«الخيام الرمضانية» قبلة الصائمين في الأراضي الفلسطينية

الإقبال عليها يتزايد في غزة باعتبارها المتنفس الوحيد لهم

منتجع الشاليهات ينظم الخيام الرمضانية («الشرق الأوسط»)
منتجع الشاليهات ينظم الخيام الرمضانية («الشرق الأوسط»)
TT

«الخيام الرمضانية» قبلة الصائمين في الأراضي الفلسطينية

منتجع الشاليهات ينظم الخيام الرمضانية («الشرق الأوسط»)
منتجع الشاليهات ينظم الخيام الرمضانية («الشرق الأوسط»)

باتت «الخيام الرمضانية» جزءا من الأجواء التي يتمتع بها الشهر الفضيل عن الأشهر الأخرى لما يملك من مواصفات إيمانية وروحانية يصاحبها أجواء من الفرح والسعادة التي تخيم على العوائل التي تقضي وقتا ممتعا للترفيه عن نفسها.
وتنظم بعض المنتجعات والفنادق في الأراضي الفلسطينية، عقب ساعات ما بعد الإفطار «خياما رمضانية» بمشاركة شبان وفتيات وكذلك عوائل تشارك للترفيه عن أطفالها، حيث يقدم خلالها فقرات ترفيهية مختلفة بالإضافة إلى مسابقات يتم السحب من خلالها على جوائز نقدية وعينية.
ويعد منتجع الشاليهات من أكبر المنتجعات في قطاع غزة، التي تعمل على تنظيم الخيام الرمضانية باستمرار طوال الشهر الفضيل، بحضور المئات من العوائل الفلسطينية التي تستمتع بالليالي الجميلة بعيدا عن ظروف الحياة الصعبة والأوضاع السياسية والاقتصادية الصعبة في القطاع.
ويقول محمد هنية مدير العلاقات العامة في المنتجع لـ«الشرق الأوسط»، إن المواطنين بغزة ونتيجةً للظروف التي يعيشونها من ضغوط نفسية واجتماعية نتيجة الظروف الحياتية العامة تدفع بهم للبحث عما يخفف عنهم، والترفيه عن أنفسهم بقضاء أكبر وقت ممكن في أجواء جميلة.
وأشار هنية إلى أنهم يعمدون على تغيير النمط في كل مرة ينظمون فيها الخيام الرمضانية. مشيرًا إلى أن في بعضها يستقدمون فرق للدبكة الشعبية التي يتفاعل معها الجمهور بشكل كبير، وفي مرات أخرى يخصصون أوقات للأطفال باستقدام فرق خاصة لتقديم اسكتشات مسرحية هادفة تلامس ما يحبذه الأطفال. ولفت إلى أن شركات تجارية شهيرة بغزة تعمل على رعاية الحفلات من خلال تنظيم مسابقات خلال الخيام الرمضانية وتوزيع جوائز عينية على الفائزين. مشيرًا إلى أن المشاركين من المواطنين يتفاعلون كثيرا مع البرامج التي يتم إعدادها وتنظيمها.
وتجتهد المنتجعات والكافيتريات من خلال تنظيم الخيام الرمضانية لتحقيق ربح مادي جيد باستقطاب وترغيب المواطنين في المشاركة خاصة وأنها تقام على ساحل بحر غزة في أجواء لطيفة وجميلة. حيث يصل ثمن تذكرة دخول الشخص الواحد لمنتجع الشاليهات إلى 10 شياقل (2 ونصف دولار) مع تناول مشروب.
وتلجأ بعض المنتجعات والمطاعم إلى «البوفيه المفتوح» والذي يبلغ ثمن تذكرته نحو 40 شيقلاً فقط بما يعادل (10 ونصف دولار). في حين تختلف في منتجعات أخرى وفقا لعدد الأشخاص وليس الشخص الواحد ووفقا لما يطلبه من مشروبات وحلويات وغيره.
وتقول المواطنة «ياسمين الحاج» إنها تصطحب أطفالها باستمرار لحضور الخيام الرمضانية في منتجع الشاليهات. مشيرةً إلى أنها تحاول الترفيه عن نفسها وأفراد عائلتها والتفاعل مع ما يتم تقديمه من فقرات شيقة.
وتشير في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن أطفالها يستمتعون كثيرا بالفقرات التي تخصهم، ويتفاعلون بشدة مع أسئلة المسابقات. لافتةً إلى أن الأطفال بغزة بحاجة لمثل هذه الفعاليات التي تخفف عنهم كثيرا. ولا تقتصر الخيام الرمضانية على التنظيم في المنتجعات والكافيتريات، بل تقوم المساجد في غزة على تنظيمها بطريقة «إسلامية» من خلال إجراء مسابقات دينية وإلقاء الابتهالات والأناشيد الإسلامية، حيث تنظمها في مناطق مفتوحة مجاورة للمساجد بشكل مجاني، وتستقطب كما المنتجعات المواطنين لها، إلا أنها لا تهدف لتحقيق ربح مادي على عكس المنتجعات والكافيتريات.
ويقول الشاب «عبد الله نور» أحد المشرفين على خيمة رمضانية أقيمت في أحد الساحات المجاورة لأحد مساجد وسط مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، إنهم يحاولون الترفيه عن المواطنين بعيدًا عن تلك الخيام الرمضانية التي تقام في المنتجعات ويقدم خلالها فقرات غنائية. مشيرًا إلى أنهم يعملون على أن تكون الخيام الرمضانية الخاصة بالمساجد «إيمانية وروحانية» وتشتمل على مسابقات دينية وعامة.
وأشار إلى أن الخيام الرمضانية الإسلامية بغزة، لا تقتصر فقط على مشاركة الرجال والشباب والأطفال، بل إنه يتم تحديد مكان منفصل للنساء لمتابعة الفقرات الشيقة التي يتم تقديمها.
وفي الضفة الغربية، تشهد الفنادق الفاخرة في رام الله وأريحا وبيت لحم مثل هذه الخيام الرمضانية في أجواء عائلية اعتاد عليها سكان الضفة في السنوات الأخيرة بشكل كبير. حيث يقدم المواطنون على السهر لساعات طويلة، ويحبذ الرجال والنساء كما في غزة تماما على تدخين الأرجيلة والتفاعل مع الفقرات الغنائية التي يتم تقديمها.
ويتوافد يوميا المئات من المواطنين على فنادق ومطاعم مثل «إنكرز» و«ريف» في رام الله، و«الإنتر» في أريحا، و«الخيمة» في بيت لحم لتناول الإفطار وقضاء باقي ساعات المساء في جو جميل يرافقه تقديم كثير من الفقرات الفنية المقدمة. حيث يلاحظ اجتماع عائلات بأكملها في الفنادق والمنتجعات لقضاء هذه الأوقات الجميلة.
وتبلغ تذكرة دخول الفرد مع استخدام «البوفيه المفتوح» نحو 100 شيقل أي ما يعادل (26 دولارًا)، وهو رقم كبير بالنسبة لذلك الذي يتم تحديده في غزة التي تعيش ظروفًا حياتية مغايرة عن الضفة الغربية.



المدن والقرى السعودية ترسم «فرائحية العيد»... بالحديث والقديم

من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
TT

المدن والقرى السعودية ترسم «فرائحية العيد»... بالحديث والقديم

من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)

حافظ السعوديون على مظاهر عيد الفطر السعيد التي كانت سائدة في الماضي، كما حرص المقيمون في البلاد من المسلمين على الاحتفال بهذه المناسبة السنوية وفق عاداتهم وتقاليدهم في بلدانهم، أو مشاركة السكان في احتفالاتهم بهذه المناسبة السنوية، علماً بأن السعودية تحتضن مقيمين من نحو 100 جنسية مختلفة.
ويستعد السكان لهذه المناسبة قبل أيام من حلول عيد الفطر، من خلال تجهيز «زكاة الفطر»، وهي شعيرة يستحب استخراجها قبل حلول العيد بيوم أو يومين، ويتم ذلك بشرائها مباشرة من محال بيع المواد الغذائية أو الباعة الجائلين، الذين ينتشرون في الأسواق أو على الطرقات ويفترشون الأرض أمام أكياس معبئة من الحبوب من قوت البلد بمقياس الصاع النبوي، والذي كان لا يتعدى القمح والزبيب، ولكن في العصر الحالي دخل الأرز كقوت وحيد لاستخراج الزكاة.
وفي كل عام يتكرر المشهد السائد ذاته منذ عقود في الاحتفال بعيد الفطر السعيد ومع حلوله اليوم في السعودية تستعيد ذاكرة السكان، وخصوصاً من كبار السن ذكريات عن هذه الفرائحية السنوية أيام زمان، وفق استعدادات ومتطلبات خاصة وبعض المظاهر الاحتفالية التي تسبق المناسبة.

السعوديون يحرصون على الإفطار الجماعي يوم العيد (أرشيفية - واس)

وحافظت بعض المدن والمحافظات والقرى والهجر في السعودية على مظاهر العيد التي كانت سائدة في الماضي؛ إذ حرص السكان على إبقاء هذه المظاهر ومحاولة توريثها للأبناء. ولوحظ خلال الأعوام الماضية حرص السكان على إحياء المظاهر الاحتفالية بعيد الفطر من خلال موائد العيد بمشاركة جميع سكان الحي، وتمثلت هذه المظاهر في تخصيص أماكن بالقرب من المساجد أو الأراضي الفضاء ونصب الخيام داخلها وفرشها بالسجاد ليبدأ سكان الأحياء بُعيد الصلاة بالتجمع في هذه الأماكن وتبادل التهنئة بالعيد، ثم تناول القهوة والتمر وحلاوة العيد، بعدها يتم إحضار موائد العيد من المنازل أو المطابخ، التي لا تتعدى الكبسة السعودية والأكلات الشعبية الأخرى المصنوعة من القمح المحلي، وأبرزها الجريش والمرقوق والمطازيز، علماً بأن ربات البيوت يحرصن على التنسيق فيما يتعلق بهذه الأطباق لتحقيق التنوع في مائدة العيد وعدم طغيان طبق على آخر.
ويحرص السكان على المشاركة في احتفالية العيد التي تبدأ بتناول إفطار العيد في ساعة مبكرة بعد أن يؤدي سكان الحي صلاة العيد في المسجد يتوجه السكان إلى المكان المخصص للإفطار، الذي يفرش عادة بالسجاد (الزوالي) مع وضع بعض المقاعد لكبار السن ليتسنى لهم المشاركة في هذه الاحتفالات وفي المكان يتم تبادل التهاني بالعيد وتناول القهوة والتمر وحلاوة العيد، وبعدها يبدأ إخراج موائد العيد من المنازل وتوزيعها على السفرة التي تفرش عادة في الساحات القريبة من المسجد أو في الأراضي الفضاء داخل الحي أو حتى في الشوارع الفرعية، كما تقيم إمارات المناطق والمحافظات إفطاراً في مقراتها في ساعة مبكرة من الصباح يشارك بها السكان من مواطنين ومقيمين.

الأطفال أكثر فرحاً بحلول العيد (أرشيفية - واس)

وبعد انتهاء إفطار العيد يتوجه أرباب الأسر مع عائلاتهم إلى الأقارب للتهنئة بالعيد ضمن اعتبارات تتعلق بأعمار المزارين ودرجة القرابة، حيث الأولوية لعمداء الأسر وكبار السن منهم، ولأن الساعة البيولوجية للسكان يصيبها الخلل خلال شهر الصوم، فإن البعض يحرص على أخذ قسط من الراحة قبيل صلاة الظهر أو بعدها، ثم يبدأ بعد العصر بزيارة الأقارب والأصدقاء حتى المساء، حيث يخيّم الهدوء على المنازل، ويحرص المشاركون في الإفطار على تذوق جميع الأطباق التي غالباً ما يتم إعدادها داخل المنازل، التي لا تتعدى أطباق الكبسة والجريش وأحياناً القرصان أو المرقوق أو المطازيز، خصوصاً في أيام الصيف، حيث كانت موائد العيد خلال الشتاء تزين بالأكلات الشعبية مثل الحنيني والفريك.
وفي الوقت الذي اختفت فيه بعض مظاهر العيد القديمة عادت هذه الأجواء التي تسبق يوم عيد الفطر المبارك بيوم أو يومين للظهور مجدداً في بعض المدن والقرى بعد أن اختفت منذ خمسة عقود والمتمثلة في المناسبة الفرحية المعروفة باسم العيدية، التي تحمل مسميات مختلفة في مناطق السعودية، منها «الحوامة» أو «الخبازة» أو «الحقاقة» أو «القرقيعان» في المنطقة الشرقية ودول الخليج، كما تم إحياء هذا التراث الذي اندثر منذ سنوات الطفرة وانتقال السكان من منازلهم الطينية إلى منازل حديثة، وقد ساهمت الحضارة الحديثة وانتقال السكان من الأحياء والأزقة الطينية في القرى والمدن في اختفاء هذا المظهر الفرحي للصغار في شهر رمضان ومع حلول العيد. يشار إلى أن المظاهر الاحتفالية لعيدية رمضان قبل عقود عدة تتمثل في قيام الأطفال بطرق الأبواب صباح آخر يوم من أيام رمضان وطلب العيدية التي كانت لا تتعدى البيض المسلوق أو القمح المشوي مع سنابله والمعروف باسم «السهو»، ثم تطور الأمر إلى تقديم المكسرات والحلوى، خصوصاً القريض والفصفص وحب القرع وحب الشمام والحبحب، وحلّت محلها هدايا كألعاب الأطفال أو أجهزة الهاتف المحمول أو النقود.