«النزعة الاستهلاكية» تضع لمساتها على «وجه موسكو العمراني»

«الكواكب الخمسة» تهبط قريبًا في حقول ميتيشي بعد حقبة «مخازن يلتسين»

المركز التجاري الجديد في ضواحي موسكو يعد أحد معالم التغيير العمراني التي تشهدها العاصمة الروسية
المركز التجاري الجديد في ضواحي موسكو يعد أحد معالم التغيير العمراني التي تشهدها العاصمة الروسية
TT

«النزعة الاستهلاكية» تضع لمساتها على «وجه موسكو العمراني»

المركز التجاري الجديد في ضواحي موسكو يعد أحد معالم التغيير العمراني التي تشهدها العاصمة الروسية
المركز التجاري الجديد في ضواحي موسكو يعد أحد معالم التغيير العمراني التي تشهدها العاصمة الروسية

طرأت تغيرات كبيرة على الوجه «العمراني - العقاري» للعاصمة الروسية موسكو خلال السنوات الأخيرة، ومن يعرف وجه المدينة إبان الحقبة السوفياتية، أو حتى في عهد الرئيس الأسبق بوريس يلتسين، وينظر إليها اليوم، سيدرك على الفور أنه يقف أمام مدينة حافظت على وجهها «العقاري» الذي يرسم تفاصيل كل المحطات من تاريخها السياسي، إلا أنها اكتسبت معالم جديدة تعكس إلى حد كبير التحول الاقتصادي –الاجتماعي في البلاد، لا سيما تجاريًا حيث يجري سباق، إن جاز التعبير، لتلبية «النزعة الاستهلاكية» لدى المواطنين الروس، والتنافس في عرض خيارات متنوعة أمامهم، بعد أن كانت خياراتهم محدودة ضمن «سياسة استهلاكية» تقوم على مبدأ تأمين الاحتياجات الرئيسية للمواطن والابتعاد عن «الترف الرأسمالي ومظاهره».
الآن وبعد أن تخلصت روسيا من السياسة الاستهلاكية السوفياتية، طرأ تغير نوعي وكمي على البنى التحتية في هذا المجال، حيث تحولت «المخازن التجارية» سابقًا إلى «محال تجارية عصرية»، وإلى جانبها ظهرت مراكز تجارية عملاقة، تشكل اليوم معلمًا رئيسيًا في موسكو والمدن الروسية الأخرى، ورغم كثرتها، فإن قطاع الأعمال التجارية ما زال يشيد المزيد والمزيد منها في سباق من أجل جذب أكبر عدد من المستهلكين.
مؤخرًا أعدت شركة «كوشمان أند ويكفيلد» «Cushman & Wakefield» الدولية للاستشارات الاقتصادية دراسة حول مساحات المراكز التجارية في المدن الروسية، وأظهرت الدراسة أن مدينة «ميتيشي» في محافظة موسكو تحتل المرتبة الأولى على مستوى البلاد من حيث «الكثافة السكانية على المساحات التي تشغلها المراكز التجارية». إذ تشير الدراسة إلى أنه مقابل كل ألف مواطن في ميتيشي هناك ألف متر مربع من المراكز التجارية، هذا في الوقت الذي تستمر فيه أعمال بناء المزيد من المراكز التجارية هناك. واللافت في التوجه الحالي لقطاع بناء المساحات في ميتيشي هو اعتمادهم تصاميم تشكل بحد ذاتها دعاية وترويجًا للمركز الذي يتم بناؤه، وعلى سبيل المثال قررت إحدى الشركات أن تبني مركزًا تجاريًا على شكل «مركبة خيالية وصل سكان كواكب أخرى على متنها إلى الأرض».
وقد كتبت غيرمان إليانوشكين، نائب ريس حكومة محافظة موسكو، معلقًا على تصميم المركز التجاري الجديد: «عوضًا عن السوق التجارية المملة، سينمو قريبًا بناء تجاري - سياحي تبلغ مساحته 22 ألف متر مربع، رأى فيه الخبراء في مجال التصميم الهندسي جسمًا طائرًا خياليًا، هبط اضطراريًا في الحقول قرب موسكو».
ويحمل المركز التجاري الذي يدور الحديث عنه اسم «الكواكب الخمس»، وضعت تصاميمه عام 2008، إلا أن أعمال البناء توقفت بسبب الأزمة المالية حينها. مؤخرًا حصل المشروع على التمويل اللازم من جانب الشركات، والموافقات الضرورية، وانطلقت أعمال البناء. وحسب رؤية المهندسين الذين صمموا المبنى، فسيكون المركز التجاري على شكل مركبة صغيرة في الوسط، التي ستضم المدخل والبهو الرئيسي، بينما ستمتد المساحة الرئيسية على ثلاثة طوابق هي عبارة عن أجنحة ضخمة لتلك المركبة، وفي الطابق الأرضي منها سيكون لكل جناح مدخله الخاص، حيث سيتم على أحد الجناحين افتتاح دار للسينما ومراكز ترفيه، وعلى الجناح الآخر ستكون المحال التجارية وعدد من المقاهي. أما الواجهة الرئيسية فستُغطى بألواح رقيقة محدبة من الألمونيوم على شكل حراشف، مطلية بألوان معدنية، تجعل من المركز التجاري في أوقات الليل أقرب إلى الكائن الحي الذي تتحرك حراشفه بينما تتغير ألوانها تحت تأثير منظومة خاصة للإضاءة الخارجية. وكل هذا بغية خلق عنصر إضافي لجذب أكبر عدد من عشاق التسوق.



السعودية: توقع «طفرة سكنية» يصحبها تراجع جديد في أسعار العقارات

تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة
تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة
TT

السعودية: توقع «طفرة سكنية» يصحبها تراجع جديد في أسعار العقارات

تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة
تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة

بعد سلسلة من المتغيرات التي شهدها قطاع الإسكان السعودي، يتجه القطاع إلى التوازن مع انخفاض التضخم الحاصل في الأسعار بمختلف فروع القطاع العقاري، وسط مبادرات سعت إليها وزارة الإسكان السعودية؛ الأمر الذي قلص الفجوة بين العرض والطلب خلال السنوات الماضية، حيث حققت الوزارة القيمة المضافة من خلال تلك المبادرات في رفع نسب التملك بالبلاد.
وتوقع مختصان أن تشهد الفترة المقبلة مزيداً من النجاح الحكومي في مجال الإسكان، مشيرين إلى أن المواطن سيجني ثمار ذلك على مستوى الأسعار وتوافر المنتجات، التي تلبي مطالب جميع الفئات. ويمثل هذا النجاح امتداداً لإنجازات الحكومة، في طريق حل مشكلة الإسكان، عبر تنويع المنتجات العقارية وإتاحتها في جميع المناطق، مع توفير الحلول التمويلية الميسرة، والاستفادة بالشراكة مع القطاع الخاص.
وأشار المختصان إلى أن أداء الحكومة، ممثلة في وزارة الإسكان، كان وراء خفض أسعار المساكن بشكل كبير، وذلك بعد أن وفرت للمواطنين منتجات عقارية متنوعة تلبي أذواق جميع المستفيدين من برامج الدعم السكني. وقال الخبير العقاري خالد المبيض إن «وزارة الإسكان تمكنت من إيجاد حلول عقارية ناجعة ومتنوعة، أدت إلى تراجع الأسعار بنسب تشجع جميع المواطنين بمختلف مستوياتهم المادية، على تملك العقارات»، مضيفاً أن «الفترة المقبلة ستشهد مزيداً من النجاح في هذا الجانب».
وتابع: «أتذكر أن أول مشروع تسلمته وزارة الإسكان، كان يتعلق ببناء 500 ألف وحدة سكنية، بقيمة 250 مليار ريال (133.3 مليار دولار)، ما يعني أن قيمة الوحدة السكنية 500 ألف ريال (133.3 ألف دولار). أما اليوم، فقد تمكنت الوزارة من إيجاد وحدات جاهزة بقيمة تصل إلى نصف هذا المبلغ وهو 250 ألف ريال (66.6 ألف دولار)»، لافتاً إلى أن «الفرد يستطيع الحصول على هذه الوحدات بالتقسيط، مما يؤكد حرص البلاد على إيجاد مساكن لجميع فئات المجتمع السعودي».
وأضاف المبيض: «تفاوت أسعار المنتجات العقارية يمثل استراتيجية اتبعتها الوزارة في السنوات الأخيرة، ونجحت فيها بشكل كبير جداً». وقال: «أثمرت هذه السياسة زيادة إقبال محدودي الدخل على تملك المساكن، بجانب متوسطي وميسوري الدخل الذين يقبلون على تملك مساكن ومنازل وفيلات تناسب قدراتهم المادية، وهذا يُحسب لوزارة الإسكان ويمهد لإنهاء مشكلة السكن التي لطالما أرقت المجتمع في سنوات ماضية».
وتوقع الخبير العقاري أن تشهد المرحلة المقبلة طفرة في قطاع الإسكان. وقال: «يجب أن نضع في الاعتبار أن منتجات الوزارة التي تعلن عنها تباعاً، تحظى بإقبال الأفراد كافة، لا سيما أنها تراعي خصوصية الأسرة السعودية، كما أنها تلبي احتياجاتها في الشكل والمساحات».
وأضاف: «تمكنت الوزارة من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة، ومنازل مستقلة، وفيلات، ومنح أراضٍ وقروض لمن يرغبون في البناء بأنفسهم». وتابع «كل هذه الخيارات وفرتها الوزارة في صورة مبادرات متعددة، موجودة في برنامج (سكني)، وروجت لها بشكل جيد، ووصلت بها إلى المواطنين».
من جانبه، رأى المحلل الاقتصادي علي الجعفري أن شراكة الوزارة مع شركات العقار السعودية تمثل خطوة استراتيجية تُحسب للحكومة في السنوات الأخيرة. وقال: «إحقاقاً للحق؛ أضاعت الوزارة عقب تأسيسها، بعض الوقت والجهد للبحث عن آليات تمكنها من بناء 500 ألف وحدة سكنية، لكنها عوضت ذلك بالشراكة مع القطاع الخاص».
وأضاف الجعفري: «الوزارة في بداية عهدها لم تتعاون مع شركات التطوير العقاري السعودية لتنفيذ مشاريع السكن، ولو أنها سارعت بهذا التعاون، لكان لدينا اليوم عدد كبير من المنتجات العقارية التي تساهم في حل مشكلة السكن».
واستطرد: «الوزارة تداركت في السنوات الأخيرة هذا الأمر، واعتمدت على شركات التطوير السعودية، التي أصبحت بمثابة الذراع التنفيذية لتصورات الحكومة وتوجهاتها لحل مشكلة السكن»، مضيفاً: «اليوم الوزارة ترتكن إلى حزمة من المبادرات النوعية، التي وفرت كثيراً من التنوع في المنتجات العقارية، وهو ما أشاع جواً من التفاؤل بإمكانية حل مشكلة السكن في المملكة في وقت وجيز».
وأكد الجعفري ثقته باستمرار نجاح البلاد في إدارة ملف الإسكان. وقال: «أنا واثق بأن مؤشرات السكن اليوم أفضل بكثير منها قبل 8 سنوات مضت، بعد طرح الوزارة آلاف المنتجات العقارية وتسليمها إلى مستحقيها، بل ودخول عدد كبير منها إلى حيز الاستخدام».
وختم الجعفري: «نجاحات وزارة الإسكان تحقق مستهدفات (رؤية المملكة 2030)، خصوصاً فيما يتعلق بالوصول إلى نسبة تمليك بين المواطنين تصل إلى 70 في المائة» على حد وصفه.
وكانت «مؤسسة النقد السعودي (ساما)» أشارت إلى أن عقود التمويل العقاري السكني الجديدة للأفراد واصلت صعودها لشهر يناير (كانون الثاني) الماضي، مسجلة أعلى معدلات إقراض في تاريخ البنوك السعودية من حيث عدد العقود ومبالغ التمويل بنحو 23 ألفاً و668 عقداً مقارنة بنحو 9 آلاف و578 عقداً في يناير 2019، من إجمالي القروض العقارية السكنية المُقدمة من جميع الممولين العقاريين من بنوك وشركات التمويل.
وأوضح التقرير الخاص بـ«ساما» أن النمو في عدد عقود التمويل العقاري السكني وصل لنحو 147 في المائة مقارنة مع يناير 2019، فيما سجل حجم التمويل العقاري السكني الجديد في يناير 2020، نمواً بمقدار 112 في المائة مقارنة بالشهر نفسه من عام 2019، والذي سجل نحو 4.766 مليار ريال (1.270 مليار دولار)، كما سجلت قروض يناير السكنية ارتفاعاً بنسبة اثنين في المائة عن الشهر السابق ديسمبر (كانون الأول) 2019، والذي وصل حجم التمويل خلاله إلى نحو 9.86 مليار ريال (2.6 مليار دولار)، فيما ارتفع عدد العقود بنسبة 1.5 في المائة عن شهر ديسمبر 2019، والذي شهد توقيع نحو 23 ألفاً و324 عقداً.
وأشار التقرير إلى أنه تم إبرام 94 في المائة من قيمة هذه العقود عن طريق البنوك التجارية، بينما أبرمت 6 في المائة منها عن طريق شركات التمويل العقاري، فيما بلغ عدد عقود المنتجات المدعومة من خلال برامج الإسكان في شهر يناير 2020 عن طريق الممولين العقاريين 22 ألفاً و432 عقداً وبقيمة إجمالية بلغت 9.4 مليار ريال (2.5 مليار دولار).