رسائل نصية قصيرة تتضمن «تحذيرات أمنية» لصحافيين تثير بلبلة في إيران

برلمانيون يطالبون بإعلان الجهة المسؤولة عن مصدر الرسائل

صورة ضوئية من رسالة تهديد أرسلت إلى 700 صحافي في إيران
صورة ضوئية من رسالة تهديد أرسلت إلى 700 صحافي في إيران
TT

رسائل نصية قصيرة تتضمن «تحذيرات أمنية» لصحافيين تثير بلبلة في إيران

صورة ضوئية من رسالة تهديد أرسلت إلى 700 صحافي في إيران
صورة ضوئية من رسالة تهديد أرسلت إلى 700 صحافي في إيران

تحدثت وكالة الأنباء الإيرانية الطلابية أمس (السبت)، عن بلبلة في الأوساط السياسية والإعلامية، إثر إرسال رسائل نصية قصيرة مجهولة المصدر تهدد صحافيين وناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي من مغبة التواصل «مع عناصر معادية مقرها في الخارج».
وجاء في الرسائل النصية «أن أي تواصل أو تعاون مع عناصر معادية في الخارج عبر البريد الإلكتروني أو وسائل أخرى للاتصال جريمة، وسيترتب عليها ملاحقات قضائية.. من الضروري وقف هذه الاتصالات.. هذه الرسالة هي التحذير الأخير».
من جانبه، ذكر موقع «زيتون» التحليلي المقرب من الإصلاحيين أن الرسائل استهدفت صحافيين وفنيين يعملون في وسائل الإعلام بالعاصمة طهران، كما شملت بعض الكتاب وعائلات السجناء السياسيين.
بدورها نفت وزارتا الإعلام والمخابرات ومكتب المتحدث باسم الحكومة محمد رضا نوبخت علمهم بتلك الرسائل.
وبحسب بعض وسائل الإعلام تلقى 700 صحافي وناشط على مواقع التواصل الاجتماعي هذه الرسالة النصية مساء الخميس الماضي من أربعة أرقام مختلفة.
وقال النائب المعتدل علي مطهري أمس (السبت): «هذه الرسائل النصية أشاعت قلقا بين الصحافيين». وصرح للوكالة «بأن على شرطة الشبكة الإلكترونية ووزارة الاستخبارات كشف مصدر هذه الرسائل وإبلاغ السكان، وعلى القضاء التحرك ضد هؤلاء». وأضاف أن «لجنة مراقبة الصحافة مسؤولة عن الإعلام، وعلى الهيئات الأخرى عدم التدخل».
بدوره، طالب البرلماني ورئيس تحرير صحيفة «ابتكار» محمد علي وكيلي، وزارة الثقافة بالبحث عن الجهة المسؤولة عن إرسال التهديدات ومحاسبة المسؤولين عنها، معربا عن اعتقاده بأنه تصرف «فردي» و«إنذار» للوسط الإعلامي في إيران. كذلك اعتبر وكيلي سبب إرسال الرسائل «فوضى قانونية»، وفق ما نقلت عنه وكالة «برنا».
من جهته، قال مساعد رئيس البرلمان الإيراني ورئيس مجلس إدارة صحيفة «اعتماد»، إلياس حضرتي، في تصريح لوكالة «إسنا»، إن الرسائل الأمنية للصحافيين مثيرة للقلق، متوعدا بتوجيه إنذار مكتوب إلى وزير المخابرات ورئيس الشرطة الإلكترونية (فتا).
وقال صحافيون تلقوا الرسالة النصية، على مواقع التواصل الاجتماعي، إنهم سيرفعون شكوى إلى الشرطة المعنية بالرقابة على مواقع التواصل.
ووفقا للقانون، يحظر أي اتصال مع وسائل الإعلام الخارجية الناطقة بالفارسية، خصوصا «بي بي سي» بالفارسية، أو «صوت أميركا»، واتهمت السلطة الإيرانية وسائل إعلام ناطقة بالفارسية بالتدخل في الانتخابات لصالح الموافقين لسياسة حكومة روحاني واتجاه الإصلاحيين.
وفي أبريل (نيسان) حكم القضاء على أربعة صحافيين أوقفوا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 بالسجن بين 5 و10 سنوات، بتهمة «التواطؤ» مع حكومات أجنبية والمساس بـ«الأمن القومي».
وهؤلاء الصحافيون، ويعمل بعضهم مع وسائل إعلام إصلاحية، ضمن مجموعة أشخاص موقوفين من الحرس الثوري بتهمة «أنهم أعضاء في شبكة تجسس مرتبطة بحكومات غربية معادية» للجمهورية الإسلامية.
يشار إلى أن مخابرات الحرس الثوري تعتقل منذ ستة أشهر أربعة صحافيين قالت إنهم أعضاء شبكة تغلغل في وسائل الإعلام الإيرانية، كما أعلن في مايو (أيار) الماضي اعتقال الباحثة الكندية هما هودفر من قبل مخابرات الحرس الثوري، بعد دخولها إيران لكتابة بحث عن مشاركة النساء في الانتخابات، كما قال الحرس الثوري إنه اعتقل موظفة وكالة «رويترز» المواطنة البريطانية نازنين زاغري، متهما إياها بالعضوية في شبكة إعلامية واسعة تشمل صحافيين إيرانيين، وتعاونت مع وسائل إعلام أجنبية للإطاحة بالنظام في 2009.
وكانت منظمة «مراسلون بلا حدود» ذكرت أن أكثر من 34 صحافيا يعانون من أوضاع صحية خطيرة في سجن أوين طهران، مطالبة السلطات بالإفراج العاجل عنهم، وتوجه محكمة الثورة الإيرانية عادة تهمة الدعاية ضد النظام والتعاون مع وسائل إعلام معادية وتهديد الأمن القومي إلى الصحافيين ومدافعي حقوق الإنسان.



