تسييس ملف تجنيس السوريين.. والمعارضة التركية تتهم إردوغان بـ«أغراض انتخابية»

مسؤول: 170 ألف طفل سوري فقط يتلقون التعليم من أصل 625 ألفًا

محلات بأسماء عربية في اسطنبول حيث يتوقع ان تمنح تركيا الجنسية لذوي الكفاءة من السوريين المقيمين فيها (إ ف ب)
محلات بأسماء عربية في اسطنبول حيث يتوقع ان تمنح تركيا الجنسية لذوي الكفاءة من السوريين المقيمين فيها (إ ف ب)
TT

تسييس ملف تجنيس السوريين.. والمعارضة التركية تتهم إردوغان بـ«أغراض انتخابية»

محلات بأسماء عربية في اسطنبول حيث يتوقع ان تمنح تركيا الجنسية لذوي الكفاءة من السوريين المقيمين فيها (إ ف ب)
محلات بأسماء عربية في اسطنبول حيث يتوقع ان تمنح تركيا الجنسية لذوي الكفاءة من السوريين المقيمين فيها (إ ف ب)

يتواصل الجدل في تركيا حول قضية منح الجنسية التركية للسوريين والتي أصبحت مجالا للتراشق بين الحكومة والمعارضة، كل يسيسها من جهته، في الوقت الذي لم تتضح فيه معالم خطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في هذا المجال، لكن بدا واضحا تماما أن الجنسية التركية لن تكون لكل السوريين وإنما لذوي الكفاءات فقط، بحسب تصريح مسؤول تركي رفيع، أول من أمس.
ويظهر حجم الاهتمام بهذه القضية وشغلها للرأي العام في تركيا، كونها قضية أساسية الآن، فقد وجه الصحافيون الكثير من الأسئلة إلى نائب رئيس الوزراء المتحدث باسم الحكومة التركية نعمان كورتولموش في المؤتمر الصحافي الأسبوعي عقب اجتماع مجلس الوزراء، يوم الاثنين، حول موضوع تجنيس السوريين وكيف تعمل عليه الحكومة.
وأكد المتحدث باسم الحكومة التركية بشكل قاطع أن الجنسية التركية لن تكون لكل السوريين، قائلا إنه تجري الآن بلورة منح الجنسية التركية لذوي الكفاءات من السوريين، فقط. وأضاف أن «وزارة الداخلية لا تزال تعمل على بلورة تفاصيل منح الجنسية للسوريين المقيمين في تركيا من ذوي الكفاءات، وتجري دراسة دقيقة حول الشروط الواجب توفرها لمن سيتم منحهم الجنسية».
ويبدي المراقبون حالة من القلق تجاه تصاعد التوتر داخل المجتمع التركي من طرح خطة تجنيس السوريين، والحوادث التي بدأت تظهر في أماكن مختلفة من تركيا على غرار مقتل سوري وتركي في اشتباك في إحدى بلدات محافظة قونيا (وسط تركيا) في مشاجرة، نتيجة سوء معاملة سوريين لكلب في أحد الشوارع.
وعلق المتحدث باسم الحكومة خلال المؤتمر الصحافي على هذه الحادثة التي أثارها الصحافيون، لافتا إلى أنه لا يجب تضخيم مثل هذه الحوادث، لأنها قد تقع نتيجة تحريضات، أو لأسباب لا تبرر تحولها إلى ظاهرة خطيرة في المجتمع، مشددا على أن العنصرية لا يمكن أن تنجح في تركيا.
وصعدت المعارضة التركية من حدة انتقاداتها لخطة منح الجنسية التركية للسوريين، وانتقد رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي خلال اجتماع الكتلة البرلمانية لحزبه، أمس، تصريحات الرئيس رجب طيب إردوغان حول تجنيس السوريين. وقال بهشلي إن «مثل هذه القضايا ليست من اختصاص رئيس الجمهورية. وإن الجنسية التركية ليست صفة تمنح حسب أهوائه أو مكرمة يتفضل بها على من يريد، وإن تلاعب السياسيين بها يهدد مستقبل الأمة التركية».
وأضاف بهشلي أن المعضلات الناجمة عن وجود السوريين تهدد السلم الاجتماعي في تركيا، مؤكدا على «إننا لا نمانع في أن نتقاسم الخبز مع إخواننا السوريين، أو أن نقدم لهم المساعدات الإنسانية»، لافتا إلى أنه إذا كانت هناك «مساكن تابعة لإدارة التنمية العمرانية والإسكان الجماعي التركية أعلن الرئيس رجب طيب إردوغان أنها يمكن أن تمنح للسوريين للإقامة فيها، فمن باب أولى أن تعطى للأطفال الأتراك المحتاجين». وقال بهشلي إن تجنيس السوريين خطة ذات أهداف سياسية يرمي إردوغان من ورائها إلى «ضمان أصوات السوريين المجنسين في الانتخابات لصالح العدالة والتنمية»، واصفا توجه الحكومة في هذا الشأن بأنه «نوع من اللامسؤولية».
من ناحية أخرى، كشف وزير التعليم التركي عصمت يلماظ عن أن 170 ألفا من الأطفال السوريين من بين 625 ألفا في سن التعليم الإلزامي يتلقون تعليما رمزيا من خلال مراكز التعليم المؤقتة في داخل مخيمات اللاجئين وخارجها.
وقال يلماظ ردا على سؤال برلماني لنائب حزب الشعب الجمهوري المعارض عن مدينة إسطنبول بالبرلمان التركي إلهان جيهانر، إن هناك مليون طفل من بين قرابة 3 ملايين لاجئ سوري استقبلتهم تركيا، منهم 625 ألفا في سن التعليم، وأن إدارة الطوارئ والكوارث الطبيعية التابعة لمجلس الوزراء التركي أنشأت 380 مركز تعليم مؤقتا في 20 محافظة تركية يوجد فيها السوريون من أجل توفير فرص التعليم لهم.
ولفت إلى أن هناك مدرسين يعملون متطوعين من بينهم أتراك يجيدون اللغة العربية وسوريون يعملون تحت إشراف مديريات التعليم في المحافظات، لتقديم الخدمة التعليمية للأطفال السوريين.
إلى ذلك، شدد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، على أن تركيا تسعى إلى تطوير علاقاتها مع جميع دول المنطقة، بما فيها العراق ومصر وسوريا. وأضاف يلدريم في كلمة خلال افتتاح الدورة التعليمية السابعة عشرة لأكاديمية السياسيين التي تنظمها رئاسة البحث والتطوير في حزب العدالة والتنمية الحاكم بالعاصمة أنقرة، أمس: «سنطور علاقاتنا مع جيراننا، ولا توجد أسباب كثيرة تدعو لتدهور العلاقات وصراعنا مع دول المنطقة، بما في ذلك العراق وسوريا ومصر، بل ثمة أسباب كثيرة لتطويرها، وسنمضي قدما في ذلك». وتابع يلدريم قائلا: «من الآن فصاعدا، سنطور علاقاتنا مع جميع البلدان المحيطة بالبحرين الأسود والمتوسط وسنقلل خلافاتنا للحد الأدنى».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.