«فوريست».. غابة في وسط لندن

مطعم يتغير مع المواسم ويحتفي بمنتجات المزارع البريطانية

من الأطباق الأولية - سلطة موسمية من مزارع بريطانية - من حلويات «فوريست»
من الأطباق الأولية - سلطة موسمية من مزارع بريطانية - من حلويات «فوريست»
TT

«فوريست».. غابة في وسط لندن

من الأطباق الأولية - سلطة موسمية من مزارع بريطانية - من حلويات «فوريست»
من الأطباق الأولية - سلطة موسمية من مزارع بريطانية - من حلويات «فوريست»

إذا كنت تبحث عن التبضع والطبيعة والأكل اللذيذ وأنت مقيم في لندن أو تزورها هذا الصيف، لا تذهب بعيدا، لأن متجر «سيلفريدجز» الشهير الواقع في شارع أوكسفورد يجمع تحت سقفه وفوق سطحه ما ذكرناه في المقدمة.
ففي بداية كل موسم يحول المتجر سطحه إلى مطعم باسم مختلف ومطبخ مختلف أيضا، وبنمط جديد يتناغم مع مزايا الموسم، وفي الرابع والعشرين من مارس (آذار) الماضي تحول سطح المتجر إلى واحة طبيعية خلابة تحت اسم «فوريست» أو «غابة»، وحول معه جميع ثنايا وزوايا المكان إلى غابة شبه حقيقية تنسيك أنك في لندن، ولكن وفي الوقت نفسه تطل منها على جمال العاصمة من أعلى.
ويتميز «فوريست» بتقديم المطبخ البريطاني بطريقة عصرية مع التركيز على استخدام المنتجات العضوية من المزارع المنتشرة في جميع أرجاء بريطانيا.
تصل إلى الغابة من الطابق الأرضي في «سيلفريدجز»، وتحديدا من قاعة بيع العطور، فبعد أن تستنشق عبير العطر يستقبلك عبير الورود في الطابق الأخير الذي تصل إليه عبر مصعد سريع ومضيفة تستقبلك وترافقك إليه.
أول ما تراه هو ديكور جميل يعتمد على القصب والزهور مع اسم المطعم في الوسط، وعبر قوس من الزهور أيضا تصل إلى طاولتك المطلة على معالم لندن الجميلة، وسقف قابل للفتح بالكامل عندما يكون الطقس مناسبا لذلك، ولا يفصلك عن الخارج إلا ستائر من البلاستيك الشفاف تفتح هي الأخرى عندما يكون المناخ دافئا، وعلى كل كرسي يوضع غطاء من الكشمير لتحمي نفسك من لفحات البرد المفاجئة في طقس لندن المتقلب لا سيما هذه الأيام.
وعندما تنظر من حولك تشعر كأنك فعلا في غابة، أنوار خافتة معلقة على حبال تزين السقوفية، الحائط الرئيس مزين بالخشب والزهور أيضا، مطبخ مفتوح تجذبك إليه رائحة الطعام الذكية.
من ميزات «فوريست» أنه يفتح فترة الصباح للفطور، وبعدها يقدم الغداء والعشاء حتى ساعة متأخرة، وأفضل ما يمكن أن تفعله هو أن تقوم بالتبضع في المتجر، ومن ثم تحجز طاولة في المطعم لتذوق الطعام الذي يعتمد على المنتجات الموسمية الطازجة.
تقدم وجبة الفطور من الساعة 11 صباحا، ومن ألذ الأطباق «Organic Muesli» وخبز فرنسي مع الزبادي بجوز الهند والغرانولا، أما بالنسبة للغداء والعشاء فهناك كثير من الأطباق الصغيرة التي يمكن مشاركتها مثل جبن الماعز من مقاطعة ديفينشير مع الخضار ولحم البقر وضلوع الغنم مع الأعشاب.
ومن الأطباق اللذيذة أيضا، ريزوتو مع اليقطين، وسلطة الأفوكادو على الطريقة البروفية، وإلى جانب تقديم الأطباق العصرية والصحية التي يدخل فيها الكينوا والقمح هناك قائمة كاملة للعصائر المبتكرة التي تقدم بطريقة جذابة جدا.
وأجمل ما في هذا العنوان هو أنه لا يزال مخفيا، ولا يزال غير معروف لفئة كبيرة من المقيمين في لندن، لأن شهرة «سيلفريدجز» بوصفه متجرا تاريخيا من أعرق متاجر العاصمة تطغى على أي مطعم فيه، إلا أن الإدارة تملك الرؤية في تحويل السطح إلى مطعم يرتاده المتسوقون والذواقة في آن معا.
يتولى الشيف ستيف ويلسون إدارة المطبخ وهو طاهٍ معروف جدا، تولى في الماضي مطابخ أهم المطاعم في لندن، ومهمته تغيير لائحة الطعام باستمرار إرضاء لذائقة الزبائن.
أما بالنسبة للحلوى فتتولى الطاهية شيبون أمبروز مهمة المخبوزات والحلوى، ومن أشهر أطباقها التي لا بد أن تتذوقها «British Strawberry and mint cheesecake and honey and raspberry sabayon».
يفتح «فوريست» أبوابه الاثنين والثلاثاء من 11 صباحا إلى 9 مساء، ومن الأربعاء إلى السبت من الساعة 11 صباحا حتى الساعة 11 مساء، ويوم الأحد من 12 ظهرا إلى الساعة 6 مساء.
Forest-restaurant.co.uk



المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
TT

المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)

تلتصق بالأرض كجذور شجرة منتصبة تصارع العواصف بصلابة بانتظار الربيع. زينب الهواري تمثل نموذجاً للمرأة العربية المتمكنّة. فهي تطهو وتزرع وتحصد المواسم، كما تربّي طفلتها الوحيدة المقيمة معها في إحدى البلدات النائية في شمال لبنان. غادرت زينب بلدها مصر وتوجّهت إلى لبنان، ملتحقة بجذور زوجها الذي رحل وتركها وحيدة مع ابنتها جومانا. تركت كل شيء خلفها بدءاً من عملها في وزارة الثقافة هناك، وصولاً إلى عائلتها التي تحب. «كنت أرغب في بداية جديدة لحياتي. لم أفكّر سوى بابنتي وكيف أستطيع إعالتها وحيدة. أرض لبنان جذبتني وصارت مصدر رزقي. هنا كافحت وجاهدت، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي رحت أنشر ما أقوم به. توسّع جمهوري ليطول الشرق والغرب. اليوم تنتظرني آلاف النساء كي يتعلمّن مني وصفة طعام لذيذة. وكذلك يكتسبن من منشوراتي الإلكترونية كيفية تحضير المونة من موسم لآخر».

"ماما الطبّاخة" تزرع وتسعد بحصاد موسم الخرشوف (ماما طباّخة)

تروي زينب لـ«الشرق الأوسط» قصة حياتها المليئة بمواقف صعبة. «كانت ابنة أختي التي رحلت في زمن (كورونا) هي ملهمتي. قبلها كنت أجهل كيف أتدبّر أمري. فتحت لي حساباً إلكترونياً، ونصحتني بأن أزود المشاهدين بوصفات طعام. وانطلقت في مشواري الجديد. لعلّ جارتي أولغا هي التي لعبت الدور الأكبر في تقدمي وتطوري. علّمتني طبخات لبنانية أصيلة. كما عرّفتني على أنواع المونة اللبنانية اللذيذة. كل ما أقوم به أصنعه من مكونات طبيعية بعيداً عن أي مواد كيمائية. أزرع وأحصد وأطهو على الحطب. أعيش بسلام في قرية نائية مع ابنتي. هنا اكتشفت معنى الحياة الهانئة والحقيقية».

تحب تحضير الطعام كي تسعد الناس حولها (ماما طباّخة)

قصتها مع الطبخ بدأت منذ كانت في الـ13 من عمرها. «كانت والدتي تعمل فأقوم بمهام المطبخ كاملة. صحيح أنني درست الفنون الجميلة، ولكن موهبة الطهي أسرتني. في لبنان بدأت من الصفر عملت في مطعم وتابعت دورات مع شيف عالمي. اكتسبت الخبرة وتعلّمت أصول المطبخ الإيطالي والصيني. ولكنني عشقت المطبخ اللبناني وتخصصت به».

تصف حياتها بالبسيطة وبأنها تعيش ع «البركة» كما يقولون في القرى اللبنانية. وعن منشوراتها تقول: «أحضّر الطبق مباشرة أمام مشاهديّ. وكذلك أي نوع مونة يرغبون في تعلّم كيفية تحضيرها. أمضي وقتي بين الأرض والحصاد والطبخ. أجد سعادتي هنا وبقربي ابنتي التي صارت اليوم تفضّل الاعتناء بالدجاج وقطف المحصول على أن تنتقل إلى بيروت. إنها ذكية وتحقق النجاح في دراستها. أتمنى أن تصل إلى كل ما تحلم به عندما تكبر. فكل ما أقوم به هو من أجل عينيها».

مع ابنتها جومانا التي تساعدها في تحضير منشوراتها الإلكترونية (ماما طباّخة)

وعن سرّ أطباقها اللذيذة ووصفاتها التي وصلت الشرق والغرب تقول: «أحب عملي، والنجاح هو نتيجة هذا الحبّ. لطالما كنت أبحث عما يسرّ من هم حولي. ومع الطبق اللذيذ والشهي كنت أدخل الفرح لمن يحيط بي. اليوم كبرت دائرة معارفي من الجمهور الإلكتروني، وتوسّعت حلقة الفرح التي أنثرها. وأسعد عندما يرسلون إلي نجاحهم في وصفة قلّدونني فيها. برأيي أن لكل ربّة منزل أسلوبها وطريقتها في تحضير الطعام. وأنصح النساء بأن تحضّرن الطعام لعائلتهن بحبّ. وتكتشفن مدى نجاحهن وما يتميّزن به».

لقبها «ماما الطبّاخة» لم يأتِ عن عبث. وتخبر «الشرق الأوسط» قصّتها: «كانت جومانا لا تزال طفلة صغيرة عندما كان أطفال الحي يدعونها لتناول الطعام معهم. ترفض الأمر وتقول لهم: سأنتظر مجيء والدتي فماما طباخة وأحب أن آكل من يديها. وهكذا صار لقب (ماما الطباخة) يرافقني كاسم محبب لقلبي».

ببساطة تخبرك زينب كيف تزرع وتحصد الباذنجان لتحوّله إلى مكدوس بالجوز وزيت الزيتون. وكذلك صارت لديها خبرة في التعرّف إلى الزعتر اللذيذ الذي لا تدخله مواد مصطنعة. حتى صلصة البيتزا تحضّرها بإتقان، أمام كاميرا جهازها المحمول، وتعطي متابعيها النصائح اللازمة حول كيفية التفريق بين زيت زيتون مغشوش وعكسه.

تحلم زينب بافتتاح مطعم خاص بها ولكنها تستدرك: «لا أملك المبلغ المالي المطلوب، إمكانياتي المادية بالكاد تكفيني لأعيل ابنتي وأنفّذ منشوراتي الإلكترونية. فشراء المكونات وزرع المحصول وحصاده والاعتناء بالأرض عمليات مكلفة مادياً. والأهم هو تفرّغي الكامل لعملي ولابنتي. فأنا لا أحب المشاركة في صبحيات النساء وتضييع الوقت. وعندما أخلد إلى النوم حلم واحد يراودني هو سعادة ابنتي».

مؤخراً صارت «ماما الطبّاخة» كما تعرّف عن نفسها على صفحة «تيك توك»، تصدّر المونة اللبنانية إلى الخارج: «زبائني يتوزعون على مختلف بقاع الأرض. بينهم من هو موجود في الإمارات العربية والسعودية ومصر، وغيرهم يقيمون في أستراليا وأوروبا وأميركا وبلجيكا وأوكرانيا. أتأثر إلى حدّ البكاء عندما ألمس هذا النجاح الذي حققته وحدي. واليوم صرت عنواناً يقصده كل من يرغب في الحصول على منتجاتي. وأحياناً سيدة واحدة تأخذ على عاتقها حمل كل طلبات جاراتها في بلاد الاغتراب. إنه أمر يعزيني ويحفزّني على القيام بالأفضل».

لا تنقل أو تنسخ زينب الهواري وصفات طعام من موقع إلكتروني أو من سيدة التقتها بالصدفة. «أتكّل على نفسي وأستمر في المحاولات إلى أن أنجح بالطبق الذي أحضّره. لا أتفلسف في وصفاتي، فهي بسيطة وسريعة التحضير. أدرك أن مهنتي صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء. ولكنني استطعت أن أتحدّى نفسي وأقوم بكل شيء بحب وشغف».