ثلاثون عامًا من الصراع الداخلي بين رفسنجاني وخامنئي

استباقًا للانتخابات الرئاسية الإيرانية عام 2017

خامنئي .... رفسنجاني
خامنئي .... رفسنجاني
TT

ثلاثون عامًا من الصراع الداخلي بين رفسنجاني وخامنئي

خامنئي .... رفسنجاني
خامنئي .... رفسنجاني

تأثر المشهد الإيراني على مدى السنوات الثلاثين الماضية بالسباق المستمر وتصارع الآيديولوجيات بين المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي والرئيس الأسبق أكبر هاشمي رفسنجاني، الذي يشغل حاليا منصب رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام، وهما ينتميان إلى جيل عاصر القمع والسجن في أيام الشاه، والتفا حول الخميني حينما واجه نظام الدولة الجديد اضطرابا بعد إنشائه، وتمكنوا من اعتلاء السلطة بعد عام 1989، واتفقت توجهاتهم الشخصية في عدة نواح مع توجه الجمهورية الإسلامية الإيرانية عامة.
تناولت دراسة لمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية صدرت مؤخرا ضمن سلسلة مسارات التي يصدرها المركز باللغتين العربية والإنجليزية، وحملت الرقم (24)، وعنوانها: (خلاف في القمة: أربعة عقود من الوئام والصراع والمصالحة بين هاشمي رفسنجاني وعلي خامنئي)، جذور هذا التنافس، والآثار المحتملة للتطور المستقبلي للنخبة في إيران، مع ترقب تغيير جزئي يطرأ على الأجيال المستقبلية بسبب ذلك، ولا سيما مع الانتخابات الرئاسية الإيرانية عام 2017.
أكدت الدراسة تصاعد وتيرة التنافس بين خامنئي ورفسنجاني في المشهد السياسي الإيراني في السنوات الأخيرة على الرغم من عدم ظهور أي مؤشرات خارجية لوجود صراع، أو انعدام للثقة، أو الجفاء بينهما. وبدأت بعض إشارات هذه المنافسة بالبروز في الأسابيع الأخيرة، مع تحقيق الشخصيات التي يدعمها رفسنجاني النجاح في الانتخابات البرلمانية ومجلس خبراء القيادة، على حساب الشخصيات التي يدعمها خامنئي. وترجع الدراسة بروز رفسنجاني وخامنئي في الساحة السياسية إلى المراحل الأولى بعد سقوط نظام الشاه في فبراير (شباط) عام 1979، عندما شارك الاثنان بشكل واضح في إدارة الدولة بعد الثورة، وكانا حينها من رجال الدين المتوسطي الرتبة تحت سن الأربعين، وكانا ينتميان إلى تلك الشريحة من أتباع الخميني الذين لم يكن لديهم نشاط في المنفى، والذين شكلوا العمود الفقري لداعميه المستقرين في إيران.
أتاح نفي الخميني 15 عاما وانقطاعه عن عصبته الشابة أكثر من عقد من الزمن، الفرصة للمبتدئين أمثال خامنئي ورفسنجاني للظهور بوصفهم شخصيات مهمة في الترتيب السياسي، فتقلد رفسنجاني في ربيع عام 1979 منصب نائب وزير الدفاع، وتقلد خامنئي منصب نائب وزير الداخلية، في الحكومة الثورية المؤقتة التي قادها مهدي بازركان، وكان للاثنين دور مهم في إنشاء الحزب الجمهوري الإسلامي. كانت العلاقة بين خامنئي ورفسنجاني ودية في تلك الأشهر الأولى المحمومة، ففي اليوم الذي احتل فيه الطلاب الإيرانيون السفارة الأميركية في طهران كان رفسنجاني وخامنئي يؤديان مناسك الحج، فسارعا بالعودة ليجدا بازركان قد قدم استقالته. بقي رفسنجاني في منصبه، وجمع معه مؤقتا منصب وزير الداخلية، ونظم أول انتخابات رئاسية وبرلمانية في أوائل عام 1980م، لكن فشل رفسنجاني وخامنئي في إقناع الخميني بقبول ترشيح رجل دين اضطرهما إلى دعم أبو الحسن بني صدر. ومهدت نتائج الحزب الجمهوري الإسلامي الكاسحة الطريق أمام رفسنجاني ليصبح رئيسا للبرلمان، فشغل هذا المنصب من عام 1980 إلى عام 1989، ونجح رفسنجاني وخامنئي في مساعيهما للإطاحة ببني صدر في صيف عام 1981م، وضغطا على الخميني للحصول على موافقته على مرشح من رجال الدين، وكان أول رئيس للدولة من رجال الدين هو خامنئي نفسه.

الحفاظ على التفاهم
تضيف الدراسة: بحلول عام 1983 أصبح رجلا الدين خامنئي ورفسنجاني أكبر شخصيتين مهمتين بشكل واضح خلف كواليس الحكم، وتأرجح رفسنجاني بين اليمين واليسار بشكل متزايد، مع تحركه في بعض الأحيان إلى الاتجاه المعاكس لخامنئي، لكنه استمر مع ذلك في الإبقاء على التفاهم مع خامنئي. وكان أكثر التفاعلات أهمية وحسما بين خامنئي ورفسنجاني ما حصل في يونيو (حزيران) عام 1989 عندما اضطرت النخبة السياسية في إيران للتصرف سريعا بعد وفاة الخميني؛ إذ تمكن رفسنجاني من هندسة صعود خامنئي إلى القيادة، ولم يعارض خامنئي (الحديث المنصب) تولي رفسنجاني منصب الرئاسة، وهو ما جعلهما أهم شخصيتين قياديتين في إيران ما بعد الخميني، فسيطر كل منهما بنهاية عام 1989 على معظم السلطات التنفيذية، وسيطرا على الرتب العليا في الجيش والحرس الثوري، وأديا دورا مهيمنا في السياسة الخارجية والاقتصادية.
كان ارتقاء خامنئي إلى منصب القيادة نتيجة لحسابات رفسنجاني في ذلك الوقت، فقد تمثلت رؤيته في أن وجود خامنئي على سدة الحكم سينتج منه قيادة تعاونية لا تتعارض مع ظهوره بوصفه شخصية بارزة في إيران ما بعد الخميني، وبالفعل كان خامنئي فاعلا في حماية رفسنجاني من النقد المتنامي من الفصائل اليسارية والشخصيات البارزة، كما وفر له دعما أساسيا في بعض المناسبات، كقرار اتخاذ موقف الحياد في الصراع بين العراق والكويت عام 1991، واستطاع الثنائي في ظل احتكارهما السلطة إقصاء اليسار من خلال التدابير المؤسسية، لكن بدأت التصدعات بينهما تظهر شيئا فشيئا بعد أن عمد خامنئي إلى حشد الدعم لنفسه من خلال إنشاء شبكة شخصية من الموالين له في قيادة القوات المسلحة والوزارات الحساسة، فضيق الخناق على محاولات رفسنجاني الناعمة الوصول إلى وفاق مع الغرب، وتخفيف الأعراف الإسلامية المتشددة، وخفض الإنفاق العسكري. ثم شارك رفسنجاني في محاولة غير سديدة للعودة إلى الوسط مع إعلان ترشحه لانتخابات الرئاسة عام 2005، ومع حصوله على موافقة خامنئي التقليدية والضرورية بدأ رفسنجاني المرشح المفضل لدى القائد الأعلى منذ البداية، لكن آمال رفسنجاني في العودة إلى الرئاسة طرحت أرضا مع تحدي أحمدي نجاد، الذي تمكن في نهاية المطاف من حصد ثمار النفور الشعبي تجاه رفسنجاني بعد أن وصمه عدد من الصحف الإصلاحية والكتب الأكثر مبيعا للصحافيين الاستقصائيين الجريئين بأنه محرض على القتل السياسي والعنف. وبنهاية عام 2005 كانت موازين القوى بين رفسنجاني وخامنئي تميل بقوة إلى مصلحة خامنئي، الذي منع عودة رفسنجاني إلى الصدارة، وتحكم في بقايا السلطة المؤسسية التي تحتفظ بها الفصائل الإصلاحية.

اشتعال العداوة
أكدت الدراسة أن رفسنجاني ظل على هامش النظام السياسي بعد إضعاف كثير من الفصائل المعتدلة بعد عام 2009، لكنه حافظ على موطئ قدم له في الأوساط الداخلية للنظام، وترأس مجلس الخبراء إلى عام 2011، وكانت مواقفه تتطور باستمرار منذ عام 1989، بينما ظل خامنئي ثابتا في إيران ما بعد الخميني على نظرته إلى العالم منذ ثمانينيات القرن الماضي، وعلى موقف متصلب محافظ لا يتزعزع. وعاد رفسنجاني إلى الساحة السياسية في انتخابات عام 2013، على الرغم من عدم نجاحه في الحصول على موافقة مباشرة من خامنئي؛ بسبب طبيعة العلاقة بين الرجلين، لكن قرر مجلس صيانة الدستور المحافظ عدم التصديق على (كفاءة) رفسنجاني، فقرر رفسنجاني دعم ترشيح حسن روحاني، الذي عمل نائبا للشؤون العسكرية لديه في تسعينيات القرن الماضي، ورئيسا لمركز الدراسات الاستراتيجية (الهيئة التي كانت تحت رعاية مجلس تشخيص مصلحة النظام بقيادة رفسنجاني منذ عام 1997).
كانت للانتخابات الأخيرة للبرلمان ومجلس الخبراء أثر في إشعال العداوة بين خامنئي ورفسنجاني؛ فقد استطاع رفسنجاني بنجاح تحويل استطلاع المجلس في طهران، الذي حل فيه على رأس القائمة التي ضمت شخصيات كثيرة من داعمي الحكومة الحاليين من المعتدلين والمحافظين، إلى استفتاء على نفسه، وهو ما وفر له أول فرصة لقياس شعبيته على مدى عقد من الزمان. أما خامنئي، فقد اعتمد بشكل ضمني على أداء أصدقائه المتشددين، الذين كانوا عرضة لحملة إعلامية واجتماعية نشطة تدعو إلى إقصائهم من المجلس المقبل. وانتهت انتخابات المجلس في طهران بفوز ساحق للجناح المعتدل، الذي فاز بجميع المقاعد الستة عشر المتوافرة ما عدا مقعد واحد، وعبر خامنئي بعد الانتخابات عن سخطه علنا في عدة مناسبات. اضطر خامنئي إلى الرضوخ لاعتلاء رفسنجاني الصدارة، لكنه شارك في عدة خطب وتصريحات أظهرت مدى الفجوة بين الطرفين بشأن القضايا السياسية الرئيسية، حتى حدثت بينهما واحدة من كبرى المواجهات اللفظية المباشرة في السنوات الأخيرة. فبعد تصريح خامنئي عن دعمه الثابت لتجارب البطاريات الصاروخية التي قام بها الحرس الثوري أصدر حساب لرفسنجاني على موقع «تويتر»، يديره فريق العلاقات العامة التابع له، في أواخر شهر مارس (آذار) عام 2016 رسالة تمثل تحديا مباشرا وغير مسبوق لإعلان القائد الأعلى، وهي: «عالم الغد هو عالم الحوار، وليس الصواريخ»، وأثارت التغريدة سخط خامنئي، فأعلن أن الذين يعارضون إطلاق الصواريخ «مضللون أو خونة».

