تتجه الأنظار مساء اليوم إلى ملعب «بارك أولمبيك ليونيه» في ليون الذي يحتضن المباراة الأولى في الدور نصف النهائي من كأس أوروبا 2016 المقامة في فرنسا حتى الأحد المقبل، وتجمع المنتخب البرتغالي الذي اعتاد الوجود في هذه المرحلة المتقدمة ونظيره الويلزي الذي فرض نفسه نجم النهائيات.
وستظهر البرتغال في قبل النهائي لرابع مرة في آخر خمس بطولات لأوروبا في مسيرة تعود لعام 2000، لكن رغم كل هذا فإنها لم تحقق اللقب وسقطت دائما قبل خطوة من المجد.
وتجاوزت البرتغال الدور قبل النهائي مرة واحدة فقط، ثم خسرت في النهائي أمام اليونان، وهي صاحبة الأرض في بطولة أوروبا 2004. وبضم الهزيمة في قبل نهائي كأس العالم 2006 وخسارة في بطولة أوروبا 1984 فإن التعثر في هذه المرحلة من البطولات الكبرى أصبح مألوفا للغاية بالنسبة للبرتغال.
وضمن الذين أطاحوا بالبرتغال من الدور قبل النهائي فرنسا في بطولة أوروبا 2000، وكأس العالم 2006، وإسبانيا في بطولة أوروبا 2012.
وإذا خسر المنتخب البرتغالي أمام ويلز - التي تشارك في أول بطولة كبيرة في 58 عاما وبلغت قبل النهائي لأول مرة في تاريخها - فإنها ستمثل ضربة قاصمة.
ووصل كريستيانو رونالدو ورفاقه إلى هذه المرحلة من البطولة بعد أن تخطوا الدور الأول بثلاثة تعادلات، ثم اصطدموا بكرواتيا في الدور الثاني واحتاجوا إلى هدف من ريكاردو كواريزما في الدقيقة 117 من الوقت الإضافي، لكي يخرجوا فائزين في مباراة كان المنافس الطرف الأفضل فيها.
وحجز برازيليو أوروبا مقعدهم في دور الأربعة عبر ركلات الترجيح بتخطيهم بولندا 5 - 3 بعد تعادل الطرفين 1 - 1 في الوقتين الأصلي والإضافي في لقاء كانت الأفضلية فيه لروبرت ليفاندوفسكي ورفاقه، قبل أن يدخل الشاب ريناتو سانشيز على الخط وينقذ فريق المدرب فرناندو سانتوس.
وغالبا ما يقال: إن الفرق التي «تزحف» ببطء في البطولات الكبرى تواصل طريقها حتى الفوز باللقب، لكن المنتخب الويلزي سيحاول جاهدا الوقوف في وجه البرتغال وحرمانها من الوصول إلى النهائي للمرة الثانية في تاريخها بعد عام 2004، حين خسرت أمام اليونان صفر - 1 على أرضها.
ويرفع المنتخب الويلزي، المتواضع اسما والمرشح للعب دور مهم، لواء المملكة المتحدة التي دخلت إلى هذه النهائيات بأربعة ممثلين لها على رأسهم بالطبع إنجلترا، إضافة إلى جمهورية آيرلندا وآيرلندا الشمالية وويلز، لكن فريق المدرب كريس كولمان بقي وحيدا في المعركة بعدما فرض نفسه نجم البطولة بامتياز وفي أول مشاركة له على الإطلاق.
واستحق «التنين» وجوده في دور الأربعة في أول مشاركة كبرى له منذ مونديال 1958، حين وصل إلى الدور ربع النهائي في اختباره الكبير الأول والأخير، إذ تصدر مجموعته الثانية أمام العملاق الإنجليزي بالذات، ثم تخطى جاره الآيرلندي الشمالي 1 - صفر في الدور الثاني، قبل أن يحقق المفاجأة الكبرى بإقصائه بلجيكا من الدور ربع النهائي بالفوز عليها 3 - 1.
وتتجه الأنظار في مباراة ليون إلى المواجهة بين كريستيانو رونالدو وزميله في ريال مدريد الإسباني غاريث بيل الذي ارتقى إلى مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقه، ولعب دورا أساسيا في وصول ويلز إلى هذه المرحلة، في حين لم يقدم رونالدو المستوى المأمول منه، بل لعب كواريزما وريناتو سانشيز دور المنقذين للبرتغال، فيما اكتفى أفضل لاعب في العالم ثلاث مرات بالثنائية التي سجلها في الجولة الأخيرة من الدور الأول ضد المجر 3 - 3.
ولم تفز البرتغال حتى الآن بأي مباراة بالبطولة في 90 دقيقة، إذ تعادلت في كل مبارياتها بدور المجموعات وتغلبت على كرواتيا بعد وقت إضافي، وهزمت بولندا بركلات الترجيح، لكنها أيضا لم تخسر في 12 مباراة دولية رسمية منذ تولى فرناندو سانتوس تدريبها في بداية تصفيات بطولة أوروبا 2016.
وقال سانتوس بعد الفوز على بولندا في الدور ربع النهائي بركلات الترجيح: «في بعض لحظات المباراة، على الجميع أن يتولى مسؤولية القائد».
ومن المؤكد أن سانتوس نفسه لعب دورا مهما في وصول بلاده إلى هذه المرحلة بعدما زرع روح الوحدة في الفريق، وهو الذي درب المنتخب اليوناني، المثال الذي يحتذى به عندما يتحدث المرء عن «الزحف»، لأنه توج بلقب 2004 حين كان بقيادة المدرب الألماني أوتو ريهاغل، بعد أن أنهى الدور الأول بفوز ضئيل على البرتغال بالذات 2 - 1، ثم تعادل مع إسبانيا 1 - 1، وخسر أمام روسيا 1 - 2 قبل أن يتخطى فرنسا في الدور ربع النهائي بهدف وحيد وتشيكيا في نصف النهائي بهدف في الشوط الإضافي الأول ثم البرتغال مجددا في النهائي بهدف أنغيلوس خاريستياس.
وقال سانتوس: «اقتربنا من الدور قبل النهائي بالطريقة نفسها التي سرنا عليها حتى الآن. أرجلنا مزروعة بقوة على الأرض، سنواجه فريقا قويا، لكننا سنكون مستعدين».
واعترف حارس البرتغال السابق فيتور بايا بأن «الانتقادات وجهت للمنتخب البرتغالي، لأنه لم يقدم كرة جميلة، وهذا صحيح، لأنه لم يلعب بالأسلوب المغري الذي كان يقدمه في الفترة الأخيرة، لكنه (الأسلوب) كان فعالا، ويجب أن نشعر بالفخر، لأننا نرى الآن فريقا موحدا لا يعتمد على نجومية لاعب مثل رونالدو».
وواصل: «بإمكاننا حتى أن نرى بأن رونالدو أصبح يعتمد على الآخرين وليس العكس».
ويأمل المنتخب البرتغالي دون شك أن يرتقي جميع اللاعبين إلى مستوى التحدي الذي ينتظرهم اليوم بغض النظر عن هوية اللاعب الذي سيقود بلاده إلى المباراة النهائية إن كان رونالدو أو ريناتو سانشيز أو كواريزما الذي شكر مدربه سانتوس على الثقة التي منحه إياها، قائلا: «يستحق احترامي إلى الأبد. إنه من المدربين القلائل الذين منحنوني الثقة التي احتاجها».
وقال سانشيز نجم المنتخب البرتغالي: «احتاج هذا منا عملا شاقا لنكون بهذا الحظ. إنها لحظة رائعة للفريق.. كنا نعمل بكد، ونبذل قصارى جهدنا. الأشخاص تنقدنا، لكن في النهاية لا نهتم فنحن في الدور قبل النهائي».
وقد حدد سانتوس أولوياته بوضوح دون الاكتراث بالانتقادات، قائلا: «هل أريد أن نلعب بطريقة جميلة؟ نعم. لكن بين اللعب بطريقة جميلة والعودة إلى وطننا أو اللعب بطريقة بشعة والبقاء هنا، فإنا أفضل أن نلعب بطريقة بشعة».
