العبادي يزيل الخطوط الحمراء عن مشاركة ميليشيات «الحشد الشعبي» في معركة الموصل

أثيل النجيفي: مشروع إيراني لجرنا إلى ساحة صراع دولي

صور لمدينة الفلوجة والدمار الذي خلفته الحرب هناك (أ.ف.ب)
صور لمدينة الفلوجة والدمار الذي خلفته الحرب هناك (أ.ف.ب)
TT

العبادي يزيل الخطوط الحمراء عن مشاركة ميليشيات «الحشد الشعبي» في معركة الموصل

صور لمدينة الفلوجة والدمار الذي خلفته الحرب هناك (أ.ف.ب)
صور لمدينة الفلوجة والدمار الذي خلفته الحرب هناك (أ.ف.ب)

في الوقت الذي لا تزال فيه القوى السنية تحذر من وجود انتهاكات تقوم بها فصائل تابعة للحشد الشعبي فضلا عن عمليات تغيير ديمغرافي في الكثير من المناطق التي جرى تحريرها من تنظيم داعش ولم تتم إعادة ساكنيها الذين نزحوا من ديارهم لا سيما في منطقتي جرف الصخر شمالي محافظة بابل ومدينة سامراء (120 كلم شمال غربي بغداد) فقد أزال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الخطوط الحمراء حيال إمكانية مشاركة ميليشيات الحشد الشعبي في معركة الموصل.
وقال العبادي في كلمة متلفزة إن «الأبطال الذين ضحوا بنفسهم جاءوا للقتال في أرض ليس لهم فيها ملك أو شيء»، مبينا أن «خطأ يحصل هنا وهناك لا يمكن تعميمه على الجميع».
واتهم العبادي أطرافا داخلية لم يسمها بالإساءة على حد وصفه. وفيما عد العبادي أن «مشاركة الميليشيات في معركة الموصل تحددها سياقات المعركة» فقد حذر من «نشوب حرب هائلة إذا تمددت تركيا في الموصل».
إلى ذلك كشف مصدر مطلع في تصريح لـ«الشرق الأوسط» طالبا عدم الإشارة إلى اسمه أو هويته أن «جنودا أميركيين وعددهم 300 جندي وصلوا إلى القيارة (70 كلم عن الموصل) لكي يضافوا إلى ما موجود هناك من جنود بكامل معداتهم لغرض المشاركة»، مبينا أن «مشاركة هؤلاء دون إثارة ضجيج بخصوص دخول قوات برية أميركية إلى العراق تأتي في سياق تفاهم مع الحكومة العراقية نظرا لحساسية معركة الموصل وصعوبتها معا».
وبشأن مشاركة ميليشيات الحشد الشعبي فيها قال المصدر إن «الميليشيات ستشارك في معركة تحرير قضاء تلعفر ذي الغالبية الشيعية التركمانية فيما تتكفل قطعات الجيش العراقي والحشد العشائري من أهالي الموصل مهمة اقتحام المدينة».
من جانبه أكد محافظ نينوى السابق وقائد الحشد الوطني أثيل النجيفي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «كل الداعين لمشاركة ميليشيات الحشد الشعبي في معركة الموصل يتماشون مع المشروع الإيراني في تحويل العراق إلى دولة بمؤسسات أمنية تابعة لإيران». وأضاف النجيفي أن «هؤلاء لا يبالون بالمشاكل التي تحول الموصل بعد التحرير إلى ساحة صراعات دولية جديدة»، مشيرا إلى أن «كل من أراد السلامة للموصل والعراق عليه أن يشجع تحرير الموصل على أيدي أهلها وبمساعدة الجيش العراقي والتحالف الدولي حصرا».
إلى ذلك حذر اتحاد القوى العراقية من عمليات تغيير ديموغرافي في مدينة سامراء جنوبي محافظة صلاح الدين. وقال الاتحاد في بيان له وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إن «القيادات الأمنية تمارس ضغطًا على أهالي سامراء من أجل تمرير تغيير ديموغرافي في حوض نهر دجلة شمال سد سامراء، إذ هدد مدير شرطة سامراء العميد جبار الربيعي تسعة عشرة أسرة من سكنة منطقة العاشق بالتهجير القسري بغية تشكيل نواة حاضنة لميليشيات تدعي انتماءها للحشد الشعبي متمترسة بأسلحة متوسطة تمارس الضغط على السكان المحليين. وأضاف الاتحاد، أنه «في خضم هذه الأحداث جرى اجتماع بين عدد من المعنيين من دون إشراك سلطة المحافظة مع ممثل رئيس الوزراء لشؤون المصالحة ومعاون قائد عمليات سامراء اللواء الركن جبار الدراجي ومدير شرطة سامراء، إذ اشتكى الحاضرون من انحياز بعض القادة الأمنيين بصورة مجحفة للوافدين مع أن جميع المسؤولين الأمنيين في سامراء ليسوا من أبناء المحافظة»، مبينًا أنه «تم إنذار السكان المحليين بأن هذه الأراضي هي تابعة للدولة لا يحق لهم الاعتراض على الوافدين ما لم يأتوا بإثبات حقهم في هذه الأراضي».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.