المحكمة الخاصة باغتيال الحريري تعترف بمقتل مصطفى بدر الدين

أعلنت أن الأدلة التي قدمت لإثبات وفاته كافية وتقرر إنهاء الإجراءات

المحكمة الخاصة باغتيال الحريري تعترف بمقتل مصطفى بدر الدين
TT

المحكمة الخاصة باغتيال الحريري تعترف بمقتل مصطفى بدر الدين

المحكمة الخاصة باغتيال الحريري تعترف بمقتل مصطفى بدر الدين

أصدرت غرفة الاستئناف لدى المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري، يوم أمس قرارًا أبطلت فيه القرار المؤقت الصادر عن غرفة الدرجة الأولى والذي قالت فيه إنها «لا تعتقد أن أدلة كافية قد قُدّمت حتى الآن لإقناعها بقيام الدليل على وفاة مصطفى أمين بدر الدين وفقًا للمعيار المطلوب». وبدر الدين هو القيادي فيما يسمى «حزب الله» الذي كان قد اتهم «جماعات تكفيرية» باغتياله في شهر مايو (أيار) الماضي، بعملية قال إنها نتيجة «انفجار كبير» استهدف أحد مراكزه بالقرب من مطار دمشق الدولي.
ورأى قضاة غرفة الاستئناف بالأغلبية أن أدلة كافية قد قُدّمت أمام غرفة الدرجة الأولى لإثبات وفاة السيد بدر الدين، بحسب ما جاء في بيان على موقع المحكمة الرسمي، لافتا إلى أن غرفة الاستئناف طلبت من غرفة الدرجة الأولى أن تنهي الإجراءات القائمة بحق بدر الدين من دون إعاقة لمتابعة الإجراءات إذا ما قُدّم في المستقبل دليل يُثبت أنه لا يزال على قيد الحياة.
وكانت المحكمة قد وجهت اتهاما لبدر الدين بالوقوف إلى جانب ثلاثة آخرين وراء عملية اغتيال الحريري، وذلك في تقريرها الصادر في العام 2011.
وفيما كان أمين عام الحزب حسن نصر الله، قال بعد مقتل مغنية: «كل ما تطلبه المحكمة الدولية أو يطلب منها لا يعنينا ولا يستحق منا أي تعليق على الإطلاق»، كانت غرفة الدرجة الأولى في المحكمة أصدرت بداية شهر يونيو (حزيران) الماضي، قرارا شفهيا في قضية المتهمين باغتيال الحريري، يقضي بمواصلة المحاكمة في انتظار تلقي مزيد من المعلومات من حكومة لبنان عن وفاة بدر الدين، لافتة إلى أن القضاة يعتقدون أنه لم تقدم بعد أدلة كافية لإقناعهم بقيام الدليل على وفاة بدر الدين، وأن الادعاء ينتظر أجوبة على طلبات للمساعدة بعث بها إلى حكومة لبنان للحصول على مزيد من المعلومات عن بدر الدين.
وكانت شكوك قد أحاطت بالرواية التي قدمها الحزب حول عملية الاغتيال، إذ وفي حين لم تعلن أي من الفصائل مسؤوليتها عن العملية ورجّح أكثر من طرف في المعارضة السورية فرضية مقتله في عملية «تصفية داخلية» نتيجة الصراع المحتدم بين الجناحين الإيراني والروسي في دمشق، كشف مصدر استخباراتي غربي لـ«الشرق الأوسط» بداية شهر يونيو الحالي أن الجهة التي قتلت بدر الدين، هي دولة وليست منظمة عسكرية،
وشرح المصدر أن المعلومات التي توفرت لبلاده عن جثة بدر الدين ترجح أن الانفجار ناجم عن قنبلة فراغية من النوع الذي تملكه دول كالولايات المتحدة وروسيا وإيران وسوريا، بأنواع وأجيال مختلفة. ووصف المصدر جثة بدر الدين بأنها «سليمة من الخارج لكنها مهشمة بالكامل من الداخل»، وهو من نوع الآثار التي يتركها عصف القنبلة الفراغية على الجسد، على حد تعبيره.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.