«القاعدة» تفشل في السيطرة على معسكر استراتيجي في عدن.. وأصابع الاتهام تشير إلى صالح

إرهابيون ينتحرون على أسوار «الصولبان».. والتحالف يتدخل بقوة

جنود يمنيون في عدن بعد استعادة قاعدة الصولبان العسكرية من الانقلابيين (أ.ف.ب)
جنود يمنيون في عدن بعد استعادة قاعدة الصولبان العسكرية من الانقلابيين (أ.ف.ب)
TT

«القاعدة» تفشل في السيطرة على معسكر استراتيجي في عدن.. وأصابع الاتهام تشير إلى صالح

جنود يمنيون في عدن بعد استعادة قاعدة الصولبان العسكرية من الانقلابيين (أ.ف.ب)
جنود يمنيون في عدن بعد استعادة قاعدة الصولبان العسكرية من الانقلابيين (أ.ف.ب)

عاشت مدينة عدن، العاصمة المؤقتة لليمن، أمس، يوما داميا، بعد مهاجمة مسلحين مجهولين معسكرات موالية لقوات الحكومة في شمال شرقي المدينة، وأحبطت قوات الأمن والجيش الوطني أكبر عملية إرهابية تستهدف قوات الشرعية، بعد أيام على الاحتفال بالذكرى الأولى لانتصار الشرعية على ميليشيات الحوثي والمخلوع علي عبد الله صالح. ولقي عشرة أشخاص من أفراد قوات الأمن اليمنية في عدن مصرعهم في تفجير انتحاري واشتباكات، فجر أمس، ووصف الهجوم بالعنيف واستهدف معسكر الصولبان لقوات الأمن ومقر المنطقة العسكرية الرابعة قبل محاولة اقتحامه من قبل مسلحين مجهولين يرتدون الزي العسكري.
وفي حين وجهت بعض الأوساط اليمنية في عدن أصابع الاتهام إلى جهات متطرفة ترتبط بالمخلوع صالح، فقد أفادت مصادر أمنية ومحلية لـ«الشرق الأوسط» بأن عشرات من المدرعات العسكرية التابعة لقوات التحالف، وتحديدا القوات الإماراتية والقوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، هرعت إلى معسكر الصولبان، الذي تحصن بداخله عدد من المسلحين الذين يعتقد انتماؤهم لتنظيم القاعدة، حيث تمكنت قوات الأمن الخاصة بعدن من التصدي لعملية إرهابية بسيارة مفخخة استهدفت بوابة معسكر الصولبان بحي خور مكسر وسط عدن أعقبها محاولة اقتحام للمعسكر، من قتل 8 من عناصر أنصار الشريعة جناح تنظيم القاعدة بجزيرة العرب وتدمير سيارتهم بالكامل، عقب اشتباكات عنيفة اندلعت خلال دقائق من التفجير الإرهابي الذي استهدف بوابة المعسكر، فيما لقي 5 جنود مقتلهم وجرح 4 آخرون جراء استهداف جماعة أنصار الشريعة جناح تنظيم القاعدة بجزيرة العرب معسكر تدريبي للقوات الخاصة «الصولبان» بحي النصر بخور مكسر، وسط عدن، بسيارة مفخخة، فجر أمس الأربعاء أول أيام عيد الفطر المبارك.
ونفذ المسلحون هجوما بسيارة مفخخة استهدفت بوابة معسكر القوات الخاصة وسط عدن أعقبها اقتحام مجاميع إرهابية المعسكر، واندلعت مواجهات عنيفة تمكنت من خلالها القوات العسكرية من قتل جميع العناصر المهاجمة والسيطرة على الوضع بالكامل، عقب دقائق من التفجير الإرهابي الكبير، وقال العميد حسن اليزيدي، مسؤول الأمن السياسي بمعسكر القوات الخاصة، إن خلايا نائمة تتبع الجماعات الإرهابية استهدفت بوابة معسكر الصولبان بحي خور مكسر بسيارة مفخخة، أعقبها اقتحام المعسكر واشتباكات سقط خلالها قتلى وجرحى من جنود الحراسة والعناصر المهاجمة المعسكر. وأوضح العميد اليزيدي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن سيارة مفخخة لخلايا نائمة من جماعة أنصار الشريعة جناح تنظيم القاعدة بجزيرة العرب هاجمت بوابة معسكر الصولبان بسيارة مفخخة، وذلك عند الساعة الخامسة والنصف صباحًا، أعقبها اقتحام للمعسكر ذاته.
وأشار اليزيدي إلى أن السيارة المفخخة يقودها عنصران من القاعدة استهدفت بوابة المعسكر وسقط على أثرها 3 من حراسة البوابة وجُرح 4 آخرون على الفور، لافتًا إلى أنه عقب التفجير الإرهابي اقتحم مسلحون لـ«القاعدة» بسيارة أخرى المعسكر بعد التفجير، ونشبت اشتباكات مع جنود القوات الخاصة داخل المعسكر، وتم تصفية المهاجمين والسيطرة على الوضع بلحظات. وأكد أن أفراد القوات الخاصة تمكنوا من تصفية العناصر الإرهابية المقتحمة المعسكر لحظة استهداف البوابة بسيارة مفخخة واستشهد خلال المواجهة جنديان من القوات الخاصة وجرح 2 آخران، بينما تم قتل وتصفية كامل عناصر القاعدة المهاجمة وعددهم 8 إرهابيين.
وقال العميد اليزيدي في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» إن قوات الأمن الخاصة هم من تصدوا للعملية الإرهابية، كما تناقلت ذلك وسائل الإعلام، مشيرا إلى أن العملية الإرهابية تمت بسيارة مفخخة واحدة فقط واستهدفت بوابة المعسكر، في حين اقتحمت مجموعة أخرى المعسكر وتم التصرف معها وقتل جميع عناصرها. وأكد أن العملية الإرهابية التي نفذتها الجماعات الإرهابية التي تتحرك بتوجيهات المخلوع صالح وتديرها أجهزة أمنية واستخباراتية موالية للمخلوع نفسه حيث تأتي تلك العملية بعد هدوء واستتباب أمني شهدته عدن خلال الأشهر الفائتة، على حد قوله.
وتأتي العملية الإرهابية التي استهدفت معسكر الصولبان في ظل استمرار العمليات العسكرية وحملات الدهم ضد الجماعات الإرهابية في عدن ولحج وأبين وحضرموت بعد أن تمكنت القوات اليمنية من تطهير مدن الجنوب من الإرهابيين بعدن، وإسناد مباشر من قوات التحالف العربي بعدن والمكلا تحت إشراف قادة عسكريين سعوديين وإماراتيين.
وقالت مصادر عسكرية مطلعة في عدن إن قوات الجيش الوطني اتخذت، مؤخرا، من مقر معسكر الصولبان مقرا رئيسيا لعمليات المنطقة العسكرية الرابعة. وقال ضابط كبير في مقر العمليات لـ«الشرق الأوسط» إن قوات الجيش الوطني تمكنت من تأمين محيط مطار عدن، الذي باشر مهامه، مؤخرا، الملاحية في نقل الركاب بين عدن والعاصمة المصرية القاهرة. وأضاف الضابط البارز في حماية المطار بأن القوات العسكرية المرابطة في المناطق المجاورة لمعسكر الصولبان ومطار عدن الدولي قامت بإغلاق جميع الطرق المؤدية إلى المطار.
وتأتي هذه الهجمات الإرهابية في وقت تتواجد الحكومة اليمنية في عدن، منذ بداية شهر رمضان المبارك، وتقوم بمهامها من المدين التي تعتبر عاصمة مؤقتة للبلاد. ويعتقد مراقبون سياسيون أن مثل هذه العمليات «هي محاولات لإفشال عمل الحكومة ورئيسها الدكتور أحمد عبيد بن دغر». وتتهم السلطات المحلية في عدن أجهزة أمنية تتبع المخلوع علي عبد الله صالح بالعبث بالحالة الأمنية في عدن، كما تتهم المخلوع صالح بالعلاقة مع الجماعات الإرهابية المتشددة، التي بدأت نشاطها في اليمن، وتحديدا في الجنوب، مع بداية عقد تسعينات القرن الماضي.
وفي حين جاءت هذه التطورات بعد أيام على الاحتفال بالذكرى الأولى لانتصار قوات الشرعية في عدن على الميليشيات الحوثية والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح، عقب اجتياحها جنوب اليمن، مطلع العام الماضي، فإن عدن منذ تحريرها تشهد عمليات إرهابية متواصلة تتبناها جهات متطرفة. وقد شهدت المدينة سلسلة اغتيالات طالت كوادر أمنية وعسكرية، بدرجة رئيسية، طوال الأشهر الماضية.



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.