مسؤولون عراقيون يصفون تصريحات العبادي حول انتهاكات الفلوجة بالاستخفاف

ميليشيات الحشد الشعبي أحرقت المساجد وارتكبت انتهاكات واسعة

عمليات احتجاز وتعذيب المدنيين من أهالي مدينة الفلوجة على أيدي عناصر ميليشيا الحشد الشعبي ({الشرق الأوسط}) - صور لمساجد مدينة الفلوجة بعد أن تم تدميرها من قبل عناصر الحشد  ({الشرق الأوسط})
عمليات احتجاز وتعذيب المدنيين من أهالي مدينة الفلوجة على أيدي عناصر ميليشيا الحشد الشعبي ({الشرق الأوسط}) - صور لمساجد مدينة الفلوجة بعد أن تم تدميرها من قبل عناصر الحشد ({الشرق الأوسط})
TT

مسؤولون عراقيون يصفون تصريحات العبادي حول انتهاكات الفلوجة بالاستخفاف

عمليات احتجاز وتعذيب المدنيين من أهالي مدينة الفلوجة على أيدي عناصر ميليشيا الحشد الشعبي ({الشرق الأوسط}) - صور لمساجد مدينة الفلوجة بعد أن تم تدميرها من قبل عناصر الحشد  ({الشرق الأوسط})
عمليات احتجاز وتعذيب المدنيين من أهالي مدينة الفلوجة على أيدي عناصر ميليشيا الحشد الشعبي ({الشرق الأوسط}) - صور لمساجد مدينة الفلوجة بعد أن تم تدميرها من قبل عناصر الحشد ({الشرق الأوسط})

اعتبر مسؤولون حكوميون وأعضاء في مجلس محافظة الأنبار التصريحات الأخيرة التي أدلى بها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي خلال اجتماعه مع القيادات الأمنية والعسكرية، حول مجريات الأحداث والانتهاكات التي شهدتها مدينة الفلوجة بعد تحريرها من قبضة «داعش»، استخفافًا بكل التقارير الدولية والمحلية وروايات شهود العيان، وانصياعًا للضغوطات التي تمارس عليه من قبل ميليشيا الحشد، ولعدم إظهار نفسه بموقف الضعيف والفاقد للسيطرة على مجريات الأحداث، عندما هاجم العبادي المنتقدين لتلك الانتهاكات، قائلا إن الذين يتحدثون عن هذه الانتهاكات هم الآن في خانة الأعداء لأنهم سكتوا طوال عامين عن انتهاكات «داعش» في الفلوجة. وقال عضو المجلس راجح بركات في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «رئيس الوزراء حيدر العبادي لم يتخذ إجراءات صارمة من شأنها إيقاف ما شهدته مدينة الفلوجة بعد تحريرها من قبضة تنظيم داعش الإرهابي، من انتهاكات تمثلت في قتل العشرات من أبناء المدينة وخطف المئات وتعرض المساجد ودور المواطنين لعمليات الحرق والتدمير وأعمال السلب والنهب التي اطلع عليها القاصي والداني، واكتفى العبادي باتخاذ إجراءات ضعيفة لا ترتقي أصلاً لحجم الخروقات والانتهاكات الحاصلة، وأعتقد أنه كان غير جاد في حسم موضوع الانتهاكات ولم يكن بمستوى المسؤولية، خصوصا أن هناك المئات من أبناء مدينة الفلوجة وباقي مدن الأنبار تم اختطافهم من قبل الميليشيات المسلحة التي تعمل بعلم الحكومة وتحت غطائها، وعلى رئيس الوزراء، القائد العام للقوات المسلحة تحمل كافة مسؤولياته تجاههم، فهو المسؤول عن الملف الأمني بالكامل».
وأضاف بركات: «على الأمم المتحدة التدخل الفوري في حسم هذه القضية وإيقاف الانتهاكات بحق مدينة الفلوجة وأبنائها، لأننا أصبحنا لا نعول على إيجاد حل من قبل الحكومة بسبب ضعفها في محاسبة العناصر التي قامت بانتهاك حقوق المدنيين رغم معرفة الحكومة بهؤلاء الأشخاص وظهورهم بالصوت والصورة وهم يقومون باعتداءاتهم بشتى وسائل التعذيب وإطلاق العبارات الطائفية على المواطنين العزّل إضافة إلى مشاهد وصور تؤكد باليقين عمليات حرق وتدمير المساجد ومنازل المواطنين ومحالهم التجارية مما جعل نسبة وإحصائية الدمار الذي تعرضت له مدينة الفلوجة نتيجة العمليات العسكرية تتصاعد أرقامه بشكل يومي بعد أن انتهت العمليات العسكرية لتحرير المدينة».
وأشار بركات إلى أن «هناك أسبابا أخرى جعلت رئيس الحكومة حيدر العبادي غير جاد في إدانة هذه الانتهاكات والجرائم ومحاسبة مرتكبيها، ومن هذه الأسباب وجود صراع بين أعضاء مجلس محافظة الأنبار للحصول على مكاسب سياسية ومصالح شخصية، لذلك دور مجلس المحافظة كان مخجلا جدًا ولم يقدم أي شيء تجاه معاناة أهلنا من النازحين، بالإضافة إلى تردد أغلب الأعضاء في الحديث لوسائل الإعلام عن هذه القضية لتخوفهم من التهديدات التي تصلهم إذا كشفوا عن الخروقات والانتهاكات الحاصلة، كما أن الارتباك الحاصل في مجلس المحافظة وإقالة المحافظ صهيب الراوي ألقى بظلاله على وضع النازحين وعدم تقديم الخدمات والحاجات الضرورية لهم بسبب اشتغال أعضاء المجلس بمصالحهم دون الالتفات لوضع النازحين».
وأكد بركات: «ظهور الكثير من المقاطع المرئية عبر وسائل التواصل الاجتماعي تثبت تعرض العشرات من المعتقلين في الفلوجة والكرمة إلى عمليات تعذيب ممنهجة من قبل ميليشيا الحشد الشعبي، وهو ما أعلنته وأكدته أيضا لجنة التحقيق التي شكلها محافظ الأنبار صهيب الراوي حيث أثبتت صحة هذه المزاعم وبالأدلة، لكن الحشد الشعبي والمتحدث باسمه كريم النوري دائمًا ما ينفي حصول هذه الانتهاكات أو يُقر بها لكن يبررها بأنها أعمال فردية، وهو ما دعا رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى فتح تحقيق حول تلك الانتهاكات لحقوق الإنسان خلال عمليات تحرير مدينة الفلوجة، لكن هذه التحقيقات لم تسفر عن أي نتائج حقيقية».
إلى ذلك، قالت عضوة مجلس النواب العراقي عن محافظة الأنبار، لقاء وردي، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «الانتهاكات والجرائم التي قام بها عناصر تابعة للحشد الشعبي يعملون إلى الآن تحت غطاء بعض الأجهزة الأمنية مثل الشرطة الاتحادية، وتصلنا أخبار من مسؤولي الدوائر بأن هناك عمليات حرق وتدمير لبعض الجوامع ودور المواطنين خاصة في منطقة الرسالة».
وأضافت وردي: «إن هذه الممارسات تعطي رسالة سلبية للمواطنين الذين يطمحون بالعودة حيث إن هناك الكثير من النازحين المترددين في العودة نتيجة هذه الأفعال، وفي حال بقاء هذه العناصر فلا أعتقد ستكون هناك عودة إلى هذه المدينة إلا بوجود قرار بات وقابل للتطبيق بقيام السيد العبادي بمتابعة هذا الموضوع وخروج العناصر المسيئة من الحشد الشعبي من المدينة حتى يتم تفعيل ملف العودة، بقرار من العبادي بسحب الحشد نتيجة بعض الإساءات التي تمت ممارستها في المدينة، كما أن ملف تحرير مدينة الفلوجة قد انتهى، كما انتهى دور القوات المقاتلة، ويأتي دور الشرطة المحلية وعشائر المدينة الآن في الحفاظ على الأمن ومسك الأرض وإعادة الإعمار وتهيئة المدينة لاستقبال النازحين، ويجب محاسبة مرتكبي التجاوزات والانتهاكات سواء تجاه أبناء المدينة أو الأملاك العامة، وبالتأكيد نحن ندفع باتجاه أن يمسك الشرطة المحلية وأبناء المدينة الأرض، حتى يكون هناك حافز قوي لعودة النازحين لمدينة الفلوجة».
وبشأن موضوع إقالة محافظة الأنبار، صهيب الراوي من قبل مجلس المحافظة، وتكليفه في الوقت ذاته من قبل رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي برئاسة لجنة تحقيقية، كشفت وردي أن «هناك إشكالية قانونية في عملية الإقالة استند إليها المحافظ الذي قدم طلبا للمحكمة الاتحادية بأنه كان غائبًا عن عملية الاستجواب ولم يمنح مهلة أسبوع التي طلبها من المجلس قبل عملية الاستجواب، وبالتالي هو لا يزال ممارسًا لعمله، لحين أن يكون هناك استجواب آخر من قبل مجلس محافظة الأنبار».
ميدانيًا، أعلن قائد عمليات الأنبار اللواء الركن إسماعيل المحلاوي عن نجاح القطعات العسكرية العراقية في تحرير منطقتي البوريشة والطوي الواقعتين شمال مدينة الرمادي. وقال المحلاوي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «القطعات العسكرية التابعة لقوات الفرقة السادسة عشرة بالجيش العراقي وطوارئ شرطة الأنبار وجهاز مكافحة الإرهاب ومقاتلي عشائر الأنبار من تقوم بتطهير منطقتي طوي والبوريشة شمال الرمادي من جيوب تنظيم داعش الإرهابي بعد الاشتباك مع مسلحي التنظيم».
وأضاف المحلاوي: «لقد تمكنت قواتنا التي شاركت معها قوات عشائر الأنبار بواقع 2000 مقاتل، من إيقاع خسائر جسيمة في صفوف التنظيم الإرهابي حيث وصل عدد قتلى المسلحين التابعين للتنظيم الإرهابي لأكثر من 600 قتيل فيما تم تدمير العشرات من العجلات والآليات وهرب المتبقي منهم إلى عمق جزيرة الرمادي عبر نهر الفرات».
وأشار المحلاوي إلى أن «القطعات العسكرية شكلت لجانا وشرعت بعمليات تطهير المنازل والطرق من المواد المتفجرة التي زرعها عناصر تنظيم داعش، ونصب العشرات من النقاط الأمنية لمنع دخول وصد أي هجوم لـ(داعش) لعدم سقوطها مرة أخرى، بعد أن حررتها القطعات العسكرية في وقت سابق عند تحرير مدينة الرمادي مطلع العام الحالي».
من جانب آخر، أفاد مصدر أمني في محافظة الأنبار، بأن تنظيم داعش قام بإعدام ثمانية مدنيين من أهالي منطقة أبو طيبان غرب الرمادي بينهم امرأتان، لافتا إلى أن القوات الأمنية سيطرت على المنطقة بشكل كامل. وقال المصدر: «إن عناصر لتنظيم داعش قاموا بشن هجوم على منطقة أبو طيبان غرب الرمادي، واشتبكوا مع القوات الأمنية الموجودة في المنطقة، ما أدى إلى وقوع خسائر بين الطرفين».
وتابع المصدر أن «القوات الأمنية الموجودة في المنطقة تصدت للهجوم وتمكنت من قتل عدد من عناصر التنظيم، وأجبرت بقية المهاجمين على الهروب»، مشيرا إلى أن «المنطقة تحت سيطرة القوات الأمنية بالكامل».



الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.