إيف بونفوا: عندما تجف الحياة يأتي الشعر لكي يحييها

فرنسا تودع شاعرها الأكبر الذي رحل عن 93 عامًا

إيف بونفوا .. شاعر فرنسا الاكبر
إيف بونفوا .. شاعر فرنسا الاكبر
TT

إيف بونفوا: عندما تجف الحياة يأتي الشعر لكي يحييها

إيف بونفوا .. شاعر فرنسا الاكبر
إيف بونفوا .. شاعر فرنسا الاكبر

أخيرا انطفأ إيف بونفوا بعد عمر مديد ناهز الثالثة والتسعين عاما؛ فقد ولد في مدينة تور الواقعة على نهر اللوار، حيث ولد بلزاك أيضا قبل قرن أو قرنين. ولد عام 1923 وتوفي في الأول من يوليو (تموز) 2016. عاش إيف بونفوا وتقلب في المناصب الجامعية حتى وصل إلى أعلاها: الكوليج دو فرنس، أعلى من السوربون، ودرس في مختلف جامعات العالم الأوروبي – الأميركي، ونشر ما لا يقل عن مائة كتاب! فلم يكن شاعرا فقط وإنما ناقدا أدبيا ومنظرا للشعر من أرقى ما يكون، كما كان مترجما عظيما نقل معظم «شكسبير» إلى لغة الفرنسيين، وترجم أيضا الكثير من أشعار ييتس. الترجمة بالنسبة له كانت متوازية مع عملية الكتابة ولا تتناقض معها على الإطلاق. اذهب واقنع بعض المثقفين العرب الأشاوس بهذه الحقيقة البسيطة. كلهم عباقرة لا ينزلون إلى مستوى الترجمة ولا يضيعون وقتهم في مثل هذه الفعالية الثانوية الهامشية التي لا تليق إلا بالفاشلين الذين عجزوا عن أن يصبحوا كتابا حقيقيين فشغلوا أنفسهم بالترجمة. كل ما يبدعه هؤلاء «وحي إلهي» من بنات أفكارهم، أو هكذا يتوهمون.. لكن دعونا من هؤلاء المثقفين العرب العظام ولنعد إلى إيف بونفوا.
في عام 1972 نشر الشاعر كتابا نثريا يشبه السيرة الذاتية بعنوان: «البلاد الخلفية أو البلاد العميقة»، وهو تعبير فرنسي يعني ما وراء الواجهة في أي بلد أو منطقة. مثلا عندما تكون في بيروت فإن البلاد الخلفية هي ما يقع وراء بيروت في الجبال والوديان والقرى والمزارع المتوارية عن العاصمة والبعيدة عنها. كثيرا ما أعجبني هذا التعبير ووجدت فيه شحنة شعرية حقيقية. المهم أن إيف بونفوا كان يقضي عطلته الصيفية عند أقاربه في تلك المناطق الريفية الساحرة، وفجأة في أحد الأيام رأى أمامه في الأفق شجرة على تلة، وأحس وكأنها شخص أو كائن حي يعنيها أمره. يقول: لم تكن فقط جزءا من الأفق أمام عيني وإنما كانت كائنا حيا له علاقة شخصية معي. شعرت وكأن هذه الشجرة سترافقني كل حياتي. وهكذا أحببتها كصديق أو كصديقة. وهذا الشعور كان جديدا بالنسبة لي وغير معروف حتى ذلك اليوم. وقل الأمر ذاته عن النهر الكبير الجاري في المنطقة الجبلية نفسها التي كنت أقضي فيها أصياف طفولتي. هو أيضا شعرت بأنه شخص يعنيني أمره. لم أكن أعرف من أين جاء ولا أين يصب، ولكن مجرد جريانه أشعرني بأنه سائر نحو المستقبل المجهول مثلي أنا كطفل سائر نحو مستقبل لم أتعرف عليه بعد..
هذا الكلام لا يقوله إلا ابن مدينة ولد في تور وعاش في باريس الخ، أما ابن الفلاحين فيعيش مع كائنات الطبيعة من الصباح وحتى المساء وربما ضجر منها وتمنى لو أنه يسكن المدينة. على أي حال فهذه قصة أخرى. الشيء المهم هو أن شاعرنا الكبير يمجد الريف والقرية والطبيعة في حين أن بعضنا من سكان المدن والعواصم يحتقرون كل ذلك. مرة قال لي أحد المثقفين المشهورين: اذهب أنت فلاح! المقصود غشيم أو أي شيء من هذا القبيل. فكدت أموت من الضحك ليس فقط منه وإنما عليه. في الواقع أني أفتخر بأني ولدت في القرية ولا أجد في ذلك أي معرة على الإطلاق. هنا أيضا ينبغي أن تلقي درسا تأديبيا على بعض المثقفين العرب الذين يحتقرون الطبيعة والريف على عكس إيف بونفوا. هكذا تلاحظون أني أستغل فرصة الكتابة عن هذا الكاتب المحترم لكي أصفي حساباتي الشخصية. وهذه انتهازية ما بعدها انتهازية. ولكنها انتهازية إيجابية أو حتى أخلاقية إذا جاز التعبير.
ما موضوع الشعر بالنسبة لإيف بونفوا؟ أنه الحضور المليء أو الممتلئ للأشياء. الشعر هو ولادات دائمة. الشعر هو تلك النظرة المكثفة التي نلقيها على الأشياء البسيطة للحياة اليومية. كل ما حولنا يمكن أن يتحول إلى شعر في أي لحظة. بإمكانك أن تعيش الحياة شعريا أو نثريا، أنت حر. ولكن هل تستطيع أن تعيشها شعريا أربعا وعشرين ساعة على أربع وعشرين ساعة؟ مستحيل. حتى ريلكه عاجز عن ذلك؛ ولهذا السبب فإن شاعر فرنسا الأكبر في هذا العصر يعود دون أي كلل أو ملل إلى الموضوعات العزيزة نفسها على قلبه: أي الأشجار والأحجار والينابيع والثلج والأحلام، الخ.. وكلها أشياء موجودة في الريف، في الوديان أو قمم الجبال.. هل فهمتم يا متخلفين! يا فلاحين!
كثيرا ما تساءلت عن معنى كلمة رامبو الشهيرة: ينبغي أن نكون حديثين بشكل مطلق. وبما أني فلاح غشيم بطبيعتي فقد اعتقدت أنه يعني بها ما يلي: ينبغي أن نقطع مع الماضي كله جملة وتفصيلا لكي نستطيع أن نكتب شعرا جديدا له معنى، وإلا فسوف نكرر من سبقونا ولن نضيف أي شيء إلى خريطة الشعر. والواقع أن هذا المعنى ليس خاطئا كله، بل وحتما كان مقصودا من قبل أكبر «أزعر» في تاريخ الشعر الفرنسي: آرثر رامبو. فمن يقرأ شعره يعرف أنه كان يتكئ على نفسه كما يقول أبو تمام لا على سواه. وهذه ميزة الشعراء العظام، إنهم يخلقون الأشياء من عدم تقريبا، ولكن إيف بونفوا نبهنا إلى شيء آخر وأعطى تفسيرا جديدا لعبارة رامبو. يقول بأن رامبو يقصد ضرورة تخليص الشعر من اللغة الخشبية للآيديولوجيات الامتثالية السائدة، وليس معناها الشطب على عظماء شعراء الماضي، فلا توجد حداثة حقيقية إلا إذا كانت تعرف معنى الإعجاب بقصائد الماضي العبقرية وضرورة المحافظة عليها. على أي حال، فإن هذا التفسير لا يلغي ذاك وإنما يكمله. من المعلوم أن رامبو كان معجبا ببودلير إلى أقصى حد، بل وكان يعتبره ذروة الشعر. ولكن لو قلده لما أصبح شاعرا متميزا ولظل نسخة باهتة عن شاعر كبير آخر. لو لم ينحرف عنه و«يقتله» في داخله لما استطاع رامبو أن يصبح رامبو. هذا هو معنى العبارة الشهيرة. والله أعلم.
على أي حال شكرا لإيف بونفوا الذي أتحفنا بكتاب ضخم في أواخر حياته عن شاعر الحداثة الأول. انظروا كتابه: حاجتنا إلى رامبو. منشورات سوي الباريسية في أكثر من 450 صفحة من القطع الكبير. بمعنى: لا نستطيع أن نعيش من دون رامبو. أو قل بأننا في حاجة إليه من وقت إلى آخر لكي يشحننا شعريا، لكي يفجر في أعماقنا قوة الرفض ضد ما هو قائم من ظلم وقهر وغباء. يقول رامبو في ديوانه الشهير فصل في الجحيم هذا البيت: لنترك أوروبا التي يتسكع فيها الجنون! فهل كان عدوا لأوروبا وفرنسا في المطلق؟ أبدا لا. ولو عاش في هذا العصر لما غادرها لحظة واحدة، لكنه عاش في القرن التاسع عشر، أي في عصر مليء بالخضات والهزات والحروب والمجازر، فكره بلاده والمنطقة كلها وهاجر إلى بلاد العرب القصية.. يقول إيف بونفوا، أكبر عارف برامبو: «كل شيء ابتدأ من تمرده على الحياة الرتيبة في المحافظات البعيدة. كل شيء انطلق من تمرده على الدين المسيحي الذي كان لا يزال قمعيا في فرنسا آنذاك. كل شيء انطلق من تمرده على النظام البورجوازي السائد. وعن طريق قلب نظام الكلمات راح رامبو يقلب نظام الأشياء، بل والنظام الاجتماعي كله. من هنا أهمية الثورات الشعرية التي تسبق عادة الثورات الفكرية والسياسية. ولكن من يقدر على تغيير نظام الكلمات؟ من يقدر على تفجير الكلمات؟ القول سهل والفعل هو الصعب.ليس كل الناس رامبو!
يقول إيف بونفوا ما معناه: عندما تجف الحياة يأتي الشعر لكي يحييها، لكي يضخ الحيوية في عروقها وشرايينها. الآيديولوجيا متخشبة، ميتة، ووحدها شجرة الشعر تبقى دائما خضراء..



