استبعد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمس في خطابه أمام مجلس النواب تنظيم استفتاء جديد حول عضوية بلاده في الاتحاد الأوروبي، بعد أن طالبت بذلك عريضة جمعت ملايين التوقيعات.
وقال كاميرون إنه على البريطانيين قبول نتيجة الاستفتاء، وأنه على الحكومة البحث على أفضل سبيل لتطبيقها. وسعى كاميرون إلى طمأنة الأوروبيين المقيمين في بريطانيا والبريطانيين المقيمين في أوروبا، مؤكدًا أن ظروفهم لن تتأثر بالانفصال في الوقت الحالي. وكان رئيس الوزراء الذي أعلن استقالته غداة الاستفتاء قال إنه «لن يتخذ الخطوات الرسمية لإتمام الطلاق من الاتحاد الأوروبي، تاركًا المهمة لخلفه».
وباعتبار أن الاستفتاء ليس ملزما قانونيا، اقترح بعض الساسة إجراء تصويت في البرلمان قبل بدء إجراءات الخروج الرسمية. ووقّع أكثر من ثلاثة ملايين شخص خلال يومين فقط على التماس على الموقع الإلكتروني للحكومة البريطانية لإجراء استفتاء ثانٍ.
وينقسم زعماء أوروبا الذين يواجهون أكبر تهديد لوحدتها منذ الحرب العالمية الثانية، بشأن السرعة التي يتعين أن تبدأ بها مفاوضات الخروج. فتريد باريس التعجيل بها، في حين تدعو المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل للتحلي بالصبر. وقال جان كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية إنه يريد أن تبدأ العملية «فورًا».
من جهتها، قالت رئيسة وزراء اسكوتلندا، أول من أمس الأحد، إن برلمانها قد يعترض على قرار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وبموجب السلطات الممنوحة من الحكومة المركزية لحكومات الأقاليم، يتعين على برلمانات اسكوتلندا وآيرلندا الشمالية وويلز قبول قرار الانفصال عن الاتحاد الأوروبي وفقًا لتقرير أعده مجلس اللوردات.
ويتفق أغلب الساسة البريطانيين على أن التصويت الحاسم بنسبة 52 في المائة لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، مقابل 48 في المائة لصالح البقاء فيه يعني أن الانفصال يجب أن يحدث. وسيمثل ما دون ذلك صفعة قوية على وجه الديمقراطية.
وقال كاميرون، الذي بدت عليه الصدمة، في خطاب استقالته التي تمثل أكثر النهايات صخبًا لولاية رئيس وزراء بريطاني منذ استقالة أنتوني إيدن بعد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، إن «إرادة الشعب البريطاني هي توجيه يتعين تنفيذه». بيد أن وسم «التراجع عن الخروج» على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» لا يزال متفاعلا بشدة، بشأن ما إذا كانت بريطانيا قد تستطيع إعادة النظر ومحاولة التعامل مع حالة التشكك التي تخيم على القارة الأوروبية في أعقاب التصويت الذي أثار اضطرابات مالية وسياسية.
وقال أناند مينون، أستاذ السياسات الأوروبية والشؤون الدولية في كلية «كينغز» في لندن، «هذا الوضع ذو الجوانب والأبعاد المختلفة يتغير، ليس في ما يتعلق بعلاقاتنا بأوروبا وحسب، وإنما أيضًا في ما يتعلق بمن يدير أحزابنا ومن يحكم البلاد، وما هي مكوناتها». وأضاف أنه من الصعب للغاية رؤية الصورة الكاملة.
* المادة 50
القانون المنظم لخروج دولة عضو من الاتحاد الأوروبي هو المادة 50 من معاهدة لشبونة، التي تعد فعليا دستور الاتحاد الأوروبي. ولم يسبق أن فعّلت هذه المادة من قبل.
وقبل التصويت، قال كاميرون إن المادة 50 ستفعل على الفور إذا صوتت بريطانيا لصالح الخروج. وفي مطلع الأسبوع، قال الكثير من المسؤولين البريطانيين إن بلادهم تحتاج للانفصال رسميًا على الفور وربما خلال اجتماع للاتحاد الأوروبي صباح يوم الثلاثاء.
