تفجيرات مطار أتاتورك الانتحارية دليل على تهالك «داعش»

التحالف يحكم قبضته حول رقبة التنظيم والأخير يرد بهجمات دموية

تفجيرات مطار أتاتورك الانتحارية دليل على تهالك «داعش»
TT

تفجيرات مطار أتاتورك الانتحارية دليل على تهالك «داعش»

تفجيرات مطار أتاتورك الانتحارية دليل على تهالك «داعش»

في أواخر الشهر الماضي، شنّ تنظيم داعش الإرهابي ثلاث هجمات متزامنة على مطار أتاتورك الدولي في مدينة إسطنبول التركية، ما أدى إلى مقتل أكثر من 42 شخصًا. وتُظهر هذه الهجمات استعداد المنظمة الإرهابية لأن تعيد تركيز استراتيجيتها في تركيا بهدف زعزعة استقرار الدولة وعزلها عن التحالف الغربي.
وبحسب تقرير حديث، صادر عن معهد دراسات الحرب، فإن لدى «داعش» هدفين رئيسين في تركيا. «يكمن الأول في التحريض على حرب عرقية بين الأكراد والدولة التركية من أجل إضعاف خصومها في شمال سوريا واستعادة حرية التصرف في جنوب تركيا. أما الثاني فهو معاقبة الدولة التركية لانضمامها إلى التحالف المناهض لتنظيم داعش، وذلك من خلال التخطيط لهجمات ضد أهداف غربية على أرضها»، بحسب ما جاء في التقرير.
قُبيل التفجيرات الانتحارية الثلاثة التي استهدفت مطار أتاتورك في إسطنبول في 28 يونيو (حزيران) الماضي، شنّ تنظيم داعش عدة هجمات على تركيا من خلال استهداف الغربيين في إسطنبول في أوائل عام 2016، في حين واصل حملته على طول الحدود السورية. كما نفّذ في وقت سابق تفجيرًا انتحاريًا مزدوجًا في العاصمة التركية أنقرة في 10 أكتوبر (تشرين الأول) 2015 أدّى إلى مقتل أكثر من مائة مدني مظهرًا بذلك النطاق الشامل للتهديد الأمني الذي يشكله التنظيم على تركيا.
قبل وقوع هذه الحوادث المتصاعدة، لم ينفذ «داعش» أي هجمات مروعة ضد الدولة التركية متجنبًا أي حملة محلية كبرى يمكن أن تهدد تنقل مقاتليه عبر الحدود التركية السورية. غير أنّ التفجير الانتحاري الثلاثي يؤكد الآن أهداف «داعش» الاستراتيجية المتجسدة في تقويض الدولة التركية وضرب قطاعها السياحي الحيوي، مستهدفًا البنية التحتية التي تربط تركيا بالغرب، ورفع الحد الأدنى من الإجراءات الأمنية المحلية. كما يشكل ذلك أيضًا ردة فعل على التحول الذي شهدته السياسة التركية تجاه المنظمة الإرهابية.
انضمت تركيا إلى التحالف الدولي ضد «داعش» في سبتمبر (أيلول) 2014 ولكنها تجنبت في البداية المواجهة العلنية مع المنظمة الإرهابية، التي استخدمتها للضغط على رئيس النظام السوري بشار الأسد. كما زوّد (داعش) تركيا بوسيلة لاحتواء قوات وحدات حماية الشعب YPG الكردية السورية، التي تشكل في نظر تركيا تهديدًا وجوديًا بسبب انتمائها لحزب العمال الكردستاني (PKK) الانفصالي.
هذا، وشكّل تردد تركيا في منع تدفق المقاتلين الأجانب والإمدادات عبر حدودها حافزًا لـ«داعش» لتجنب شنّ هجمات إرهابية على أراضيها، لعدم تهديد حرية تحركهم عبر تركيا للدخول إلى سوريا. غير أنّ تركيا قد أعادت حساباتها بعد أن عزّز التحالف الدولي ضدّ تنظيم داعش برئاسة الولايات المتحدة تعاونه مع الأكراد السوريين في أوائل عام 2015. «مما سمح لوحدات حماية الشعب YPG بتحقيق مكاسب هائلة على طول الحدود السورية التركية. فاحتمال إنشاء منطقة مستقلّة في شمال سوريا تخضع لسيطرة الأكراد السوريين قد دفع تركيا إلى تعزيز التزامها ومشاركتها في التحالف»، كما ذكر التقرير الصادر عن معهد دراسات الحرب.
ولم تبدأ تركيا بجديّة في بذل أقصى الجهود لإغلاق الحدود السورية التركية في وجه «داعش» إلا في أواخر 2015 أي بعد أكثر من سنة على انضمامها رسميًا إلى التحالف. ولم تقدم على هذه الخطوة إلا بعد تصعيد تفجيرات «داعش» الإرهابية في تركيا وعندما أرغمتها مكاسب الأكراد السوريين في شمال سوريا على توسيع عملياتها هناك. كما واجهت تركيا ضغوطًا شديدة لتعزز تعاونها مع الولايات المتحدة من أجل تأمين الحماية من التصعيد الروسي في سوريا وجهودها الهادفة إلى زعزعة الاستقرار في الجناح الجنوبي لحلف شمال الأطلسي.
«تشكّل السياسة التي اعتمدتها تركيا ضد (داعش) والجماعات المتطرفة الأخرى في السنوات الماضية السبب الرئيسي للهجوم الأخير الذي استهدف مطار أتاتورك. فقد أعطت تركيا هذه المجموعات مساحة للنمو وبناء شبكات داخل أراضيها. غير أن هذا الهجوم قد يغير موقف تركيا بسبب تعرضها لضغوط من شعبها والمجتمع الدولي لدفعها إلى اتخاذ إجراءات حاسمة ضد (داعش)، بحسب ما جاء في تصريح أدلى به كاوا حسن، مدير برنامج الشرق الأوسط، في معهد الشرق والغرب لـ«الشرق الأوسط».
يعود أيضًا تهديد «داعش» المتزايد في تركيا إلى ضعف المنظمة في معقلها السوري - العراقي. فهي تتحوّل إلى تيار إرهابي بحت لأنها فشلت في تحقيق ما كانت تروّج له: خلافة قوية «ستبقى وتتوسّع». لقد فشلت المجموعة على جميع الأصعدة، باستثناء احتلالها عناوين الصحف، إذ فقدت سيطرتها في العراق وسوريا وحتى ليبيا، كما خسرت أيضًا كثيرا على مستوى الدعم الشعبي. والجدير بالذكر أنّ عدد المجندين في سوريا والعراق قد انخفض بنسبة 90 في المائة من أبريل 2015 إلى أبريل 2016. وفقًا لمسؤولين أميركيين.
وتعتبر الهزائم العسكرية التي ألحقت بـ«داعش» في سوريا والعراق أحد أسباب تنفيذ الهجوم على المطار. فللتعويض عن هذه الهزائم، يحاول «داعش» إثبات قوته من خلال سيطرته على العناوين الإخبارية. إذ سيعمل التنظيم على تكثيف حملته الإرهابية العالمية كلما شعر بضغط متزايد، وذلك للحفاظ على هيمنته على جدول الأعمال الإرهابي العالمي.
قد يكون «داعش» منظمة هدفها الرئيسي إقامة دولة، ولكن عندما يتعلق الأمر بالإرهاب فهي «حركة» وجّهت نداءات إلى الجميع في كلّ مكان لإجراء عمليات إرهابية باسمها.
ففي بداية شهر رمضان، دعت الجماعة الإرهابية إلى شن الهجمات على الساحة الدولية. وقد تكون ألهمت عمر متين لكي يُقدم على قتل 49 شخصًا في ملهى ليلي لمثليي الجنس في أورلاندو في 12 يونيو (حزيران). غير أنّ الالتباس حول دوافعه أدّى إلى التشكيك في الجماعة الإرهابية. فهل تصرف متين بدافع كراهيته للمثليين، وهل لادعائه أنّه ينتمي إلى جماعات أخرى مثل «القاعدة» و ما يسمى «حزب الله» أي أساس من الصحّة؟
لا يجب أن ننسى أنّ الإرهاب يبقى أيضًا سلاح الضعفاء. وهذا يعني أن هجمات «داعش» قد تصبح أكثر فتكًا بسبب الضعف المتزايد الذي يصيب التنظيم.
يرجح معهد دراسات الحرب أن يستمرّ «داعش» في شن هجمات ضد أهداف غربية في تركيا ما دامت هذه الأخيرة تعززّ تعاونها مع التحالف المناهض لـ«داعش». «يحافظ (داعش) على شبكات قوية في تركيا يمكن استخدامها لمواصلة شن هجمات مرعبة داخل تركيا ضد الغرب والدولة التركية. إن استمرار الهجمات في تركيا يُهدد على الأرجح تماسك التحالف المناهض لتنظيم داعش وحلف شمال الأطلسي في حين يضع ضغوطًا إضافية على الدولة التركية بشكل يؤدي إلى خلق أجواء من الفوضى يمكن أن تستفيد منها المنظمة الإرهابية»، بحسب ما خلص إليه التقرير.



«داعش» يُعيد اختبار قدراته في غرب أفريقيا

مقاتلو تحالف أهل أزواد أثناء قيامهم بدوريات في المنطقة القريبة من الحدود بين مالي وموريتانيا لحماية السكان المحليين من انعدام الأمن بسبب وجود عناصر «داعش» (أ.ف.ب)
مقاتلو تحالف أهل أزواد أثناء قيامهم بدوريات في المنطقة القريبة من الحدود بين مالي وموريتانيا لحماية السكان المحليين من انعدام الأمن بسبب وجود عناصر «داعش» (أ.ف.ب)
TT

«داعش» يُعيد اختبار قدراته في غرب أفريقيا

مقاتلو تحالف أهل أزواد أثناء قيامهم بدوريات في المنطقة القريبة من الحدود بين مالي وموريتانيا لحماية السكان المحليين من انعدام الأمن بسبب وجود عناصر «داعش» (أ.ف.ب)
مقاتلو تحالف أهل أزواد أثناء قيامهم بدوريات في المنطقة القريبة من الحدود بين مالي وموريتانيا لحماية السكان المحليين من انعدام الأمن بسبب وجود عناصر «داعش» (أ.ف.ب)

في مؤشر رمزي لـ«اختبار قدراته»، عقب هزائمه في سوريا والعراق وعدد من الدول، دفع تنظيم داعش الإرهابي عناصره وخلاياه لتنفيذ عمليات في غرب أفريقيا، أملاً في «إثبات الوجود» وتأكيد استمرار مشروع التنظيم. ضربات التنظيم «الخاطفة» التي شهدتها بوركينا فاسو ومالي والنيجر، ونيجيريا أخيراً، دفعت لتساؤلات تتعلق بأهداف توجه «داعش» نحو غرب أفريقيا الآن، وخطة نشاطه خلال الفترة المقبلة.
خبراء ومتخصصون في الحركات الأصولية أكدوا أن «التنظيم يهدف من نشاطه في غرب القارة السمراء إلى تفريغ القدرات القتالية لعناصره، والحفاظ على رأس ماله الرمزي، وتأكيد الوجود في المشهد، والحفاظ على حجم البيعات الصغيرة التي حصل عليها في السابق».
وقال الخبراء لـ«الشرق الأوسط» إن «التنظيم الإرهابي عانى من الانحسار الجغرافي خلال الأشهر الماضية، وتأثر بمقتل زعيمه السابق أبي بكر البغدادي، وهو يسعى لتدوير قدراته القتالية في مناطق جديدة». لكن الخبراء قللوا في هذا الصدد من تأثير عمليات «داعش» في هذه الدول، لكونها للترويج الإعلامي.

خلايا فرعية
يشار إلى أن «ولاية غرب أفريقيا» في «داعش» انشقت عن جماعة «بوكو حرام» في عام 2016، وأصبحت الجماعة المتشددة المهيمنة في تلك المنطقة. وأبدى «داعش» اهتماماً ملحوظاً خلال الأشهر الماضية بتوسيع نطاق نشاطه في القارة الأفريقية، حيث تعاني بعض الدول من مشكلات أمنية واقتصادية واجتماعية، مما ساعده في تحقيق أهدافه.
وقال أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الأصولية بمصر، إن «النقطة المركزية في حركة التنظيمات الجهادية، وتحديداً (المعولمة) الموجودة بين أكثر من دولة، وأكثر من نشاط، تحت رعاية مشروع آيديولوجي (جهادي) محدد، مثل (داعش) ومن قبله (القاعدة)، أنه في كثير من الأحيان يكون التمركز في منطقة معينة، وتكون هي مركز الثقل، مع وجود فروع أو جيوب أخرى يتم التحرك من خلالها في بعض الأحيان، فضلاً عن أن هناك قواعد جهادية قتالية بلا عمل، فيكون التكتيك الذي يتبعه التنظيم في هذه السياقات ضرورة العمل في مناطق أخرى، أو توزيع جهوده على نطاقات جغرافية أخرى، بهدف تفريغ القدرات القتالية لعناصره، والحفاظ على رأس ماله الرمزي، بصفته (أي داعش) جماعة مقاومة -على حد زعم التنظيم- فضلاً عن تأكيد عبارات مثل: (موجودون) و(مستمرون في القتال) و(مستمرون في إقامة مشروعنا)».
في حين أرجع عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، محاولات «داعش» للتمدد في غرب أفريقيا إلى «إعادة التموضع واتخاذ مرتكزات أخرى، بعد الضربات التي مُني بها التنظيم أخيراً، خاصة بعد مقتل البغدادي والمهاجر. لذلك لجأ التنظيم إلى أفريقيا الساحل ونيجيريا وبوركينا فاسو والنيجر ومالي، وغيرها من الدول، لأن بعض هذه الدول تعاني من مشكلات في الوجود الأمني، سواء داخلياً أو على الحدود. لذا لجأ التنظيم لعدة عمليات للحفاظ على حجم البيعات الصغيرة التي حصل عليها في السابق، مع وجود منافس شرس هناك مثل تنظيم (القاعدة) الموجود بصور مختلفة في السنوات القليلة الماضية على أراضي بعض الدول الأفريقية».
وفي غضون ذلك، فسر الأكاديمي الدكتور أيمن بريك، أستاذ الإعلام المساعد في جامعتي الأزهر والإمام محمد بن سعود الإسلامية، تمدد «داعش» في غرب أفريقيا بأنه «محاولة لـ(لملمة شتات) عناصره، بعد الهزائم المتتالية في العراق وسوريا، حيث دفع بكثير من أعضائه الفارين إلى أفريقيا، في محاولة لتأكيد البقاء».

ضربات موجعة
الكلام السابق تطابق مع دراسة لمرصد دار الإفتاء في مصر، أكدت أنه «رغم الضربات الموجعة التي تعرض لها (داعش)، سواء بإخراجه من آخر معاقله في الباغوز بسوريا، واستعادة كافة الأراضي التي سيطر عليها خلال عام 2014، أو بالقضاء على غالبية قياداته ورموزه، وعلى رأسهم أبو بكر البغدادي زعيم التنظيم السابق، فإنه ظل قادراً على تنفيذ عمليات في مناطق عدة، بعد فتح جبهات جديدة لعناصره في غرب أفريقيا التي تُعد ساحة مرشحة لعمليات متزايدة متضاعفة للتنظيم».
هذا وقد قتل البغدادي بعد غارة عسكرية أميركية في سوريا، بينما قتل المتحدث باسم التنظيم السابق أبو الحسن المهاجر في عملية عسكرية منفصلة في الأسبوع نفسه تقريباً، نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وأكد زغلول أن «التنظيم الإرهابي عانى من أزمات في مناطق انتشاره الأساسية، وهناك استراتيجيات أمنية على المستوى المحلي والدولي ضده، فضلاً عن انحسار جغرافي في سوريا والعراق، وهناك قيادة جديدة تولت التنظيم... كل هذه التحديات تدفعه إلى إثبات وجود، وإعادة تدوير قدراته القتالية في مناطق أخرى واختبارها، لذا يبدو طبيعياً أن يتمدد في غرب أفريقيا، أو في أي منطقة أخرى، ما دام أن هناك موارد وسياقات محلية تدعم هذا التوجه، والأمر لا يتوقف فقط على التنظيم الرئيسي (أي القيادة المركزية لداعش وقراراتها)، لكنه مرتبط بجانب آخر بوجود سياقات مناسبة؛ بمعنى أن الأوضاع الداخلية في دولة ما قد تكون مناسبة لنشاط التنظيم خلال فترة ما، وقد تكون هذه الأوضاع غير مناسبة للتنظيم في دولة أخرى».
ودعا البغدادي في وقت سابق ما سماها «ولايات دولة الخلافة المزعومة» في أفغانستان والقوقاز وإندونيسيا، وأيضاً غرب ووسط أفريقيا، للقيام بعمليات إرهابية.

مشهد جديد
وعن دلالة توجه «داعش» لغرب أفريقيا الآن، قال عبد المنعم: «هي محاولة لبلورة مشهد جهادي جديد في هذه الدول. وقد هذا ظهر بشكل كبير بعد أيام من مقتل البغدادي، وبيعة أبو إبراهيم الهاشمي القرشي زعيم (داعش) الجديد، ليؤكد التنظيم أنه عازم على استكمال مسيرة مشروعه، لذا خرج بشعار جديد في أحد إصداراته الأخيرة بعنوان (سوف نمضي)».
ومن جهته، أكد أحمد زغلول أن «التضييقات السياسية والأمنية على التنظيم في نقاطه المركزية دفعته إلى الكمون خلال الأشهر الماضية، وتضييق نشاطه، وتقليل حجم عملياته، بهدف البقاء، أو كنوع من المناورة مع السياسات الأمنية التي يتعرض لها من وقت لآخر، وهذا جعل التنظيم لديه أزمات داخلية؛ بمعنى أن هناك مشروعاً جهادياً لا بد من تحقيقه، وهناك قواعد له في دول أخرى ترى أن التنظيم نموذجاً وتدعمه بشكل أو بآخر بمختلف أوجه الدعم، لذا يؤكد دائماً على البقاء والثبات».
وكثف «داعش» من هجماته الإرهابية في دول غرب أفريقيا أخيراً. ففي نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تبنى «داعش» هجوماً على قاعدة أربيندا العسكرية في بوركينا فاسو، قُتل خلاله 7 عسكريين. وفي الشهر ذاته، نشر التنظيم شريطاً مصوراً مدته دقيقة واحدة، أظهر فيه مشاهد إعدام 11 مسيحياً في شمال شرقي نيجيريا. وسبق ذلك إعلان «داعش»، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مسؤوليته عن هجوم استهدف قاعدة عسكرية شمال شرقي مالي، وأسفر عن مقتل 53 جندياً. كما تبنى التنظيم هجوماً أوقع أكثر من 70 قتيلاً في معسكر لجيش النيجر في ايناتيس قرب مالي.
وأشارت تقديرات سابقة لمراكز بحثية غربية إلى أن «عدد الذين انضموا لـ(داعش) من أفريقيا منذ عام 2014 في سوريا والعراق يزيد على 6 آلاف مقاتل». وقال مراقبون إن «عودة هؤلاء، أو من تبقى منهم، إلى أفريقيا بعد هزائم سوريا والعراق كانت إشكالية كبيرة على أمن القارة، خصوصاً أن كثيرين منهم شباب صغير السن، وليس لهم روابط إرهابية سابقة، وأغلبهم تم استقطابه عبر الإنترنت».

عمليات نوعية
وحول نشاط «داعش» المستقبلي في غرب أفريقيا، قال عمرو عبد المنعم إن «نشاط (داعش) بدأ يظهر في غرب أفريقيا من خلال عمليات نوعية، سواء ضد المسيحيين أو جيوش الدول أو العناصر الغربية الموجودة في هذه المناطق»، لافتاً إلى أن «الاستهداف حتى الآن عشوائي، وبعض هذه العمليات لم يحدث تأثيراً بالقدر الكبير، كمثل العمليات التي حدثت في أوروبا، وأحدثت دوياً من قبل، وحتى الآن هي مجرد عمليات للترويج الإعلامي وإثبات الوجود، لأن بعض ولايات وأذرع (داعش) بأفريقيا التي بايعت البغدادي في وقت سابق ما زالت لم يسمع لها صوتاً، بالمقارنة بحجم وتأثير العمليات التي شهدتها أوروبا في وقت سابق».
أما الدكتور أيمن بريك، فقد تحدث عن احتمالية «حدوث تحالف بين (داعش) و(القاعدة) ‏في القارة الأفريقية، كـ(تحالف تكتيكي) في ظل حالة الضعف والتردي التي ‏يعاني منها التنظيمين»، لكنه في الوقت نفسه دعا إلى «ضرورة التصدي لـمحاولات تمدد (داعش) وغيره من التنظيمات الإرهابية في ‏القارة الأفريقية، وذلك قبل أن ينجح بقايا الدواعش في إعادة بناء تنظيم، ربما يكون أكثر عنفاً وتشدداً وإجراماً مما فعله التنظيم الأم (أي داعش) خلال أعوامه السابقة».