وستكون المواجهة بين البرتغال وويلز الأولى على صعيد البطولات، لكنهما تواجها وديا في ثلاث مناسبات وأولها يعود إلى عام 1949 حين فازت الأولى 3 - 2 ثم خسرت بعدها بعامين 1 - 2 قبل أن تعود وتفوز 3 - صفر في المواجهة الأخيرة بينهما في يونيو (حزيران) 2000.
ومن المؤكد أن المواجهة الرابعة بين الطرفين ستكون الأهم على الإطلاق، وسيكون الفوز فيها في متناول الفريقين، لأن تاريخ البرتغال لن يشفع لها كثيرا أمام منتخب ويلزي منظم ومندفع وطامح بأن يصبح أول منتخب بريطاني يصل إلى نهائي بطولة كبرى منذ 50 عاما، وتحديدا منذ فوز إنجلترا بلقبها الأول والأخير، وكان في كأس العالم 1966 على أرضها.
وقال بيل عن المنتخب البرتغال: «نحن نعرف ما قدموه في هذه البطولة. لقد شاهدنا جميع مبارياتهم على التلفزيون.. إنهم فريق خطير ووجوده في نصف النهائي لم يأت من فراغ».
وواصل بيل الذي سجل ثلاثة أهداف في الدور الأول وكان سببا في هدف تأهل بلاده إلى ربع النهائي، لأنه كان خلف الكرة التي حولها غاريث ماكولي بالخطأ في مرمى آيرلندا الشمالية: «حتى وإن لم يحققوا الانتصارات، فهم حققوا النتائج التي يحتاجونها. سنقوم بدراسة الخصم كالعادة ونأمل أن نقدم أداء رائعا آخر وصناعة التاريخ».
وسيكون الأمر أكثر صعوبة على ويلز التي ستفتقد أكثر لاعبيها إبداعا وموهبة في وسط الملعب وهو آرون رامزي الذي سيغيب للإيقاف، لحصوله على إنذار في الفوز على بلجيكا، وكذلك زميله بن ديفيس.
وإذا كان غاريث بيل هو أبرز مهاجمي ويلز، إذ سجل ثلاثة أهداف ليقودها لتجاوز دور المجموعات، فإن رامزي ربما كان اللاعب الأكثر تأثيرا، فأحرز هدفا وصنع أربعة في الطريق إلى المربع الذهبي. وقال كولمان: «إنها خسارة كبرى للغاية لنا، ولكنهم فعلوا كل ما هو مطلوب منهم. فخور جدا باللاعبين ولم نكن لنصل إلى هنا من دونهما». وبالنظر لأفضل أداء يقدمه المنتخب الويلزي في بطولة كبرى بشكل عام قال كولمان: «التجربة كلها مجهولة. كل ما يمكننا فعله هو ألا ننسى ماذا تطلب مننا لنصل لهذا المركز. لا يمكننا أن ننسى معتقداتنا، وهويتنا ورؤيتنا».
وقد يلجأ المدرب كولمان إلى جوني ويليامز لسد فراغ الأول في خط الوسط، لكن عليه إعادة ترتيب خط الخلفي بسبب غياب الثاني من خلال نقل كريس غانتر من مركز الظهير الأيمن إلى قلب الدفاع، تاركا المجال أمام جاز ريتشاردز ليخوض مباراته الأولى أساسيا في هذه البطولة. أما من الناحية البرتغالية، فسيغيب لاعب الوسط المحوري ويليام كارفاليو، بسبب الإيقاف، ومن المرجح أن يعوضه سانتوس بدانيلو، كما أن مشاركة جواو موتينيو وأندري غوميز في الوسط مؤكدة بعد تعافيهما من الإصابة.
حلم ويلز يتجاوز الحدود.. والبرتغال لا تريد التفريط في الفرصة
صدام ساخن بين منتخبين يطمحان إلى صناعة التاريخ بالدور نصف النهائي لكأس أمم أوروبا اليوم
حلم ويلز يتجاوز الحدود.. والبرتغال لا تريد التفريط في الفرصة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة