موسكو تنتظر محادثاتها مع كيري لإخراج الوضع السوري من مأزقه

وجهت انتقادات حادة إلى دي ميستورا واتهمته بالتقاعس في استئناف المفاوضات

دخان يتصاعد من المنطقة التي تسيطر عليها المعارضة في حلب بفعل استهداف طيران النظام لها أمس رغم تمديد النظام للهدنة (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد من المنطقة التي تسيطر عليها المعارضة في حلب بفعل استهداف طيران النظام لها أمس رغم تمديد النظام للهدنة (أ.ف.ب)
TT

موسكو تنتظر محادثاتها مع كيري لإخراج الوضع السوري من مأزقه

دخان يتصاعد من المنطقة التي تسيطر عليها المعارضة في حلب بفعل استهداف طيران النظام لها أمس رغم تمديد النظام للهدنة (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد من المنطقة التي تسيطر عليها المعارضة في حلب بفعل استهداف طيران النظام لها أمس رغم تمديد النظام للهدنة (أ.ف.ب)

يصل وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى العاصمة الروسية موسكو، مساء غد (الخميس)، في زيارة لمدة يومين، يجري خلالها محادثات مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، ستركز بصورة خاصة على الأزمة السورية، وفق ما أكدته الخارجية الروسية.
ومن المتوقع أن يجري كيري محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إذ أكد ديميتري بيسكوف، المتحدث الصحافي باسم الكرملين، في تصريح للإعلام، أمس، أن «التحضيرات تجري لإمكانية أن يستقبل الرئيس بوتين السيد كيري»، إلا أن بيسكوف لم يتمكن من تحديد توقيت اللقاء. وكان جون كيربي، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية، قد أعلن في وقت سابق عن زيارة كيري إلى موسكو هذا الأسبوع، في محاولة للتوصل مع المسؤولين الروس إلى أرضية تفاهم مشتركة حول الأزمة في سوريا.
ويوم أمس استبق وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف زيارة كيري إلى موسكو بجملة تصريحات تعكس جدول الأعمال الروسي للمحادثات مع الضيف الأميركي، الذي يبدو أن موضوع الفصل بين المعارضة و«المجموعات الإرهابية» سيكون رئيسيًا فيه.
وفي مؤتمر صحافي مشترك عقب محادثاته مع نظيره الأذربيجاني في العاصمة الأذربيجانية باكو، اعتبر لافروف أن «أساس المشكلة في عدم تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية في سوريا، هو أن (جبهة النصرة) تغير شكلها الخارجي، وتؤسس مجموعات بأسماء مختلفة، وتعلن تلك المجموعات عن استعدادها للانضمام إلى اتفاق وقف الأعمال العدائية، إلا أنها تقاتل في واقع الأمر مع إرهابيي (الجبهة)»، حسب قول لافروف، الذي أكد أنه «سيبحث هذا الأمر مع جون كيري خلال زيارته إلى موسكو، ليعود ويشكو من جديد من أن الولايات المتحدة لم تتمكن منذ شهر يناير (كانون الثاني) من إبعاد مجموعات المعارضة عن مواقع (جبهة النصرة)».
واللافت في تصريحات لافروف من باكو يوم أمس، الهجمة العنيفة التي شنها على المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، لا سيما تصريحاته الأخيرة عقب محادثاته يوم الاثنين مع وزير الخارجية الإيطالي، التي قال فيها دي ميستورا إن «مفتاح الحل في سوريا يكمن في اتفاق بين روسيا والولايات المتحدة»، معربًا عن اعتقاده بأن «الظروف غير مناسبة بعد لاستئناف المفاوضات»، مؤكدا أنه «لم يتم بعد تحديد موعد استئناف المفاوضات بانتظار الظروف الملائمة لإطلاقها». ويبدو واضحًا أن كلام دي ميستورا لم يرق إلى الوزير لافروف الذي رد رافضا فكرة «أن مفتاح الحل في سوريا يكمن في اتفاق بين موسكو وواشنطن». وبينما لم يقلل من أهمية دور اللاعبين الدوليين، فقد شدد الوزير الروسي على أنه «لا يمكن استبدال الثنائي الأميركي - الروسي بالمفاوضات بين السوريين».
ولعل استياء لافروف من كلام دي ميستورا يعود إلى تحميل الأخير في تصريحاته من روما، أمس، الجانبين الأميركي والروسي المسؤولية، بدبلوماسية، المسؤولية عن تعثر عملية المفاوضات لفشلهما في الضغط على دمشق بالنسبة لموسكو، والفصل بين المعارضة والمجموعات الإرهابية بالنسبة لواشنطن. وقد رأى لافروف فيما قاله المبعوث الدولي «إشارة سلبية» يتم إرسالها إلى من وصفها لافروف بـ«المعارضة المتعنتة ممثلة بما يسمى الهيئة العليا للمفاوضات»، ووصف كلام دي ميستورا بأنه «لا يساعد»، مؤكدًا أنه سيحاول خلال محادثاته المرتقبة يوم غد مع نظيره الأميركي جون كيري «العمل على صياغة نهج مشترك (للعمل في سوريا) يرتكز على مبادئ واضحة بالمطلق وغير قابلة لأكثر من تفسير، والتي تم تثبيتها في قرارات مجلس الأمن الدولي». واستطرد قائلاً: «وعلى هذا الأساس سنعمل مع دي ميستورا، كي يقوم بتنفيذ مهامه بنزاهة»، ليتهمه بعد ذلك بالتقاعس في الدعوة لعقد جولة جديدة من المفاوضات السورية، وربطه توجيه الدعوة للمحادثات السورية، بتوصل موسكو وواشنطن إلى اتفاق بخصوص «كيف يتم العمل في التسوية السياسية في سوريا»، بحسب لافروف الذي اعتبر «هذا أسلوب عمل غير صحيح».
وقد كشفت تصريحات لافروف عما ينوي بحثه مع نظيره الأميركي، هذا إلى جانب تضارب المعلومات حول توصل بوتين وأوباما إلى اتفاق بشأن سوريا خلال محادثاتهما الهاتفية الأخيرة، ويكشف مجمل المشهد عن مأزق خطير جدًا وصلت إليه الأزمة السورية والجهود السياسية لتسويتها، مما استدعى استقبال بوتين مجددًا لكيري، وبحث الوضع الراهن معه، فيما يبدو محاولة أخيرة لإخراج الوضع حول سوريا من مأزقه، لا يُستبعد أن تفضي إلى اتفاق مهم يعيد الأمور إلى مسارها الطبيعي.
وتتوجس بعض الأطراف الخارجية من الاحتمال الأسوأ، وهو الإعلان عن فشل الجهود السياسية حاليا، الأمر الذي سيؤدي إلى تصعيد عسكري غير مسبوق في سوريا. وكانت وكالة «إنتر فاكس» الروسية قد ذكرت يوم أول من أمس، أن سفينة الإنزال الكبير «يامال» التابعة لأسطول البحر الأسود قد عبرت يوم الأحد الماضي، العاشر من يوليو (تموز) ممرات البحر الأسود، ودخلت مياه المتوسط في طريقها إلى ميناء طرطوس السوري وعلى متنها حمولة، يرجح أنها عتاد حربي. وفي وقت سابق خلال الأسابيع الماضية عبرت مجموعة من سفن الإنزال وسفن الشحن الروسية البحر الأسود محملة بالعتاد نحو ميناء طرطوس، بينها سفن الإنزال «مينسك» و«آزوف»، و«ساراتوف» و«غيورغي بوبيدونوسيتس»، وسفينتا الشحن «فولوغدا – 50»، و«ك ي ل - 158». كما ذكرت وسائل إعلام روسية أن وزارة الدفاع قد ترسل حاملة الطائرات «الأدميرال كوزنيتسوف» إلى سوريا في شهر أغسطس (آب).
وتجري هذه التحركات في الوقت الذي يؤكد فيه مراقبون روس أن الولايات المتحدة الأميركية بدأت في تنفيذ الخطة «ب» في سوريا، وتقوم بتزويد المعارضة في الشمال والجنوب بالأسلحة الحديثة، ومنها منظومات الصواريخ الحديثة المضادة للدبابات التي تم إسقاط المروحية الروسية قرب حمص بواحد منها.



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.