المدينة المنورة.. تراث حي يعيش ازدهار الحاضر وطموحات المستقبل

رحلة خاصة إلى أولى عواصم الإسلام (1 من 2)

المدينة المنورة.. تراث حي يعيش ازدهار الحاضر وطموحات المستقبل
TT

المدينة المنورة.. تراث حي يعيش ازدهار الحاضر وطموحات المستقبل

المدينة المنورة.. تراث حي يعيش ازدهار الحاضر وطموحات المستقبل

منذ تعرّفت إلى المملكة العربية السعودية، في خريف 1979، وفي خاطري زيارة المدينة المنورة. وخلال فترة إقامتي في مدينة الخُبَر بالمنطقة الشرقية، كان زميل لي يسافر إلى المدينة مرة كل شهر لزيارة شقيق له يعمل فيها، وكان يُخبرني عنها الكثير.
لم أسعد طيلة نحو سنتين بالقيام بتلك الزيارة، مع أنني جُلت في مختلف أنحاء المنطقة الشرقية من الجبيل شمالا إلى الأحساء جنوبا. ثم بعد زيارة قصيرة إلى الرياض، انتقلت إلى المنطقة الغربية فأقمت خلالها أربعة أشهر في جدة، وزرت إبّان إقامتي هناك مكة المكرمة والطائف. غير أن زيارة المدينة المنورة ظلت بالنسبة لي حلما طالما رجوت أن يتحقق. وبالفعل، تحقّق - ولله الحمد - خلال فبراير (شباط) الماضي.
المدينة المنورة، التي عُرفت عبر تاريخها بأسماء منها يثرب وطيبة، هي اليوم حاضرة تضجّ بالحياة والمشاريع والنشاطات التنموية والاستثمارية والثقافية، وإن كانت لا تبدو كذلك لأول وهلة لمَن يقصدها برّا من جدة. تلك الأبنية التي شيّد معظمها خلال العقود الثلاثة الأخيرة في بعض ضواحيها لا تتميّز بطابع معماري جذاب، وبالتالي، لا تعبّر بصدق عمّا في وسطها النابض بالحياة، ولكن مع الاقتراب من وسطها تتغيّر الصورة المعمارية تماما. فهنا أبنية جميلة لافتة معماريا، من المباني التجارية والخدمية، إلى المساجد الرائعة الذائعة الصيت.
المدينة المنورة اليوم عبارة عن «ورشة» دائمة وحركة دؤوبة. طموحٌ وتخطيط للمستقبل لعلّ خير ما يختصره أن الكثير من المباني الضخمة العصرية العالية في محيط الحرَم النبوي الشريف، وكلها شيّدت حديثا، ستُزال بموجب المخطّطات التي أقرّت حديثا للتوسعة الجديدة للحرم. وفوق هذا احتفلت المدينة المنورة هذا العام باختيارها «عاصمة للثقافة الإسلامية»، وهو ما أهّلها لاستضافة عدد كبير من الفعاليات الثقافية المتميّزة ولقد سعدت بالاطلاع على معرضين رائعين للخطّ العربي والصور التاريخية.
الواقع أننّي منذ أيام المدرسة ألِفتُ أسماء مواضع عدّة في المدينة. وفي ما بعد، اطّلعت في كتاب «أطلس تاريخ الإسلام» للدكتور حسين مؤنس (طبعته دار الزهراء للإعلام العربي 1986) على خريطة المدينة في أيام الرسول (صلى الله عليه وسلّم)، ولقد أجابت خريطتان يومها في الكتاب على جملة من تساؤلاتي لجهة المواضع التي كنت قرأت عنها وودّدت التعرف إليها.
قرأت عن يوم بُعاث بين الأوس والخزرج، آخر الفتن بين الأنصار قبل الهجرة النبوية بخمس سنوات، وعن مسجد قُباء أول مسجد في الإسلام. وقرأت عن «الخندق» الذي حُفِر عند سفح جبل سلع لمنع الأحزاب المتحالفة مع قريش من مهاجمة المسلمين المتحصّنين إبّان الغزوة التي حملت اسمي «الأحزاب» و«الخندق».
مسجد النبي (صلّى الله عليه وسلّم) وبقيع الغرقد وبُعاث والعقيق وجبل أحُد وثنية الوداع وحُرُض ووادي مهزور ووادي بطحان وقباء... كلها أسماء كَم ودّدت أن أراها، وأتيح لي ذلك في الشهر الماضي. كل هذه الأماكن تقع اليوم في بقعة صغيرة محدودة المساحة من المدينة المترامية الأطراف، التي يقارب تعداد سكانها المليون نسمة، وتمتد في أرض منبسطة وسفوح ومرتفعات تحفّ بها جبال تعطيها مشهدا لا يُنسى.
جغرافية المدينة
وسط المدينة، أي محيط الحرم النبوي، مكان سهلي تحتضنه مرتفعات تشكل أجزاء من حرّتين هما حرّة واقم إلى الشرق وحرّة الوبرة إلى الغرب. ويقطع هذا المكان بضعة وديان تصبّ فيه وتلتقي عنده منها وادي مذينيب ووادي مهزور شرقا - وبينهما بُعاث - ووادي رانوناء جنوبا. وترسم الوديان الثلاثة معا، عند ما يُعرف بالعالية، وادي بطحان الممتدّ شمالا.
قُباء تقع جنوبي العالية، وإلى الغرب منها جبل عير، وإلى الشمال من هذا الجبل كتلة جبلية تضم جبل بني عبيد وحرّة الوبرة تفصل وادي بطحان عن وادي العقيق الممتدّ متوازيا معها من الشمال إلى الجنوب إلى الغرب من وسط المدينة.
وعند الطرف الشمال الشرقي من وادي العقيق يمتد جبل أحُد من الشرق إلى الغرب، يفصله وادي قناة عن وسط المدينة، عبر الجرف والعرصة، ثم راتج والسافلة والسنح والبقيع على حرّة واقم الممتدة في شمال شرقي وسط المدينة وقلبه، حيث الحرم.
وإلى الغرب من الحرم ينتصب جبل سلع، أقرب المرتفعات إلى نقطة وسط المدينة شرقي حرة الوبرة، وإلى الشمال منها ومنه وبينهما وجبل أحُد، ثنية الوداع التي كانت فعليا مدخل المدينة الشمالي الغربي. وإلى الشمال من ثنية الوداع في أرض منبسطة غربي الجرف، تلتقي وادي العقيق بالوادي الذي يجمع واديي بطحان وقناة عند مجمع الأسيال وبئر رومة. هكذا كانت يثرب، أو المدينة المنورة، في أيام الهجرة.. مكانا صغيرا لا يمتد إلا على بضعة كيلومترات مربّعة.
أما عن الاسم، فوفق بعض المراجع التاريخية والجغرافية، ومنها «معجم البلدان» لياقوت الحموي أن المدينة حملت اسم يثرب «لأن أول من سكنها عند التفرّق يثرب بن قانية - أو قاينة - بن مهلائيل بن إرم بن عبيل بن عوص بن سام بن نوح عليه السلام، فلما نزلها رسول الله، صلى الله عليه وسلّم، سماها طيبة وطابة كراهية للتثريب، وسمّيت مدينة الرسول لنزوله بها». وجاء في شرح ذلك أن التثريب هو التعيير فـ«لا تثريب عليكم» تعني لا تعيير عليكم ولا عيب. وقال ابن عباس، رضي الله عنه: «من قال للمدينة يثرب فليستغفر الله ثلاثا إنما هي طيبة».
وعلى مرّ العصور، أنطقت مكانة المدينة الدينية والسياسية والثقافية، ناهيك من مغانيها وطبيعتها، الشعراء بحبّها والتشوّق إليها، فقال فيها حكيم بن عكرمة الديلمي:
لعمرك، للبلاط وجانباه
وحرّة واقمٍ ذات المنار
فجمّاء العقيق فعرصتاه
فمُفضي السّيل من تلك الحرار
إلى أحُد فذي حُرُضٍ فمبنى
قباب الحيّ، من كنفي ضرار
أحبُّ إلي من فجٍ ببُصرى
بلا شك هناك ولا ائتمار
ومن قريات حمصَ وبعلبكّ
لو انّي كنت أجعل بالخيار
وقال عنها ابن الطيب الشرقي الفاسي:
إذا لم تطبْ في طيبة عند طيّبٍ
به طيبة طابت فأين تطيبُ
وإن لم يُجب في أرضها ربُّنا الدعا
ففي أي أرض للدعاء يجيبُ
أيا ساكني أكناف طيبة كلّكُم
إلى القلب من أجل الحبيبِ حبيبُ
ومنهم من المعاصرين علي حافظ، ابن المدينة، الذي قال فيها:
سقاك الله يا تلك المغاني
بطيبتنا فما أحلى رُباها
وباركها النسيم بكل عطرٍ
يفوح شذى وينمو في ثراها
فما أحلى المقيل بسفح سلعٍ
وفي وادي العقيق وفي قُراها
نشاطات لا تهدأ
اليوم كل تلك المواقع التاريخية تشكل القلب أو مركز المدينة العصرية الحديثة الواسعة الأرجاء، التي تضم جامعتين كُبريين (الجامعة الإسلامية وجامعة طيبة)، وفنادق حديثة تديرها مجموعات فندقية دولية، ومعظم الخدمات الاجتماعية والدينية والتعليمية والصحية والمالية والترفيهية في المنطقة، كما تقوم فيها جميع فروع الوزارات وهيكلها الإداري شبه متكامل. ويصلها بالعالم الخارجي مطار دولي عصري تستخدمه ما لا يقل عن 12 شركة طيران عربية وأجنبية، وأكثر منها إبان موسم الحج.
وراهنا، ثمّة استثمارات مالية ضخمة جدا في المدينة تشمل جميع القطاعات الاقتصادية، بل في أول أيام وجودي في المدينة، خلال فبراير (شباط) الفائت استضاف فندق الميريديان الراقي فعاليات «منتدى الاستثمار بالمدينة المنورة» الذي افتتحه الأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز، أمير منطقة المدينة المنورة، وكان بالنسبة لي خير تعريف على التخطيط الدؤوب للمستقبل في أولى عواصم الإسلام. وفي اليوم التالي عبرت الشارع من الفندق نفسه فزُرت المعرض البديع لفن الخط العربي والصوَر القديمة، الذي يحمل اسم {حروف وإضاءات} المقام بالتعاون مع المتحف البريطاني. ومنها صوَر «الأغوات» المرتبطين بالحرم النبوي، وكان بين اللوحات البديعة المعروضة لوحات قيمة من مجموعات خاصة.
متحف المدينة المنورة
الواقع أن «منتدى الاستثمار» كان واحدا من جملة من مظاهر ورشة العمل الدؤوب الجاري. فخلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي افتتح الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، والأمير ‏فيصل بن سلمان بن عبد العزيز، المرحلة الأولى من متحف السكة الحديد بالمدينة - «متحف المدينة المنورة» - ضمن فعاليات «ملتقى التراث العمراني الوطني الثالث»، وذلك بعدما أنجزت «الهيئة العامة» أعمال ترميم مباني محطة سكة حديد ‏الحجاز وتأهيلها، ومن ثَم تحويلها إلى هذا المتحف الذي ‏يعرض تاريخ المدينة منذ عصور ما قبل التاريخ وحتى العصر ‏الحديث. ويُضاف إليه متحف آخر في ورشة إصلاح القاطرات بالمحطة، ‏يعرض تاريخ سكة حديد الحجاز، ويضم قاعة المعارض الزائرة والمؤقتة، ‏وقاعة المحاضرات والعرض المرئي، إلى جانب سوق للحرفيين، ومتجر ‏المتحف والمقهى الشعبي، ومطعم القطار الذي يشمل ترميم 12 عربة ‏قطار كمطعم للعائلات‎.
ويشتمل «متحف المدينة المنورة» في المرحلة الأولى على 14 قاعة ‏عرض تضم: بهو المتحف، وقاعات بيئة المدينة وتاريخها الطبيعي، ‏والمدينة (يثرب) قبل الإسلام، والمدينة المنورة في العهد النبوي، وقاعة زوجات ‏الرسول (صلى الله عليه وسلم) وأبنائه، وقاعتي الأنصار والمهاجرين، ‏وقاعة المسجد النبوي الشريف، وقاعات المدينة في عهد الخلفاء الراشدين، ‏وخلال العصور الإسلامية والمدينة في عهد الدولة السعودية الأولى وفي ‏عهد الدولة السعودية الثانية، وفي عهد الملك عبد العزيز، وقاعة التراث ‏المديني‎.
أما المرحلة الثانية فتتضمن تشييد مبنى بمساحة 12 ألف ‏متر مربع، يحتوي خمس قاعات هي: قاعة المدينة المنورة عبر العصور، ‏وقاعة موجودات مكتبة الملك عبد العزيز وقاعة موجودات المسجد النبوي ‏الشريف، وقاعة الطفل، وقاعة «عيش السعودية»، ومن المخطط له أن تستضيف هذه القاعات عروضا رقمية تفاعلية تستخدم خلالها التقنيات السمعية والبصرية ‏الحديثة بغية تجسيد تاريخ المدينة ومخططاتها العمرانية عبر ‏المراحل المختلفة.‏
مرافق المدينة الأخرى
على صعيد آخر، تشكل المدينة المنورة اليوم نقطة الإشعاع لشبكة الطرق الإقليمية، إذ يلتقي فيها كل من طريق الهجرة السريع جنوبا وطريق ينبع غربا وطريق تبوك شمالا وطريق القصيم شرقا.
ووفق البيانات الرسمية تبلغ مساحة منطقة الإشراف المباشر للمدينة المنورة نحو 2596,5 كلم مربع، وتمثل نحو 10,3 في المائة من إجمالي مساحة نطاق المدينة ومراكزها. ثم إن هناك أكثر من 158 مصنعا منتجا في الصناعات غير النفطية، وتقدّر البيانات حجم العمالة في هذا القطاع بنحو تسعة آلاف عامل ما يشكّل نسبة تقارب 53,3 في المائة من العمالة في المنطقة. وتشير الدراسات الجيولوجية إلى وجود خامات الذهب والفضة في المنطقة، كما تضم المنطقة الكثير من الخامات الاستثمارية التي تصلح كمواد بناء، هذا بالإضافة إلى وجود مكمن لمخزون مائي تحت سطح حرة رهط. ويغطّي النطاق الإشرافي للمدينة المنورة شبكة طرق جيدة في ثلاث حلقات دائرية تعتبر مركز الإشعاع للطرق السريعة والرئيسة بالمنطقة. وبالتالي، فهناك ربط قوي بين المدينة ومراكزها. وعلى صعيد الموارد المائية يتغذّى النطاق الإشرافي للمدينة بالمياه من مياه التحلية المجلوبة من محطة التحلية في مدينة ينبع (ينبع البحر)، الميناء التاريخي للمدينة المنورة، وحصّة المدينة المنورة منها 72 ألف م3/ يوميا، وهي تصل إلى المدينة من خلال خط رئيس قطره 32 بوصة، ويجري عبر الشبكة القائمة التي تخدم 95 في المائة من المناطق السكنية بالمدينة، أما باقي المناطق فتخدم بالشاحنات - الصهاريج.
هذا، ومن المقرّر افتتاح المرحلة الثانية من التحلية، التي تبلغ حصة المدينة منها 200 ألف م3/يوم تصل المدينة من خلال خط أنابيب حديدي قطره 52 بوصة تنساب منه المياه المزالة ملوحتها من خزانات المفرحات إلى المدينة انسيابا طبيعيا. وجارٍ حاليا أيضا إعادة تخطيط واستكمال شبكات المياه والصرف الصحي في المنطقة المركزية حول الحرم النبوي الشريف حيث جرت عملية إعادة تخطيط كامل للمنطقة المركزية.
وأما على صعيد الطاقة الكهربائية، فيتغذى النطاق الإشرافي للمدينة المنورة بالكهرباء اليوم عن طريق الشبكة 380 ك.ف، وكذلك محطات آبار علي وطريق المطار، وتبلغ القدرة الاسمية لهذه المحطات 452,700 ميغاواط، والفعلية 352,000 ميغاواط. وتغطي شبكة الكهرباء معظم المدينة المنورة. وتغطي شبكة الهاتف المدينة المنورة بواسطة 11 مقسما موزعة جغرافيا على عدة أحياء.
باختصار، المدينة المنورة حالة عمرانية ونهضوية لم تنمْ على مجد الماضي، بل تستشرف المستقبل وتواكب تحدياته بخُطى واثقة.



كيف أرضى السوريون ذائقة المصريين... وأثاروا قلقهم

عدد كبير من المصريين يفضل المأكولات السورية (الشرق الأوسط)
عدد كبير من المصريين يفضل المأكولات السورية (الشرق الأوسط)
TT

كيف أرضى السوريون ذائقة المصريين... وأثاروا قلقهم

عدد كبير من المصريين يفضل المأكولات السورية (الشرق الأوسط)
عدد كبير من المصريين يفضل المأكولات السورية (الشرق الأوسط)

فيما كانت الستينية كاميليا محمود تعبر بسيارتها أحد شوارع مدينة نصر بالقاهرة، لفتتها مطاعم كثيرة تزدحم واجهاتها بمواطنين اصطفوا لشراء «ساندويتش شاورما»، ما أثار لديها تساؤلات حول انتشار المطاعم السورية «بهذا الشكل المبالغ فيه»، على حساب نظيراتها المصرية، مبدية مخاوفها من «هيمنة اقتصادية سورية قد يكون لها تبعات أكبر في المستقبل».

كاميليا، التي كانت تعمل موظفة بإحدى شركات القطاع الخاص قبل بلوغها سن التقاعد، رصدت خلال السنوات العشر الأخيرة انتشاراً كبيراً للمطاعم السورية في مختلف الأحياء والمدن المصرية لا سيما مدينة 6 أكتوبر (غرب القاهرة) حيث تقطن. لم تستغرب الأمر في البداية، بل على العكس كان حدثاً جاذباً، ولو بدافع استكشاف ما تقدمه تلك المطاعم من نكهات جديدة وغير معتادة في المطبخ المصري، من الشاورما إلى الدجاج المسحب والكبة وغيرها.

صبغة شامية

خلال أكثر من عقد من الزمان، منذ تكثف التوافد السوري على مصر، زاد عدد المطاعم التي تقدم مأكولات سورية، لدرجة صبغت أحياءً بكاملها بملامح شامية، لا تُخطئها العين، ليس فقط بسبب أسياخ الشاورما المعلقة على واجهاتها، ولا الطربوش أو الصدرية المزركشة التي تميز ملابس بعض العاملين فيها، بل بلافتات تكرس هوية أصحابها وتؤكد ارتباطهم بوطنهم الأم، فعادة ما تنتهي أسماء المطاعم بكلمات من قبيل «السوري»، «الشام»، «الدمشقي»، «الحلبي».

طوابير أمام أحد المطاعم السورية (الشرق الأوسط)

محاولات تكريس الهوية تلك «أقلقت» كاميليا وغيرها من المصريين ممن باتوا يشعرون بـ«الغربة» في أحياء مثل «6 أكتوبر»، أو «الرحاب (شرق القاهرة)» التي باتت وكأنها «أحياء سورية وسط القاهرة». وتتساءل كاميليا في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «ألا يقتطع وجود السوريين من حصة المصريين في سوق العمل؟ ألا يشكل وجودهم خطراً سياسياً لا سيما مع هيمنة اقتصادية في قطاعات عدة؟».

بين «العشق» و«القلق»

رغم مشاعر القلق والغربة، فإن السيدة لا تخفي «عشقها» للمأكولات السورية. فهي تحرص بين الحين والآخر على الذهاب مع أسرتها لأحد تلك المطاعم، مستمتعة بنكهات متنوعة من أطباق «الشاورما والفتوش والكبة وغيرها». فـ«الطعام السوري لذيذ ومتنوع وخفيف على المعدة، وله نكهة مميزة»، وبات بالنسبة لها ولغيرها «عنصراً مضافاً على المائدة حتى داخل المنزل». وبالطبع لا يمكن لكاميليا إغفال «جودة الضيافة»، لا سيما مع كلمات ترحيبية مثل «تكرم عينك» التي تدخل كثيراً من البهجة على نفسها كما تقول.

حال كاميليا لا يختلف عن حال كثير من المصريين، الذين غيرت المطاعم السورية ذائقتهم الغذائية، وأدخلت النكهات الشامية إلى موائدهم عبر وصفات نشرتها وسائل إعلام محلية، لكنهم في نفس الوقت يخشون تنامي الوجود السوري وتأثيره على اقتصاد بلادهم، الأمر الذي بات يُعكر مزاجهم ويحول دون استمتاعهم بالمأكولات الشامية.

ومع موافقة مجلس النواب المصري، الثلاثاء الماضي، على مشروع قانون لتنظيم أوضاع اللاجئين، تزايدت حدة الجدل بشأن وجود الأجانب في مصر، لا سيما السوريون، وسط مخاوف عبر عنها البعض من أن يكون القانون «مقدمة لتوطينهم»، ما يعني زيادة الأعباء الاقتصادية على البلاد، وربما التأثير على حصة المواطن المصري في سوق العمل وفق متابعين مصريين.

مجلس النواب المصري وافق على مشروع قانون لتنظيم أوضاع اللاجئين (الشرق الأوسط)

تزايد عدد السوريين في مصر خلال العقد الأخير عكسته بيانات «المفوضية الدولية لشؤون اللاجئين» حيث ارتفع عدد السوريين المسجلين في مصر لدى المفوضية من 12800 في نهاية عام 2012 إلى أكثر من 153 ألفاً في نهاية عام 2023، ليحتلوا المرتبة الثانية بعد السودانيين ضمن نحو 670 ألف لاجئ وطالب لجوء مسجلين لدى المفوضية من 62 جنسية مختلفة.

جاءت هذه الزيادة مدفوعة بالحرب السورية، ودفعت مواطنيها إلى دول عدة، بينها مصر، لتبدأ المفوضية في تلقي طلبات اللجوء منذ عام 2012، مؤكدة دعمها «الفارين من أتون الحرب».

ومع ذلك، لا تعكس البيانات التي تقدمها مفوضية اللاجئين العدد الحقيقي للسوريين في مصر، والذي تقدره المنظمة الدولية للهجرة، بنحو 1.5 مليون سوري من بين نحو 9 ملايين مهاجر موجودين في البلاد.

لكن التقدير الأخير لا يُقره الرئيس السابق لرابطة الجالية السورية في مصر، راسم الأتاسي، الذي يشير إلى أن «عدد السوريين في مصر لا يتجاوز 700 ألف، ولم يصل أبداً لمليون ونصف المليون، حيث كان أعلى تقدير لعددهم هو 800 ألف، انخفض إلى 500 ألف في فترة من الفترات، قبل أن يعود ويرتفع مؤخراً مع تطورات الوضع في السودان». وكان السودان عموماً والخرطوم خصوصاً وجهة لكثير من السوريين عقب 2011 حيث كانوا معفيين من التأشيرات وسمح لهم بالإقامة والعمل حتى 2020.

دعوات مقاطعة

تسبب الوجود السوري المتنامي في مصر في انطلاق حملات على مواقع التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر تنتقد السوريين، من بينها الدعوة لمقاطعة أحد المطاعم بسبب إعلان عن ساندويتش شاورما بحجم كبير، قال فيه مخاطباً الزبائن: «تعالى كل يا فقير»، مثيراً غضب مصريين عدوا تلك الجملة «إهانة».

حملات الهجوم على السوريين، وإن كانت تكررت على مدار العقد الماضي لأسباب كثيرة، لكنها تزايدت أخيراً تزامناً مع معاناة المصريين من أوضاع اقتصادية صعبة، دفعت إلى مهاجمة اللاجئين عموماً باعتبارهم «يشكلون ضغطاً على موارد البلاد»، وهو ما عززته منابر إعلامية، فخرجت الإعلامية المصرية قصواء الخلالي في معرض حديثها عن «تأثير زيادة عدد اللاجئين في مصر»، لتتساءل عن سبب بقاء السوريين كل هذه السنوات في بلادها، لا سيما أن «سوريا لم يعد بها حرب»، على حد تعبيرها.

وعزز تلك الحملات مخاوف من التمييز ضد المصريين في فرص العمل مع إعلان البعض عن وظائف للسوريين واللبنانيين والسودانيين فقط.

وانتقد رواد مواقع التواصل الاجتماعي المطاعم السورية باعتبارها «ليست استثماراً».

في حين طالب البعض بـ«إغلاق المطاعم السورية والحصول على حق الدولة من الضرائب»، متهماً إياهم بـ«منافسة المصريين بهدف إفلاسهم»، لدرجة وصلت إلى حد المطالبة بمقاطعة المطاعم السورية بدعوى «سرقتها رزق المصريين».

الهجوم على السوريين في مصر لا ينبع فقط من مخاوف الهيمنة الاقتصادية أو منافسة المصريين في فرص العمل، بل يمتد أيضاً لانتقاد شراء الأثرياء منهم عقارات فاخرة وإقامتهم حفلات كبيرة، وسط اتهامات لهم بأنهم «يتمتعون بثروات المصريين». وهو الأمر الذي يعتبره رئيس تجمع رجال الأعمال السوريين في مصر المهندس خلدون الموقع «ميزة تضاف للسوريين ولا تخصم منهم، فهم يستثمرون أموالهم ويربحون في مصر، وينفقون أيضاً في مصر بدلاً من إخراجها خارج البلاد»، بحسب حديثه لـ«الشرق الأوسط».

زحام لافت على مطعم سوري بشارع فيصل بالجيزة (الشرق الأوسط)

ووسط سيل الهجوم على المطاعم السورية تجد من يدافع عنهم، ويتلذذ بمأكولاتهم، باعتبارها «أعطت تنوعاً للمطبخ المصري».

كما دافع بعض الإعلاميين عن الوجود السوري، حيث أشار الإعلامي المصري خالد أبو بكر إلى «الحقوق القانونية للسوريين المقيمين في مصر»، وقال إن «أهل سوريا والشام أحسن ناس تتعلم منهم التجارة».

ترحيب مشروط

كان الطعام أحد الملامح الواضحة للتأثير السوري في مصر، ليس فقط عبر محال في أحياء كبرى، بل أيضاً في الشوارع، فكثيراً ما يستوقفك شاب أو طفل سوري في إشارات المرور أو أمام بوابات محال تجارية، بجملة «عمو تشتري حلوى سورية؟».

ويعكس الواقع المعيش صورة مغايرة عن دعوات الهجوم والمقاطعة المنتشرة على منصات التواصل الاجتماعي، عبر طوابير وتجمعات بشرية لشباب وأطفال وأسر تقف على بوابات المحال السورية لا يثنيها زحام أو حر أو مطر، عن رغبتها في تناول ساندويتش شاورما، «لرخص ثمنه، ومذاقه الجيد»، بحسب مالك مصطفى، شاب في السابعة عشرة من عمره، التقته «الشرق الأوسط» وهو يحاول اختراق أحد طوابير «عشاق الشاورما» التي تجمهرت أمام مطعم في حي الزمالك.

مصريون طالبوا بمقاطعة المطاعم السورية (الشرق الأوسط)

أما مدير فرع مطعم «الأغا» في حي الزمالك وسط القاهرة أيمن أحمد، فلم يبد «تخوفاً أو قلقاً» من تأثير حملات المقاطعة على المطاعم السورية، لا سيما مع «الإقبال الكبير والمتنامي على وجبات معينة مثل الشاورما والدجاج المسحب»، والذي أرجعه خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى «النكهة المختلفة للمطبخ السوري التي أضافت طعاماً شعبياً جديداً أرضى ذائقة المصريين».

