موسكو ليست متمسكة بالأسد لشخصه.. وستتخلى عنه لكن ليس الآن

روسيا قتلت 2498 مدنيا سوريا بينهم 587 طفلاً و360 مواطنة

موسكو ليست متمسكة بالأسد لشخصه.. وستتخلى عنه لكن ليس الآن
TT

موسكو ليست متمسكة بالأسد لشخصه.. وستتخلى عنه لكن ليس الآن

موسكو ليست متمسكة بالأسد لشخصه.. وستتخلى عنه لكن ليس الآن

قالت مصادر مطلعة على اتجاهات التفكير في أروقة الكرملين، إنّ روسيا ستؤيد ترك رئيس النظام السوري بشار الاسد لمنصبه، لكن هذا لن يحدث إلّا عندما تصبح على ثقة أن تغيير القيادة لن يؤدي إلى انهيار النظام السوري.
وأضافت المصادر أن ذلك قد يستغرق سنوات قبل أن يتحقق وأن روسيا مستعدة خلال تلك الفترة لمواصلة دعمها للاسد بغض النظر عن الضغوط الدولية لابعاده عن مقعد القيادة في سوريا.
ومن المرجح أن يؤدي مثل هذا التأييد الجازم إلى مزيد من التعقيد في مباحثات السلام المتعثرة مع خصوم الاسد ويفسد العلاقات مع واشنطن التي تريد رحيله.
وقال السير توني برنتون السفير البريطاني السابق لدى روسيا لوكالة رويترز للأنباء ان "روسيا لن تقطع صلتها بالاسد إلى أن يحدث أمران. أولا حتى تصبح على ثقة أنّه لن يُستبدل بشكل ما من أشكال سيطرة المتطرفين، وثانيا حتى تضمن أن قدرة وضعها في سوريا وحلفها وقاعدتها العسكرية على الاستمرار".
وتقول مصادر متعددة في مجال السياسة الخارجية الروسية، إنّ الكرملين الذي تدخل العام الماضي في سوريا لدعم الاسد، يخشى حدوث اضطرابات في غيابه ويعتقد أن النظام أضعف من أن يتحمل تغييرًا كبيرًا، كما يعتقد أنّ من الضروري خوض قدر كبير من العمليات القتالية قبل أي فترة انتقالية.
وتشترك روسيا والولايات المتحدة في رعاية محادثات السلام بين الاطراف المتحاربة في النزاع السوري. وقد تحاشت تلك المحادثات المتوقفة حاليا التطرق إلى مسألة ما إذا كان اتفاق السلام سيتطلب رحيل الاسد حتى يمكن أن تبدأ المفاوضات من الناحية النظرية على الرغم من التباين في مواقف موسكو وواشنطن.
وكانت موسكو قد أشارت إلى أنّ تأييدها للأسد له حدود. وأفاد دبلوماسيون روس بأنّ الكرملين يؤيد النظام السوري وليس الاسد بصفة شخصية. كما قال الرئيس فلاديمير بوتين إنّ النظر في الاسلوب الذي يمكن به اشراك المعارضة في هياكل الحكومة السورية أمر يستحق العناء.
وغذت هذه الآراء آمال الغرب في مساعدة روسيا في الوساطة لخروج الأسد عاجلا لا آجلا. غير أن مصادر وثيقة الصلة بالكرملين تقول إنّه لا توجد بوادر قوية على أن روسيا مستعدة لإبعاده قريبا.
من جانبها، قالت ايلينا سوبونينا محللة شؤون الشرق الاوسط في المعهد الروسي للدراسات الاستراتيجية في موسكو الذي يقدم المشورة للكرملين "لا أرى أي تغييرات الآن"، في موقف روسيا بشأن الاسد "فالموقف هو نفسه. وما الداعي لتغييره..".
وعلى النقيض تشير وسائل الإعلام الرسمية التي تسير على نهج الكرملين، إلى أنّ روسيا تضاعف بدلًا من ذلك رهانها على الاسد وتحاول سد المنافذ أمام أي محاولات أميركية لبحث مستقبله. وفي ذلك، تحدّث ديمتري كيسليوف مقدم برنامج اخباري تلفزيوني أسبوعي رئيسي قائلًا للمشاهدين هذا الشهر، إنّ الزيارة المفاجئة التي قام بها وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو لسوريا كانت رسالة إلى واشنطن للتوقف عن محاولة الضغط على موسكو بسبب الاسد. مفيدًا وهو المعروف أنه من الصحافيين المفضلين لدى بوتين، بأنّ "زيارة شويغو ولقاءه مع الاسد رسالة مؤكدة من روسيا". وتابع متسائلٍا "فمن يا ترى يريد الاميركيون أن يرونه محل الاسد.. لم يفسر أحد في واشنطن بمن فيهم (الرئيس الأميركي باراك) أوباما هذا الامر".
من جهة اخرى، أفاد فيودور لوكيانوف خبير السياسة الخارجية المقرب من الكرملين الذي يتولى تحرير المواد الخاصة في روسيا في نشرة "غلوبال أفيرز بأنّ حديثا دار داخل الحكومة الروسية عن مستقبل الاسد، وأنّه يعتقد أنّه تم التوصل إلى ترتيبات لوضعها موضع التنفيذ في يوم من الايام. لكنه كشف لوكالة رويترز للأنباء، أنّ موقف روسيا في الوقت الحالي هو التريث لمعرفة ما ستؤول إليه الامور، وأنّ الكرملين يريد أن يعرف أولا من سيصبح الرئيس التالي للولايات المتحدة وأنّ الامر سيتطلب فترة طويلة للخروج ببديل مقبول للاسد. وأضاف، "كيف لنا أن نعرف أن النظام كله لن ينهار إذا أبعدناه. هذا الخطر قائم".
وفي شأن تنظيم "داعش" الارهابي، يقول الكرملين إنّ آلاف الروس ومواطني الاتحاد السوفياتي السابق، يقاتلون في صفوف هذا التنظيم، وإنّ من الضروري هزيمتهم في سوريا والعراق للحيلولة دون عودتهم إلى البلاد لشن هجمات.
ويصف الكرملين الاسد الذي كان والده الرئيس السابق حافظ الاسد حليفا لموسكو في العهد السوفياتي، بأنه شريك رئيسي في تلك المعركة. وتعليقًا على ذلك، صرّح أندريه كورتنوف المدير العام للمجلس الروسي للشؤون الدولية وهو مركز في موسكو لابحاث السياسة الخارجية تربطه صلات وثيقة بوزارة الخارجية الروسية، أنّه لا يوجد تعاطف كبير مع الاسد شخصيًا داخل دوائر السياسة الخارجية الروسية. غير أنه قال إنّ موسكو عليها أن تهيء نفسها كطرف مهم منتصر وإنّ الاسد جزء من تلك المعادلة في الوقت الحالي. وتابع، "عليك أن تتذكر الوجه الآخر للعملة. فروسيا مهمة لأنّ لها علاقات مع النظام السوري، ولذلك اذا تمت التضحية بتلك العلاقة فربما لا تصبح طرفا بعد ذلك".
أمّا تارجا كرونبرغ الخبيرة في الشؤون الروسية التي كانت من قبل وزيرة في الحكومة الفنلندية، فنوّهت إلى أنّ روسيا قد توافق على صفقة بشأن خروج الاسد يُحتفظ فيها بأجزاء رئيسية من هيكل الدولة والنخبة السياسية، وفي الوقت نفسه دمج ساسة المعارضة. غير أن التوصل الى ترتيبات تجمع بين هذين العنصرين لن تتأتى بسهولة أو بسرعة. واستطردت "السؤال في الواقع هو كيفية خلق الاستقرار والتغيير في الوقت ذاته".
وفي الوقت الحاضر يقول برنتون السفير البريطاني السابق، إنّ دور الأسد في مواجهة التطرف يطغى على كل شيء آخر. قائلًا "بالنسبة لهم فالاسد رغم كل مساوئه وكل دمويته وكراهته أفضل من سقوط بلد آخر في أيدي المتطرفين"، حسبما اعتقاده.
ميدانيًا ، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بمقتل 7031 مدنيا ومقاتلا من الفصائل الإسلامية والمقاتلة وجبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) وتنظيم "داعش"، جراء آلاف الضربات الجوية التي استهدفت عدة محافظات سورية خلال الاشهر التسعة الماضية، منذ بدء الضربات الروسية في 30 سبتمبر (أيلول) الماضي، وحتى اليوم الخميس.
وقال المرصد في بيان تلقت وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) نسخة منه اليوم، إن 2498 مدنيا سوريا من بين حصيلة القتلى، بينهم 587 طفلاً و360 مواطنة. كما أشار إلى مقتل 2436 عنصرًا من تنظيم "داعش"، و2097 مقاتلاً من الفصائل المقاتلة والإسلامية وجبهة النصرة والحزب الإسلامي التركستاني ومقاتلين من جنسيات عربية وأجنبية وجبهة النصرة والحزب الإسلامي التركستاني ومقاتلين من جنسيات عربية وأجنبية.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».