الأسواق تعبر «الموجة الأولى» لصدمة «البريكست»

البورصات والإسترليني يتنفسان الصعداء.. والذهب تهاوى «بعد أداء مهمته»

عاملون في بورصة نيويورك يتفاعلون مع صعود مؤشراتها مساء أول من أمس (رويترز)
عاملون في بورصة نيويورك يتفاعلون مع صعود مؤشراتها مساء أول من أمس (رويترز)
TT

الأسواق تعبر «الموجة الأولى» لصدمة «البريكست»

عاملون في بورصة نيويورك يتفاعلون مع صعود مؤشراتها مساء أول من أمس (رويترز)
عاملون في بورصة نيويورك يتفاعلون مع صعود مؤشراتها مساء أول من أمس (رويترز)

بدأت أسواق العالم في الاستفاقة من آثار الصدمة الزلزالية الأولى التي أحدثها اختيار أكثر من نصف الناخبين البريطانيين للانفصال عن الاتحاد الأوروبي في 23 يونيو (حزيران) الماضي. وبعد نحو ثلاثة أسابيع من الهبوط المتواصل لأسعار الجنيه الإسترليني والنفط وغالبية الأسهم، مدفوعة بمخاوف المستقبل الغامض، وصعود كبير لأسعار «الملاذات الآمنة» وعلى رأسها الذهب، بدأت الموازين السوقية في اتخاذ طريق الاعتدال مجددا، وتحقيق مكاسب وقفزات بعضها قياسي، أدت إلى عودة المكاسب للعملة البريطانية والنفط، وانحسار الأضواء عن المعدن الأصفر النفيس بعد أداء دوره في تطمين الاقتصاد حول العالم.
ويرى مراقبون أن الأسواق العالمية نجحت في عبور وامتصاص مرحلة الموجة الأولى لصدمة الانفصال البريطاني (البريكست)، التي يشبهها كثير من المحللين الاقتصاديين بمأساة «تسونامي» التي ضربت جنوب شرقي آسيا قبل نحو عقد من الزمان، أو الزلازل القوية، مشيرين إلى توقعاتهم بحدوث «بعض التوابع» على فترات متباعدة، لكنهم أكدوا أن الوضع الاقتصادي الدولي سيتحمل هذه التبعات ما دامت كانت هناك إدارة جيدة من قبل المسؤولين عن الاقتصاد في القوى العالمية الكبرى.
وشهدت أسواق الأوراق المالية نشاطا قويا وارتفاعات من طوكيو اليابانية شرقا وحتى وول ستريت الأميركية غربا، فيما يمثل «تنفس الصعداء»، عقب أيام طويلة من الخسائر أو التوقعات السلبية المدفوعة بالمخاوف والحذر. وأسهمت الارتفاعات الأميركية في تسجيل كلا من مؤشري «ستاندرد آند بورز» و«داو جونز» لمستوى إغلاق قياسي مرتفع يوم الثلاثاء.
ويعد هذا هو أول إغلاق قياسي مرتفع لـ«داو جونز» في أكثر من عام، حيث أنهى المؤشر القياسي جلسة التداول مرتفعا بمعدل 120.74 نقطة، بنسبة 0.66 في المائة، ليصل إلى مستوى 18347.67 نقطة.
فيما سجل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500»، الأوسع نطاقا، مستوى إغلاق قياسي للجلسة الثانية على التوالي، مع صعوده بمعدل 14.98 نقطة، بنسبة 0.70 في المائة، ليصل إلى مستوى 2152.14 نقطة. بينما قفز مؤشر «ناسداك المجمع»، الذي تغلب عليه أسهم التكنولوجيا، بمعدل 34.18 نقطة، أو 0.69 في المائة، ليغلق على مستوى 5022.82 نقطة.
وفي أقصى الشرق، صعد مؤشر «نيكي» القياسي، لأسهم الشركات اليابانية، أمس إلى أعلى مستوى يومي في شهر، قبل أن يغلق على ارتفاع بنسبة 0.8 في المائة، عند 16231.43 نقطة، مما يرفع مكاسبه منذ انتصار رئيس الوزراء شينزو آبي في انتخابات يوم الأحد الماضي إلى 7.4 في المائة.
وتصدر قطاع البنوك قائمة الرابحين ضمن مؤشرات القطاعات الفرعية في بورصة طوكيو، والبالغ عددها 33 مؤشرا، حيث صعد بنسبة 3.9 في المائة. وقفز سهم مجموعة «ميتسوبيشي» المالية بنسبة 5.3 في المائة، وارتفع سهم «سوميتومو ميتسوي» المالية 4.3 في المائة، وسجلت أسهم شركات التصدير أداء جيد بفضل تراجع الين إلى أدنى مستوى في ثلاثة أسابيع، عند نحو 105 ينات مقابل الدولار.
وكان من اللافت تراجع أسهم شركة «نينتندو» أمس للمرة الأولى بنسبة 6.1 في المائة، عقب أربعة أيام من المكاسب الهائلة التي بلغت 50 في المائة، وذلك بعد أن طالب سيناتور ديمقراطي أميركي شركة تطوير البرمجيات التي صنعت لعبة «بوكيمون غو» الشهيرة بتوضيح حماية خصوصية البيانات في اللعبة التي تستخدم في الهواتف المحمولة.
كما صعد مؤشر «توبكس»، الأوسع نطاقا، بنسبة 1.1 في المائة، ليصل إلى مستوى 1300.26 نقطة وسط نشاط في التعاملات، حيث بلغت القيمة الإجمالية للتداول 2.89 تريليون ين، أي أعلى من متوسط التداول في الشهر الماضي بنحو 35 في المائة.
وبدورها، ارتفعت أغلب أسواق الأسهم الأوروبية أمس بشكل جيد لتبدأ في تعوض الخسائر المتراكمة على كثير منها منذ أكثر من أسبوعين، حيث ارتفع مؤشر «ستوكس 600»، لأسهم الشركات الأوروبية، بنسبة 0.3 في المائة، متجها نحو تسجيل أعلى مستوى له منذ أواخر يونيو. حيث كان المؤشر قد انخفض بنسبة 11 في المائة في أول جلستين من جلسات التداول التي أعقبت تصويت بريطانيا غير المتوقع لصالح الخروج من عضوية الاتحاد الأوروبي.
غير أن المؤشر عوض جزءا كبيرا من خسائره بعد ذلك مدعوما بعدة عوامل، منها التوقعات بأن البنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا المركزي سيتحركان لدعم الأسواق في مواجهة آثار التصويت لصالح خروج بريطانيا.
وكانت أسهم أكور للفنادق من بين الأسهم الأفضل أداء، حيث ارتفعت بنسبة 3.8 في المائة، في حين ارتفعت أسهم نوكيا 4.4 في المائة بعدما رفعت الشركة توقعاتها للمبيعات وكشفت عن اتفاق ترخيص مع «سامسونغ».
وهبط مؤشر «فايننشال تايمز 100» البريطاني بنسبة 0.1 في المائة، بعدما سجل أعلى مستوى له في 11 شهرا في الجلسة السابقة، حيث تخلت أسهم شركات البناء عن بعض المكاسب التي حققتها في الآونة الأخيرة، بينما تراجعت أسهم شركات الطاقة بفعل انخفاض أسعار النفط.
ونزل مؤشر «فايننشال تايمز» الخاص بقطاع العقارات بنسبة 0.5 في المائة، بعدما ارتفع على مدار أربعة جلسات متتالية، في الوقت الذي انخفض فيه المؤشر البريطاني الخاص بقطاع النفط والغاز بنسبة 0.9 في المائة، مقتفيا أثر هبوط أسعار الخام.
وفتح مؤشر «كاك 40» الفرنسي مرتفعا بنسبة 0.1 في المائة، في حين نزل مؤشر «داكس» الألماني بنسبة 0.2 في المائة في بداية التعاملات.
أما الذهب، فقد شهد صعودا خجولا في التعاملات الفورية صباح أمس، وذلك بعد أن بلغ مساء الثلاثاء أدنى مستوى له في نحو أسبوعين. وقبل العاشرة صباحا بتوقيت غرينتش، صعد سعر الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.5 في المائة، ليصل سعر الأوقية 1338.55 دولار، مرتفعا من سعر قياسي منخفض بلغ 1327.30. وهو الأقل منذ يوليو (تموز) الماضي.
وبهذا حسن الذهب قليلا من خسائره، حيث كان قد هبط مساء الثلاثاء بنسبة 1.7 في المائة، في أكبر خسارة يومية له منذ يوم 24 مايو (أيار). كما صعد الذهب في العقود الأميركية الآجلة بنسبة 0.6 في المائة، إلى 1341.60 دولار للأوقية.
وزاد الذهب نحو 100 دولار للأوقية منذ تصويت بريطانيا لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، حيث حول المستثمرون سيولتهم إلى «الأصول الآمنة». وبعد خمسة أسابيع من المكاسب، واجه الذهب بعض الضغوط في أعقاب بيانات قوية عن الوظائف في القطاعات غير الزراعية بالولايات المتحدة صدرت يوم الجمعة.
أما الجنيه الإسترليني، الذي كان «المتضرر الأكبر والأبرز» من قرار الانفصال البريطاني عن أوروبا، فقد شهد تعافيا قويا أثناء تعاملات الثلاثاء، محافظا عليها صباح الأربعاء، ليسجل الثلاثاء أكبر مكاسب ليوم واحد في أكثر من ثلاث سنوات، وذلك مع الإعلان عن تأهب وزيرة الداخلية تيريزا ماي لشغل منصب رئيس الوزراء، وهو ما يساعد المستثمرين في استعادة بعض الشهية للمخاطرة في مختلف الأسواق.
ومساء الثلاثاء، وصعد الإسترليني بنسبة 1.9 في المائة أمام العملة الأميركية، إلى 1.3246 دولار، وهو أعلى مستوى في أسبوع، ومتجها نحو تسجيل أكبر زيادة ليوم واحد منذ الاستفتاء، عندما هوى إلى أدنى مستوياته في 31 عاما. فيما سجل الأربعاء في منتصف نهار الأربعاء بتوقيت غرينتش 1.3258 مقابل الدولار.
وأمام العملة اليابانية، قفز الإسترليني نحو 4 في المائة الثلاثاء، ليصل إلى 138.66 ينا، متجها نحو تسجيل أفضل مكاسب ليوم واحد منذ أبريل (نيسان) 2013، وأمام العملة الأوروبية اليورو، ارتفع الإسترليني مساء الثلاثاء بنسبة 1.7 في المائة، ليصل إلى 83.64 بنس لليورو، وهو أعلى مستوى في أسبوع، وموسعا مكاسبه التي حققها في جلسة الاثنين.



الليرة السورية ترتفع بشكل ملحوظ بعد تراجع حاد

الليرة السورية (رويترز)
الليرة السورية (رويترز)
TT

الليرة السورية ترتفع بشكل ملحوظ بعد تراجع حاد

الليرة السورية (رويترز)
الليرة السورية (رويترز)

شهدت الليرة السورية تحسناً ملحوظاً في قيمتها أمام الدولار، حيث أفاد عاملون في سوق الصرافة بدمشق يوم السبت، بأن العملة الوطنية ارتفعت إلى ما بين 11500 و12500 ليرة مقابل الدولار، وفقاً لما ذكرته «رويترز».

ويأتي هذا التحسن بعد أن بلغ سعر صرف الدولار نحو 27 ألف ليرة سورية، وذلك بعد يومين فقط من انطلاق عملية «ردع العدوان» التي شنتها فصائل المعارضة في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

ويوم الأربعاء، قال رئيس الحكومة الانتقالية المؤقتة في سوريا، محمد البشير، لصحيفة «إيل كورييري ديلا سيرا» الإيطالية: «في الخزائن لا يوجد سوى الليرة السورية التي لا تساوي شيئاً أو تكاد، حيث يمكن للدولار الأميركي الواحد شراء 35 ألف ليرة سورية». وأضاف: «نحن لا نملك عملات أجنبية، وبالنسبة للقروض والسندات، نحن في مرحلة جمع البيانات. نعم، من الناحية المالية، نحن في وضع سيئ للغاية».

وفي عام 2023، شهدت الليرة السورية انخفاضاً تاريخياً أمام الدولار الأميركي، حيث تراجعت قيمتها بنسبة بلغت 113.5 في المائة على أساس سنوي. وكانت الأشهر الستة الأخيرة من العام قد شهدت الجزء الأكبر من هذه التغيرات، لتسجل بذلك أكبر انخفاض في تاريخ العملة السورية.