وكان إعجاب المصريين بالمطبخ السوري هو ما دفع مؤسس مطعم الأغا، رائد الأغا، الذي يمتلك سلسلة مطاعم في دول عربية أخرى، إلى الاستثمار في مصر ليفتح أول فروعه في الدقي (شمال الجيزة) عام 2021، ثم يقدم على افتتاح فرعين آخرين في الزمالك ثم مصر الجديدة، بمعدل فرع كل عام.

على النقيض، تُغضب حملات الهجوم المتكررة رئيس تجمع رجال الأعمال السوريين بمصر، الذي يرفض الاتهامات الموجهة للسوريين بـ«أخذ رزق المصري والحصول على مكانه في الوظائف والاستثمار»، لا سيما أن «السوري استثمر وفتح مطعماً أو مصنعاً ووفر فرص عمل أيضاً ولم يأخذ محل أو مطعم مصريين».

استثمارات متنوعة

يتحدث الأتاسي بفخر عن الاستثمارات السورية في مصر، ووجودها في قطاعات اقتصادية عدة، منها أكثر من 7 آلاف مصنع سوري في مجالات مختلفة، في مدن العاشر من رمضان والعبور وغيرهما، لكن المواطن المصري ربما لا يرى من الاقتصاد السوري في بلاده سوى المطاعم «كونها أكثر اتصالاً بحياته اليومية».

ويبدي الأتاسي اندهاشه من كثرة الحملات على المطاعم السورية، رغم أن «أغلبها وخاصة الكبيرة فيها شركاء وممولون مصريون، وبعضها مصري بالكامل وبه عامل سوري واحد».

ليست الصورة كلها قاتمة، فإعلامياً، يجد السوريون في مصر ترحيباً، وإن كان مشروطا بـ«تحذير» من عدم الإضرار بـ«أمن البلاد»، وهو ما أكده الإعلامي المصري نشأت الديهي في رسالة وجهها قبل عدة أشهر إلى السوريين في مصر رداً على الحملات المناهضة لهم.

وهو ترحيب عكسته وسائل إعلام سورية في تقارير عدة أشارت إلى أن مصر «حاضنة للسوريين».

وهو أمر أكد عليه موقع الجالية بتأكيد الحديث عن تسهيلات قدمت لرجال أعمال سوريين وأصحاب مطاعم، من بينها مطاعم في حي التجمع الراقي بالقاهرة.

و«مدينة الرحاب» تعد واحدة من التجمعات الأساسية للسوريين، ما إن تدخل بعض أسواقها حتى تشعر بأنك انتقلت إلى دمشق، تطرب أذنك نغمات الموسيقى السورية الشعبية، وتجذبك رائحة المشاوي الحلبية، وأنت تتجول بين محال «باب الحارة»، و«أبو مازن السوري»، و«ابن الشام» وغيرها، وتستقطبك عبارات ترحيب من بائعين سوريين، «أهلين»، و«على راسي» و«تكرم عيونك».

«حملات موجهة»

انتشار السوريين في سوق التجارة لا سيما الغذاء فسره مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق رخا أحمد حسن، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، بأن «بلاد الشام بشكل عام قائمة على المبادرة الفردية، فجاء السوري برأسمال بسيط وبدأ مشروعاً عائلياً وباع ما أنتجه في إشارات المرور، قبل أن يتوسع ويحول مشروعه إلى مطعم».

رصد حسن بنفسه تنامي الإقبال على المطاعم السورية في حي الشيخ زايد الذي يقطنه، لا سيما أنهم «ينافسون المنتج المصري في الجودة والسعر»، معتبراً الحملات ضدهم «تحريضية تنطوي على قدر من المبالغة نتيجة عدم القدرة على منافسة ثقافة بيع أكثر بسعر أقل».

وتثير حملات الهجوم المتكررة مخاوف في نفس الكاتب والمحلل السياسي السوري المقيم في مصر عبد الرحمن ربوع، وإن كانت «موجودة على مواقع التواصل الاجتماعي، ولا وجود لها في الشارع المصري»، حيث يشير في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «على مدار السنوات الماضية لم تتغير المعاملة لا من الشعب المصري أو الجهات الرسمية في الدولة».

السوريون في مقدمة مؤسسي الشركات الاستثمارية في مصر (الشرق الأوسط)

وبالفعل، أثرت المطاعم السورية إيجابياً في سوق الأكل المصري، ورفعت من سويته، بحسب ربوع، رغم أنها لا تشكل سوى جزء صغير من استثمارات السوريين في مصر التي يتركز معظمها في صناعة الملابس، وربما كان تأثيرها دافعاً لأن تشكل الجزء الأكبر من الاستهداف للسوريين في حملات يراها ربوع «سطحية وموجهة وفاشلة»، فلا «تزال المطاعم السورية تشهد إقبالاً كثيفاً من المصريين».

ولا تجد تلك «الحملات الموجهة» صدى سياسياً، ففي فبراير (شباط) من العام الماضي وخلال زيارة لوزير الخارجية المصري السابق سامح شكري إلى دمشق، وجه الرئيس السوري بشار الأسد الشكر لمصر على «استضافة اللاجئين السوريين على أراضيها وحسن معاملتهم كأشقاء»، بحسب إفادة رسمية آنذاك للمتحدث باسم الخارجية المصرية السفير أحمد أبو زيد، أشار فيها إلى تأكيد شكري أن «السوريين يعيشون بين أشقائهم في مصر كمصريين».

لكن يبدو أن هناك تطوراً أخيراً «أثار قلقاً كبيراً لدى السوريين وهو قرار إلغاء الإقامات السياحية»، فبحسب ربوع، معظم الأجانب في مصر وبينهم السوريون كانوا يقيمون في البلاد بموجب إقامات سياحية طويلة، لا سيما الطلاب وكثير ممن ليس لديهم عمل ثابت ويأتي قرار إلغاء تجديدها مقلقاً لأنه سيجبر كثيرين على الخروج من البلاد والعودة مرة أخرى كل فترة، وهو القرار الذي يرغب الأتاسي في أن يشهد إعادة نظر من جانب السلطات المصرية خلال الفترة المقبلة كونه «يفرض أعباءً جديدة على السوريين لا سيما الطلاب منهم».

«استثمارات متنامية»

ويشكل السوريون نحو 17 في المائة من المهاجرين في مصر، وهم «من بين الجنسيات التي تشارك بإيجابية في سوق العمل والاقتصاد المصري، وتتركز مشاركتهم في الصناعات الغذائية والنسيج والحرف التقليدية والعقارات»، وبحسب تقرير لـ«منظمة الهجرة الدولية» صدر في يوليو (تموز) 2022، أوضح أن «حجم التمويل الاستثماري من جانب نحو 30 ألف مستثمر سوري مسجلين في مصر، قُدر بمليار دولار في عام 2022».

وفي عام 2012 جاء السوريون في مقدمة مؤسسي الشركات الاستثمارية، عبر تأسيس 365 شركة من بين 939 شركة تم تأسيسها خلال الفترة من ما بين يناير (كانون الثاني) وأكتوبر (تشرين الأول)، بحسب بيانات «الهيئة العامة للاستثمار» في مصر.

ولا توجد إحصائية رسمية عن حجم الاستثمارات السورية في مصر الآن، لكن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أشار، في تقرير نشره عام 2017، إلى أن «اللاجئين السوريين استثمروا في مصر 800 مليون دولار». وهو نفس الرقم الذي تبنته هيئة الاستثمار المصرية في تصريحات تداولتها وسائل إعلام محلية.

لكنه رقم يقول رئيس تجمع رجال الأعمال السوريين إنه «لا يعدو كونه الرقم التأسيسي الذي بدأ به السوريون مشروعاتهم في مصر، ثم تنامى مع الوقت»، إضافة إلى أن «هناك الكثير من الأنشطة الاقتصادية غير مسجلة في هيئة الاستثمار المصرية».

مطعم سوري في وسط البلد (الشرق الأوسط)

حملات الهجوم المتكررة على السوريين لن تمنعهم من الاستثمار في مصر، فهي من وجهة نظر الموقع «ناتجة عن نقص المعلومات وعدم إدراك لطبيعة وحجم مساهمة السوريين في الاقتصاد»، إضافة إلى أن «المتضرر الأكبر من تلك الحملات هما الاقتصاد والصناعة المصريان»، لا سيما أنها «تتناقض مع سياسة الحكومة الرامية إلى تشجيع الاستثمار».

فقد جاء المستثمر السوري بأمواله لمصر واستثمر فيها، و«أنفق أرباحه فيها أيضاً»، فهو بذلك قادر على «العمل... ولم يأت ليجلس في المقاهي».

بالفعل «لا يحصل السوريون على إعانات من الدولة، بل يعملون بأموالهم ويدفعون ضرائب، ومثل هذا الحملات تقلل من دور مصر التاريخيّ أنها ملجأ لكل من يضار في وطنه أو يتعرض للخطر»، بحسب مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، الذي اعتبر الهجوم المتكرر عليهم «محاولة لإظهار السوريين بأنهم سبّب مشكلات البلاد، وهو غير صحيح».

وفي الوقت الذي يعول فيه الموقع على الإعلام لـ«نشر الوعي بأهمية وجود السوريين في مصر»، لا تزال الستينية كاميليا محمود حائرة بين «عشقها» للمأكولات السورية، و«مخاوفها» من التأثير على اقتصاد بلادها، ما يتنقص من متعتها ويعكر مزاجها وهي تقضم «ساندويتش شاورما الدجاج» المفضل لديها.