر تصريح المرزوقي بقوله إنه من باب الحياء أننا «لم نتحدث إبان الحملة الرئاسية عن لامعقولية ترشح شخص قارب التسعين لقيادة شعب في أصعب مراحل تاريخه، وهو أمر مستحيل في أي بلد غير بلدنا».
وتحدث المرزوقي عما اعتبره إشاعات حول اختفاء السبسي نُسبت إلى أنصاره، قائلا: «أنا أحتقر مروجي الإشاعات وأرثي لمصدقيها، وأترك استعمالها لخصومي لأنني لا أحارب بالأسلحة القذرة التي يعشقونها وحاربوني بها ولا يزالون».
وكان الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي موضوع تشكيك من قيادات حزب النداء الذي أسسه الباجي سنة 2012 في مداركه العقلية، ودعوه إلى إجراء كشف طبي.
وفي هذا الشأن، قال الباحث الجامعي سامي براهم إنه بالنسبة إلى رئيس الدّولة فإن زيارة مستشفى الأمراض العقلية للتداوي أمر معيب يستحقّ أن يُعَيّر به الأشخاص الذين تقتضي حالتهم ذلك.. وهذا ليس من قبيل الخطأ أو زلات اللسان، بل إهانة بالغة لمواطني البلد ولكل من تضطرّه الظروف الصحية لزيارة مستشفيات الأمراض العقليّة في كل المجتمعات. وهذا الموقف العنصري الساخر من نزلاء مستشفيات الأمراض العقليّة يعكس ضعف الحسّ المدني والإنساني والأخلاقي والقيمي، فضلا عن الإساءة لموقع الرئاسة.. ولو صدر ذلك من رئيس أو مسؤول رسمي أو موظف عمومي في دولة تحترم كرامة البشر لأثار ما أثار من ردود فعل، ولكن في بلدنا الذي أنجز ثورة باسم الكرامة تنتهك كرامة الأصحاء والمرضى على حد السواء».



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.