محسن بلعباس لـ : كلما كانت مقاطعة الانتخابات كبيرة توفرت شروط نجاح تغيير سلمي وهادئ في الجزائر

قال رئيس حزب علماني جزائري يسعى إلى حشد التأييد لدعوته لمقاطعة انتخابات الرئاسة التي ستجري في 17 أبريل (نيسان)، إن الاستحقاق «سيكون فخا وهو في نفس الوقت إهانة للجزائيين».
يأتي ذلك بعد انتهاء الأسبوع الأول من الحملة الانتخابية التي تدوم 21 يوما، والتي تجري في ظل غياب أهم المترشحين هو الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بسبب تبعات الجلطة الدماغية التي أصابته منذ عام تقريبا.
وذكر محسن بلعباس رئيس «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» لـ«الشرق الأوسط» أن انتخابات الرئاسة «فخ في نظرنا لأن الإدارة أعدت العدة لملء صناديق الاقتراع بأوراق التصويت لصالح مرشح النظام بوتفليقة، تحسبا لتزوير شامل، وأعطيت أوامر للقضاء لكي يرفض كل الطعون المقدمة له بحجة أن أساسها باطل. ووزارة الداخلية مستعدة لإعلان النتائج التي ستعطى لها والمعدة سلفا لفائدة مرشح النظام، والمجلس الدستوري سيثبت النتائج ويغض الطرف عن كل التجاوزات القانونية التي عرفتها وستعرفها العملية الانتخابية. والأدهى من ذلك أن الذين يشتكون من التجاوزات والذين سيرفعون الطعون إلى القضاء، متواطئون في هذا الفخ لأنهم يدركون مآل هذه الانتخابات»، في إشارة إلى المرشحين الخمسة الذين اتهموا الإدارة بـ«الانحياز» لصالح بوتفليقة.
ويطلق على «الإدارة» كل الهياكل والموظفين الذين يتبعون لوزارة الداخلية في الولايات (48)، والبلديات (1541). وتقول المعارضة إن تزوير الانتخابات يكون في المناطق الداخلية، أما المدن الكبيرة مثل العاصمة ووهران في الغرب، وفي ولايات القبائل في الشرق فتشهد في الغالب عزوفا في كل المواعيد الانتخابية، لذلك يصعب التزوير فيها كأن تُضَخم الإدارة نسبة المشاركين في التصويت.
وأوضح بلعباس (44 سنة)، أن الاستحقاق السياسي «يعد إهانة للجزائريين لأن الرئيس الذي يريد خلافة نفسه صرح بأن كل الانتخابات التي نظمت منذ 1962 (استقلال البلاد)، كانت مزورة. أليس هذا اعتراف صريح بأن النظام الذي جاء ببوتفليقة إلى الحكم مسؤول عن تزوير كل الانتخابات التي عرفتها البلاد؟ وهذا يعني أيضا أن الانتخابات التي شارك فيها بوتفليقة، في ظل نفس النظام، كانت مزورة أيضا».
ويقول موالون للرئيس إن الجزائر «بحاجة إلى استقرار»، وإن بوتفليقة «هو من يضمن هذا الاستقرار»، وإنه لو رحل عن الحكم «ستغرق الجزائر في الفوضى»، وإنه لو جرى تغيير النظام «ستصبح البلاد عرضة للفوضى والانفلات الأمني كما هو الحال في ليبيا».
عن ذلك يتساءل بلعباس: «أين هو الاستقرار الذي يتبجحون به؟! إننا نشهد يوميا احتجاجات ومظاهرات ومواجهات مع قوات الأمن، في مناطق كثيرة. آلاف الجزائريين متذمرون من البطالة وانعدام ضرورات المعيشة مثل السكن والماء الصالح للشرب والغاز والطرق المعبدة. أين هو الاستقرار بينما فضائح الفساد تزلزل يوميا العصابة الحاكمة، ولا يتحرك القضاء للتحقيق فيها؟ أين هو الاستقرار، بينما يحضر هذا النظام قنبلة موقوتة للأجيال المقبلة، بفشله في الحد من التبعية المفرطة للمحروقات؟».
ويرى رئيس «التجمع» أن مقاطعة الانتخابات «ليس هدفا في حد ذاته ومعارضتنا لترشح الرئيس لولاية رابعة ليس هدفا في حد ذاته، وإنما دعوتنا الجزائريين إلى رفض هذا المسار الانتخابي بكامله، يهدف إلى عزل النظام، وننزع منه كل حجة تخص شرعية الانتخاب. وبذلك ستكون الولاية الرابعة ضعيفة ولن يتمكن بوتفليقة من الحصول على الشرعية الشعبية التي يبحث عنها». وأضاف «كلما كانت المقاطعة كبيرة كلما توفرت شروط نجاح تغيير سلمي وهادئ».
ويوجد «التجمع» حاليا في تحالف سياسي، أطلق عليه «تنسيقية الأحزاب والشخصيات المقاطعة لانتخابات الرئاسة». وتتكون هذه المجموعة من ثلاثة أحزاب إسلامية هي «حركة مجتمع السلم» و«حركة النهضة» و«جبهة العدالة والتنمية»، زيادة على رئيس الحكومة السابق أحمد بن بيتور، الذي سحب ترشحه للانتخابات بدعوى أنها «مزورة حتى قبل أن تجرى».
ويدعو بلعباس إلى «مرحلة انتقالية»، في إطار مشروع تغيير النظام الذي تسعى إليه «التنسيقية». ويشرح ذلك كما يلي «حتى نضمن انتقالا سلسا وسلميا من نظام متسلط إلى نظام ديمقراطي، ينبغي إشراك جميع الفاعلين السياسيين في حوار وطني يفضي إلى أرضية تتضمن المبادئ الديمقراطية في تسيير الدولة، تكون محل إجماع الطبقة السياسية. ولا ضير أن تشاركنا أحزاب السلطة في بلورة هذه الأرضية»، في إشارة إلى «جبهة التحرير الوطني» (أغلبية)، و«التجمع الوطني الديمقراطي» وهو القوة الثانية في البرلمان. والحزبان منخرطان بقوة في حملة الدعاية للولاية الرابعة.
وجدد بلعباس مطلب حزبه تطبيق المادة 88 من الدستور، التي تتحدث عن عزل رئيس الجمهورية في حال ثبت أنه مصاب بمرض مزمن خطير يحول دون أداء مهامه. وقال بشأن ذلك: «طالب حزبنا بذلك في نهاية 2012، أي قبل إصابة بوتفليقة بجلطة دماغية بأربعة أشهر. وقلنا عام 2005 عندما أجريت لبوتفليقة عملية جراحية (نزيف في المعدة)، إنه أدخل الجزائر في غيبوبة معه. وفي 2012 نبهنا إلى عجزه عن تنظيم اجتماعات مجلس الوزراء، واتضح أنه غير قادر على افتتاح السنة القضائية ولا ممارسة الأنشطة البروتوكولية، مما دفعنا حينها إلى التصريح بأن الوقت حان لتفعيل المادة 88».محسن بلعباس