أوباما وبوش ينعيان ضحايا شرطة دالاس

الرئيس الأميركي يلتقي ممثلي الأمن وناشطين في مجال الحقوق المدنية «لإيجاد حلول ملموسة» اليوم

الرئيس الأميركي باراك أوباما ونائبه جو بايدن يتوسطهما الرئيس الأسبق جورج بوش يقفون لحظة صمت مع قريناتهم على ارواح ضحايا أحداث دالاس (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي باراك أوباما ونائبه جو بايدن يتوسطهما الرئيس الأسبق جورج بوش يقفون لحظة صمت مع قريناتهم على ارواح ضحايا أحداث دالاس (إ.ب.أ)
TT

أوباما وبوش ينعيان ضحايا شرطة دالاس

الرئيس الأميركي باراك أوباما ونائبه جو بايدن يتوسطهما الرئيس الأسبق جورج بوش يقفون لحظة صمت مع قريناتهم على ارواح ضحايا أحداث دالاس (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي باراك أوباما ونائبه جو بايدن يتوسطهما الرئيس الأسبق جورج بوش يقفون لحظة صمت مع قريناتهم على ارواح ضحايا أحداث دالاس (إ.ب.أ)

حاول الرئيس الأميركي باراك أوباما السير على شعرة رفيعة ما بين تحية رجال الشرطة والثناء على ما يقومون به من واجب وتضحيات لحماية المجتمع، وفي الوقت نفسه اعترف بوجود بقايا من فترة الفصل العنصري، وأنه لا يوجد مجتمع لديه حصانة من وجود بعض المشاعر العنصرية، وأن الشرطة ليست استثناء في هذا المجال مطالبا بالبحث عن الأداة للقيام بالتغيير». وشدد أوباما بضرورة التواصل والتسامح على أساس إنساني والتغاضي عن الاختلافات لتحقيق تغييرا. وبدأ أوباما خطابه بالثناء على رجال الشرطة الذين لقوا حتفهم في دالاس. وصفق أوباما ومعه الحاضرون في تحية لرجال الشرطة في دالاس، مشيرا إلى أنهم يمثلون أميركا الحقيقية التي يعرفها، وقال أوباما إنني أرى إمكانية أن نحقق أسرة أميركية واحدة تستحق معاملة متساوية واحتراما متساويا، وكرر هذه هي أميركا التي أعرفها.
وسيجمع أوباما، اليوم (الأربعاء)، في البيت الأبيض ممثلين عن قوات الأمن وناشطين في مجال الحقوق المدنية وأساتذة جامعيين ونوابا محليين «لإيجاد حلول ملموسة»، وفقا لما ذكرت السلطة التنفيذية؛ وذلك للتصدي لأجواء الخوف وانعدام الثقة المتفشية في فئات عدة من المجتمع. وعلى الرغم من إقراره بأن المطلوب إحراز المزيد من التقدم، أراد أوباما أيضا أن يمرر رؤية أكثر تفاؤلا عن المجتمع الأميركي، وأكد في نهاية الأسبوع: «إنني مقتنع تماما بأن أميركا لا تشهد انقسامات بقدر ما يدعي البعض»، وأضاف: «هناك مشاعر حزن وغضب وسوء فهم، لكن هناك وحدة».
ودعا أوباما مكررا إلى تحقيق إصلاحات في نظام العدالة الجنائية، داعيا إلى عدم إغفال ما تطالب به المظاهرات السلمية، أو وصفها بأنها تثير الذعر، وقال: «الكثير من التوتر بين الشرطة والأقليات يرجع إلى أننا لا نقوم بالعمل الجيد، ونسمح باستمرار الفقر، ولا نكافح الجريمة والمخدرات، ولا نشدد إجراءات منع تملك الأسلحة، ثم نقول للشرطة بمهمة حماية الأحياء». وأشار أوباما إلى أنه تحدث في عدد كبير من مراسم التأبين من قبل، خلال ولايته داعيا إلى التحرك على خلفية الحقيقة، وهي أن رجال الشرطة يقومون بدور كبير في حماية المجتمعات ويستحقون الاحترام والتحية. وأوضح الرئيس الأميركي أن «أي شخص يعتقد أن الشرطة متحيزة يجب أن يتذكر أننا نعتمد على رجال الشرطة في حمايتنا، وعلينا أيضا أن نتذكر أن ذكريات الفصل العنصري وحركات الحقوق المدنية التي تطورت على مدى السنوات الماضية، لكن نحن نعرف أن التمييز باق». من جانبه دعا الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الذي يعيش حاليا بمزرعته بولاية تكساس، وشغل منصب حاكم ولاية تكساس في السابق إلى الوحدة والتمسك بالقيم الأميركية بغض النظر عن الاختلافات. من جهته، وصف مايك رولينجز، عمدة مدينة دالاس، الأيام الماضية بأنها أسوأ أيام شهدتها المدينة، مؤكدا أنه يشعر بالفخر من أداء رجال الشرطة في دالاس، وأن الحزن لن يدفع إلى الشفقة بالنفس، مطالبا بالعمل وبناء الجسور والخروج من هذه الأزمة. وقد جرت مراسم الصلاة والتأبين في مركز مورتون ميرسون السيمفوني الذي يبعد ميلا واحدا عن الموقع الذي شهد فيه مواجهات بين القناص ورجال الشرطة، وقتل فيه الضباط الخمسة. وتلا قادة مسيحيون ومسلمون ويهود صلوات خاصة في تأبين رجال الشرطة. فيما جلس الرئيس أوباما وزوجته والرئيس السابق جورج بوش وزوجته ونائب الرئيس جو بايدن وزوجته على الجانب الأيسر من مسرح القاعة، وعلق على يسار المسرح صور رجال الشرطة الخمسة المقتولين، فيما عزف النشيد الوطني. وكان أوباما قد وصل إلى مدينة دالاس في الثانية والنصف بتوقيت تكساس ترافقه زوجته ميشيل أوباما، لحضور مراسم الصلاة وتأبين الضحايا والاجتماع مع أقارب وأفراد عائلة الشرطيين الخمسة الذين قتلوا برصاص قناص مساء الخميس الماضي. ويحاول الرئيس الأميركي في رحلته إلى دالاس توحيد البلاد التي شهدت أسبوعا من أعمال العنف على خلفية توترات عنصرية. وقد رافق الرئيس أوباما في رحلته إلى دالاس السيناتور تيد كروز، المرشح الجمهوري السابق وعضو مجلس الشيوخ عن ولاية تكساس، وزعيم الأقلية الديمقراطية نانسي بيلوسي، والنائب الديمقراطي عن ولاية تكساس مارك فياسي، والنائب الديمقراطي عن ولاية تكساس إيدي برنيس. وخلال الرحلة من واشنطن إلى دالاس قال جوش أرنست، المتحدث باسم البيت الأبيض، للصحافيين إن الرئيس أوباما تحدث هاتفيا من طائرة الرئاسية (إير فورس وان) مع أفراد عائلة إلتون سترلينغ وفيلاندو قشتالة، وهما الرجلان الأسودان اللذان لقيا مصرعهما على يد رجال الشرطة في ولايتي لويزيانا ومنيسوتا.
وأوضح أرنست أن الرئيس وزوجته قدما العزاء لأفراد أسرة الرجلين، نيابة عن الأميركيين كافة. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض إن الرئيس يدرك تماما قلق المواطنين في كل أنحاء البلاد من أعمال العنف التي وقعت الأسبوع الماضي وأيضا في السنوات الأخيرة. وقد قطع أوباما جولته الأوروبية للمشاركة في تأبين رجال الشرطة الخمسة، الذين قتلهم قناص أثناء عملية احتجاج على قتل الشرطة لاثنين من السود بالرصاص.
وأصبح هذا الدور مألوفا للرئيس أوباما الذي حضر عدة مراسم تأبين لضحايا عمليات القتل الجماعي بإطلاق الرصاص، بما فيها عمليات مأساوية أعقبت عملية إطلاق الرصاص عام 2012 داخل مدرسة ابتدائية بمدينة نيوتاون بولاية كونيتيكت، وكذلك بعد إطلاق الرصاص داخل كنيسة العام الماضي في تشارلستون بولاية ساوث كارولينا (كارولينا الجنوبية).
وأشار المتحدث باسم البيت الأبيض إلى أن أوباما أمضى، أول من أمس، في إعداد الخطاب الذي سيلقيه، كما استقبل مجموعة من المحامين لمناقشة الجهود الرامية إلى تجسير الفجوة بين الشرطة والأقليات، وقال لهم الرئيس إنه يعتبر قتل رجال الشرطة الخمسة «جريمة كراهية»، وأضاف أنه سيعمل بهمة ليكون وسيطا بين نشطاء الأقليات والشرطة. وأشار أرنست إبى أن الرئيس رغب في الاستماع إلى كل الآراء ووجهات النظر حول التمييز العنصري في معاملات الشرطة. وفي سؤال عن توصيف الرئيس أوباما لحادث قتل الضباط الخمس شدد المتحدث باسم البيت الأبيض على أن الرئيس أوباما يرى الدوافع العنصرية للقاتل تتطابق مع التوصيف القانون بأنها «جريمة كراهية».
من جانب آخر أشارت التقارير إلى أن مدينة دالاس شهدت خلال يومي الاثنين والثلاثاء هدوءا كبيرا؛ حيث قام مئات من المواطنين بإشعال الشموع في صلاة تأبين للضباط الضحايا في أعقاب عدة أيام من التوتر والغضب والاحتكاكات في أعقاب يوم الخميس الدامي.
وقال ميكا جونسون (25 عاما)، القناص الذي كمن لعناصر الشرطة وقتل خمسة منهم خلال التحقيق معه، إنه يريد قتل بيض «خصوصا شرطيين من البيض»، انتقاما لمقتل شخصين أسودين، الأسبوع الماضي، برصاص الشرطة في لويزيانا ومينسوتا. وأثار شريطا الفيديو اللذان التقطهما هاويان عن جريمتي القتل ونشرا على مواقع التواصل الاجتماعي، صدمة بين الأميركيين.
ومنذ أيام أخذ النقاش أبعادا عاطفية، ووجه رئيس بلدية نيويورك الجمهوري السابق رودي جولياني خطابا لاذعا ضد حركة «بلاك لايفز ماتر» (حياة السود مهمة) التي تدين ممارسات الشرطة ضد السود. وقال جولياني لقناة «سي بي إس»: «عندما تقولون: إن حياة السود مهمة، فهذه عبارة عنصرية بامتياز»، منتقدا الناشطين الذين يؤدون «أغاني الراب حول اغتيال شرطيين»، واعتبر قائد شرطة فيلادلفيا السابق تشارلز رامسي من جهته أن الولايات المتحدة تحولت إلى «برميل بارود». وقال لقناة «إن بي سي»: «عندما ننظر ببساطة إلى كل ما يحدث، واضح أننا وصلنا إلى مرحلة حاسمة من تاريخ هذا البلد»، معربا عن الأمل في فتح «حوار حقيقي». وقبل أشهر من مغادرته البيت الأبيض، تسري تساؤلات عما إذا كان أوباما سيقدم مقترحات جديدة بعد أن انتقده كثيرون لقلة اهتمامه بالقضايا العنصرية منذ وصوله إلى سدة الحكم. إلى ذلك قال أوباما من وارسو الجمعة، حيث كان يشارك في قمة حلف شمال الأطلسي قبل أن يتبلغ نبأ وقوع مجزرة دالاس، إن قتل رجلين أسودين برصاص شرطيين يرمز إلى «مشكلة خطيرة» في المجتمع الأميركي. وبعد أن أعرب عن الأسف لأن تكون بلاده شهدت «مرارا مثل هذه المآسي»، دعا أول رئيس أميركي أسود الشرطة لتطبيق إصلاحات.



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