عبد الجليل: القذافي عرض على الثوار دولة غرب أجدابيا

رئيس المجلس الوطني الليبي السابق يروي لـ {الشرق الأوسط} خلفيات وتفاصيل عن «ثورة فبراير»

المستشار مصطفى عبد الجليل خلال حواره مع د. عادل الطريفي رئيس تحرير «الشرق الأوسط»
المستشار مصطفى عبد الجليل خلال حواره مع د. عادل الطريفي رئيس تحرير «الشرق الأوسط»
TT

عبد الجليل: القذافي عرض على الثوار دولة غرب أجدابيا

المستشار مصطفى عبد الجليل خلال حواره مع د. عادل الطريفي رئيس تحرير «الشرق الأوسط»
المستشار مصطفى عبد الجليل خلال حواره مع د. عادل الطريفي رئيس تحرير «الشرق الأوسط»

روى المستشار مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الوطني الانتقالي السابق في ليبيا، خلال مقابلة مع «الشرق الأوسط» في العاصمة المغربية الرباط، تنشرها الصحيفة على حلقتين، اليوم وغدا، خلفيات وتفاصيل عن ثورة 17فبراير (شباط) 2011. وفي حين أوضح أنه لم يكن ضمن منظومة الزعيم الليبي السابق معمر القذافي، فإنه قال في مستهل المقابلة إن عائلته كانت تربطها صلات وطيدة بالملك إدريس السنوسي وبالنظام الملكي السابق. وأردف أن انقلاب القذافي كان غير مفرح بالنسبة له ولعائلته، بل شكل كابوسا، وأنهم كانوا منذ البداية على قناعة بأن نظام القذافي لن يكون في صالح الليبيين.
من جهة ثانية، أشار عبد الجليل إلى أن خطاب سيف الإسلام القذافي بعد اندلاع الثورة كان مفاجئا ومخيبا للآمال، وأوضح «كنت أعول على أن يكون خطاب سيف الإسلام متوازنا، ولو خرج به على عامة الشعب كان بإمكانه أن يخلف والده، وتسوى الأمور بشكل ودي ويعلن دستورا حسب متطلبات الناس». وقال إن «ثمة شخصيات محترمة، مثل جاد الله عزوز الطلحي وأبو زيد دوردة، لو جاءت وتولت الأمور بليبيا في ذلك الوقت لقبلت بها المنطقة الشرقية، وتحققت المصالحة».
وتطرق إلى قضية الممرضات البلغاريات اللواتي حقنّ، مع طبيب فلسطيني، الأطفال الليبيين بفيروس الإيدز، فقال إن القضية كانت صحيحة ولم يلفقها نظام القذافي. وذكر أن العلاقات بين النظام وقطر كانت قوية، وأن السفير القطري في باريس جاء بالتعويضات المالية لأسر الأطفال.

