في عالم فرهاد موشيري.. ما تحت الغلالة البراقة روح ساخرة وعين ناقدة

الفنان الإيراني: أدرك جدية الأشياء ولكنني لا أتعامل معها بطريقة جادة

فرهاد موشيري أمام أحد أعماله (غيتي) - «ثلاثة وسائد» - من سلسلة لوحات استخدم فيها التراث والخط - كتاب (الحياة حلوة) يستعرض في جزءين التطور الفني للفنان خلال عشرين عاما - يضع الفنان في أعماله أحيانا أبياتا من الشعر القديم 
أو كلمات من الأغاني العاطفية - «لايف إز بيوتيفل» عبارة بسيطة كتبت باستخدام السكاكين المختلفة الألوان والأشكال يحمل الكثير من المعاني ويثير الكثير من التساؤلات في نفس المشاهد
فرهاد موشيري أمام أحد أعماله (غيتي) - «ثلاثة وسائد» - من سلسلة لوحات استخدم فيها التراث والخط - كتاب (الحياة حلوة) يستعرض في جزءين التطور الفني للفنان خلال عشرين عاما - يضع الفنان في أعماله أحيانا أبياتا من الشعر القديم أو كلمات من الأغاني العاطفية - «لايف إز بيوتيفل» عبارة بسيطة كتبت باستخدام السكاكين المختلفة الألوان والأشكال يحمل الكثير من المعاني ويثير الكثير من التساؤلات في نفس المشاهد
TT

في عالم فرهاد موشيري.. ما تحت الغلالة البراقة روح ساخرة وعين ناقدة

فرهاد موشيري أمام أحد أعماله (غيتي) - «ثلاثة وسائد» - من سلسلة لوحات استخدم فيها التراث والخط - كتاب (الحياة حلوة) يستعرض في جزءين التطور الفني للفنان خلال عشرين عاما - يضع الفنان في أعماله أحيانا أبياتا من الشعر القديم 
أو كلمات من الأغاني العاطفية - «لايف إز بيوتيفل» عبارة بسيطة كتبت باستخدام السكاكين المختلفة الألوان والأشكال يحمل الكثير من المعاني ويثير الكثير من التساؤلات في نفس المشاهد
فرهاد موشيري أمام أحد أعماله (غيتي) - «ثلاثة وسائد» - من سلسلة لوحات استخدم فيها التراث والخط - كتاب (الحياة حلوة) يستعرض في جزءين التطور الفني للفنان خلال عشرين عاما - يضع الفنان في أعماله أحيانا أبياتا من الشعر القديم أو كلمات من الأغاني العاطفية - «لايف إز بيوتيفل» عبارة بسيطة كتبت باستخدام السكاكين المختلفة الألوان والأشكال يحمل الكثير من المعاني ويثير الكثير من التساؤلات في نفس المشاهد

عالم الفنان الإيراني فرهاد موشيري مطرز بالترتر وأحجار الكريستال وقطع البلاستيك الملون، منظومة من البريق واللمعان والألوان تغلف أعماله الفنية الشهيرة، ولكن هناك تحت تلك الغلالة المبتذلة أحيانا قد يولد رد فعل سلبي تجاه العمل هي نفسها التي تجذب الناظر للعمل للغوص تحت كل ذلك اللمعان للوصول للمعاني العميقة والجادة التي يطرحها الفنان.
خلال زيارة لموشيري للندن أطلق الكتاب الضخم «لايف إذ بيوتيفول» (الحياة حلوة) والذي يستعرض على مساحة جزأين التطور الفني له خلال عشرين عاما. سنحت لي الفرصة للقاء موشيري في أحد فنادق لندن المخبأة جيدا بعيدا عن الزحام، ودار بيننا حديث حضرته محررة الكتاب دينا ناصر خديفي حول عالم فرهاد موشيري الذي يتجسد في الكتاب الضخم الذي يضم أكبر مجموعة من أعماله حتى الآن. يشير في البداية إلى أن الكتاب يضم عددا من الأعمال التي لم توضع في كتابه السابق ويوضح أن السبب كان أنه في بداياته لم يكن يعمل مع غاليري خاصة في طهران ولهذا مرت الكثير من الأعمال التي عرضها في معارض متفرقة دون توثيق وهذا تحديدا ما قامت معدة الكتاب دينا ناصر خديفي التي عرضت على الفنان أن يصدر كتابا يجمع فيه أعماله غير الموثقة.
تشير دينا ناصر إلى أن موشيري قدم مجموعة ضخمة من الأعمال الفنية قبل أن يشتهر عالميا: «الأعمال كانت معروفة لدى جمهوره ولكنها لم توثق في كتاب بسبب عدم عمله مع أي صالة فنية في إيران». تضيف أنها كانت على معرفة بأعمال موشيري تلك في الفترة قبيل تسليط الضوء عليه من خلال مزادات الدور العالمية في 2007 و2008: «على الرغم من أن الجمهور كان على معرفة بأعماله تلك إلا أنه لم يفهم بالضرورة تطور موشيري الفني، ولهذا كان إعداد هذا الكتاب أمرا مهما بالنسبة لي. فيه نسرد مسيرته الفنية على مدى 20 عاما من أين بدأ وكيف تطور».
الكتاب مقسم على جزأين حسب ما تشير دينا، فهو مبدئيا يقسم مجمل الأعمال المضمنة فيه إلى مرحلتين، وعموما «فكرة الثنائية مهمة جدة في عمل موشيري» كما تؤكد وتضيف أنها لم تعمل على اعتماد السرد الزمني لأعماله في الكتاب بل عمدت للسرد الموضوعي.
الكتاب يحمل غلافه صورة لعمل موشيري «الحياة جميلة» وهي عبارة بسيطة كتبت باستخدام السكاكين المختلفة الألوان والأشكال، وهو عمل يحمل الكثير من المعاني ويثير الكثير من التساؤلات في نفس المشاهد. الفنان قال في إحدى مقابلاته إنه في حال سفره لعرض العمل يقوم بتركيب اللوحة في البلد الذي يعرض فيه، ويقوم بشراء السكاكين من السوق المحلية ثم يقوم بغرسها على اللوحة لكتابة العبارة البريئة المعنى. أسأله إن كان شراء الأدوات، وهي هنا السكاكين، من البلد الذي يعرض فيه، لا يضيف عنصرا مختلفا على اللوحة، فهي لوحة يعاد تركيبها ورسمها في كل بلد باستخدام مواد محلية. يجيبني بهدوء، إجابته تتمهل في مواضع وتتوقف لثوان ليعود ويستكمل الحديث وكأنما يتتبع الفكرة خلال النطق بها. يرى أن عملية تكوين اللوحة بهذه الطريقة أمر مختلف عن المتبع، ويضيف: «لأسباب عملية أيضا، إذا قمت بشحن صندوق به سكاكين لا أعتقد أن الجمارك في أي بلد ستكون سعيدة بذلك. أذكر أني قمت بشحن قوارير من البلاستيك لاستخدامها في عمل أعرضه في لندن ولكن الجمارك البريطانية قامت بقطع القوارير. في تركيا قمت بعرض عمل مكون من السيارات الصغيرة اللعبة التي عرضت كطوابير من النمل تتسلق الحائط، وذهبت للبازار في إسطنبول لأبتاعها، أصبحت عملية التسوق جزءا من العمل الفني». أقول له: «في عالم فرهاد موشيري المواد البراقة واللامعة مثل الكريستال والخرز والبلاستيك الملون تمثل واجهة تغطي نبرة ساخرة عميقة». يقول: «الشخصية دائما تبرز من خلال العمل، أنا بطبيعتي أميل للسخرية. أدرك جدية الأشياء ولكني لا أتعامل معها بطريقة جادة، يجب أن أجعل هناك عنصرا من (السطحية) هناك. في المجتمع الإيراني هناك مجال للسطحية، هو ما لاحظته بعد عودتي لإيران بعد الانتهاء من دراستي بأميركا. المجتمع بعد انتهاء الحرب مع العراق مر بحالة من الثراء الفاحش، كان هناك كم ضخم من الجماليات السطحية المتولدة من الثراء الجديد، وأحببت اللعب بهذا العنصر».
من خلال تعامله مع الأثرياء الجدد وأذواقهم الفجة هل يرى موشيري أن أعماله الفنية تحمل نقدا اجتماعيا؟ يجيب: «لا أحب أن يكون عملي مجرد تعليق على المجتمع ولكن هناك علاقة وثيقة بينهما، لا أقدم مكنونات نفسي في أعمالي ولا تعبر عن شخصي، ولكني كنت أتأمل فيما يحدث أمامي في المجتمع وفي مظاهر (جمالية) كانت تنبعث منه، وكنت أطور أعمالي بناء على ذلك».
تشتهر أعمال موشيري باستخدام عناصر من التراث الفارسي كالخط والفخاريات، يضع أحيانا أبياتا من الشعر القديم أو كلمات من الأغاني العاطفية وأحيانا عبارات من عالم الإعلان. يقول: إن استخدام الكلمات داخل اللوحات هو تقليد فني عمل به فنانو الغرب، ولكن في عالم موشيري يتحول ذلك التقليد ليكتسب صبغة ساخرة.. «أستخدم أبيات الشعر الرصينة وأتعامل معها بطريقة ساخرة. أعجبني التضاد الناتج ورأيت أنها صيغة أستطيع استكشافها خاصة أن هناك تصورا بأن الشعر يحتل مكانة راقية وهي نفس النظرة التي يتعامل بها الناس مع فنون الخط، وأردت أن أغير ذلك وأن ألعب على مشاعر المتفرج. أيضا أردت أن أدخل عناصر من ظاهرة الملصقات التي توضع على السيارات، فهي عبارات تحمل لمسات ضاحكة شقية، أردت أن أدخل تلك اللمسة إلى عالم الفن المعاصر».
هل تمثل اللغة حاجزا أمام المشاهد الذي لا يعرف اللغة؟ يقول: «اللمحة الساخرة والفكاهية قد لا تترجم للناظر للعمل، ولكني أرى أن المتفرج يجب أن يكون له الحكم». لا يرى في ذلك ما يزعج «هناك أسباب كثيرة تجعل الناس يتفاعلون مع العمل بطريقة معينة».
يشير إلى أنه لم ينفذ أعمالا باستخدام فن الخط منذ فترة طويلة رغم اعتقاده بأن «الكلمة قد تغني عن ألف صورة»، ضاربا المثل برد فعل الجمهور لعمله «الحياة جميلة»: «لم أتوقع أن يتأثر الجمهور بهذا الشكل، كان رد فعل مشحون بالمشاعر. فكرة أن يمكنني إثارة مثل ذلك الشعور بالكلمات وبالطريقة التي نفذ بها العمل، الكلمات لها قوة خاصة، تصدمك».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».