صراع الانتخابات الرئاسية
خلصت الدراسة إلى أن العلاقة بين رفسنجاني وخامنئي تمثل التحركات السارية بين نوعين من الفصائل الرئيسة في إيران، فقد تزاحم الاثنان على السلطة بمساعدة أحدهما الآخر أحيانا، أو بالتواطؤ معا في كثير من الأحيان لإخراج الخصوم المشتركين من المعادلة السياسية، لكن غالبا ما كانا يجدان نفسيهما في خلاف معا نتيجة للاختلافات الواضحة والمتسعة في الرؤى الآيديولوجية والسياسية؛ فعلاقتهما أشبه ما تكون بعلاقة الشركاء المتجافين، الذين يعيشون تحت سقف واحد، ويتقاسمون رعاية أسرهم، بدلا من الابتعاد والانفصال تماما. ومن غير المحتمل لهذا الوضع أن يتغير ما دام كلاهما يمثل عضوا نشطا وقويا في النخبة السياسية في إيران، وما دامت علاقاتهما الشخصية والسياسية تشهد حالة من الجمود المستمر.
وأكدت الدراسة أنه على الرغم من المزايا المؤسسية التي يمتلكها خامنئي، فإنه غير قادر على إقصاء رفسنجاني من المشهد السياسي؛ بسبب جذور رفسنجاني العميقة المتغلغلة داخله، أو حتى على التقليل من النفوذ الكبير الذي يمارسه رفسنجاني على المسرح السياسي أو القضاء عليه. ومع اقتراب بلوغ نظام الدولة الخمينية 40 عاما، والسعي إلى إحداث تغيير انتقالي للجيل المقبل، الذي تُرك معلقا بعد أول محاولة مفاجئة خلال رئاسة أحمدي نجاد، ستشهد تلك المرحلة الانتقالية تسارعا أشد. ويتفوق خامنئي في هذا الصدد بمزيتين، هما: الفارق في العمر (76 عاما لخامنئي، مقابل 82 عاما لرفسنجاني)، والآليات الضخمة والنفوذ المالي الموجودان تحت تصرف خامنئي.
وتخضع النتيجة النهائية لهذا الصراع لمدى قدرة كل من خامنئي ورفسنجاني على حشد جيل حديث من المساعدين. وكالعادة، فإن المواجهة بين رفسنجاني وخامنئي ستستمر، وسيكون المؤشر المبكر على ذلك هو الانتخابات الرئاسية عام 2017، فلن يقف خامنئي في طريق المرشح المحافظ القوي، ربما الرئيس السابق أحمدي نجاد، الذي سيعمل على منصة مناهضة للحكومة، وسيُلقي اللوم على إدارة روحاني لعدم التزامها باقتصاد المقاومة، وتقاربها المفرط مع الولايات المتحدة الأميركية والغرب. وكما حدث في العقود الأربعة الماضية سيتواجه الشريكان القديمان مرة أخرى في إحدى معاركهما الضارية، التي ستترك علامة لا تُمحى في تاريخ الجمهورية الإسلامية الإيرانية منذ نشأتها تقريبا.



تركيا تُحذر «قسد»: «صبرنا بدأ ينفد»

رئيس الأركان التركي سلجوق بيرقدار أوغلو وقادة القوات المسلحة أجروا تفتيشاً بمقر القيادة الرئيسي للفيلق السادس في كليس على الحدود السورية الأربعاء (الجيش التركي - إكس)
رئيس الأركان التركي سلجوق بيرقدار أوغلو وقادة القوات المسلحة أجروا تفتيشاً بمقر القيادة الرئيسي للفيلق السادس في كليس على الحدود السورية الأربعاء (الجيش التركي - إكس)
TT

تركيا تُحذر «قسد»: «صبرنا بدأ ينفد»

