بان كي مون يدعو المجتمع الدولي لتحقيق هدف إنهاء الاحتلال الإسرائيلي

الفلسطينيون يسلمونه وثيقة الانضمام إلى تعديلات «كمبالا» الخاصة بجرائم العدوان

الرئيس الإسرائيلي روبين ريفيلين خلال استقباله الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون خلال زيارته لإسرائيل (إ.ب.إ)
الرئيس الإسرائيلي روبين ريفيلين خلال استقباله الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون خلال زيارته لإسرائيل (إ.ب.إ)
TT

بان كي مون يدعو المجتمع الدولي لتحقيق هدف إنهاء الاحتلال الإسرائيلي

الرئيس الإسرائيلي روبين ريفيلين خلال استقباله الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون خلال زيارته لإسرائيل (إ.ب.إ)
الرئيس الإسرائيلي روبين ريفيلين خلال استقباله الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون خلال زيارته لإسرائيل (إ.ب.إ)

قال الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، في مستهل زيارة رسمية لإسرائيل وفلسطين أمس، إن أعضاء المجتمع الدولي ملزمون بالعمل لتحقيق الهدف المشترك المتمثل بإنهاء الاحتلال، وإنجاز حل لدولتين تعيشان جنبًا إلى جنب بأمن وسلام.
وأضاف بعد وصوله إلى جامعة تل أبيب في إسرائيل أمس: «يجب على الزعماء التوقف عن ترديد الأقوال ذاتها، وتوقع نتائج مختلفة. وأنا مقتنع بوجوب تفعيل المجتمع الدولي لقوته حتى يتسنى الوصول إلى الهدف المشترك، وهو إنهاء الاحتلال وتنفيذ حل الدولتين».
وناشد الأمين العام، إسرائيل، أن تتصرف بمسؤولية في تعاملها مع الفلسطينيين، داعيًا الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني إلى قطع الطريق أمام المتطرفين، كي لا يفرضوا إرادتهم.
ووصل بان كي مون إلى إسرائيل أمس، على أن يغادر إلى قطاع غزة اليوم، ويعود إلى رام الله للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في زيارة تهدف إلى دفع جهود العملية السلمية ووداعية في نفس الوقت، بمناسبة قرب انتهاء مهامه في منصبه.
وجاءت زيارة مون متزامنة مع الجهود التي يبذلها الاتحاد الأوروبي لإحياء العملية السلمية. ويتوقع أن يدفع مون إسرائيل، في اللقاءات التي ستجمعه بالرئيس الإسرائيلي ورئيس الوزراء، من أجل التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين. وسيكون هذا الملف على طاولة لقائه بالرئيس عباس كذلك. وسيزور مون في غزة، مدرسة تديرها الأمم المتحدة، ومركزًا لإعادة الإعمار، ويعقد اجتماعًا مفتوحًا مع موظفي الأمم المتحدة هناك، في مسعى منه لدعم جهود إعادة إعمار القطاع.
ويستغل الفلسطينيون زيارة مون، لتسليمه وثيقة انضمام دولة فلسطين إلى تعديلات كمبالا لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. وأعلن رياض منصور، المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة في نيويورك، أنه سيتم تسليم الوثيقة الأصلية إلى الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، غدًا الثلاثاء (اليوم) في رام الله أثناء زيارته فلسطين. وذكر منصور أن دولة فلسطين تعتز وتفتخر بأن تكون الدولة الثلاثين التي تنضم إلى تعديلات كمبالا، كي تدخل هذه التعديلات حيز التنفيذ. وأضاف، أن بعثة فلسطين سوف تشارك في فعاليات عدة في الشهر المقبل، في نيويورك، حول هذا التطور الهام، مع كثير من الدول الأطراف في نظام روما الأساسي.
يُذكر أنه تم اعتماد تعديلات كمبالا في يونيو (حزيران) 2010، في مؤتمر المراجعة للدول الأطراف في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، الذي عقد في مدينة كمبالا بأوغندا، ويسعى لتفعيل اختصاص المحكمة الجنائية الدولية على جريمة العدوان، إلى جانب اختصاصاتها على الجرائم الأخرى، كجرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، وجريمة الإبادة.
وقال وزير خارجية دولة فلسطين، رياض المالكي، إن سريان اختصاص المحكمة على هذا النوع من الجرائم، تطلب قبول 30 دولة، وأن دولة فلسطين هي الدولة الثلاثين المصادقة على هذه التعديلات، على أن يلي ذلك إصدار قرار من جمعية الدول الأطراف لاعتماد التعديلات.
وأكد المالكي أهمية اعتماد جريمة العدوان، كواحدة من الجرائم التي تحاسب عليها المحكمة الجنائية الدولية، باعتبارها من أبشع الجرائم، ويصاحبها ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وانتهاكات خطيرة للقانون الدولي، وحقوق الإنسان.
وأشار المالكي إلى أنه على الرغم من صعوبة ملاحقة إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، في الوقت الحالي، على هذه الجريمة بالذات، وذلك لأن اختصاص المحكمة في جريمة العدوان ينطبق فقط على الدول الأعضاء في ميثاق روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية، التي وافقت أو صادقت على جريمة العدوان، فإن الميثاق قد عرّف «العمل العدواني» ومن ضمنها الاحتلال العسكري جريمة.
وشدد المالكي على أن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، التي ارتكبتها إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، بسبب جرائم العدوان المتكررة ضد شعبنا، في أرض دولة فلسطين المحتلة، هي قيد النظر والدراسة الأولية لدى مكتب المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية. وأشار إلى أن انضمام فلسطين إلى هذه التعديلات، سيعزز من عمل المحكمة الجنائية الدولية ودورها في ملاحقة مجرمي الحرب، وصولاً إلى ملاحقة ومساءلة مجرمي الحرب الإسرائيليين.
وقال المالكي: «لقد سعت دولة فلسطين منذ بدء التفاوض على جريمة العدوان، بأن يجري إدراج الاحتلال العسكري «عملاً عدوانيًا»، ضمن جريمة العدوان، والآن وحال اعتماد تعديلات «كمبالا»، فإنه سيتم تجريم الاحتلال تحت ميثاق المحكمة الجنائية الدولية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم