الميليشيات تلجأ لاختطاف المدنيين بعد فشلها في إحراز تقدم ناحية لحج

عناصر انقلابية تقتل شابين يمنيين بدم بارد

استعدادات قوات الشرعية في جبهات الغربية بالصبيحة («الشرق الأوسط»)
استعدادات قوات الشرعية في جبهات الغربية بالصبيحة («الشرق الأوسط»)
TT

الميليشيات تلجأ لاختطاف المدنيين بعد فشلها في إحراز تقدم ناحية لحج

استعدادات قوات الشرعية في جبهات الغربية بالصبيحة («الشرق الأوسط»)
استعدادات قوات الشرعية في جبهات الغربية بالصبيحة («الشرق الأوسط»)

بعد أن فشلت كل محاولاتها ومخططاتها في إحراز أي تقدم لها ناحية الأراضي الجنوبية في لحج وباب المندب، ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح تلجأ إلى اختطاف المواطنين في القبيطة والوازعية وتتعمد شن قصف مدفعي عنيف على القرى الواقعة في خط التماس النار والمواجهات بين محافظتي تعز ولحج.
وكشفت مصادر محلية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن تنفيذ ميليشيا الحوثي حملة اختطافات بصفوف السكان المدنيين في مناطق جبلية بالقبيطة والوازعية التابعتين لمحافظة تعز، فضلاً على قتل شابين رفضا تقديم مساعدة في جلب الطعام لهم، الأمر الذي أدى إلى نشوب عراك بالأيدي ودفع بالميليشيات إلى إفراغ رصاصات بظهر الشابين اللذين كانا في طريق العودة إلى تعز.
وقال مواطن اكتفى بالترميز إلى اسمه بـ«م. ع. ي» إن القتيلين لم يعرف أحد هويتهما، حيث أجبرت الميليشيات عناصرها إلى دفنهما، بعد ساعات من قتلهما، وأخبرت السكان المحليين بأنهما استشهدا برصاصات عشوائية جراء المواجهات القريبة من جبل حمالة بالقبيطة، ولم يفصح المصدر عن أي تفاصيل أخرى عن الواقعة التي تم دفنها دون معرفة هوية جثث المقتولين على أيدي الميليشيات.
إلى ذلك، شهدت جبهات كرش مواجهات متقطعة وخفيفة، فيما اجتاح جبهات المضاربة ورأس العارة أمس الاثنين هدوء نسبي، ولم تسجل أي مواجهات عنيفة في مناطق التماس بين محافظتي لحج وتعز بعد فشل الميليشيات خلال الأيام الماضية في تحقيق أي تقدم لها ناحية مناطق محافظة لحج الجنوبية.
من جهة ثانية، وعقب زيارة ميدانية تفقدية إلى جبهات كرش الحدودية بين لحج وتعز، قال محافظ محافظة لحج الدكتور ناصر الخبجي إن أحلام الغزاة في التعدي مرة أخرى على محافظة لحج تبخرت وولى زمانها، لأن إرادة أبطال القوات من الجيش والمقاومة الجنوبية، حد قوله، هي اليوم أكبر، وأرسخ من السابق.
وأكد المحافظ، في كلمة له أثناء زيارته أول من أمس لمناطق التماس، ولقائه بقيادات الجبهة والمقاتلين، أن جبهة كرش تعد إحدى الجبهات الرئيسية اليوم في الجنوب، التي يحاول العدو تحقيق تقدم فيها، ولكن أبطال القوات الجنوبية يذودون عن حياض الوطن، مستبسلين في وجه العدوان الميليشياوي التابع للحوثيين والمخلوع علي عبد الله صالح، مشيرًا إلى أن جبهات كرش صامدة، ولن تسمح لميليشيات العدوان بأي تقدم نحو أراضينا، محييًا أبطال الجيش والمقاومة الجنوبية الذي يسطرون ملاحم بطولية في جبهة كرش، على حد تعبيره.
وأردف: «لقد لمسنا إرادة عالية وتصميمًا كبيرًا، لدى قيادات الجبهة، والمقاتلين فيها، وهو إن دل على شيء إنما يدل على الإرادة الشعبية التي يستمد منها هؤلاء المقاتلون إرادتهم، ووفاءهم لرفقائهم الشهداء الذين قدموا أرواحهم من أجل الدفاع عن الدين والأرض والكرامة»، وطمأن الجميع، عن أوضاع الجبهة، وسير الأعمال الدفاعية القتالية، التي يقدمها أبطال المقاومة الجنوبية والجيش، مشيدًا بدور أهالي كرش وشبابها الأبطال، محييًا إرادة المقاتلين وصمودهم في وجه العدوان.
وقدم المحافظ الخبجي، شكره وتقديره لدول التحالف العربي، على ما تقدمه من دعم لوجيستي وعسكري وجوي، منذ أول يوم لبدء الحرب، حيث التقى خلال الزيارة بقيادات جبهات كرش ومقاتليها، واستمع منهم إلى أوضاع الجبهة، وسير أعمال المعارك، وتفاصيل تمويل الجبهة. تأتي تلك الزيارة، بالتزامن مع زيارة الجبهة، من قبل 20 أكاديميًا جنوبيًا من الهيئة الأكاديمية الجنوبية، التي تقيم أمسية رمضانية في الجبهة، مع القيادات والمقاتلين.
بدوره، قال المتحدث الرسمي لقوات الشرعية في الجنوب علي شائف الحريري إن القوات تفرض كامل سيطرتها على مناطق كرش الحدودية والمضاربة ورأس العارة وباب المندب، مشيرًا إلى أن قوات الشرعية قصفت مواقع تتمركز فيها تعزيزات للميلشيات في منطقة الشقيراء مركز مديرية الوازعية، وألحقت في صفوفها قتلى وجرحى من الحوثيين.
وأوضح الحريري لـ«الشرق الأوسط» أن قصفًا مدفعيًا متبادلاً شهدته منطقتي الأغبرة والمنصورة بالمضاربة أمس وأول من أمس بين قوات الشرعية ضد ميليشيا الحوثي وقوات المخلوع صالح، مشيرًا إلى أن مناطق المواجهات والتماس شهدت خلال اليومين الماضيين اشتباكات متقطعة وعنيفة وقصفًا مدفعيًا، أعقبها تدخل طيران التحالف العربي لقصف تعزيزات الميليشيات في المنطقة الشمالية والغربية في القبيطة على حدود محافظة لحج مع محافظة تعز، على حد تعبيره.
وأكد الحريري سقوط عشرات القتلى في صفوف الحوثيين خلال تلك الاشتباكات والمواجهات التي وصفها بالضارية أول من أمس، لافتًا إلى أن قوات الشرعية أجبرت الحوثيين على التراجع خلف خطوط التماس.
وعلى صعيد الوضع الإنساني، يعاني الآلاف من المواطنين في مناطق خطوط النار من أوضاع إنسانية صعبة، وسط موجة نزوح كبيرة هروبًا من الحرب الدائرة بين منطقتي لحج وتعز، حيث تشير الإحصائيات إلى وصول أكثر من 10 آلاف نازح من مديريتي الوازعية والقبيطة ناحية مدارس مناطق الصبيحة في المضاربة ورأس العارة، في ظل غياب المنظمات الدولية العاملة في الإغاثة الإنسانية عن تقديم أي مساعدة تذكر للسكان المحليين الذين يعانون النزوح وشظف العيش والفقر والعوز.
وعلى صعيد آخر، نفت قوات الحزام الأمني بعدن وقوفها وراء اقتحام الفندق الذي كانت تقيم فيه قيادات قوات الشرعية بتعز، وجاء في بيانها: «تابعنا الحملة الإعلامية الظالمة التي شنتها بعض الأطراف التي لا تخدم بتصرفاتها إلا الانقلابيين، والتي زعمت أن قوات الحزام الأمني داهمت فندقًا واعتقلت قيادات في المقاومة بتعز».
وأوضحت أن «قيادات (الشرعية) في تعز مرت من جميع النقاط الأمنية إلى عدن دون أن يتم اعتراضها، لكن هناك بعض الأطراف له أهداف خبيثة الهدف منها الإساءة لقوات الحزام الأمني».
وأكد البيان بحسب وكالة أنباء «سبأ» الرسمية التابعة للحكومة الشرعية، أن قوات الحزام الأمني ليس لها أي علاقة بمن اعتدى على فندق التوحيد، وأنه ستتم معاقبة من يعتدي على الناس وسيضرب بيد من حديد ضعاف الأنفس الذين يعتدون على قيادة المقاومة في تعز وغيرها.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.