لكن مسؤولين من الحملة الداعية للخروج، ومنهم بوريس جونسون رئيس بلدية لندن السابق، يحاولون إبطاء العملية. فهم يقولون إنهم يريدون التفاوض على العلاقات المستقبلية لبريطانيا مع الاتحاد قبل الانفصال رسميًا عنه.
ويرى مسؤولون ومراقبون أوروبيون أن احتمالات هذا الاتفاق ضعيفة، بالنظر إلى ما ينطوي عليه من قضايا شائكة. وعلى سبيل المثال، فإنه من غير المرجح أن يتيح الاتحاد وصول بريطانيا إلى السوق الموحدة، وهو أمر رئيسي للسماح لبريطانيا بتبادل السلع والخدمات مع دوله، دون أن تقبل لندن بحرية حركة العاملين بدول الاتحاد. لكن القضية الأهم لمن صوتوا لصالح الانسحاب من الاتحاد، هي القيود على الهجرة التي وعد بها الداعون للخروج.
* المملكة «غير» المتحدة؟
حظي التماس الأحد بإجراء استفتاء جديد بتأييد كبير، وبلغ عدد الموقعين عليه نحو 4 ملايين بحلول بعد ظهر أمس. وقال ديفيد لامي، المشرع عن حزب العمال المعارض، إن من سلطات البرلمان الدعوة لاستفتاء جديد وحثه على القيام بذلك.
وقد يأتي أقوى رفض لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من اسكوتلندا.، حيث أيد البلد الذي يبلغ عدد سكانه خمسة ملايين نسمة البقاء في الاتحاد الأوروبي بنسبة 62 في المائة، مقابل 38 في المائة أيدوا الخروج في الاستفتاء الذي أجري يوم الخميس، بالمقارنة مع 54 في المائة في إنجلترا أيدوا الخروج.
وبموجب ترتيبات بريطانيا المعقدة لنقل بعض السلطات لاسكوتلندا وويلز وآيرلندا الشمالية، فإن التشريع الذي يصدر في لندن لبدء ترك الاتحاد الأوروبي يجب أن توافق عليه البرلمانات الثلاثة، وفقًا لتقرير للجنة الاتحاد الأوروبي بمجلس اللوردات.
وقالت رئيسة وزراء اسكوتلندا نيكولا ستيرجن لهيئة الإذاعة البريطانية «بي.بي.سي» الأحد إنها ستدرس دعوة البرلمان الاسكوتلندي لوقف هذا الإجراء. لكن لم يتضح بعد ما إذا كان مثل هذا التحرك يمكن أن يتحقق بالفعل أو أن يكون ملزما.
وقال متحدث باسم ستيرجن في وقت لاحق إن الحكومة البريطانية قد لا تطلب موافقة البرلمانات الثلاثة من الأساس. وفضلا عن ذلك، تضع ستيرجن الأسس لإجراء استفتاء جديد على انفصال اسكوتلندا عن بريطانيا، وهو ما قالت رئيسة الوزراء إنه أمر «محتمل جدا».
* الانسحاب
ورغم أن المادة 50 لم تطبق من قبل، فإن مجلس اللوردات ناقش كيف يمكن أن ينفذ الخروج من الاتحاد الأوروبي. ونشر في مايو (أيار) تقريرا بعد مشاورات مع خبراء قانونيين.
وقال ديريك ويات، أحد المشاركين في إعداد التقرير، إن القانون يسمح لبريطانيا بأن تغير رأيها بعد تفعيل المادة 50، وإن كان ذلك صعبًا من الناحية السياسية. وقال ويات في التقرير إنه «بموجب القانون، يحق لبريطانيا أن تغير رأيها قبل الانسحاب من الاتحاد الأوروبي وأن تقرر البقاء».
كاميرون: لا استفتاء جديدًا حول «الأوروبي».. وعلينا قبول نتيجة التصويت
ردًا على عريضة برلمانية جمعت نحو 4 ملايين صوت
كاميرون: لا استفتاء جديدًا حول «الأوروبي».. وعلينا قبول نتيجة التصويت
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة