الجامعة الأميركية.. رحلة تنقب في تاريخ لم يكتب بعد

«كتاب ذهبي» بمرور مائة وخمسين عامًا على تأسيسها في بيروت

الجامعة الأميركيّة في بيروت (غيتي).. وفي الإطار غلاف الكتاب
الجامعة الأميركيّة في بيروت (غيتي).. وفي الإطار غلاف الكتاب
TT

الجامعة الأميركية.. رحلة تنقب في تاريخ لم يكتب بعد

الجامعة الأميركيّة في بيروت (غيتي).. وفي الإطار غلاف الكتاب
الجامعة الأميركيّة في بيروت (غيتي).. وفي الإطار غلاف الكتاب

مائة وخمسون عامًا هو عنوان الكتاب التذكاري الذي أطلقته الجامعة الأميركيّة في بيروت في ذكرى مرور مائة وخمسين عامًا على تأسيسها. يضمّ الكتاب الذهبي الضخم ستا وعشرين مقالة تسبقها مقدّمة وتليها خاتمة. وساهم في الكتاب مؤرخون عالميّون مهمّون وباحثون وأساتذة من الجامعة نفسها أو من خرّيجيها. ويلحظ القارئ أنّ معظم المساهمين لهم علاقة ما بالجامعة، وهذا ما يفسّر الودّ والمحبّة اللذين يشعر بهما القارئ عند مطالعة الكتاب. أشرف على تحرير الكتاب ثلاثة من ألمع أساتذة الجامعة: د. ناديا ماريا الشيخ، ود. لينا شويري، ود. بلال الأرفه لي، وكانت الافتتاحية لرئيس الجامعة د. فضلو خوري. وكانت الجامعة قد بدأت منذ بضعة أشهر الاحتفال بالعيد المائة والخمسين على تأسيسها عبر فعاليات ثقافية وفنية وأدبية متعدّدة.
يقع الكتاب في خمسة محاور: (1) البدايات، (2) العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية والعالم، (3) الفضاء الجامعي، (4) الإنجازات الأكاديميّة والعلميّة، (5) وأعلام من الجامعة. والكتاب، كما يشير المحرّرون، ليس تاريخًا تفصيليًّا أو زمنيًّا للجامعة، بل هو مقاربة نقديّة وعلميّة لإظهار دور الجامعة وفهمه في سياقه التاريخي والجغرافيّ. الكتاب نموذج لما قدّمته وتقدّمه هذه القلعة المعرفية الشاهقة والعريقة في رأس بيروت. رحلة معرفيّة آسرة تنقب في تاريخ لم يكتب بعد، وفي أرشيفات خاصّة وعامّة، بمناهج تاريخيّة، وفيلولوجية، وأنثروبولوجية. من مقالة إلى أخرى يشعر القارئ أنّ الكتاب ليس احتفالاً بالجامعة فحسب بل هو في الوقت ذاته نقدٌ ذاتي لها ولدورها الثقافي والاجتماعي والحضاري والسياسي في بيروت، ولبنان، والمنطقة. لا يتوانى مؤلّفو المقالات عن الحديث عن علاقة الجامعة الشائكة بالدول الغربية أو بالمخابرات الأميركية، بالقوميّات اللبنانية والسورية والعربيّة عموما، عن الحرب الأهليّة اللبنانيّة، عن الأزمات الداخليّة للجامعة والتغيّرات الفكرية فيها، عن الحركات الطلابيّة أو حتّى الفضائح. لا تخشى هذه الجامعة من تاريخها لأنّها تعرف تمامًا أن لا جامعة عربية تعادلها تاريخًا أو عمقًا أو بعدًا حضاريًّا وعلميًّا.
والكتاب كما يقدّم نفسه، ليس تاريخًا واحدًا بل مقاربات مختلفة للتاريخ حتّى ضمن المحور الواحد. ففي المحور الأوّل تناقش مقالات د. سمير خلف ود. سامر طرابلسي مثلاً الفترة التأسيسية للجامعة ودور المبشرّين البروتستانت، بينما تناقش مقالة د. ألسكساندرا كابوليجسكي دور المدينة في تكوين نظرتنا للجامعة. وفي المحور نفسه تتحدّث مقالة د. تايلور براند عن دور الجامعة في الإغاثات في الحرب العالمية الأولى، بينما تعرض د. ناديا ماريا الشيخ صورًا تاريخيّة تظهر دور النساء الطليعي في الجامعة.
يطرح المحور الثاني علاقة الجامعة بالولايات المتحدة والعالم. تطرح هنا موضوعات مثل دراسات الشرق الأوسط بين الاهتمامات المحلية والضغوطات الدولية (كما في مقالة جون ميلوي)، والمواجهات والضغوطات المحلية فيما يتعلّق بالحريّات الأكاديميّة (مقالتا باتريك مكريفي ومايكل بروفنس)، والعلاقات والسياسات الدولية للجامعة (مقالة رازموس برتلسن)، والجامعة تحت تأثير الحرب الباردة (مقالتا مايكل بروفنس وسايروس شايغ).
يخصّص المحور الثالث للفضاء الجامعي من هندسة معمارية وتخطيط مدني، مقابر البروتستانت في بيروت وعلاقتها بالجامعة، وصولاً إلى علاقة الجامعة بمحيطها الأوسع، رأس بيروت تحديدًا. تغلب العلوم الإنسانيّة في القسمين المخصّصين للإنجازات الأكاديميّة والشخصيّات الجامعيّة وقد يكون مردّ ذلك إلى صعوبة كتابة تاريخ العلوم أو الهندسة من قبل أهل هذه الاختصاصات. ونرى تركيزًا خاصًا على حقول التاريخ، والأركيولوجيا، الدراسات العلمية العربية والإسلامية، والزراعة. أمّا الشخصيّات الجامعيّة التي يعالجها الكتاب فنذكر منها على سبيل المثال المؤرخ كمال الصليبي، الباحثة في حقل الدراسات العربيّة والإسلاميّة وداد القاضي، الكاتب والباحث أنيس فريحة، والروائي جرجي زيدان، والمؤرخ بولس الخولي. ليست الجامعة وفقا لهذا الكتاب كيانًا واحدًا، بل كان لكلّ شخصيّة أو دائرة أو قسم فيها كيانه المستقلّ ضمن المؤسّسة بتوجّهاته وانتماءاته المعرفيّة والثقافيّة، وهذا أجمل ما في الجامعة الأميركيّة. قد يتحدّث البعض عن تراجع الدور الأميركي الثقافي في الجامعات العربيّة أو مصير هذا التأثير، وقد يتحدّث البعض الآخر عن فشل الحملات التبشيريّة في زرع ثقافات معرفيّة قادرة على الاستمرار وعلى خلق مناخات تعدّدية في المنطقة. لكنّ هذا الكتاب ينمّ عن وعي بماضٍ عريق ويضع ولو بصمت خريطة لمستقبل واعد. كيف ستحتفل الجامعة بعيدها المائتين؟ وكيف سيكون شكل لبنان والعالم العربي حينها؟



معرض الكويت الدولي للكتاب ينطلق غداً... وعبد الله الغنيم «شخصية العام»

العالم الجغرافي والمحقق اللغوي الكويتي د. عبد الله الغنيم شخصية معرض الكتاب لهذا العام
العالم الجغرافي والمحقق اللغوي الكويتي د. عبد الله الغنيم شخصية معرض الكتاب لهذا العام
TT

معرض الكويت الدولي للكتاب ينطلق غداً... وعبد الله الغنيم «شخصية العام»

العالم الجغرافي والمحقق اللغوي الكويتي د. عبد الله الغنيم شخصية معرض الكتاب لهذا العام
العالم الجغرافي والمحقق اللغوي الكويتي د. عبد الله الغنيم شخصية معرض الكتاب لهذا العام

ينطلق غداً (الأربعاء) معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ47، بمشاركة 544 دار نشر، من 31 دولة، 19 دولة عربية و12 أجنبية.

ويحلّ الأردن «ضيف شرف» على المعرض هذا العام. في حين أعلن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب اختيار العالم الجغرافي والمحقق اللغوي والمترجم الكويتي عبد الله الغنيم ليكون «شخصية المعرض».

وقال مدير المعرض، خليفة الرباح، إن اختيار الغنيم «جاء تقديراً لإسهاماته الكبيرة في الثقافتين المحلية والعربية، وهو ما تَجسَّد في حصوله على (وسام الاستقلال من الدرجة الأولى) من الأردن عام 2013 لدوره في إثراء قاموس القرآن الكريم، بالتعاون مع مؤسسة الكويت للتقدم العلمي».

شغل الغنيم منصب وزير التربية خلال الفترة بين 1990 و1991، ووزير التربية والتعليم العالي بين 1996 و1998، ورئيس مركز البحوث والدراسات الكويتية من 1992 حتى الآن، كما عمل أستاذاً ورئيس قسم الجغرافيا في جامعة الكويت بين 1976 و1985، وعضو مجمع اللغة العربية في سوريا ومصر، وعضو المجلس الأكاديمي الدولي لمركز الدراسات الإسلامية في جامعة أكسفورد.

وذكرت عائشة المحمود، الأمين العام المساعد لقطاع الثقافة بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، أن المعرض يقام هذا العام تحت شعار «العالم في كتاب» ليكون تعبيراً عن أهمية الكتاب ودوره في تقديم الثقافة للمجتمع.

وأضافت أن النشاط الثقافي المصاحب للمعرض يقام عبر 3 منصات مختلفة، هي «الرواق الثقافي» التي تم استحداثها العام الماضي بطابع شبابي، ومنصة «المقهى الثقافي» التي تقدم أنشطة بالتعاون مع مؤسسات النفع العام والمؤسسات الأهلية والجهات الحكومية، و«زاوية كاتب وكتاب» التي استُحدثت هذا العام لربط القارئ بالكتاب بطريقة مباشرة، وتتضمّن أمسيات لعدد من الروائيين.

وأشارت إلى أن مجموع الأنشطة المصاحبة للمعرض، الممتد حتى 30 نوفمبر (تشرين الثاني) بأرض المعارض في منطقة مشرف، يتجاوز 90 نشاطاً بما فيها الاحتفاء بالرموز الثقافية الكويتية والعربية.

وعدّ وزير الثقافة الأردني مصطفى الرواشدة، أن مشاركة الأردن في معرض الكويت الدولي للكتاب «تُعدّ تتويجاً للعلاقات الثقافية بين البلدين».

وأعرب، في بيان، عن شكره لدولة الكويت بمناسبة اختيار الأردن «ضيف شرف» للمعرض، مؤكداً أن «دولة الكويت كانت ولا تزال منارةً للمثقف العربي بتجربتها في الإصدارات الرائدة».

وأوضح الرواشدة أن المشاركة الأردنية تتمثل في هذا المعرض من خلال الجناح الذي صُمِّم هندسياً ليعبِّر عن النمط المعماري الحضاري والتراثي الأردني، بما يضمه من مفردات تتصل بثقافة الإنسان، إضافة إلى الرموز التاريخية والثقافية المتنوعة.

وأضاف أن المشارَكة في معرض الكويت الدولي للكتاب «تمثل ثمرةً تشاركيةً بين المؤسسات الثقافية الأردنية؛ لتقديم صورة مشرقة للمشهد الثقافي الأردني في تعدده وتنوعه وثراء حقوله الإبداعية».