فرنسا متأرجحة نحو التغييرات السورية... إقدام أم تروٍّ؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
TT

فرنسا متأرجحة نحو التغييرات السورية... إقدام أم تروٍّ؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)

لا تشذ فرنسا في مقاربتها للملف السوري عن غيرها من الدول الأوروبية وغير الأوروبية وتتأرجح مواقفها بين الرغبة في الإقدام على الدخول بتفاصيله، والتروي بانتظار أن يتضح المشهد السوري وما تريده السلطة الجديدة وعلى رأسها «هيئة تحرير الشام» بقيادة أحمد الشرع (المكنى سابقاً أبو محمد الجولاني).

كذلك تريد باريس تنسيق مواقفها وخطواتها مع شريكاتها في الاتحاد الأوروبي رغم أن الدول المعنية ليست كلها منخرطة في الملف السوري بمقدار انخراط باريس أو برلين أو مدريد، وأفادت الخارجية الفرنسية بأن الملف السوري سيكون موضع مناقشات بين وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يوم الاثنين المقبل.

ما تقوله المصادر الفرنسية، يُبين أن باريس، كغيرها من العواصم، «فوجئت» بسرعة انهيار النظام الذي تصفه بأنه «نظام قاتل» مسؤول عن وفاة 400 ألف شخص وكل يوم يمر يكشف عن المزيد من «فظاعاته»، فضلاً عن أنه أساء دوماً للمصالح الفرنسية خصوصاً في لبنان، ولم يحارب الإرهاب بل «شجعه» كما دفع ملايين السوريين إلى الخارج.

وتعدّ فرنسا أن سقوط نظام بشار الأسد شكل «مفاجأة»؛ إلا أنه شكل «بارقة أمل» للسوريين في الداخل والخارج، ولكنها مُكَبّلة بعدد كبير من التحديات والمخاطر؛ منها الخوف من «تمزق» سوريا، وأن تمر بالمراحل التي مر بها العراق وليبيا سابقاً، وأن تشتعل فيها حرب طائفية ونزاعات مناطقية وتنشط مجموعات «إسلاموية وجهادية»، وتدخلات خارجية، وأن تنتقل العدوى إلى لبنان كما حصل في السنوات 2015 و2016.

ملاحظات باريسية

وإزاء مفردات خطاب «معتدلة» تصدر عن أحمد الشرع والهيئة التي يرأسها وعلى ضوء صورة الحكومة الانتقالية التي رأت النور برئاسة محمد البشير، تتوقف باريس عند عدة ملاحظات: الأولى، اعتبار أن ما جرى «يفتح صفحة جديدة»، وأن الهيئة المذكورة لم ترتكب تجاوزات كبرى واعتمدت حتى اليوم خطاباً «معتدلاً» ووفرت ضمانات «كلامية»؛ إلا أن ما يهم فرنسا، بالدرجة الأولى، «الأفعال وليست الأقوال».

وما تريده باريس عميلة انتقال سلمي للسلطة وأن تضم جميع المكونات وأن تحترم الحقوق الأساسية للمواطنين والأديان والطوائف، وأحد معاييرها أيضاً احترام وضع النساء وحقوقهن، كذلك، فإن باريس ستعمل لأجل هذه الأهداف مع الشركاء العرب وأيضاً مع تركيا وإسرائيل.

بيد أن فرنسا لا تريد لا الإسراع ولا التسرع، وإن كانت تتأهب لإرسال مبعوث إلى سوريا يرجح أن يكون الدبلوماسي جان فرنسوا غيوم، لكنها تستبعد الاعتراف السريع بالسلطات الجديدة.

وأكدت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان صادر عنها الخميس أن باريس ترى أنه «من السابق لأوانه في هذه المرحلة مناقشة رفع العقوبات المفروضة» على سوريا.

وكان وزير الخارجية المستقيل، جان نويل بارو، قد أجرى محادثات مع بدر جاموس، رئيس لجنة المفوضات السورية ومع ممثلين عن المجتمع المدني.

وقال بيان رسمي إن بارو ومحدثيه «عبروا عن الالتزام بتحقيق انتقال سياسي سلمي يشمل الجميع ويتماشى مع القرار 2254 الصادر عن الأمم المتحدة، يحمي المدنيين والحقوق الأساسية والأقليات».

كذلك أشار إلى «الاتفاق على أهمية الحفاظ على مؤسسات الدولة واحترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها»، فضلاً عن «الإعراب عن قلقهم إزاء مخاطر التشرذم وانعدام الاستقرار والتطرّف والإرهاب، وضرورة استنفار الطاقات السورية والدولية من أجل تحاشيها».

اللاجئون

أما بالنسبة لملف عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، فإن باريس تقول إنها ليست من يقول لهؤلاء بالعودة أو بالامتناع عنها. إلا أنها بالمقابل تعدّ الشروط الضرورية لعودتهم مثل الأمن والعودة الكريمة «ليست متوافرة» رغم سقوط النظام القديم وقيام نظام جديد.

وتتوافق المواقف الفرنسية مع تلك التي صدرت عن مجموعة السبع، الخميس، التي أبدت الاستعداد لدعم عملية انتقالية في إطار يؤدي إلى حكم موثوق وشامل وغير طائفي في سوريا، مذكرة بأن العملية الانتقالية يجب أن تتسم بـ«احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان العالمية، بما في ذلك حقوق المرأة، وحماية جميع السوريين، بمن في ذلك الأقليات الدينية والعرقية، والشفافية والمساءلة».

لاجئون سوريون في تركيا يسيرون نحو المعبر الحدودي بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد (د.ب.أ)

وضمن هذه الشروط، فإن مجموعة السبع ستعمل مع أي حكومة سورية مستقبلية تلتزم بهذه المعايير وتكون نتاج هذه العملية وتدعمها بشكل كامل.

وبينما تقضم إسرائيل أراضي سورية، وتدفع تركيا بالقوات التي ترعاها في الشمال الشرقي إلى مهاجمة مواقع «قسد»، فإن مجموعة السبع دعت «الأطراف كافة» إلى الحفاظ على سلامة أراضي سوريا ووحدتها الوطنية واحترام استقلالها وسيادتها.

ومن جانب آخر، وفي الكلمة التي ألقتها بعد ظهر الخميس بمناسبة «القمة الاقتصادية الخامسة لفرنسا والدول العربية» التي التأمت في باريس، عدّت آن غريو، مديرة إدارة الشرق الأوسط والمغرب العربي في الخارجية الفرنسية، أن الوضع اليوم في المنطقة «بالغ التعقيد» في قراءتها للتطورات الأخيرة في سوريا وللوضع في الشرق الأوسط، وأن المنطقة «تشهد تحركات تكتونية» (أي شبيهة بالزلازل).

وتعتقد غريو أن هناك «حقيقتين» يتعين التوقف عندهما بشأن سوريا: الأولى عنوانها «انعدام اليقين»، والعجز عن توقع التبعات المترتبة على هذه التطورات ليس فقط في المنطقة ولكن أيضاً في الجوار الأوروبي، إذ إن المنطقة «تسير في أرض مجهولة» وتشهد تغيرات جيوسياسية رئيسية.

و«الحقيقة» الثانية عنوانها السرعة الاستثنائية التي تحصل فيها هذه التغيرات، مشيرة إلى أنه في عام واحد حصلت حرب غزة وحرب لبنان والحرب بين إسرائيل وإيران وانهيار النظام السوري، وهي تطورات غير مسبوقة، لا في أهميتها وتبعاتها ولا في زمنيتها.