* بالنسبة لك، متى قررت ضرورة الوقوف مع الثورة الليبية؟
- منذ كنت يافعا كانت أسرتي مشمئزة وممتعضة من ذلك الانقلاب الذي جرى عام 1969. نحن في الشرق الليبي كانت تربطنا صلات وطيدة بالملك إدريس السنوسي وبالنظام الملكي السابق، فكان الانقلاب غير مفرح بالنسبة لنا، بل مثّل كابوسا. وكنا منذ البداية على قناعة بأن هذا النظام لن يكون في صالح الليبيين، وبالتالي نشأت في هذه البيئة.
ثم عندما مارست العمل القضائي في عام 1975 بدأت تطرح علينا في القضاء بعض المشكلات الطارئة من خلال تطبيق بعض القوانين التي استحدثت في عهد معمر القذافي، فكانت لدينا كقضاة لليبيا بشكل عام، وقضاة منطقة الجبل الأخضر بشكل خاص، سوابق قضائية في التصدي للكثير من القوانين التي أصدرها القذافي. فمنذ عام 1979 بدأ التعرض للنظام بشكل واضح وجلي من خلال بعض الأحكام. لكننا في الحقيقة لم نتعرض لأي أذى أو ضرر سواء كان شخصيا أو وظيفيا جراء ذلك. وبالتالي، منذ البداية كانت هناك ألفاظ في أسباب الأحكام، وأنا من القضاة الذين أعطاهم الله - سبحانه وتعالى - موهبة تسبيب الأحكام، وهي موهبة أتميز بها عن بقية زملائي. ومنذ ذلك الحين كانت الألفاظ تشير بشكل واضح إلى الفساد الذي رسخه القذافي في ليبيا، ومن ثم لم أكن من المنظومة القذافية.
وحتى عام 2007 عملت رئيسا للمحكمة الابتدائية في البيضاء (شرق)، وقبلها عملت في بنغازي ودرنة، ومن خلال البرنامج الإصلاحي الذي بدأ آنذاك بعدما يئس الليبيون جميعهم من تغيير معمر. وهنا أود الإشارة إلى أنه (أي معمر القذافي) تعرض منذ السنة الأولى لحكمه للكثير من المؤامرات، أولاها كانت بقيادة وزير الداخلية ووزير الدفاع، والاثنان كانا ينتميان للمنطقة الشرقية، بيد أنها لم يكتب لها النجاح، ويقال إنه وقعت أكثر من خمسين حركة ضد القذافي من مؤامرات ومحاولات اغتيال.
إذن عندما يئس الليبيون من إمكانية تغيير نظام القذافي، خاصة أنه أصلح وضعه العالمي من خلال تسوية قضية لوكيربي، ووضع حدا لبرنامجه النووي الذي أراد من خلاله إزعاج العالم، اتجهوا إلى الإصلاح. وبدأ صوت الإصلاح يرتفع من خلال ابن القذافي، سيف، الذي أنشأ صحيفتين حرتين، واحدة في بنغازي وأخرى في طرابلس، تنتقدان الأوضاع في البلاد بشكل علني. كذلك جرى الترخيص للكتّاب أن يعملوا فيهما، وهو ما عُد شيئا جديدا. أيضا جرى التصالح مع «الإخوان المسلمين» وأفرج عنهم جميعا من السجون، كما أفرج عن عدد من السجناء الذين تعهدوا بالكف عن العودة لمثل الأفعال التي اعتقلوا بسببها على الرغم من أن كثيرين منهم لم يوقعوا على هذا التعهد، وظلوا في السجن. آنذاك عُرض علي أن أكون وزيرا للعدل، وسلمت إلي نحو خمسة ملفات هي في أغلبها ملفات مالية، أولها يتعلق بتعويض الليبيين عن إصدار قانون عام 1978 الذي حد من الملكية العقارية، وفرض على كل مواطن أن يختار بيتا واحدا بينما تخضع بقية البيوت لشعار «البيت لساكنه»، أي أن يمتلكها مستأجرها. والثاني متصل بإلغاء الاقتصاد الحر عام 1979، ومعه جرى إلغاء جميع الشركات الخاصة تحت شعار «شركاء لا أجراء»، وتولى العاملون فيها إدارتها بشكل جماعي وأبعد ملاكها. وهكذا بدأ تعويض الأشخاص الذين لحقتهم الأضرار، وشكلت لجان في كل محكمة ابتدائية برئاسة قضاة وعضوية خبراء ماليين ومهندسين لتقدير هذه الأضرار، ومن ثم بدأ ضخ أموال التعويضات على وزارة العدل.
أما الملف الثالث فكان يتعلق بتعويض السجناء الذين ظلوا في السجن لسنوات طويلة من دون أن تدينهم المحاكم القانونية، بل محاكم ثورية لا يعتد بها، ولقد خصص لكل سجين مبلغ مالي شهري، وهناك سجناء أفرج عنهم وعادوا إلى أعمالهم، وصرفت لهم مستحقات مالية بحسب المدة التي أمضوها في السجن، فهناك من منح 1000 دينار عن كل شهر قضاه في السجن، أما السجناء الذين ليست لهم أعمال أو لم يعودوا لممارسة أعمالهم فقد جرى منحهم 2000 دينار عن الشهر الواحد في السجن.
وكان الملف الرابع ذلك الذي يتعلق بمذبحة أبو سليم، الذي كنت أنوي من خلاله الإفصاح عن أسماء شهداء المذبحة التي وقعت عام 1996 بعد تمرد مساجين شبان على الأوضاع في السجن، وقتل بعض الحراس. وبعد مفاوضات قرر القذافي قتل هؤلاء الشبان جميعا. وبالفعل هذا ما حدث خلال ثلاث ساعات، والأمر المؤكد أنه قتل 1269 شابا. وهكذا جرى إبلاغ ذويهم رسميا بمقتلهم.. وفتحنا لهم فرصة لطلب التعويض.. وحددنا التعويض عن كل شهيد بـ200 ألف دينار ليبي، أي ما يعادل 160 ألف دولار تقريبا، وشكلت لهذا الغرض اللجان نفسها التي كانت في المحاكم الابتدائية، وبدأت الأمور تسير قدما إلى الأمام. وأخيرا كانت أيضا قضية الممرضات البلغاريات والطبيب الفلسطيني، الذين حقنوا دماء أطفال في المنطقة الشرقية بفيروس الإيدز.
* هل كانت القضية الأخيرة حقيقية أم مفتعلة من نظام القذافي؟
- كانت قضية حقيقية وليست مفتعلة من النظام، والممرضات والطبيب حكمت عليهم المحكمة العليا بالإعدام مرتين.
* هل الدم كان ملوثا أم أن الأمر كان مقصودا؟
- حسب اعترافات الممرضات البلغاريات والطبيب الفلسطيني فإن ما قاموا به كان مقصودا.
* ماذا كان الهدف من ذلك؟
- ماذا أقول لك؟ القذافي في كثير من خطاباته كان يقول لليبيين اذهبوا عن ليبيا التي لا يوجد فيها ماء، اذهبوا إلى أفريقيا جنة الله في الأرض. وعندما يقول له البعض سنذهب إلى أوروبا كان يرد بالقول لا، إن أوروبا «صاقعة عليكم» (باردة عليكم).. إذ كان يهدف من وراء ذلك أن يذهب الليبيون ويأتي بآخرين مطيعين له من آسيا وأفريقيا، فيمنحهم الجنسية الليبية، ويحكم الناس من خلال وضعية أو سياسة معينة.
* كم كلفت ماليا هذه الملفات جميعا؟
- صرفنا عليها نحو مليارين وسبعمائة مليون دينار ليبي.
* وهكذا أصبحت ضمن المنظومة القذافية..؟
- لم أكن في يوم من الأيام ضمن هذه المنظومة، بل بالعكس، وأتذكر أنني عندما اطلعت على كشف قاعدة البيانات التي من خلالها جرى إعلام الأسر التي قتل أبناؤها في مذبحة أبو سليم، أنه كانت هناك أسرة في مصراتة كان منها أربعة أشقاء قتلوا خلال المذبحة، أرسلت لهم بصفتي وزيرا للعدل برقية تعزية وقلت لهم فيها إنهم سوف يكونون شفعاء لهم يوم القيامة مثلما سيكونون شهداء على من كان سببا في قمعهم. لا لم أكن في يوم من الأيام من ضمن هذه المنظومة. زد على ذلك أننا قمنا بتنفيذ الأحكام، فكان أي حكم يصدر من المحاكم يقضي بالتعويضات المالية ننفذه في الحين.. مثلا، كنا ننفذ بشكل فوري أي حكم يقضي بإخلاء السبيل، بمعنى أننا ذهبنا في اتجاه معين، بيد أنني صادفتني بعض الصعاب.
* مثل ماذا؟
- هناك متهمون في قضية اسمها «قضية الجماعة الإسلامية المقاتلة» والتي قضت فيها محكمة الجنايات والمحكمة العليا ببراءة نحو 300 سجين، بيد أن الإفراج عنهم لم ينفذ، فوجهت عدة مراسلات للمؤتمر الشعبي العام (البرلمان) واللجنة الشعبية العامة (رئاسة الوزراء) لكن أحدا لم ينصع لقرار القضاء. كما أن القذافي وقع أمر الإفراج عن محكومين بالاعدام بعد إدانتهم بالقتل العمد, عندما كان يقول إنه ليس رئيسا للدولة. وقال «هؤلاء الأشخاص يخرجون من السجن حتى وإن لم يتنازل أولياء الدم عن حقوقهم». لقد تحينت الفرصة في المؤتمر الشعبي العام في شهر فبراير (شباط) 2010، وقلت إن هناك بندا في جدول الأعمال يسمى «بند المساءلة»، ولم تكن هناك أي مساءلة لوزارة العدل. أنا طلبت الكلمة، وعبّرت عن استغرابي من كون وزارة العدل لم توجه لها أي مساءلة، خاصة أننا أخفقنا في كثير من المسائل، أولاها أننا لم نجتمع خلال سنتين، وهذا طبعا مخالف لسلطة الشعب، لأنني أتعامل مع رؤساء المحاكم والنيابات من دون أن أجتمع مع أمناء العدل، الذين جرى زرعهم في كل بلدية وفي كل مكون إداري. وقلت أيضا إن هناك أكثر من 300 سجين حكمت المحكمة العليا ببراءتهم ولكن لم يفرج عنهم، وهناك أيضا من صدر في حقهم حكم بالإعدام بعد إدانتهم بالقتل العمد بيد أنهم جرى الإفراج عنهم من دون أن يتنازل أولياء الدم، وبالتالي فإنني أقدم استقالتي لأنني عاجز عن تحقيق العدالة في ليبيا.
بعد نصف ساعة جاء القذافي إلى المؤتمر الشعبي، وواجهني في القاعة قائلا إن وزير العدل لم يختر المكان المناسب ليقول كذا أو كذا، وإنني لم أختر الوقت الصحيح. وزاد قائلا «المتهمون هؤلاء ينتمون إلى تنظيم القاعدة، ولو أفرجنا عنهم ستبدأ التفجيرات في ليبيا، ومن أفرجت عنهم قَتَلوا دفاعا عن أعراضهم وأموالهم، وبالتالي كيف يحكم القضاء بالإعدام على شخص دافع عن عرضه أو ماله أو نفسه؟». عندها ناقشته في سابقة معروفة عند الليبيين، وربما هي التي رفعت من أسهمي عندما اختارني الليبيون لرئاسة المجلس الوطني الانتقالي.
