انخفاض قيمة الصفقات العقارية في السعودية 20 % خلال 6 أشهر

دعوات لخفض أسعار المساكن للتغلب على نقص الطلب

تطبيق نظام رسوم الأراضي البيضاء أدى إلى انخفاض قيمة الصفقات العقارية في السعودية 20 %  خلال الأشهر الستة الأولى من 2016 (تصوير: خالد الخميس)
تطبيق نظام رسوم الأراضي البيضاء أدى إلى انخفاض قيمة الصفقات العقارية في السعودية 20 % خلال الأشهر الستة الأولى من 2016 (تصوير: خالد الخميس)
TT

انخفاض قيمة الصفقات العقارية في السعودية 20 % خلال 6 أشهر

تطبيق نظام رسوم الأراضي البيضاء أدى إلى انخفاض قيمة الصفقات العقارية في السعودية 20 %  خلال الأشهر الستة الأولى من 2016 (تصوير: خالد الخميس)
تطبيق نظام رسوم الأراضي البيضاء أدى إلى انخفاض قيمة الصفقات العقارية في السعودية 20 % خلال الأشهر الستة الأولى من 2016 (تصوير: خالد الخميس)

انخفضت قيمة الصفقات العقارية في السعودية بنسبة 20 في المائة خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2016. لتصل إلى 157 مليار ريال (41.8 مليار دولار)، مقارنة بـ197.1 مليار ريال (52.5 مليار دولار) في النصف الأول من عام 2015.
ولعب تطبيق نظام رسوم الأراضي البيضاء، وانخفاض حركة البيع والشراء، وهبوط أسعار النفط دورًا مهمًا في هذا التغير.
وأكد عقاريون أن نتائج المؤشر خلال النصف الأول من العام الحالي هي انعكاس لنظام رسوم الأراضي البيضاء، وعزوف الناس عن الشراء بانتظار ما سيسفر عنه تطبيق النظام، مشيرين إلى أن ارتفاع أسعار العقار هو السبب الرئيس فيما يحدث في السوق في ظل تناقص السيولة.
وأشار خالد الدوسري، الذي يدير عددًا من الاستثمارات العقارية، إلى أن فقدان السوق خمس صفقاته مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، يعد معدلاً عاليًا، لكن السوق لا يزال يحتاج إلى دعم لتحقيق خفض ملائم في الأسعار.
وأضاف أنه رغم سعي الدولة لاحتواء الأسعار وإعادتها إلى ما كانت عليه عبر سن التشريعات التي تدعو إلى ذلك، فإن الحلقة المفقودة تتمثل في ارتفاع أسعار العقار إلى مستويات كبيرة، لا يستطيع كثير من الراغبين اللحاق بها، ما يعكس الحال في السوق التي تعيش أسوأ أيامها منذ سنوات طويلة في ظل شح السيولة لدى المشترين، خصوصًا لقطاع الإسكان الذي يعيش أيامًا عصيبة في ظل ضبابية الرؤية، وانتظار ما تفضي إليه الرسوم عبر انخفاض حقيقي في الأسعار وبالتالي التمكن من الشراء.
ولفت إلى أن السوق تترنح بين ارتفاع الأسعار إلى درجة كبيرة، وبطء الحلول لدى المستثمرين الذين لم يستطيعوا معرفة توجه السوق وعقلية المشتري الذي يعزف عن جميع الخيارات نتيجة عدم توافر المال أو وجوده بنسب تقل عن الأسعار الحالية للسوق.
وتوقع الدوسري مفاجآت كثيرة خلال ما تبقى من العام الحالي، إذ ستبدأ آثار رسوم الأراضي البيضاء تؤثر وتغير خريطة أداء العقار المحلي في معدل العرض والطلب وانخفاض الأسعار، خصوصًا أن فقاعة العقار وصلت لأقصى درجاتها بحسب تعبيره، مشيرًا إلى أن المشاريع الحكومية غير الربحية لقطاع الإسكان أصبحت الخيار الأكثر ملاءمة حيال معطيات السوق.
وطغت وتيرة الانخفاضات في المؤشرات الكلية لأداء السوق العقارية المحلية، على إجمالي عدد الصفقات والعقارات المبيعة ومساحاتها، التي سجلت انخفاضات للنصف الأول من 2016، مقارنة بمستوياتها للفترة نفسها من 2015 بنسب بلغت 20.5 في المائة لإجمالي عدد الصفقات، (نسبة انخفاض 32.0 في المائة مقارنة بالنصف الأول 2014)، وبنسبة انخفاض بلغت 20.4 في المائة لإجمالي أعداد العقارات المبيعة (نسبة انخفاض 31.5 في المائة مقارنة بالنصف الأول 2014)، فيما سجلت ارتفاعا لإجمالي مساحات الصفقات بنسبة 27.8 في المائة (نسبة انخفاض 25.9 في المائة مقارنة بالنصف الأول 2014).