«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية
TT

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

في كتابها «رحِم العالم... أمومة عابرة للحدود» تزيح الكاتبة والناقدة المصرية الدكتورة شيرين أبو النجا المُسلمات المُرتبطة بخطاب الأمومة والمتن الثقافي الراسخ حول منظومتها، لتقوم بطرح أسئلة تُفند بها ذلك الخطاب بداية من سؤالها: «هل تحتاج الأمومة إلى كتاب؟»، الذي تُبادر به القارئ عبر مقدمة تسعى فيها لتجريد كلمة «أمومة» من حمولاتها «المِثالية» المرتبطة بالغريزة والدور الاجتماعي والثقافي المُلتصق بهذا المفهوم، ورصد تفاعل الأدبين العربي والعالمي بتجلياتهما الواسعة مع الأمومة كفِعل وممارسة، وسؤال قبل كل شيء.

صدر الكتاب أخيراً عن دار «تنمية» للنشر بالقاهرة، وفيه تُفرد أبو النجا أمام القارئ خريطة رحلتها البحثية لتحري مفهوم الأمومة العابرة للحدود، كما تشاركه اعترافها بأنها كانت في حاجة إلى «جرأة» لإخراج هذا الكتاب للنور، الذي قادها «لاقتحام جبل من المقدسات، وليس أقدس من الأمومة في مجتمعاتنا ولو شكلاً فقط»، كما تقول، وتستقر أبو النجا على منهجية قراءة نصوص «مُتجاورة» تتقاطع مع الأمومة، لكاتبات ينتمين إلى أزمنة وجغرافيات مُتراوحة، ومُتباعدة حتى في شكل الكتابة وسياقها الداخلي، لاستقراء مفهوم الأمومة وخطابها كممارسة عابرة للحدود، ومحاولة فهم تأثير حزمة السياسات باختلافها كالاستعمارية، والقبلية، والعولمة، والنيوليبرالية، وغيرها.

فِعل التئام

يفتح اختيار شيرين أبو النجا للنصوص الأدبية التي تستعين بها في كتابها، في سياق القراءة المُتجاورة، مسرحاً موازياً يتسع للتحاوُر بين شخصيات النصوص التي اختارتها وتنتمي لأرضيات تاريخية ونفسية مُتشعبة، كما ترصد ردود أفعال بطلاتها وكاتباتها حِيال خبرات الأمومة المُتشابهة رغم تباعد الحدود بينها، لتخرج في كتابها بنص بحثي إبداعي موازِ يُعمّق خبرة النصوص التي حاورت فيها سؤال الأمومة.

يضع الكتاب عبر 242 صفحة، النصوص المُختارة في مواجهة المتن الثقافي الراسخ والنمطي لمنظومة الأمومة، تقول الكاتبة: «الأمومة مُتعددة، لكنها أحادية كمؤسسة تفرضها السلطة بمساعدة خطاب مجتمعي»، وتتوقف أبو النجا عند كتاب «كيف تلتئم: عن الأمومة وأشباحها»، صدر عام 2017 للشاعرة والكاتبة المصرية إيمان مرسال بوصفه «الحجر الذي حرّك الأفكار الساكنة المستكينة لفكرة ثابتة عن الأمومة»، على حد تعبير أبو النجا.

تتحاور الكاتبة مع منطق «الأشباح» وتتأمل كيف تتحوّل الأمومة إلى شبح يُهدد الذات سواء على المستوى النفسي أو مستوى الكتابة، تقول: «في حياة أي امرأة هناك كثير من الأشباح، قد لا تتعرف عليها، وقد تُقرر أن تتجاهلها، وقد تتعايش معها. لكن الكتابة لا تملك رفاهية غض الطرف عن هذه الأشباح»، ومن رحِم تلك الرؤية كانت الكتابة فعل مواجهة مع تلك «الشبحية»، ومحاولة تفسير الصراع الكامن بين الذات والآخر، باعتبار الكتابة فعلاً يحتاج إلى ذات حاضرة، فيما الأمومة تسلب تلك الذات فتصير أقرب لذات منشطرة تبحث عن «التئام» ما، ويُجاور الكتاب بين كتاب إيمان مرسال، وبين كتاب التركية إليف شافاق «حليب أسود: الكتابة والأمومة والحريم»، إذ ترصد أبو النجا كيف قامت الكاتبتان بتنحّية كل من الشِعر والسرد الروائي جانباً، في محاولة للتعبير عن ضغط سؤال الأمومة وفهم جوهرها بعيداً عن السياق الراسخ لها في المتن الثقافي العام كدور وغريزة.