إضافة إلى ما سبق فإن مدينتي البيضاء سقط فيها أول شهيدين في الثورة يوم 16 فبراير، وأيضا جرى إخراج كل السجناء من السجن، وأحرقت المحاكم، وبالتالي لم يكن أمامي بد من أن أنضم إلى الثوار في وقت مبكر. هذه الخلفية هي التي جعلتني أتبوأ هذه المنزلة المتقدمة في الثورة مقارنة مع بقية المسؤولين الليبيين.
* كيف جرى اختيارك لتمثيل الثورة.. وهل كان لديك تواصل مع نشطاء فيها؟
- مدينة البيضاء كانت أول من تحرك.. وشكل الثوار فيها مجلسا محليا كنت أنا رئيسه. ومن ثم اختاروا لجنة لإدارة الأزمة أوكلوها لأساتذة في الجامعة، وخبراء متخصصين. وبعد ذلك بدأت المناطق الشرقية تتحرك، وباشرت تشكيل مجالس محلية تضم بعض الساسة ممن لديهم بعد نظر، مثل (محمود) جبريل و(عبد الرحمن) شلقم، والذين ألحوا على ضرورة تشكيل إطار سياسي يتعامل معه العالم الخارجي، واجتمعت الشخصيات المكونة لهذا الإطار في بنغازي يوم 26 فبراير، أي بعد تسعة أيام من اندلاع الثورة، واختاروني رئيسا للمجلس.
* ما أول القرارات التي اتخذتها عندما تسلمت هذه المسؤولية.. وكيف كانت رؤيتك.. وما الذي كنت تراه ضروريا عمله في ذلك الوقت؟
- كانت الأمور في ذلك الوقت صعبة للغاية. أولا، أمرنا المجالس المحلية في طبرق ودرنة والمرج وبنغازي باختيار ممثليهم، وحددنا يوم الخامس من مارس للاجتماع في بنغازي. وجاء ممثلو هذه المجالس المحلية، وتشكل المجلس الوطني الانتقالي من أحد عشر شخصا يمثلون المجالس المحلية والشباب والمرأة والسجناء السياسيين والعسكريين. وكانت الأولويات كالآتي: الأولوية السياسية، التي تكمن في التعامل مع العالم الخارجي والتواصل معه للحصول على الدعم للمجلس الوطني الانتقالي كمحاور أو كممثل شرعي وحيد للشعب الليبي. والأولوية الاقتصادية، ذلك أننا كنا قد انعزلنا عن المنطقة الغربية بالكامل، وهي المنطقة التي توجد فيها الحكومة.. وكان همنا وشغلنا الشاغل توفير الكهرباء والمحروقات والمواد الغذائية الأساسية. والأولوية الثالثة تكمن في الموضوع العسكري الداخلي.. طبعا، نحن واجهنا قوات القذافي، وهي قوات رهيبة، بينما لم يكن لدى الثوار السلاح الكافي، وعلى الرغم من ذلك تقدموا نحو الجبهات، وانضم إليهم بعض القادة والضباط في الجيش وكذلك البدو.
* ما هو مقدار الثقة الذي كان لديك في ذلك الوقت بشأن نجاح الثورة؟
- لم يساورني أي شك. كانت لدي رؤى غيبية مفادها أن هذه الثورة ستنجح، وأن القذافي أزفت أيامه، ولم يساورني شك أيضا في أنني سأتعرض في يوم من الأيام لأي ضرر، حتى بعد وفاة القذافي.
* بعدما بدأتم تتعاطون مع الأزمة، هل حاول النظام في وقت من الأوقات أن يتواصل معكم في محاولة منه لإقناعكم بالعدول عن مساركم الجديد؟
- يوم 17 فبراير اتصل بي أمين اللجنة الشعبية العامة (رئيس الوزراء)، وكنت وقتذاك في المنطقة الشرقية، وسألني عما حصل هناك. ففي ذلك اليوم سقط 15 شهيدا في مدينة البيضاء، وقبل ذلك بيوم سقط شهيدان في المدينة. فأعطيته فكرة عن الأوضاع السائدة في ذلك الوقت، وسألني عن طلبات الثوار، فقلت له وقف إطلاق النار، وإخراج المرتزقة، ومنحهم ميدانا للتعبير عن تطلعاتهم.
* سيف الإسلام كان يعرفك في ذلك الوقت.. هل حاول الاتصال بك؟
- حاول الاتصال بي، لكننا لم نتواصل. مدير مكتبي قال لي إن سيف يريد الحديث معي، وسألني هل يتصل به، فكان جوابي اتركه هو من يتصل. لكن سيف الإسلام لم يحاول الاتصال بي مجددا. والحقيقة أنه لا القذافي ولا أولاده يعرفون حقيقة وضعي. الوحيد الذي اتصل به هو رئيس الوزراء (البغدادي المحمودي).
* هل تفاجأت من موقف سيف الإسلام وبعض إخوانه.. من انحيازهم للعائلة؟
- كنت أعول على أن يكون خطاب سيف الإسلام متوازنا، فلو خرج به على عامة الشعب لكان بإمكانه أن يخلف والده، وتسوى الأمور بشكل ودي ويعلن دستورا حسب متطلبات الناس، لأن الناس أصبحوا يرفضون القذافي، ويريدون دستورا وتنمية، وهذه أمور كانت في ذلك الوقت أقرب إلى الواقع من أي شيء آخر. لكن سيف الإسلام خرج بتهديد ووعيد وقال إن البلاد ستقسم. لقد كان خطابا غير متوقع.
* خيب ظنك إذن؟
- طبعا.
* متى أحسستم بأنه أصبح بالإمكان فعلا القضاء على القذافي.. وهل كانت هناك لحظات شك؟
- كما سبق لي القول، لم يساورني أي شك على المستوى الشخصي، على الرغم من العقبات والعراقيل.
* مررتم بلحظة تراجعت فيها بعض قوات مقاتليكم.. كيف كان الشعور حينها، وهل كان هناك من يطالب بالحوار مع النظام لوقف القتال.. أم كنتم مقتنعين بأنه لا يمكن التفاوض معه؟
- كنا نعول في الحقيقة على شخصيات ليبية محترمة، لو جاءت وتولت الأمور في ذلك الوقت لقبلت بها المنطقة الشرقية وتحققت المصالحة، ومنها على سبيل المثال جاد الله عزوز الطلحي الذي كان رئيسا للوزراء كما كان مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة ووزيرا للصناعة، وهو شخص يكن له الليبيون كل التقدير والاحترام. وكان هناك أيضا شخص آخر اسمه أبو زيد دوردة، عمل هو الآخر رئيسا للوزراء ووزيرا للزراعة ومندوبا لليبيا لدى الأمم المتحدة. هاتان الشخصيتان كان يعول عليهما في الشرق الليبي، إذا ما تولى أي منهما أو كلاهما الأمور في ليبيا. في غضون ذلك جاءنا مبعوث الاتحاد الأفريقي وعرض الصلح لكن ليس عن طريق هؤلاء الأشخاص، بل عن طريق تشكيل حكومة ممزوجة بشخصيات يختارها النظام والثوار، لكننا رفضنا هذه الفكرة.
زارنا أيضا مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، عبد الإله الخطيب (وزير خارجية الأردن الأسبق)، ثلاث مرات عارضا موضوع المصالحة. كان هدفنا الأول والأساسي من المصالحة هو مطلب لا يمكن للقذافي أن يقبل به، وهو يكمن في وقف إطلاق النار، وإخراج قواته من طرابلس لإعطاء فرصة لليبيين في العاصمة للتعبير عن تطلعاتهم. قلنا أيضا فليخرج أهل طرابلس، فإن قالوا نحن مع الثورة فليكن، وإن قالوا مع القذافي فليكن. نحن عندها لا يمكننا أن ننفصل عن المنطقة الغربية. بالطبع عرضوا علينا الانفصال على مساحة 40 كيلومترا غرب أجدابيا، فقلنا إن هذا غير ممكن، إلا إذا خرجت الجماهير في طرابلس مؤيدة للقذافي، ولن يكون لدينا مانع حينها.
* حينما قررتم التواصل مع العالم الخارجي، ما هو الانطباع الذي كان لديكم إزاء ما يمكن أن يحدث.. وكيف كانت رؤيتكم لما حدث بعد ذلك بشأن مواقف الدول؟
- لم نكن نتصور من القذافي أن يواجهنا بهذه القوة، ولولا وقوف المجتمع الدولي لما تمكنا من الوصول إلى ما يصبو إليه الليبيون في ذلك الوقت. لقد كان لي أول اتصال مع شخص اسمه خالد من مكتب أمير قطر، وأنا على يقين وأعرف جيدا مدى صلة النظام القطري بالقذافي، خاصة رئيس الوزراء الذي كان على صلة وطيدة به. وفي هذا السياق أعلم جيدا أنه عندما قرر النظام تعويض أسر الأطفال الليبيين المصابين بالإيدز كان التعويض عاليا، وحصل كل طفل على ما يعادل مليون دولار، وهذا مبلغ كبير في ليبيا، ذلك أنه حتى مبلغ مائة ألف دولار يظل مبلغا كبير في ليبيا في ذلك الوقت. مَن أتى بمبلغ التعويضات إلى ليبيا هو السفير القطري في باريس، وباعتباري وزيرا للعدل كانت لدي صورة من مراسلة تتعلق بذلك، إلا أنها للأسف أحرقت بسبب حريق تعرض له مكتبي في طرابلس.
كنت على يقين أيضا بأن النظام الفرنسي كان على علاقة وطيدة بنظام القذافي، فزوجة الرئيس (يومذاك) نيكولا ساركوزي هي التي حضرت إلى طرابلس لتسلم الممرضات عندما تنازل أولياء أمور الأطفال. وبموجب القانون عندما يتنازل ولي الأمر تخفض عقوبة الإعدام إلى السجن المؤبد، وهو ما قمنا به كمجلس قضاء مختص. وبموجب اتفاقية قضائية سابقة بين ليبيا وبلغاريا نقلت الممرضات لتمضية بقية عقوبتهن في بلغاريا. نحن لم نكن نتوقع هذا الدور المتقدم في مساندة الثورة الليبية سواء من الحكومة القطرية أو من الحكومة الفرنسية، اللتين كانت لهما الريادة في مناصرتنا. أيضا نسجل لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي دورهم كأول مؤسسة أو أول منظومة سياسية تؤيد الثورة الليبية، من بعد ذلك جاءت جامعة الدول العربية وإيطاليا، وهكذا دواليك.



تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
TT

تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)

فاقم تكرار وقائع تحرش بطلاب داخل مدارس دولية وخاصة الأسابيع الماضية الأزمات داخل وزارة التربية والتعليم، التي صاحبت الوزير محمد عبد اللطيف، الذي تولى المهمة قبل عام ونصف العام، وسط مطالب بإقالته بوصفه «المسؤول الأول»، فيما دافع آخرون عنه على أساس أن الحوادث «فردية»، وأنه قام بإجراءات مشددة لمنع تكرارها.

وشهدت مدارس مصرية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وقائع تحرش، حيث قررت وزارة التربية والتعليم وضع مدرسة «سيدز» الدولية في القاهرة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، عقب توقيف 4 عاملين فيها في اتهامهم بالتحرش بعدد من طلاب المرحلة التمهيدية، قبل أن يتولى القضاء العسكري القضية، وتتسع دائرة المتهمين فيها.

ولم تكن واقعة مدرسة «سيدز» الأولى من نوعها، إذ سبقها بشهور عدة، قضية الطفل «ي» التي تحولت لقضية رأي عام، وأدانت فيها محكمة الجنايات مشرفاً مالياً سبعينياً بالتحرش بالطفل داخل المدرسة، وقضت بالسجن المؤبد (25 عاماً) في مايو (أيار) الماضي، ثم خففت محكمة الاستئناف الحكم إلى السجن المشدد 10 سنوات في نوفمبر الماضي.

وزير التربية والتعليم خلال تفقده سير العملية الدراسية في إحدى المدارس (أرشيفية - وزارة التربية والتعليم المصرية)

ويُحمل الخبير التربوي عاصم حجازي، وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف مسؤولية تكرار تلك الوقائع داخل المدارس، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «تكرارها يعكس غياب الإجراءات الرادعة لتفادي مثل هذه الحوادث منذ واقعة الطفل (ي)»، عادّاً أن غضب الرأي العام وأولياء الأمور على الوزير وما يحدث في الوزارة طبيعي ومبرر.

وأضاف: «الإجراءات لم تُتخذ سوى بعد واقعة مدرسة سيدز، وكانت متأخرة وغير كافية، بدليل تفجر وقائع أخرى في مدرستين بعدها».

وكانت وزارة التربية والتعليم فرضت إجراءات داخل المدارس الدولية للانضباط، تتمثل في وضع نظام كاميرات، ومنع وجود الطلاب في غير أوقات اليوم الدراسي، وإلزام المدارس بنظام خاص للإشراف على وجود الطلاب خارج الفصول، وإلزام هذه المدارس بإجراء تحليل مخدرات، والكشف عن الحالة الجنائية للعاملين فيها، وتقديم هذه الأوراق للوزارة.

وتساءل حجازي: «لماذا اقتصرت الإجراءات على المدارس الدولية، وهل المدارس الحكومية في مأمن من وقائع تحرش مماثلة؟».

وعقب أيام من واقعة مدرسة «سيدز»، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على عامل في مدرسة دولية بالإسكندرية بتهمة التحرش بطلاب، وقررت محكمة جنايات الإسكندرية في 9 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إحالة أوراق القضية إلى المفتي - هو قرار يمهد لحكم الإعدام - وأجلت النطق بالحكم إلى فبراير (شباط) المقبل. وطالب محامي الضحايا في القضية، طارق العوضي، بإقالة وزير التربية والتعليم خلال منشور على حسابه بموقع «إكس».

وقبل ساعات، انفجرت قضية جديدة بالتحرش بـ12 طالباً في مدرسة «النيل» الدولية بالقاهرة، وقررت وزارة التربية والتعليم، الأحد، وضع المدرسة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، مع «اتخاذ الإجراءات القانونية كافة حيال المسؤولين الذين ثبت تورطهم في تقصير أو إهمال بما أدى لحدوث هذه الواقعة»، وفق بيان الوزارة.

ويرى حجازي أن تكرار تلك الوقائع «يعكس ليس فقط غياب الرقابة داخل المدارس، وإنما أزمات أخرى عميقة، مثل قلة أعداد المعلمين والمُشرفين داخل المدارس، والتركيز على نظام التقييم الذي أقره وزير التعليم استراتيجية للوزارة، للسعي إلى إعادة الطلاب للمدارس، لكن دون وجود الإمكانات الخاصة بذلك».

ويتمثل نظام التقييم في تقسيم درجات التقييمات النهائية بين الاختبار النهائي، وتقييمات أخرى تتكرر على مدار العام، ما يُلزم الطلاب بالحضور.

وأضاف الخبير التربوي: «استراتيجية الوزير تضع أعباءً على المدرسين وأولياء الأمور فيما يتعلق بالتقييمات، مقابل تهميش الجوانب الأخرى المهمة سواء التربوية أو التوعوية، أو الخاصة بالإشراف النفسي».

وبينما تتفق عضوة لجنة التعليم في مجلس النواب (البرلمان) جيهان البيومي، على ضرورة اهتمام الوزارة في المرحلة المقبلة بـ«الجوانب التربوية والنفسية»، فإنها لا تتفق مع مطلب إقالة الوزير أو تحميله مسؤولية حوادث التحرش في المدارس.

وقالت البيومي لـ«الشرق الأوسط» إن «الوزير اتخذ قرارات سريعة ورادعة بعد كل واقعة، وهذه الوقائع تظل فردية، ولا يمكن وصفها بالمتفشية في المدارس أو المجتمع، لذا فالمغالاة في التعامل مع الأزمة بالمطالبة بإقالة الوزير ليست حلاً»، مشيرة إلى أنه «واحد من أنشط الوزراء الذين يقود عمله من الميدان، ويجري كثيراً من الزيارات المفاجئة للمدارس، ونجح في إعادة الطلاب للمدارس، وغيّر المناهج التعليمية، وكلها أمور تُحسب له».

وزير التربية والتعليم مع أحد طلاب الثانوية أبريل 2025 (وزارة التربية والتعليم)

وصاحب اختيار وزير التربية والتعليم جدلاً واسعاً مع تفجر أولى الأزمات المرتبطة به، الخاصة بحقيقة حصوله على شهادة الدكتوراه التي صاحبت سيرته الذاتية، بينما شككت وسائل إعلام محلية فيها. وتجاوزت الحكومة الأزمة بوصف عبد اللطيف في بيانات الوزارة بـ«السيد الوزير» بدلاً من «الدكتور».

ولم يتوقف الجدل حول الوزير عند هذه الأزمة، بل امتدت إلى قراره بتغيير المناهج في أغسطس (آب) 2024، الذي أُلغي بناء عليه تدريس بعض المواد في الشهادة الثانوية مثل «الفلسفة» و«علم النفس»، وتحولت اللغات بخلاف الإنجليزية إلى مواد ثانوية لا تضاف للمجموع، وعقب شهور ظهر جدل جديد خاص بمنظومة «البكالوريا» التي تتيح للطلاب خوض الامتحانات أكثر من مرة، بمقابل مادي، ورغم الانتقادات دخلت منظومة البكالوريا في النظام التعليمي المصري بداية من هذا العام.

ويرى الخبير التربوي وائل كامل في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «أن شخصية وزير التربية والتعليم تبدو إدارية أكثر منها تربوية، فكل قراراته تعكس ذلك، بداية من إلغاء مواد دراسية أساسية في بناء الشخصية والتربية لدى الطلاب، مثل الفلسفة وعلم النفس، مروراً بنظام التقييمات في المدارس الذي يهتم بالكم على حساب الكيف، ويضع أعباء كبيرة على كل أطراف العملية التعليمية». ومع ذلك لا يرى كامل أن الحل في تغيير الوزير قائلاً: «الوزارة ككل في حاجة إلى إعادة هيكلة».


«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

شهد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، تحفظات ومطالبات علنية من حركة «حماس» بشأن التزامات المرحلة الثانية المعنية بترتيبات إدارية وأمنية، وسط حديث أميركي عن جهود تبذل في «الكواليس» بشأن الانتقال إليها.

تلك المحددات التي أعلنتها «حماس»، الأحد، وشملت 4 بنود رئيسية متعلقة بنزع السلاح ودور مجلس السلام وقوات الاستقرار وتشكيل لجنة إدارة قطاع غزة، هناك تباين بشأنها بين خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بين مَن يراها تكشف عن أزمات تعيق التقدم للمرحلة الثانية، وأنها مجرد مناورات لتقليل الضغوط عليها، مقابل تقديرات أخرى تؤكد أنها تكشف عن جدية الحركة في تنفيذ الاتفاق وسط عراقيل إسرائيل.

وتتضمن خطة السلام التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وجرى بموجبها وقف إطلاق النار في قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول)، تشكيل مجلس للسلام برئاسته يشرف على لجنة تكنوقراط فلسطينية، ونزع سلاح «حماس»، وألا يكون لها دور في حكم القطاع بعد الحرب، ونشر قوات استقرار.

وقال رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة، خليل الحية، الأحد، في الذكرى 38 لتأسيس الحركة، إن السلاح حق كفلته القوانين الدولية للشعوب الواقعة تحت الاحتلال، معبراً عن انفتاح الحركة على دراسة أي مقترحات تحافظ على ذلك الحق مع ضمان إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وشدد على أن مهمة مجلس السلام، الذي ورد في خطة ترمب، ومن المقرر أن يقوده الرئيس الأميركي، هي رعاية تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والتمويل والإشراف على إعادة إعمار قطاع غزة. ورفض «كل مظاهر الوصاية والانتداب» على الفلسطينيين.

وأضاف: «ندعو لتشكيل لجنة التكنوقراط لإدارة قطاع غزة من مستقلين فلسطينيين بشكل فوري، ونؤكد جاهزيتنا لتسليمها الأعمال كاملة في كل المجالات وتسهيل مهامها»، مشدداً على أن مهمة القوة الدولية المزمع تشكيلها «يجب أن تقتصر على حفظ وقف إطلاق النار، والفصل بين الجانبين على حدود قطاع غزة» دون أن يكون لها أي مهام داخل القطاع.

ودعا الحية «الوسطاء، خصوصاً الضامن الأساسي، (الإدارة الأميركية والرئيس ترمب) إلى ضرورة العمل على إلزام الاحتلال باحترام الاتفاق والالتزام بتنفيذه وعدم تعريضه للانهيار».

نساء يحملن حزماً على رؤوسهن يمررن بخيام أقيمت على أرض تم تطهيرها لإيواء الفلسطينيين النازحين جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، الأسبوع الماضي، إن المفوضية وثقت أكثر من 350 هجوماً إسرائيلياً ومقتل 121 فلسطينياً على الأقل داخل المنطقة الواقعة خلف «الخط الأصفر» في غزة منذ وقف إطلاق النار، فيما لقي القيادي في «حماس» رائد سعد حتفه، في قصف إسرائيلي، السبت، استهدف سيارته في غزة.

وقال مسؤولون إسرائيليون إن الإدارة الأميركية تعمل حالياً على بلورة المرحلة الثانية من الخطة الرامية إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة، وتخطِّط لأن يبدأ عمل القوة الدولية متعددة الجنسيات في القطاع اعتباراً من الشهر المقبل، وأبلغ مسؤولون أميركيون نظراءهم الإسرائيليين بهذا في محادثات أُجريت في الأيام الأخيرة، حسب هيئة البث الإسرائيلية.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الولايات المتحدة حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

ويرى المحلل المصري المتخصص في الشأن الإسرائيلي، بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن محددات «حماس» تكشف عن أن «فرص التقدم في المرحلة الثانية ضعيفة وستدفع لمزيد من الضربات الإسرائيلية»، مشيراً إلى أنها «مجرد مناورات، من أجل تقليل الضغوط عليها التي تواجهها قبل تنفيذ التزامات المرحلة الثانية، التي تمر بظروف خطيرة».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، المختص بشؤون «حماس»، إبراهيم المدهون، أنه لا مفر من الذهاب للمرحلة الثانية وتنفيذها، رغم عراقيل متكررة من جانب إسرائيل لإفشال الاتفاق، لافتاً إلى أنه بالنسبة لموضوع السلاح، فإن «حماس» منخرطة في حوار فلسطيني داخلي معمّق، إلى جانب حوار واضح وشفاف مع الوسطاء في القاهرة، حول رؤية قد تتبلور وتكون مقبولة لدى جميع الأطراف، بخلاف أن الحركة راغبة في حضور قوات سلام معنية بفضّ الاشتـباك.

ووسط تلك المحددات من «حماس» التي لم يعلق عليها الوسطاء، أفاد بيان لوزارة الخارجية المصرية، (الأحد)، بأن بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، شدَّد في اتصال مع نظيرته البريطانية إيفيت كوبر، على أهمية نشر «قوة الاستقرار الدولية» المؤقتة في غزة، مؤكداً أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار، وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة ترمب.

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية».

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين، الجمعة، بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، السبت، عن مسؤولين القول إن إدارة ترمب تسعى لتجنيد قوة متعددة الجنسيات من 10 آلاف جندي بقيادة جنرال أميركي؛ لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة، وذكر المسؤولون أنه لم تُرسل أي دولة قوات؛ بسبب تحفظات على إمكانية توسيع نطاق مهمة القوة لتشمل نزع سلاح حركة «حماس».

وأشارت الصحيفة إلى أن وزارة الخارجية الأميركية طلبت رسمياً من نحو 70 دولة تقديم مساهمات عسكرية أو مالية للقوة المزمع نشرها في غزة، غير أن 19 دولة فقط أبدت رغبتها في المساهمة بقوات أو تقديم المساعدة بطرق أخرى، ومنها المعدات والنقل.

ويرى عكاشة أن ترمب سيضغط خلال لقاء نتنياهو في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، للبدء في المرحلة الثانية، متوقعاً أن تقبل إسرائيل الدخول إليها وبدء مفاوضات إلى ما لا نهاية بشأن تنفيذ الانسحابات.

ويعتقد المدهون أن «القاهرة تدرك العراقيل الإسرائيلية وستطالب بتسريع العمل للانتقال إلى المرحلة الثانية لإنهاء أي ذرائع إسرائيلية متوقعة قد تفشل الاتفاق».


سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
TT

سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)

قال مصدر في مستشفى عسكري بمدينة الدلنج السودانية، الواقعة في الجنوب، التي تحاصرها «قوات الدعم السريع»، إن هجوماً عليها بطائرة مسيَّرة، الأحد، أسفر عن مقتل «7 مدنيين وإصابة 12».

ومن بين المصابين مرضى أو مرافقون لهم في المستشفى، حسب ما أفاد المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ويقدم المستشفى خدماته للمدنيين والعسكريين على حد سواء.

وتقع الدلنج في جنوب كردفان، وما زالت تحت سيطرة الجيش السوداني، لكنها محاصرة من «قوات الدعم السريع».