واعتبر الخبير في الكثير من الشركات العقارية عامر المشاري، أن المشكلة تكمن في أن سوق العقار السعودي تسير منذ عقود دون توجهات أو دراسات واقعية أو خطط أو حتى خطوات ثابتة في التوزيع لتغطية تنامي الطلب، كما لا تسير وفق العرض والطلب، خصوصًا في السنوات الأخيرة التي أصبح فيها القطاع يتمتع بعرض كبير دون وجود أي طلب، متوقعًا أن يشهد القطاع العقاري هذا العام مزيدًا من الغربلة التي قد تغير الأسعار أو حتى نسبة الإقبال إلى أكثر مما هو حاصل، خصوصًا أن القطاع الآن يسير نحو المجهول في ظل العزوف الكبير عن الشراء، وما يحدث الآن هو ترجمة للعشوائية التي كانت سائدة.
وشدد على أن عمل المطورين بالعقلية القديمة غير مجدٍ تمامًا في ظل التحديات الجديدة التي تلف القطاع العقاري، خصوصًا في ظل شح السيولة الاقتصادية، وتطبيق رسوم الأراضي البيضاء، وعدم قدرة المشترين على الشراء بهذه الأسعار رغم الحاجة الكبيرة، وهو أمر لا يمكن الاستمرار عليه رغم حاجة المطورين أكثر من غيرهم إلى انتعاش الحركة، وذلك لضمان السيولة المتوقفة في مشاريعهم المتكدسة نظرًا لخروج الأسعار عن المألوف واستباق بعض المطورين إلى إيجاد مشاريع بقيمة أقل في محاولة للبقاء داخل دائرة المنافسة، في ظل دخول الحكومة بقوة في مجال توفير المشاريع العقارية بأسعار غير ربحية.
وكانت السوق العقارية المحلية اختتمت نشاطها خلال النصف الأول من 2016 بانخفاض في إجمالي قيمة صفقاتها بنسبة 20.0 في المائة، مقارنة بالنصف الأول من 2015، لتستقر عند أدنى من 157.8 مليار ريال (197.1 مليار ريال في النصف الأول من 2015)، كما سجلت نسبة انخفاض أكبر مقارنة بالنصف الأول من 2014. وصلت إلى 35.7 في المائة (245.5 مليار ريال في النصف الأول من 2014)، ليصل إجمالي ما خسرته السوق العقارية المحلية من إجمالي سيولتها المدارة للنصف الأول من العام الحالي، خلال عامين فقط إلى أكثر من 87.7 مليار ريال (نحو 23 مليار دولار).
وقال محمد البواردي، الخبير الاستشاري لدى عدد من الشركات العقارية، إن السوق العقارية المحلية لا تحتاج إلى مزيد من التقلص في الحركة أكثر مما هي عليه في هذه الفترة، خصوصا أنها تسير نحو المجهول، ومع الفجوة الكبيرة بين أسعار العرض وقدرات المشترين، الأمر الذي تسبب في ركود حاد في القطاع، الذي يعتبر الأكثر غرابة من بين القطاعات الاقتصادية الأخرى، لافتًا إلى أن السوق تفرز من وقت لآخر كميات لا بأس بها من العروض، دون أن تجد لها طلبًا يتلاءم معها في السعر أو نوعية الإقبال، الذي يصطدم بأسعار مرتفعة لا يستطيع توفيرها، مؤكدًا أن انخفاض معدل الصفقات أكبر دليل على ذلك.
وتطرق إلى أن ما يحدث في القطاع العقاري الآن «كارثة» بالنسبة للمستثمرين الذين يحجمون عن الشراء، عدا بعض الصفقات البسيطة التي لا ترتقي لحجم سوق العقار السعودي، مشددًا على أن الحل الوحيد لهذه المشكلة يتمثل في رضوخ التجار لواقع السوق وانخفاض الأسعار لمستويات يستطيع المشتري التملك بموجبها، لأن بقاء الحال على ما هو عليه لن يخدم أي طرف، فالمستثمر يحتاج إلى السيولة وتحريك الأموال، والمشتري يرغب في التملك والاستقرار. إلا أن ذلك مرتبط بمزيد من الانخفاض في القيمة فقط، وهو ما سينعكس في صورة ازدهار في الحركة العقارية، يستفيد منها الجميع.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».