الأسد يعلن عن «حكومة نصف جديدة» بعدد نساء أكبر

تعيين حاكم المصرف المركزي وزيرًا للاقتصاد رغم فشل سياسته النقدية

الأسد يعلن عن «حكومة نصف جديدة» بعدد نساء أكبر
TT

الأسد يعلن عن «حكومة نصف جديدة» بعدد نساء أكبر

الأسد يعلن عن «حكومة نصف جديدة» بعدد نساء أكبر

لم يفاجأ السوريون بأسماء التشكيلة الوزارية التي أعلن عنها يوم أمس، التي جاءت بأسماء نصفها جديد ونصفها الآخر تقريبا جدد له، وكما كان متوقعا من التسريبات التي سبقت الإعلان عن الوزارة التي شكلها عماد خميس، أن يتم الاحتفاظ بغالبية الوزارات السيادية كالدفاع والخارجية والداخلية والعدل والأوقاف وشؤون الرئاسة، مع تعديل في الإعلام والاقتصاد بعد انتقادات حادة من الموالين للنظام للوزارتين لعجزهما عن تلبية متطلبات حالة الحرب.
إلا أن اللافت كان في تعيين حاكم المصرف المركزي أديب ميالة وزيرا للاقتصاد رغم فشل سياسته المالية في الحفاظ على قيمة الليرة السورية من التدهور. لكنه وبحسب مصادر اقتصادية متابعة في دمشق، يدل تعيينه على نجاح سياسته المالية من جانب تأمين مصادر مال للنظام عبر السيطرة على السوق السوداء والتلاعب بسعر الصرف بما يتيح لحكومة الظل جني أرباح فارق السعر بين سعر المصرف المركزي الرسمي وسعر السوق السوداء. وتقول المصادر: «النظام يريد أن يستفيد من هذه الخبرة في وزارة المالية»، متوقعة أن يظهر ذلك قريبا في فرض ضرائب جديدة وقرارات تستنزف ما تبقى موارد لدى التجار ورجال الأعمال. وكعادة السوريين استقبلوا تشكيل الحكومة بالنكات، وأولها كان حول وزير الكهرباء محمد زهير خربوطلي الذي خلف عماد خميس، بأن «اسمه يدل على خطته في تقنين الكهرباء متوقعين أن يخربطها خربطة».
من جانب آخر أظهرت التشكيلة نصف الجديدة توجه النظام لتطعيم عناصر سلطاته التشريعية والإدارية والتنفيذية بالعناصر النسائية، فبعد تعيين هدية عباس رئيسة لمجلس الشعب السوري، منح ولأول مرة وزارتي دولة لسلوى عبد الله ووفيقة حسني، إضافة إلى احتفاظ ريما القادري بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.
وصدر يوم أمس مرسوم رئاسي يقضي بتشكيل حكومة جديدة برئاسة المهندس عماد خميس، احتفظ فيها الوزراء الرئيسيون بحقائبهم، في حين تولى وزراء جدد حقائب الإعلام والاقتصاد. واحتفظ نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وليد المعلم بمنصبه، إضافة إلى وزير الدفاع العماد فهد الفريج. كذلك، لم يتبدل وزراء الداخلية والعدل والأوقاف وشؤون الرئاسة.
وتضم الحكومة الجديدة 26 وزيرا يتولون حقائب، بينهم 14 وزيرا جديدا، منهم وزير الإعلام محمد رامز ترجمان الذي كان يتولى منصب المدير العام لهيئة الإذاعة والتلفزيون. وهناك أيضا أربعة وزراء دولة جدد، إضافة إلى وزير الدولة لشؤون المصالحة الوطنية علي حيدر الذي احتفظ بمنصبه.
وانضم إلى الحكومة وزراء جدد يتولون حقائب التجارة الداخلية والاتصالات والموارد المائية والنقل والإسكان والاقتصاد والمال والصناعة والنفط والتجارة الخارجية، على وقع تأزم اقتصادي واجتماعي حاد، تجاوز فيها نسبة الفقر الـ80 في المائة، نتيجة الحرب التي أعلنها النظام على معارضيه منذ عام 2011. وأدت إلى فقدانه السيطرة على نحو ثلثي البلاد وقتل فيها أكثر من 400 ألف من المعارضين ودمر نحو 80 في المائة من تسع محافظات. وشرد أكثر من خمسة ملايين سوري خارج البلد، وستة ملايين داخلها.
وكان الأسد كلف في 22 يونيو (حزيران) الماضي وزير الكهرباء عماد خميس في حكومة تسيير الأعمال تشكيل حكومة جديدة، خلفا لوائل الحلقي، بعدما أدى النواب الذين انتخبوا في أبريل (نيسان) الماضي، اليمين الدستورية في 6 يونيو (حزيران).



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.