الطيران الروسي يتدخل بعد انتكاسة النظام بريف اللاذقية.. وكر وفر في حلب

مصدر معارض: قوات الأسد تواصل تراجعها الحاد بجبلي الأكراد والتركمان

الطيران الروسي يتدخل بعد انتكاسة النظام بريف اللاذقية.. وكر وفر في حلب
TT

الطيران الروسي يتدخل بعد انتكاسة النظام بريف اللاذقية.. وكر وفر في حلب

الطيران الروسي يتدخل بعد انتكاسة النظام بريف اللاذقية.. وكر وفر في حلب

تدخل سلاح الجو الروسي على خط المعارك في ريف اللاذقية، بعد يومين من خسارات استراتيجية منيت بها قوات النظام السوري، وقوات «صقور الصحراء» المدعومة من موسكو، وأسفرت عن تقدم قوات المعارضة في جبل التركمان، ونقل المعركة مجددًا إلى جبل الأكراد في ريف اللاذقية الشمالي.
وقال مصدر سوري معارض لـ«الشرق الأوسط» أن الطيران الروسي عاد بقوة للمشاركة في عمليات ريف اللاذقية الشمالي، بعد انكفائه، مشيرًا إلى أن سلاح الجو الروسي «تدخل بعد الخسارات التي منيت بها القوات النظامية، وقوات صقور الصحراء أمام هجمات المعارضة». وقال أن قوات النظام «تواصل تراجعها من ريف جبل التركمان وجبل الأكراد بشكل دراماتيكي»، واصفًا المعركة بريف اللاذقية بأنها «معركة روسيا الاستراتيجية».
وكانت قوات النظام قد سيطرت على معاقل المعارضة بريف اللاذقية في جبلي الأكراد والتركمان في الشتاء الماضي، قبل توصل موسكو وواشنطن إلى اتفاق هدنة في سوريا. وتابعت قوات النظام تقدمها بشكل تدريجي على طريقة القضم البسيط، حتى وصلت إلى أعتاب منطقة كبانة المشرفة على مدينة جسر الشغور بريف إدلب، وذلك قبل أن تتراجع بشكل كبير بدءًا من الخميس الماضي، أمام ما عُرف بمعركة «اليرموك».
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن المعارك «تواصلت بعنف بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وغير سورية من طرف، والفرقة الأولى الساحلية وحركة أحرار الشام الإسلامية، وجيش الإسلام، وأنصار الشام، والفرقة الثانية الساحلية، والحزب الإسلامي التركستاني، وجبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام)، وفصائل إسلامية ومقاتلة أخرى من طرف آخر، في عدة محاور بجبل التركمان بريف اللاذقية الشمالي، وسط تقدم للفصائل وسيطرتها على قرية الصراف وتلال بمحيطها في جبل التركمان». وأشار إلى «تجدد الاشتباكات بين الطرفين بوتيرة منخفضة بعدة محاور بجبل الأكراد بريف اللاذقية الشمالي، وسط قصف عنيف من قبل قوات النظام والطائرات الحربية على مناطق الاشتباك، ترافق مع استهداف الفصائل تمركزات لقوات النظام في ريف اللاذقية الشمالي، ما أسفر عن مقتل عنصر من قوات النظام».
وتسعى القوات المعارضة للوصول إلى سلمى، أبرز معاقل المعارضة في ريف اللاذقية التي استعاد النظام السيطرة عليها في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، بغطاء من سلاح الجو الروسي. ووعد أبرز قياديي جيش الفتح عبد الله المحيسني أنصاره بقضاء عيد الفطر في سلمى، بعد تأكيده أن قوات الفتح استعادت السيطرة على كامل المناطق التي سيطر عليها النظام بدعم من سلاح الجو الروسي منذ 9 أشهر.
في غضون ذلك، لم تتمكن قوات النظام من السيطرة على مزارع الملاح وحندرات في شمال مدينة حلب، وذلك بعد شن هجمات واسعة في شمال حلب لقطع الطريق الذي يشكل آخر منفذ يستخدمه المقاتلون المعارضون للخروج من المدينة.
وأفاد المرصد باندلاع اشتباكات عنيفة بعد منتصف ليل السبت في محور الملاح شمال حلب، بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل الإسلامية والمقاتلة من جهة أخرى، وفي قسم من الأراضي الزراعية على الحافة الشمالية من المدينة التي يتقاسمان السيطرة عليها.
ونفى مصدر معارض سيطرة النظام على الملاح وحندرات، مؤكدًا أن مقاتليه «ما زالوا يسيطرون على الجهة الجنوبية من منطقة مزارع الملاح، ويصدون هجمات النظام».
وتدور منذ نحو عشرة أيام معارك في منطقة مزارع الملاح تهدف قوات النظام السوري من خلالها إلى التقدم وقطع طريق الكاستيلو، المنفذ الوحيد للفصائل المقاتلة في الأحياء الشرقية لمدينة حلب. بدوره، قال رامي عبد الرحمن لوكالة «الصحافة الفرنسية»: «تمكنت قوات النظام من التقدم في منطقة الملاح لكن طريق الكاستيلو لا يزال مفتوحًا حتى الآن»، موضحًا: «إذا سيطروا على كامل الملاح، سيتمكنون من محاصرة أحياء المعارضة داخل المدينة».
لكن قياديًا معارضًا يقاتل في حلب، شكك في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن يكون النظام قادرًا على إطباق الحصار على حلب، قائلاً: «المعركة تشهد معارك كر وفر، ولا يمكن لأي من الطرفين البقاء فيها بالنظر إلى أنها مناطق مفتوحة، ويمكن استهداف المقاتلين فيها بسهولة». وأشار إلى أن النظام «لا يستطيع الاحتفاظ بسيطرته على الملاح وحندرات إلا إذا اقترب وسيطر على طريق الكاستيلو الذي يمكنه من الاحتفاظ بالسيطرة عليها، كذلك لا يمكن للمعارضة الاحتفاظ بالسيطرة عليها إلا إذا تقدمت أكثر من موقعها».
وتدور معارك عنيفة في المنطقة منذ أن شنت القوات النظامية هجومًا أواخر يونيو (حزيران) ردت عليه الفصائل الإسلامية بهجوم معاكس دون أن يحرز أي من الطرفين تقدمًا. وأسفرت المعارك خلال الأيام العشرة الأخيرة عن مقتل العشرات من الطرفين، بحسب المرصد.
وتدور منذ نحو أسبوع أيضا اشتباكات داخل مدينة حلب في أحياء سيف الدولة، وصلاح الدين، والخالدية التي يتقاسم سيطرتها الطرفان، بالإضافة إلى حي بني زيد الواقع بأكمله تحت سيطرة الفصائل.
كذلك تعرضت أحياء عدة، بينها السكري والشيخ سعيد، في الجزء الشرقي لقصف جوي شنته طائرات حربية سورية، وردت الفصائل باستهداف الأحياء الغربية بعدة قذائف، بحسب المرصد.
وكانت قوات النظام السوري شنت في فبراير (شباط) الماضي هجومًا واسع النطاق في ريف حلب الشمالي، وتمكنت من السيطرة على مناطق عدة، وضيقت الخناق على الأحياء الشرقية، إلا أنه في 27 فبراير فرضت واشنطن وموسكو اتفاقًا لوقف الأعمال القتالية في مناطق عدة في سوريا. وانهار هذا الاتفاق في مدينة حلب بعد نحو شهرين من دخوله حيز التنفيذ.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.