رئيس الأركان التركي سلجوق بيرقدار أوغلو وقادة القوات المسلحة أجروا تفتيشاً بمقر القيادة الرئيسي للفيلق السادس في كليس على الحدود السورية الأربعاء (الجيش التركي - إكس)
رئيس الأركان التركي سلجوق بيرقدار أوغلو وقادة القوات المسلحة أجروا تفتيشاً بمقر القيادة الرئيسي للفيلق السادس في كليس على الحدود السورية الأربعاء (الجيش التركي - إكس)

حذرت تركيا «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، التي تشكل «وحدات حماية الشعب» الكردية عمادها الأساسي، من أن صبرها بدأ ينفد إزاء عدم تحركها لتنفيذ اتفاق الاندماج في الجيش السوري، مؤكدةً في الوقت نفسه أنها لا تؤيد استخدام القوة العسكرية مجدداً.

وبينما أجرى رئيس أركان الجيش التركي، سلجوق بيرقدار أوغلو، رفقة قادة القوات المسلحة تفتيشاً على وحدات عسكرية على الحدود مع سوريا، قال وزير الخارجية، هاكان فيدان، إن على «تنظيم الوحدات الكردية - قسد (الإرهابي)» أن يدرك أن صبرنا قد نفد.

وأضاف فيدان، خلال مقابلة تلفزيونية الخميس، أنه «يجب على قسد الالتزام بالاتفاق الموقع مع الحكومة السورية في دمشق في 10 مارس (آذار) الماضي، من دون تأخير».

تغليب الحوار

وقال فيدان: «لا نؤيد استخدام القوة العسكرية مجدداً؛ صبر الأطراف المعنية نفد، نأمل أن يتم التوصل إلى حل بشأن الاندماج بين إدارة دمشق وقوات سوريا الديمقراطية من خلال الحوار».

فيدان وبراك بحثا التطورات السورية وتنفيذ اتفاق اندماج «قسد» بالجيش السوري في أنقرة يوم الثلاثاء (الخارجية التركية)

وبحث فيدان مع السفير الأميركي لدى أنقرة المبعوث الخاص إلى سوريا، توم برّاك، الثلاثاء، المستجدات المتعلقة بها بعد مرور عام على سقوط نظام بشار الأسد، والخطوات اللازمة لتحقيق الاستقرار والحفاظ على وحدتها.

وقالت مصادر تركية إن المباحثات ركزت بشكل أساسي «على تنفيذ الاتفاق الموقَّع بين الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، مظلوم عبدي، في دمشق في 10 مارس (آذار) الماضي، بشأن اندماجها في الجيش السوري، وهو الاتفاق الذي ينبغي أن يتم الانتهاء من تنفيذه بنهاية ديسمبر (كانون الأول) الحالي».

الشرع وقائد «قسد» مظلوم عبدي خلال توقيع اتفاق اندماجها في الجيش السوري بدمشق 10 مارس الماضي (إ.ب.أ)

واتهم فيدان «قسد»، مراراً، بالتهرب من تنفيذ اتفاق الاندماج بتشجيع من إسرائيل، مشدداً على «ضرورة حل نفسها ومغادرة عناصرها الأجانب، الأراضي السورية».

وقال، خلال المقابلة التلفزيونية: «لن نسمح للإرهاب بعرقلة مسيرة سوريا»، مضيفاً أن تركيا، إلى جانب الولايات المتحدة ودول إقليمية، تسعى لتحقيق هدف مشترك ضد تنظيم «داعش» الإرهابي، ويجب ألا نسمح أبداً لأي عنصر إرهابي بعرقلة مسيرة الشعب والدولة السورية نحو التعافي».

تعاون في مواجهة «داعش»

وأكد فيدان أهمية التعاون بين تركيا ودول المنطقة في مكافحة تنظيم «داعش»، وأنه يمكن مواجهة «داعش» ما دام التعاون مستمراً.

وأشار إلى أن التعاون الإقليمي تحقق مع انتهاء الحرب الأهلية في سوريا وتعزيز إدارة دمشق، مضيفاً: «ما دامت وُجدت آلية للتعاون، يمكننا مواجهة خطر (داعش)».

وأنشأت تركيا والحكومة السورية، مؤخرًا، مكتباً للعمليات العسكرية المشتركة يركز على التنسيق ودعم دمشق في التصدي لأنشطة «داعش».

وقال فيدان إن تركيا اكتسبت خبرة واسعة في مجال مكافحة الإرهاب على مدى السنوات الأربعين الماضية، وأن جهودها ضد «حزب العمال الكردستاني» وغيره من «التنظيمات الإرهابية» أسهمت أيضاً في تأسيس بنية تحتية قوية لمواجهة خطر «داعش» في المنطقة.

وزراء خارجية ودفاع وأجهزة مخابرات تركيا والأردن والعراق ولبنان وسوريا خلال اجتماع في عمان 9 مارس الماضي لبحث التعاون الإقليمي لمكافحة «داعش» (الخارجية التركية)

في السياق ذاته، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع التركية، زكي أكتورك، خلال إفادة أسبوعية، الخميس، إن تركيا تتابع من كثب جهود الحكومة السورية لإعادة الاستقرار والأمن، وتلتزم بالحفاظ على تعاون وثيق معها.

وأضاف، رداً على سؤال بشأن اتفاق دمج «قسد» في الجيش السوري، قائلاً: «يُعدّ استقرار سوريا وأمنها أمرين مهمين لسلام المنطقة، وفي هذا الصدد، تدعم تركيا مبدأ (دولة واحدة، جيش واحد) في سوريا، وننسّق مع نظرائنا السوريين في هذا الشأن ونتابع العملية من كثب».

تفتيش على الحدود

وبينما تتابعت تصريحات المسؤولين الأتراك حول اتفاق «قسد» والحكومة السورية، مع تأكيد عدم الرغبة في اللجوء إلى العمل العسكري مجدداً، أجرى رئيس أركان الجيش التركي، سلجوق بيرقدار أوغلو، رفقة قادة القوات المسلحة، تفتيشاً على الوحدات العسكرية في قيادة الجيش الثاني في ملاطيا (شرق)، ومركز القيادة الرئيسي للفيلق السادس في ولاية كيليس المحاذية للحدود السورية.

جاء ذلك بعد أيام من زيارة بيرقدار أوغلو سوريا، يومَي 6 و7 ديسمبر (كانون الأول) ولقائه الرئيس أحمد الشرع ووزير الدفاع، مرهف أبو قصرة، ورئيس الأركان علي نور الدين النعسان، وتفقده مركز العمليات المشتركة في دمشق، والتي أعقبتها زيارة مماثلة لقائد القوات البرية التركي، متين توكال.

جاءت الزيارتان وسط أنباء عن إرسال تركيا تعزيزات إلى شمال سوريا ورفع درجة استعداد قواتها المنتشرة على الحدود السورية في ظل احتمالات بشن عملية عسكرية ضد «قسد» ما لم تنفذ اتفاق الاندماج.

لكنَّ وزارة الدفاع التركية أكدت أن التحركات كانت روتينية، نافيةً الاستعداد لعملية عسكرية ضد «قسد».


إسرائيل تعيد سكان الشمال وسط استعدادات لحرب جديدة على لبنان

جنود إسرائيليون يقفون فوق مركبات مدرعة للجيش خارج مستوطنة أفيفيم الزراعية بجوار الحدود اللبنانية في الجليل الأعلى الخميس 28 نوفمبر 2024 (أ.ب)
جنود إسرائيليون يقفون فوق مركبات مدرعة للجيش خارج مستوطنة أفيفيم الزراعية بجوار الحدود اللبنانية في الجليل الأعلى الخميس 28 نوفمبر 2024 (أ.ب)
TT

إسرائيل تعيد سكان الشمال وسط استعدادات لحرب جديدة على لبنان

جنود إسرائيليون يقفون فوق مركبات مدرعة للجيش خارج مستوطنة أفيفيم الزراعية بجوار الحدود اللبنانية في الجليل الأعلى الخميس 28 نوفمبر 2024 (أ.ب)
جنود إسرائيليون يقفون فوق مركبات مدرعة للجيش خارج مستوطنة أفيفيم الزراعية بجوار الحدود اللبنانية في الجليل الأعلى الخميس 28 نوفمبر 2024 (أ.ب)

يتسبب التناقض في قرارات الحكومة الإسرائيلية تجاه التهديدات الحربية للبنان في بلبلة بين سكان المناطق الشمالية في أعالي الجليل، الذين تدفعهم السلطات إلى العودة إلى البلدات التي هجروا منها في بداية الحرب. ويتساءلون عمّا إذا كانت التهديدات بالحرب جدية أم لا، ويتذمرون من الإهمال الشديد لوضعهم الحرج والأخطار التي تهددهم في حال استئناف الحرب.

البلبلة المحلية

ويشكو المواطنون من أن الحكومة تحثهم على العودة إلى بلداتهم في وقت تشهد فيه منطقة الشمال تحركات عسكرية كبيرة. وهم لا يمانعون في مواجهة حرب أخرى على «حزب الله»، لأنهم يثقون بأنه ما زال قوياً ويشكل تهديداً لمستقبلهم في بيوتهم ومصالحهم. لكنهم يرغبون أيضاً في التيقن من أن الحكومة تحترم تضحياتهم وتمنحهم حقوقهم وتعويضاتهم عن خسائرهم. والتناقضات التي تبثها الحكومة إزاء لبنان تثير لديهم شكوكاً حول جدية التهديد.

التناقضات الحكومية

وقال تقرير نشره موقع «واينت»، الأربعاء، إن الجيش الإسرائيلي يقوم بالتمهيد للعملية التي يخطط لها في الشمال، ويضغط على المستوى السياسي لتنفيذها، وذلك رغم أن «حزب الله» قرر مواصلة سياسة ضبط النفس قبل نحو شهر عقب اغتيال ما تصفه إسرائيل برئيس أركان «حزب الله» هيثم علي طبطبائي.

جنود إسرائيليون خلال دورية في مستوطنة أفيفيم الزراعية بجوار الحدود اللبنانية بالجليل الأعلى (أ.ب)

ولم يُطلِق الحزب حتى قذيفة هاون واحدة رداً على تصفية قائده العسكري الأبرز. لكن هذا لن يكون الحال في جولة التصعيد المقبلة، إذ يقدّر جيش الاحتلال أن «حزب الله» سيعمل وفق خطة نارية منظمة تشمل إطلاق مئات الصواريخ والقذائف والطائرات المسيّرة والذخائر الانتحارية على مدى عدة أيام.

التهديد المرتقب

وبحسب التقرير، فإنه وعلى عكس الجولات السابقة مع غزة على مرّ السنين، وكذلك مع «حزب الله» بين الحين والآخر، ستكون هذه المرة آلية لإغلاق التصعيد والعودة إلى وقف إطلاق النار، ويقصد بذلك غرفة عمليات فعّالة ومجربة من العام الماضي تضم ضباطاً أميركيين ولبنانيين، وتوزّع نشاطها بين بيروت ومقر قيادة المنطقة الشمالية للجيش في صفد.

وعلى أي حال، يقدّر مسؤولون في جيش الاحتلال أن إسرائيل لن تنفذ هذه العملية من دون موافقة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ومن ثم فمن المشكوك فيه أن تتم قبل زيارة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى البيت الأبيض في نهاية الشهر.

غرفة عمليات

ويقدر قادة شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي أن «حزب الله» يفضّل في هذه المرحلة مواصلة امتصاص الهجمات شبه اليومية لجيشهم، وإدارة صراعاته الداخلية في لبنان التي يراها أكثر قابلية للسيطرة. ويشيرون إلى أن هيمنة «حزب الله» كحركة سياسية مدنية تضررت خلال العام الماضي، وأن المنظمة تواجه صعوبة في دفع إيجارات عشرات آلاف اللبنانيين النازحين داخل بلادهم، الذين لم يعودوا بعد إلى منازلهم المدمرة في جنوب لبنان إثر العدوان البري للجيش الإسرائيلي.

جنود إسرائيليون يقفون بجوار دباباتهم على الحدود مع لبنان في الجليل الأعلى شمال إسرائيل 28 يناير 2025 (إ.ب.أ)

ويزعم مسؤولون في الاستخبارات الإسرائيلية: «نرى عدداً متزايداً من المؤيدين الشيعة الذين يفضلون الانتقال لدعم حركة أمل، المنافسة لـ(حزب الله)، الذي لم يعد قادراً على دعم آلاف العائلات الثكلى والمصابين. ومع ذلك، لا يزال (حزب الله) أقوى عسكرياً من الجيش اللبناني، وعندما تنقلب هذه المعادلة سنعلم أن هناك تغييراً لصالحنا».

الوضع الداخلي

وبحسبهم: «إلى أن يحدث ذلك، سيواصل (حزب الله) إعادة بناء قدراته، أساساً عبر الإنتاج الذاتي وتحويل صواريخه إلى صواريخ دقيقة، وسنكون مضطرين إلى مواصلة القتال ضده بأي ثمن».

التسلح المستمر

وبحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، هناك نقاشات حادة بشأن المرحلة المقبلة لدى متخذي القرار في قيادتي الجيش والمستوى السياسي، ويتساءلون: هل تستحق جولة لإضعاف «حزب الله» شللاً جديداً للجليل، وسقوط صواريخ في حيفا، وصفارات إنذار في تل أبيب التي بدأت للتو في استضافة مباريات رياضية أوروبية مجدداً؟

المرحلة المقبلة

يذكر أن الحكومة كانت قد بادرت إلى إجلاء نحو 70 ألف مواطن من بيوتهم في الشمال مع اندلاع الحرب. وقد عاد 85 في المائة منهم إلى بيوتهم، وبحسب تقديرات الوزير زئيف الكين، المسؤول عنهم، فإن الباقين (15 في المائة) لن يعودوا أبداً، وقد ثبتوا مكوثهم في مناطق أخرى داخل إسرائيل أو خارجها. ويشير العائدون إلى تذمرهم من تعامل الحكومة، متهمين إياها بالتقصير والإهمال ونكث الوعود، ويقولون إن غالبيتهم لم يحصلوا على ما يستحقونه من تعويضات عن خسائرهم المادية والنفسية.


نتنياهو يعلن «أكبر صفقة غاز لإسرائيل» مع مصر

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)
TT

نتنياهو يعلن «أكبر صفقة غاز لإسرائيل» مع مصر

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الأربعاء، الموافقة على صفقة الغاز مع مصر، مشيراً إلى أن الصفقة هي الأكبر في تاريخ إسرائيل.

وقال نتانياهو في خطاب متلفز «وافقت اليوم على أكبر اتفاق غاز في تاريخ إسرائيل. تبلغ قيمة الصفقة 112 مليار شيكل (34,7 مليار دولار). ومن هذا المبلغ الإجمالي، سيذهب 58 مليار شيكل (18 مليار دولار) إلى خزائن الدولة».

وأضاف «الاتفاق مع شركة شيفرون الأميركية، بالتعاون مع شركاء إسرائيليين سيقومون بتزويد مصر بالغاز». وقال وزير الطاقة إيلي كوهين الذي كان حاضرا أثناء الخطاب «هذا أكبر اتفاق تصدير في تاريخ الدولة».