«المستقبل» و«القوات»: الأولوية لانتخاب رئيس للبنان ولحماية «الجمهورية» و«اتفاق الطائف»

رغم قناعتهما باستمرار التعطيل الإيراني عبر «حزب الله»

«المستقبل» و«القوات»: الأولوية لانتخاب رئيس للبنان ولحماية «الجمهورية» و«اتفاق الطائف»
TT

«المستقبل» و«القوات»: الأولوية لانتخاب رئيس للبنان ولحماية «الجمهورية» و«اتفاق الطائف»

«المستقبل» و«القوات»: الأولوية لانتخاب رئيس للبنان ولحماية «الجمهورية» و«اتفاق الطائف»

يحاول كل من «حزب القوات اللبنانية» و«تيار المستقبل» تطويق الاختلاف بينهما على الصعد كافة، ولا سيما في ملف رئاسة الجمهورية في محاولة لفتح كوّة في جدار هذه الأزمة بعد مرور أكثر من سنتين على الفراغ، وفي ظل غياب أي مؤشرات توحي بانفراج قريب.
ورغم قناعة كل من رئيس «المستقبل» رئيس الحكومة السابق، سعد الحريري ورئيس «القوات» سمير جعجع، أن ما يسمى «حزب الله» ومن خلفه إيران لن «يفرج» عن الرئاسة وسيبقى متمسكًا بالتعطيل بحجة رفض انتخاب أي مرشّح غير النائب ميشال عون قبل إنهاء الأزمة السورية، فإن المرحلة الأولى من المصارحة بين الرجلين على طاولة «السحور»، أول من أمس، أعادت تصويب أسس العلاقة بينهما انطلاقا من التوافق على أنّ الأولوية اليوم هي لرئاسة الجمهورية وليس للانتخابات النيابية، ولكن من دون أن تصل في الوقت الحالي إلى أي «تنازلات» على صعيد الترشيحات الرئاسية، بحسب ما أكد مصدر مطّلع على أجواء اللقاء، لـ«الشرق الأوسط».
وأكد المصدر في الوقت عينه أن الأجواء كانت أكثر من إيجابية، من دون أن يستبعد أن التواصل الذي سيبقى مستمرا قد ينتج عنه تطورات جديدة وإيجابية في هذا الملف. ومن ثم حدّد المصدر الأسس التي نتجت عن «السحور» بثلاث ركائز، هي: حتمية حماية الجمهورية واتفاق الطائف وعدم الخلاف مهما كان الاختلاف، على أن يستكمل البحث في كل الأمور بعد عيد الفطر المبارك. وأشار إلى أنّ هذه الأسس يتشارك بها رئيس الحزب الاشتراكي، النائب وليد جنبلاط إلى حد كبير مع جعجع، وقد طرحت بشكل واضح في الاجتماع الذي جمعهما في منزل النائب نعمة طعمة، قبل يومين.
وحسب المصدر، فإن كلاً من جعجع والحريري قدم على طاولة «السحور» وجهة نظره للأمور، لافتا إلى أن طرح جعجع ارتكز في بنوده الأساسية على أنّ وصول رئيس تيار المردة، المرشّح من قبل الحريري، إلى الرئاسة شبه مستحيل في ظل الانقسام حوله بين فريقي 8 و14 آذار، بينما تأييد «المستقبل» لعون، سيوصله إلى الرئاسة أو على الأقل سيضع ما يسمى «حزب الله» أمام الأمر الواقع وسيكشف نياته الحقيقية، التي قال جعجع إنها تفضّل فرنجية للرئاسة عن عون، إضافة إلى أنّه ليس هناك أي قرار لديه الآن بانتخاب رئيس. وأردف المصدر: «واقع الرفض الإيراني واضح بالنسبة إلى جعجع والحريري اللذين تطرقا إلى الاجتماع الأخير بين رئيسي إيران وفرنسا، محمد جواد ظريف وفرنسوا هولاند، الذي أكّد خلاله الإيراني أن الرئاسة اللبنانية لن تمرّ قبل وضوح صورة الرئاسة السورية». ومن هنا، كان تشديد جعجع، على ضرورة بذل الجهود لإنهاء الفراغ الرئاسي قبل موعد الانتخابات النيابية المفترض في يونيو (حزيران) المقبل، بحيث إن إجراءها قبل انتخاب رئيس سيدخل لبنان في الخطر، وسيؤدي عندها إلى إسقاط اتفاق الطائف والدخول في مؤتمر تأسيسي من دون أن ندري.
أولوية رئاسة الجمهورية على أي استحاق آخر وتحديدا الانتخابات النيابية، يؤكدها أيضا «المستقبل» على لسان النائب محمد الحجار، بما يعني اتفاق «الحليفين» على رفض اقتراح رئيس مجلس النواب نبيه برّي، الذي ينص على «سلّة متكاملة» تشمل انتخاب رئيس للجمهورية والاتفاق على قانون للانتخاب وتشكيل حكومة. ويصف الحجار في تصريح لـ«الشرق الأوسط» الاجتماع الذي جمع جعجع والحريري بـ«الجيد» وأنه أتى ضمن سياق الاتصالات التي لم تنقطع بين «الحليفين»، مؤكدا العمل «على تنظيم الخلاف الذي لا يزال قائما حتى هذه اللحظة على موضوع الترشيحات في رئاسة الجمهورية، ولا نعلم بعد ذلك ماذا سيحصل»، على حد تعبيره.
في المقابل، يرى الحجار أن المشكلة أكبر من تأييد الحريري لعون في الرئاسة، كما طرح جعجع، موضحا «المشكلة أكبر من ذلك، إذ إنه إضافة إلى أن الحزب وإيران لا يريدان اليوم رئاسة في لبنان، فإن بذهابنا إلى هذا الخيار سنكون خضعنا لسياق فرضه «حزب الله» يؤدي إلى ضرب الدستور واتفاق الطائف على حد سواء، وهذا ما لن نقبل به». من هنا، يعيد الحجار التأكيد أن «كرة الرئاسة» اليوم لا تزال في ملعب ما يسمى «حزب الله» وليست عند الحريري أو جعجع، مضيفا: «إذا كان يريد رئيسا ويدعم عون لهذا المنصب، كما يقول، فليؤكد هذا الأمر بنزوله إلى مجلس النواب للمشاركة في جلسة الانتخاب».
وفي حين، من المنتظر أن يكون الملف الرئاسي محورا أساسيا على طاولة اجتماع وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت مع عدد من المسؤولين اللبنانيين الأسبوع المقبل، يرى الحجار أن المعطيات لا تؤشر إلى خرق ما قد يحصل في هذا الملف، موضحا «لا شكّ أن هناك اهتماما دائما من قبل فرنسا بلبنان، لكن حتى الآن لا أرى إمكانية التوصل إلى أي نتيجة إيجابية قريبة، قبل تغيّر القرار الإيراني وهو ما يعرفه الفرنسيون وغيرهم. وكان إيرولت قال بداية الأسبوع، خلال مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير: «سأتوجه إلى لبنان في 11 و12 يوليو (تموز) وسأجول على جميع الأحزاب على أمل في أن ألعب دورا مفيدا من أجل أن يتبلور أخيرا حل سياسي، وأن يصبح للبنان رئيس».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.