تقاطعات الورطة

ترصد أبو النجا موقع النصوص التي اختارتها ثقافياً، بما يعكسه من خصائص تاريخية وسياسية ومُجتمعية، المؤثرة بالضرورة على وضع الأمومة في هذا الإطار، فطرحت مقاربةً بين نص المُستعمِر والمُستعمَر، مثلما طرحت بمجاورة نصين لسيمون دو بوفوار المنتمية لفرنسا الاستعمارية، وآخر لفاطمة الرنتيسي المنتمية للمغرب المُستعمرة، اللتين تشير الكاتبة إلى أن كلتيهما ما كان من الممكن أن تحتلا الموقع الذي نعرفه اليوم عنهما دون أن تعبرا الحدود المفروضة عليهما فكرياً ونفسياً ومجتمعياً.

كما تضع كتاب «عن المرأة المولودة» للأمريكية إدريان ريتش، صدر عام 1976، في إطار السياق الاجتماعي والقانوني والسياسي الذي حرّض آنذاك على انتقاد الرؤى الثابتة حول تقسيم الأدوار بين الجنسين وبين ما يجب أن تكون عليه الأم النموذجية، ما أنعش حركة تحرير النساء التي خرجت من عباءة الأحزاب اليسارية والحركات الطلابية آنذاك، وتشير إلى أن هذا الكتاب أطلق على الأمومة اسم «مؤسسة» بما يجابه أطراف المؤسسة الذكورية التي ترسم بدقة أدوار النساء في العائلة وصورهن، وصاغت ريتش هذا الكتاب بشكل جعله يصلح للقراءة والتأمل في بيئات مُغايرة زمنياً وجغرافياً، ويخلق الكتاب تقاطعات بين رؤية ريتش مع تجربة شعرية لافتة بعنوان «وبيننا حديقة» للشاعرتين المصريتين سارة عابدين ومروة أبو ضيف، الذي حسب تعبير شيرين أبو النجا، يمثل «حجراً ضخماً تم إلقاؤه في مياه راكدة تعمل على تعتيم أي مشاعر مختلفة عن السائد في بحر المُقدسات»، والذات التي تجد نفسها في ورطة الأمومة، والتضاؤل في مواجهة فعل الأمومة ودورها. تجمع شيرين أبو النجا بين النص الأميركي والديوان المصري اللذين يفصل بينهما نحو 40 عاماً، لتخرج بنص موازِ يُعادل مشاعر الأم (الكاتبة) وانسحاقها أمام صراع بين القدرة والعجز، والهوية وانسحاقها، لتقول إنه مهما تعددت الأسئلة واشتد الصراع واختلفت تجلياته الخطابية انسحبت الكاتبات الثلاث إلى حقيقة «تآكل الذات»، وابتلاع الأمومة للمساحة النفسية، أو بتعبير الشاعرة سارة عابدين في الديوان بقولها: «حروف اسمي تتساقط كل يوم/ لأزحف أنا إلى هامش يتضاءل/ جوار متن الأمومة الشرس».

في الكتاب تبرز نماذج «الأم» المُتعددة ضمن ثيمات متفرقة، فتضعنا الناقدة أمام نموذج «الأم الأبوية» التي تظهر في شكلها الصادم في أعمال المصرية نوال السعداوي والكاريبية جامايكا كينكد التي تطرح الكاتبة قراءة تجاورية لعمليهما، وتتوقف عند «الأم الهاربة» بقراءة تربط بين رواية «استغماية» للمصرية كاميليا حسين، وسيرة غيرية عن الناقدة الأمريكية سوزان سونتاغ، وهناك «الأم المُقاومة» في فصل كرسته لقراءة تفاعل النص الأدبي الفلسطيني مع صورة الأم، طارحة تساؤلات حول مدى التعامل معها كرمز للأرض والمقاومة، فيما تُشارك شيرين أبو النجا مع القارئ تزامن انتهائها من هذا الكتاب مع «طوفان الأقصى» وضرب إسرائيل لغزة، في لحظة مفصلية تفرض سؤالها التاريخي: ماذا عن الأم الفلسطينية؟ أمهات الحروب؟ الأمهات المنسيات؟