فشل الاجتماع المطول الذي عقد بين جون كيري وسيرغي لافروف وزيري خارجية الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية في باريس، أمس (الأحد)، على مدار أكثر من أربع ساعات في تقريب مواقفهما «المتباينة» من الأزمة الأوكرانية، إلا أنهما أكدا رغبتهما في إيجاد «تسوية دبلوماسية» للأزمة.
وعقد الوزيران اجتماعهما، مساء الأحد، في مقر إقامة السفير الروسي، وقد دام الاجتماع نحو أربع ساعات، وهدف إلى التباحث في سبل نزع فتيل التوتر، بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم الأوكرانية. وإثر الاجتماع، واصل الوزيران مباحثاتهما على طاولة عشاء، وعلى الرغم من التباينات في مواقفهما، فإن هذا لم يمنع من حضور الأجواء الودية بين الطرفين، وتعالي أصوات الضحك في مائدة العشاء.
وأكد لافروف في ختام الاجتماع الذي وصفه بـ«البنّاء للغاية» أن المواقف بين البلدين بشأن الأزمة في أوكرانيا «متباينة»، مشيرا إلى أنه ونظيره الأميركي اتفقا على مواصلة المباحثات سعيا إلى «تسوية دبلوماسية» للأزمة الأوكرانية.
وقال الوزير الروسي: «لقد عبرنا عن مواقف متباينة حول أسباب الأزمة الأوكرانية، غير أننا متفقون على ضرورة إيجاد نقاط اتفاق للتوصل إلى تسوية دبلوماسية لهذه الأزمة».
ومن المقرر أن يواصل لافروف محادثاته بشأن الأزمة الأوكرانية، صباح الاثنين، في باريس، مع نظيره الفرنسي لوران فابيوس، على أن يسافر الوزير الفرنسي بعد الظهر إلى برلين حيث سيجتمع مع نظيريه الألماني فرانك فالتر - شتانماير والبولندي رادوسلاف سيكورسكي.
وجدد لافروف التأكيد على أهمية الفيدرالية كحل للأزمة في أوكرانيا، وعدّ أن الفيدرالية هي «عنصر بالغ الأهمية في الإصلاحات» الدستورية المفترض إجراؤها في أوكرانيا.
وقال الوزير الروسي في مقابلة بثتها قناة «بيرفي» التلفزيونية العامة، أمس (الأحد)، إن نظاما فيدراليا «من شأنه حماية حقوق من يعيشون في أوكرانيا، وخصوصا السكان الروس الذين يهمنا أمرهم».
لكن كييف سارعت إلى رفض الاقتراح الروسي، وقالت الخارجية الأوكرانية في بيان لها: «نرغب في أن ننصح روسيا بالكف عن توجيه إنذاراتها إلى بلد مستقل، والاهتمام بالوضع الكارثي والانعدام الكامل لحقوق أقلياتها، بما فيها الأوكرانية».
بدوره، أكد كيري في ختام اللقاء أن أي قرار بشأن مستقبل أوكرانيا لا يمكن أن يُتخذ من دون أن تشارك فيه أوكرانيا، داعيا موسكو إلى سحب قواتها المحتشدة على الحدود الأوكرانية.
وقال الوزير الأميركي: «لن نقبل عملية لا تكون فيها الحكومة الشرعية في أوكرانيا حاضرة على طاولة المفاوضات»، مؤكدا أن «أي تقدم حقيقي في أوكرانيا يجب أن يشمل انسحابا للقوة الروسية الكبيرة جدا المحتشدة حاليا على الحدود مع أوكرانيا».
وأقر كيري بأن واشنطن وموسكو «لديهما تباينات في الآراء حول الأحداث التي أدت إلى هذه الأزمة. ولكن، كلانا يعترف بأهمية إيجاد حل دبلوماسي من أجل الشعب الأوكراني»، مضيفا أن واشنطن ستدرس «الأفكار والاقتراحات التي تباحثنا فيها هذا المساء، وسنواصل مباحثاتنا قريبا».
من جهته، قال لافروف إن كلا من الطرفين الروسي والأميركي «عرض خطته للتوصل إلى تهدئة الوضع»، مكررا القول إن الأولويات بالنسبة إلى موسكو في هذه الأزمة هي «ضمان احترام حقوق الأقليات» في أوكرانيا و«تفكيك القوات غير النظامية»، في إشارة إلى المجموعات القومية الأوكرانية شبه العسكرية، ولا سيما تلك التي شاركت في الاحتجاجات التي شهدتها ساحة ميدان بوسط كييف على مدى أشهر، وانتهت بالإطاحة بالرئيس الموالي لموسكو فيكتور يانوكوفيتش.
وجرى الإعداد للمفاوضات الطارئة التي استضافتها باريس في غضون بضع ساعات، بعد اتصال هاتفي جرى مساء الجمعة بين باراك أوباما وفلاديمير بوتين، هو الأول منذ أعلنت واشنطن فرض عقوبات اقتصادية على الأوساط القريبة من الرئيس الروسي.
وتوافق الزعيمان في الاتصال الهاتفي الذي جرى بمبادرة من بوتين، على ضرورة إجراء محادثات سريعة، لوضع حد للتصعيد، بعد إعلان واشنطن وكييف أن موسكو حشدت قوات على طول الحدود مع مناطق شرق أوكرانيا الناطقة بالروسية، التي سبق أن شهدت مظاهرات انفصالية.
والواقع أن الهوة لا تزال كبيرة بين القوتين الكبريين. وكان مصدر دبلوماسي أميركي تحدث عن اقتراح أميركي طلبت واشنطن «ردا مكتوبا» عليه من موسكو يلحظ خصوصا انسحاب القوات الروسية من الحدود الأوكرانية. غير أن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف أعلن، أول من أمس (السبت)، أنه «ليس هناك خطة واحدة» أو «مقاربة مشتركة» بين الأميركيين والروس.
ولا تظهر موسكو أي نية لتقديم تنازلات بعد نجاحها في ضم شبه جزيرة القرم. فبعد شهر من وصول طلائع القوات الروسية إلى شبه الجزيرة على البحر الأسود، وأسبوعين من الاستفتاء الذي عدّه الغربيون غير شرعي، باتت موسكو تعدّ شبه الجزيرة جزءا لا يتجزأ من الاتحاد الروسي، وتجسيدا لتلك الرؤية، وصل رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف إلى شبه جزيرة القرم، ليصبح أبرز مسؤول روسي يزورها منذ إعلان موسكو انضمامها إلى الاتحاد الروسي.
ويزور ميدفيديف مدينة سيمفروبول، وهي المدينة الرئيسة في القرم، على رأس وفد وزاري روسي، وأوضح رئيس الوزراء عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أن الهدف من الزيارة مناقشة التطورات في القرم.
استمرار الخلافات الأميركية - الروسية بعد أربع ساعات من مفاوضات باريس بشأن أوكرانيا
رئيس الوزراء الروسي ميدفيديف إلى شبه جزيرة القرم ليصبح أبرز مسؤول روسي يزورها
استمرار الخلافات الأميركية - الروسية بعد أربع ساعات من مفاوضات باريس بشأن أوكرانيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة