100 فصيل مسلح في بغداد تتسابق للسيطرة على الشارع

العاصمة العراقية بلا حماية أمنية رسمية.. ومخاوف من المواجهات المستقبلية

عرض لقوات الأمن العراقي في بغداد أمس (أ.ب)
عرض لقوات الأمن العراقي في بغداد أمس (أ.ب)
TT

100 فصيل مسلح في بغداد تتسابق للسيطرة على الشارع

عرض لقوات الأمن العراقي في بغداد أمس (أ.ب)
عرض لقوات الأمن العراقي في بغداد أمس (أ.ب)

المشهد في العاصمة بغداد يوحي كأن معركة داخلية بأطراف متعددة ستنشب. صراع الميليشيات بات مكشوفًا، وكل فترة زمنية تمر يكون العراقيون على موعد مع ولادة فصيل مسلح جديد وآخرها «جيش مؤمل» بزعامة سعد سوار، وهو شخصية عراقية مغمورة على الصعيدين العسكري والسياسي. «الشرق الأوسط» رصدت الحالة من وسط العاصمة العراقية، والتقت مسؤولين وبرلمانيين شخصوا الوضع القلق والفلتان الأمني الذي عجزت حكومة بغداد عن السيطرة عليه، أو حتى منع الميليشيات المسلحة من التجاوزات. الفلتان الأمني لا يبدأ فقط بتصاعد الهجمات الإرهابية في العاصمة العراقية ومحيطها بدءا من تفجير الكرادة، وسط بغداد، قبيل عيد الفطر بيومين، الذي حصد أكثر من 300 ضحية دون الكشف عن أسلوب التفجير وأسبابه، وليس نهاية بظهور مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري، بالزي العسكري، وهو يترأس اجتماعا لقادة جناحه المسلح «سرايا السلام»، آمرا إياهم بالتهيؤ لأي طارئ خلال ساعتين «بكامل عدتهم وعددهم». مصادر حكومية رسمية أكدت أن الفصائل المسلحة في العاصمة وحدها تجاوزت 100 فصيل، وهي غير رسمية.
شوارع بغداد التي تزدحم بلافتات وصور وشعارات العشرات من الميليشيات المسلحة، فالمعروفة منها هي: «بدر، وفصائل أهل الحق، وسرايا السلام، وحزب الله العراقي، وسرايا الخراساني»، وهناك: «جند الأمام، وأبو الفضل العباس، وجند الله، وبابليون (فصيل مسيحي مسلح مدعوم من قبل الشيعة)»، هذه الشوارع خلت ليلة الخميس – الجمعة، حيث سارع الناس للعودة إلى بيوتهم قبيل منتصف الليل، بسبب صدور تعليمات للأجهزة الأمنية بغلق الجسور التي تربط بين جانبي الكرخ والرصافة، وبسبب التصريحات الخطيرة لزعيم التيار الصدري التي وجهت رسالة بأن مواجهات مسلحة ممكن وقوعها سواء بين «سرايا السلام» وبقية الميليشيات، أو بينها وبين القوات الأمنية. وسارع البغداديون إلى تسوق المواد الغذائية خشية حدوث أي طارئ اليوم، الجمعة، بينما غادر كثير منهم العاصمة إلى إقليم كردستان أو إلى خارج العراق.
وحسب المحامي والناشط المدني، جلال فهمي، فإن «بغداد صارت اليوم على كف عفريت الميليشيات، وفي أي لحظة نتوقع حدوث مواجهات مسلحة بين الميليشيات أنفسهم لغرض تقاسم مناطق النفوذ وسط العاصمة»، مذكرا «بأحداث اقتحام المتظاهرين للبرلمان ورئاسة الوزراء الشهر الماضي وسيطرة ميليشيا (سرايا الخراساني) المرتبطة بإيران مباشرة منطقة الجادرية في الكرادة وحدوث مواجهة شبه مسلحة مع ميليشيا (سرايا السلام) التابعة للتيار الصدري».
وقال فهمي لـ«الشرق الأوسط»، إن «بغداد اليوم بلا حماية أمنية حكومية، بل تحكمها الميليشيات المسلحة والمنفلتة التي يصفها مقتدى الصدر بـ(الميليشيات الوقحة) مع أن ميليشيا (سرايا السلام)، التي كانت تسمى سابقا (جيش المهدي)، متهيئة بكامل عدتها وأسلحتها للسيطرة على قسم من منطقة الكرادة التي كانت محسومة أصلا لنفوذ المجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم مدعوما بميليشيا (سرايا الخرساني)، و(عصائب أهل الحق) بزعامة قيس الخزعلي الذي انشق أصلا عن جيش المهدي، وميليشيا (بدر) بزعامة هادي العامري الذي انشق عن المجلس الأعلى الإسلامي».
يضيف المحامي فهمي قائلا: «لقد كشف تفجير الكرادة هشاشة الوضع الأمني ببغداد، ذلك أن منطقة الكرادة مزدحمة بالميليشيات المسلحة وبنقاط التفتيش الأمنية التابعة للحكومة، ومع ذلك حصل خرق أمني كبير لم يكشف عنه حتى الآن مكن الانتحاري من الوصول بسيارته إلى موقع الانفجار ليقتل المئات من الأبرياء»، مشيرا إلى «عدم وجود وزير للداخلية وسيطرة ميليشيا (بدر) على الملف الأمني في العاصمة كون وزارة الداخلية من حصتهم».
نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع البرلمانية حامد المطلك، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك مائة فصيل مسلح غير رسمي ببغداد وحدها، وحسب اعتراف حيدر العبادي، رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة، قد يكون هذا الرقم مبالغا به، لكن هناك العشرات من الفصائل المسلحة في شوارع بغداد، وهذا موضوع يثير بالتأكيد قلق الناس ويرعب أمنهم واستقرارهم»، داعيا إلى أن «تعمل الحكومة وبقوة من أجل نزع السلاح غير الشرعي وتفتيت الميليشيات المسلحة وإيجاد حل مناسب لعناصرها».
وتساءل المطلك قائلا: «كيف يريدون بناء دولة قانون ومؤسسات دستورية في ظل هذا الانفلات الأمني؟»، منبها إلى أن «العبادي غالبا ما صرح بضرورة سحب السلاح من الميليشيات، وأن يكون السلاح بيد الدولة فقط، لكن يبدو أن هذا الأمر معقد وصعب تحقيقه».
وأشار نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع البرلمانية إلى أن «هناك خلافات سياسية بين أحزاب وفصائل التحالف الوطني (شيعي)، وكل جهة تحاول استعراض قوتها ووجودها وتأثيرها في الشارع وأي جهة تستطيع أن تحرك الناس»، منبها إلى أن «مقتدى الصدر أثبت قدرته على تحريك الجماهير وهو يطرح مشروعا وطنيا تابعا لدولة أجنبية ومناصرا للحق وللعدالة، بينما هناك فصائل غالبيتها تابعة لدولة إقليمية (إيران) وممولة من قبل جهة خارجية وتريد احتلال مناطق معينة».
وقال المطلك إن «الميليشيات المسلحة للأسف أقوى من الأجهزة الأمنية الحكومية، والدليل على ذلك تفجير الكرادة وقضاء بلد، وقصف مخيم كسنزان للمهجرين من الأنبار في منطقة الدورة، وقصف معسكر ليبرتي الذي يضم عناصر (مجاهدين خلق) الإيرانية المعارضة الذي يقع على حدود مطار بغداد الدولي، كل هذه التفجيرات والقصف بالصواريخ ومدافع الهاون والدولة لم تحرك ساكنا»، محذرا من أن «تنفلت الأمور وتتطور إلى مواجهات مسلحة بين الميليشيات نفسها، وإذا حدث ذلك لا قدر الله فإن الجميع سيحترق بنار هذه المواجهات»، وأشار إلى أن «العرب السنة ليست لهم أي ميليشيا مسلحة، لأنهم لم يلجأوا إلى هذا الأسلوب منذ البداية».
مسؤول أمني عراقي رفيع المستوى أكد أن «مشكلة الميليشيات المسلحة ممكن حلها إذا كانت الحكومة تريد ذلك، لكن المشكلة أن أطرافا سياسية وحكومية تعتبر وجود هذه الميليشيات حماية لها وعنصرا مساعدا لبقائها».
وقال المسؤول الأمني، الذي فضل عدم نشر اسمه لـ«الشرق الأوسط»، إن «كل الأحزاب الشيعية لها أذرع عسكرية وتعتبرها مشروعة، ثم جاء (الحشد الشعبي) الذي اعتبر غطاء شرعيا وقانونيا لوجود هذه الميليشيات، ولو صدرت الأوامر لنا اليوم بحل الميليشيات المسلحة لتمكنا من ذلك، لكن الغريب أن رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة يصرح بضرورة حصر السلاح بيد الدولة، بينما حزبه، حزب الدعوة، يدعم بعض هذه الميليشيات، والأكثر من هذا أن نوري المالكي زعيم حزب العبادي ورئيس الوزراء السابق هو من دعم تشكيل بعض الميليشيات لدعم بقائه في السلطة لفترة أطول».
وأضاف: «نحن بالفعل نخشى أي مواجهة مسلحة بين هذه الميليشيات، وهذا قلق المواطن العراقي، فالدولة غير قادرة على فض مثل هذه الاشتباكات، لأن الأجهزة الأمنية موزعة طائفيا وعشائريا وسياسيا ومناطقيا، وهذا يجعل مهمة السيطرة على الميليشيات صعبة للغاية».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.