الجزائر: الكشف عن هوية قتلة مواطن فرنسي ينتمون لـ«داعش»

فرنسا رفضت اشتراط متطرفين وقف ضرباتها العسكرية ضد معاقل التنظيم بالعراق

الجزائر: الكشف عن هوية قتلة مواطن فرنسي ينتمون لـ«داعش»
TT

الجزائر: الكشف عن هوية قتلة مواطن فرنسي ينتمون لـ«داعش»

الجزائر: الكشف عن هوية قتلة مواطن فرنسي ينتمون لـ«داعش»

أعلنت الحكومة الجزائرية عن تحديد هوية 3 متطرفين شاركوا في خطف وقتل رعية فرنسي، شرق العاصمة، قبل نحو عامين. وذلك بعد أن رفضت فرنسا اشتراط متطرفين وقف ضرباتها العسكرية الجوية ضد معاقل «داعش» بالعراق. وفي غضون ذلك، لقي حبس مدير فضائية خاصة ومسؤول آخر بها إدانة واسعة داخل البلاد وخارجها.
وقال وزير العدل حافظ الأختام الطيَب لوح، أمس، لصحافيين بالبرلمان، إن السلطات الأمنية «تعرفت على هوية 3 إرهابيين تم القضاء عليهم أخيرا بولاية المدية (100 كلم جنوب العاصمة)، كانوا ضمن المجموعة الإرهابية التي أعدمت الرعية الفرنسي هيرفيه غوردال، بعد اختطافه بمنطقة أيت والبان، بولاية تيزي وزو، سنة 2014».
وكان متسلق الجبال غورديل مع 5 أصدقاء جزائريين، عندما اعترضت مجموعة مسلحة طريقهم باتجاه جبل يقع على بعد 100 كلم شرق العاصمة. ولم يتعرض المعتدون بسوء للجزائريين، بينما اقتادوا الرعية الفرنسي إلى مكان مجهول، حيث تم احتجازه لمدة أسبوع، قبل قتله بفصل رأسه عن جسده. وأعلن تنظيم «جند الخلافة»، الموالي لـ«داعش»، مسؤوليته عن العملية الإرهابية، وهدد الرعايا الفرنسيين بالجزائر باستهدافهم.
وأوضح لوح بخصوص القضية: «من بين العناصر الإرهابية التي تم القضاء عليها أخيرا، من طرف عناصر الجيش الوطني الشعبي بولاية المدية (مقتل 20 إرهابيا)، تم التعرف على هوية 3 إرهابيين كانوا محل مذكرة اعتقال دولية». وأضاف لوح أن المتطرفين الثلاثة هم سراج محمد وحردافي محي الدين والربيع مستمرا، من دون تفاصيل أخرى.
وعثرت قوات الأمن على جثة غورديل، مطلع عام 2015، بنفس المنطقة التي اختطف فيها، بفضل إرهابي ألقت قوات الأمن القبض عليه. فيما كانت وزارة الدفاع أعلنت عن مقتل زعيم «جند الخلافة»، عبد المالك قوري، نهاية نفس العام.
وما لفت في حادثة قتل غورديل أنها لم تثر أية حساسية بين سلطات البلدين، على عكس حادثة اغتيال رجال الدين المسيحيين الفرنسيين، عام 1996 بجنوب الجزائر. فقد شككت فرنسا حينها في الرواية الرسمية التي تقول إن الجماعة الإسلامية المسلحة هي من قتلتهم. وتحدث مسؤولون فرنسيون عن «احتمال تورط الجيش الجزائري في قتلهم عن طريق الخطأ». ولا تزال هذه القضية حتى اليوم عالقة لأن عائلات الرهبان متمسكة بـ«معرفة الحقيقة» حول مقتلهم.
إلى ذلك، استنكرت جمعية «مراسلون بلا حدود»، المدافعة عن الصحافيين عبر العالم، في بيان، حبس مدير الفضائية الخاصة «الخبر»، مهدي بن عيسى، ومنتج برنامج ساخر يبث بها، رياض حرتوف، بأمر من قاضي التحقيق بالعاصمة. وقالت إنها «مصدومة لانتهاك استقلالية القناة» التي تنتمي لمجمَع إعلامي، يضم صحيفة، يواجه مشكلات كبيرة مع الحكومة بسبب بيع أصوله لرجل أعمال شهير. وتم أيضًا سجن مديرة التراخيص الخاصة بتسجيل البرامج التلفزيونية بوزارة الثقافة. ووجهت للثلاثة تهمتي «مخالفة مضمون الترخيص» و«استغلال الوظيفة». وتتعلق التهمة الأولى بتناول قضايا سياسية معادية للحكومة في البرنامج، بينما الترخيص يفيد بأنه برنامج ثقافي محض. ولقي حبس الأشخاص الثلاثة إدانة واسعة من طرف وسائل الإعلام والمثقفين في البلاد الذين أعلنوا عن تنظيم احتجاج بالعاصمة، غدا الأربعاء.
وقالت ياسمين كاشا، مسؤولة مكتب شمال أفريقيا في منظمة «مراسلون بلا حدود»، إن حبس مسؤولي الفضائية «غير مفهوم، وغير مقبول، إذ من المفترض أن يستفيد محترفو الإعلام من الأحكام الدستورية الجديدة المتعلقة بحرية الصحافة، التي تلغي جميع العقوبات السالبة للحرية، هذا بالإضافة إلى أن هذا النوع من الدعاوى من اختصاص هيئة ضبط الإعلام السمعي البصري، التي تم تنصيبها يوم 20 يونيو (حزيران) الحالي».
واستأنف محامو القناة، أول من أمس، قرار الحبس الاحتياطي أمام غرفة الاتهام بغية الحصول على إفراج مؤقت، أو الوضع تحت الرقابة القضائية في أسوأ الأحوال.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم