مانشستر.. من الثورة الصناعية إلى السياحية

مدينة إنجليزية ساعدت الجالية المغربية في تطويرها

مانشستر.. من الثورة الصناعية إلى السياحية
TT
20

مانشستر.. من الثورة الصناعية إلى السياحية

مانشستر.. من الثورة الصناعية إلى السياحية

تقع مدينة مانشستر إلى شمال غربي إنجلترا وهي موطن اثنين من أفضل الأندية الرياضية «مانشستر يونايتد» و«مانشستر سيتي»، وهذه المدينة الشهيرة بعنفوانها انطلقت منها عدة أشياء غير مسبوقة، ففيها انطلقت الثورة الصناعية في أوروبا الغربية، وفيها نشأت منافسة فريدة من نوعها بين ناديين مزقتهما الطبقية، حيث كان ينظر إلى نادي مانشستر يونايتد على أنه نادي الفقراء وعمال المناجم وسائقي القطارات، على عكس نادي «مانشستر سيتي»، الذي كان يصنف كونه مخصصًا للمرفهين والأثرياء، غير أن وضع الناديين تبدل مثلما تبدل حال المدينة التي أصبحت اليوم مقرا للنجوم والأغنياء، ومن أهم المدن الثقافية التي تضم بعضًا من أهم الجامعات مثل جامعة مانشستر متروبوليتان وجامعة سالفورد.
مانشستر هي امتداد للعاصمة لندن، فتفصل بينهما ساعتان وثمان دقائق بواسطة القطار، تنطلق الرحلة من محطة يوستن لتأخذك إلى قلب مانشستر، وإذا اخترت السفر إليها جوا فيعتبر مطارها ثاني أكثر مطار في بريطانيا زحمة بعد مطار هيثرو ويستقبل الرحلات الجوية الدولية من شتى بقاع العالم بما فيها الدول العربية والخليجية.
* أهم الزيارات
هناك كثير من النشاطات التي يمكن أن تقوم بها في مانشستر كما توجد عدة أماكن مناسبة للسياحة مع العائلة والأطفال، فتنتشر في المنطقة الحدائق مثل مدينة ملاهي «بلاك بول» ومدينة ملاهي «أولتن تاورز» التي تشبه إلى حد كبير مدينة ديزني للصغار وتضم فنادق جميلة بالإضافة إلى العاب لا تحصى ولا تعد تناسب جميع الأعمار وكل أفراد العائلة.
ومن الممكن في مانشستر تأجير دليل سياحي يأخذك في رحلة مشي على الإقدام للتعرف على تاريخ المدينة منذ نشأتها لغاية يومنا هذا.
وإذا كنت من محبي الفن والمتاحف فأنت في المكان الأمثل، لأن عدد المتاحف كبير جدًا ومن أشهرها متحف العلوم والصناعة وهو موجود بالقرب من أقدم محطة قطارات في العالم وفيه تجد معارض رائعة للماكينات التي كانت تعمل على البخار في الحقبة الذهبية للمدينة فترة صناعة النسيج.
وكاتدرائية مانشستر من المعالم الأثرية الفريدة في المدينة فيعود تاريخها إلى عام 1422 وأصبحت على ما هي عليه اليوم منذ عام 1847. وأهم ما يميزها تصميمها الداخلي اللافت. ولجرعة زائدة من الفن توجه إلى «مانشستر أرت غاليري» الذي يضم أكبر مجموعة من اللوحات والقطع الفنية خارج لندن.
وفي المدن الكبرى حول العالم يكون للصينيين نصيبهم، وهذا هو الحال في مانشستر، حيث لم يبخل الصينيون بثقافتهم على البريطانيين، فخلقوا مدينة خاصة بهم على مرمى حجر من المتحف الفني ليزداد المشهد روعة وزهوا، ولمحبي الطعام الصيني التقليدي سيكون أمامهم فرصة تذوق ألذ الأطباق في «تشاينا تاون» التي تحمل عبق بيجينغ وهونغ كونغ، وعندما تزور المحلات التي تبيع القطع الحرفية الصغيرة سوف تدرك بأنه لا داعي للسفر إلى الصين، فالصين بين يديك. وللمشي في الهواء الطلق والتمتع بالطبيعة الخلابة تقدم حديقة «هيتون بارك» فرصة حقيقية لعشاق المشي والطبيعة، فهي واحدة من أكبر حدائق أوروبا وتنتشر على مساحة 600 هكتارًا، وفيها كثير من المباني التاريخية.
وبالعودة إلى بداية الموضوع وأهمية الرياضة في مانشستر، فلا بد من زيارة ملاعب كرة القدم التي تقدم رحلات استطلاعية منظمة فيها للتجول في أرجاء الملعب بالداخل والخارج ورؤية غرف تبديل ملابس اللاعبين مع إمكانية تناول الغداء أيضًا.
* أين تسكن
تنقسم مانشستر إلى ثلاثة أقسام من حيث اختيار الإقامة، هناك فنادق يتم اختيارها لأنها قريبة من المعالم السياحية المهمة وعلى رأسها ملاعب كرة القدم، وهناك مساكن يفضلها الزوار لأنها قريبة من المتاحف وفنادق يأتي إليها السياح لأنها قريبة من المجمعات التجارية وشوارع التسوق.
الفنادق الراقية
- راديسون بلو Radisson Blu ويقع ما بين المدينة الصينية وليفر بول رود حيث تقبع المتاحف.
الفنادق المتوسطة
رومز مانشستر Roomzzz Manchester ويقع في قلب المدينة وهو قريب من محطة القطارات التي يصل إليها القطار من لندن.
دبل تري باي هيلتون Double Tree By Hilton ويتمتع بموقع مثالي قريب من جميع المعالم السياحية المهمة
* الفنادق الاقتصادية
بروميير إن Premier Inn التابع لسلسلة الفنادق الاقتصادية المعروفة ويتمتع بسمعة طيبة وأسعاره جيدة جدا وموقعه جيد أيضًا. ترافيلودج Travelodge غرفه مريحة وحجمه لا بأس به ويقع على مسافة قريبة جدًا من المدينة الصينية.
* أين تتسوق؟
تعتبر مانشستر من المدن المشهورة بأسواقها بعد العاصمة لندن، وتنتشر فيها الكثير من المحلات الكبرى والمتاجر المعروفة في البلاد من أهمها:
* أرنديل سنتر Arndale Center
ويقع في وسط المدينة وتحديدا في شارع «ماركت ستريت» الذي يضم أشهر المتاجر ودور الأزياء العالمية. كما يتميز بوجود سوق مخصصة للأكشاك الصغيرة التي تبيع بضائع بأسعار مخفضة (أرنديل ماركت).
* ترافورد سنترThe Trafford Centre
هذا المركز هو الأضخم في أوروبا ويشتهر بساحة المطاعم الضخمة الشهيرة إضافة إلى قاعات السينما وصالة ألعاب الأطفال وحضانة ومركز بولينغ.
* مركز لاوري أوتليت في سالفورد Lowry Outlet
ويقع على رصيف ميناء سالفورد ويتميز بموقعه الجميل على ضفة مياه الميناء، وقاعات السينما، إضافة لقربه من ملعب أولد ترافورد الشهير والمتحف الحربي.
* سترتفورد مول Stretford mall
في منطقة سترتفورد القريبة من حي تشولتون.
* ميرسي واي Merseyway shopping centre
أشهر مركز تسوق في ستوك بورت ويقع على طريق ستوك بورت بجوار المكتبة المركزية والمجلس البلدي في المدينة.
* تشيشير أووكز أوتليت Cheshire Oaks
قرية التسوق الشهيرة والأقرب إلى مدينة مانشستر. تقدم تخفيضًا يصل إلى 50 في المائة على معظم المتاجر الشهيرة. تقع قرب مدينة تشستر السياحية.
** مانشستر بين الأمس واليوم
* في الماضي كان ينظر إلى هذه المدينة الشمالية على أنها مدينة صناعية بحتة، سكانها من الطبقة العاملة الكادحة وغالبيتهم تعمل في مصانع النسيج التي ساعدت في تطويرها الجالية المغربية التي كانت أول الواصلين إلى المدينة، وعندما جاءت الجالية الشامية في أربعينات القرن الماضي جلبت معها الثقافة العربية وعلى يد أبنائها أنشئ مسجدان في «فيكتوريا بارك» ومع وصول الهنود في مطلع الستينات أصبح العرب أقلية، واليوم نسبة الجاليات المسلمة من إجمالي سكان المدينة تبلغ خمسة في المائة والأكثرية من جنوب آسيا.
اليوم تبدل المشهد في مانشستر التي أزالت عنها صبغة الصناعة ولم تعد شهيرة فقط بمداخن مصانعها التي تعتبر جزءًا لا يتجزأ من تاريخها العميق الذي لا يمكن فصله عن الثورة الصناعية التي بدأت فيها، إلا أن الرياضة لعبت دورًا مهمًا في تطوير المدينة التي تجذب الملايين إليها لمشاهدة المباريات، وهي تضم اليوم أكبر ملاعب في أوروبا أحدهما هو ملعب ترافورد الذي يطلق عليه اسم «ملعب الأحلام»، أما الملعب المميز الثاني فهو تابع لنادي مانشستر سيتي ويطلق عليه مؤقتا اسم «استاد الاتحاد». وإضافة إلى هذا تعرف اليوم مانشستر كونها تضم أهم المطاعم الفاخرة الحاصلة على نجوم ميشلان، ومن أهم سكانها إيدن بايرن أصغر طاهي بريطاني حاصل على نجمة ميشلان للتميز، وأكبر نسبة مطاعم مزينة بالنجوم خارج لندن توجد في مانشستر التي تعتبر اليوم مقصدًا لمحبي الطعام الفاخر.
وتعتبر أيضًا مانشستر من الملاذات السياحية المهمة التي يقصدها الزوار للتبضع، فهي تضم أكبر مراكز التسوق مثل مجمع «أرنديل سنتر» الواقع عند شارع «ماركت ستريت» مباشرة وفيه تجد أهم العلامات التجارية الموقعة من قبل أكبر أشهر الأسماء في عالم تصميم الأزياء وفي نفس الشارع تنتشر الأكشاك الصغيرة التي تبيع المنتجات الرخيصة، وهذه فرصة للتعرف إلى الحياة الحقيقية في المدينة.
ومن المعروف عن مجمع «ترافورد» أنه أضخم مركز تسوق في أوروبا ويشتهر بساحته المخصصة للمطاعم الشهيرة إضافة إلى قاعات السينما وصالة ألعاب الأطفال وحضانة ومركز بولينغ. يوفر موقع السوق ميزة التسوق الإلكتروني
ويقع مركز لاوري أوتليت على رصيف ميناء سالفورد ويتميز بموقعه الجميل على ضفة الميناء، وتجد فيه قاعات السينما، وميزته الأهم هي قربه من ملعب أولد ترافورد الشهير والمتحف الحربي.
وفي محيط منطقة «ستوك بورت» يقع مركز «ميرزي واي» Mersey way وموقعه قريب من المكتبة المركزية والمجلس البلدي في المنطقة.
وإذا كنت من محبي الماركات العالمية بأسعار مخفضة وكان لديك متسع من الوقت أنصحك بالتوجه إلى مدينة «شيشير» حيث يوجد بها مركز تجاري يبيع أشهر الماركات العالمية بقيمة مخفضة تصل إلى خمسين في المائة.



ملاجئ الحرب في لندن... وجهة سياحية تعد بالكثير

تصور لتغير الانفاق الى مناطق جذب سياحي (أنفاق لندن)
تصور لتغير الانفاق الى مناطق جذب سياحي (أنفاق لندن)
TT
20

ملاجئ الحرب في لندن... وجهة سياحية تعد بالكثير

تصور لتغير الانفاق الى مناطق جذب سياحي (أنفاق لندن)
تصور لتغير الانفاق الى مناطق جذب سياحي (أنفاق لندن)

على عُمق 30 متراً (98 قدماً) تحت مدينة لندن، تقع شبكة من الأنفاق بطول ميل واحد، من المقرر أن تصبح واحدة من أهم مناطق الجذب السياحي في العاصمة البريطانية، وفقاً للشركة التي حصلت على الموافقة لتنفيذ المشروع بتكلفة 149 مليون دولار.

كانت أنفاق «كينغسواي إكستشينج» قد بُنيت في الأربعينات من القرن الماضي لحماية سكان العاصمة من حملة قصف معروفة بـ«بليتز»، (حملة قصف ألمانية على المملكة المتحدة في عامي 1940 و1941، وقد استخدمت المصطلح لأول مرة وسائل الإعلام البريطانية، وأصل الكلمة مشتق من الألمانية Blitzkrieg، وتعني «الحرب الخاطفة»)، خلال الحرب العالمية الثانية، وكانت هذه هي المرة الأخيرة التي فُتحت فيها للجمهور.

المالك الجديد لمجمع الأنفاق يريد جذب ملايين السياح سنويًا. (أنفاق لندن)
المالك الجديد لمجمع الأنفاق يريد جذب ملايين السياح سنويًا. (أنفاق لندن)

كان الدور التالي لهذه الأنفاق في زمن الحرب أنها مقر للعمليات الخاصة البريطانية السرية للغاية، التي كانت جزءاً من الاستخبارات البريطانية «M16»، ومصدر إلهام من الواقع لقسم «Q» في سلسلة أفلام العميل السري «جيمس بوند».

وسيكون هذا المَعْلم السياحي الجديد بمنزلة نصب تذكاري لحملة قصف لندن، وهو ما ذكره بيان للرئيس التنفيذي لـ«أنفاق لندن»، أنغوس موراي، قائلاً إن الموقع سيقسَّم إلى ثلاثة أجزاء: «متحف، ومعرض، ومكان ترفيهي». ومن المقرر افتتاح المشروع للجمهور في أواخر عام 2027 أو أوائل 2028.

تصور لترميم الأنفاق بطريقة جذابة. (أنفاق لندن)
تصور لترميم الأنفاق بطريقة جذابة. (أنفاق لندن)

«متحف لندن للنقل» يُقدم جولات حصرية وإذا كنت لا تستطيع الانتظار حتى ذلك الحين لاستكشاف أعماق مدينة لندن، فإن «متحف لندن للنقل» يُقدم جولات حصرية، بصحبة مرشدين، لمحطات الأنفاق المهجورة، بما في ذلك محطة «داون ستريت»، التي كانت مخبأ سرياً تحت الأرض ساعد بريطانيا على تحقيق النصر في الحرب العالمية الثانية. هناك باب مغلق على المنصة المتجهة شرقاً من محطة «تشانسيري لين» في مترو أنفاق لندن. إنه باب متواضع، وقوي وأبيض اللون. وخلفه تجد مجموعة من السلالم المؤدية إلى متاهة يبلغ طولها ميلاً واحداً تقريباً من الأنفاق التي بُنيت في الأربعينات من القرن العشرين، التي هدفها في البداية أن تكون ملجأً للحرب ثم استُخدمت في وقت لاحق للتجسس وتخزين 400 طن من الوثائق الحكومية وخدمات الاتصالات.

ترميم الأنفاق بطريقة جذابة (انفاق لندن)
ترميم الأنفاق بطريقة جذابة (انفاق لندن)

مرحباً بكم في أنفاق «كينغسواي إكستشينج»، التي تقع على عُمق 100 قدم تقريباً تحت مستوى شوارع وسط لندن، وتمتد تحت الخط المركزي لمترو الأنفاق. سرعان ما تدخل تلك الأنفاق إلى فصل جديد من تاريخها؛ إذ تقدَّم أنغوس موراي، صاحب المجمع، الذي اشترى الأنفاق الصيف الماضي، بطلب للحصول على تصريح تخطيط للسلطات المحلية جنباً إلى جنب مع شركة «ويلكنسون أير» المعمارية لتحويل الأنفاق إلى وجهة سياحية يمكنها استقبال ملايين الأشخاص سنوياً. وتخطط شركة أنفاق لندن، التي يملكها موراي، لاستثمار ما مجموعه 220 مليون جنيه إسترليني (نحو 275 مليون دولار) في ترميم الأنفاق والحفاظ عليها، فضلاً عن إضافة التكنولوجيا للمنشآت الفنية وغيرها من عوامل الجذب السياحي. وقال موراي إنه سيكون قادراً على استضافة معارض فنية مؤقتة، وعروض أزياء وغيرها. وفي الوقت الحالي، يتطلب الدخول إلى الأنفاق ركوب مصعد صغير مخبَّأ خلف باب جانبي في أحد الأزقة قبالة شارع واسع في وسط لندن. (قال موراي إن زوار المنطقة الجديدة سوف يستخدمون مدخلاً مختلفاً، وأكبر حجماً).

داخل انفاق لندن عالم ثاني (أنفاق لندن)
داخل انفاق لندن عالم ثاني (أنفاق لندن)

وعندما تُفتح أبواب المصعد، تدخل إلى نفق يعود إلى حقبة الحرب العالمية الثانية -وهو واحد من 10 ملاجئ مدنية اقترحتها الحكومة البريطانية بعد بداية حملة القصف الجوي النازية، وهو قصف الذي استمر 8 أشهر على لندن من الألمان، وبدأ في سبتمبر (أيلول) عام 1940. لم تُستخدم الأنفاق أبداً ملاجئ. وبحلول الوقت الذي اكتملت فيه عام 1942، كانت الغارات الجوية قد انتهت.

نظام اتصالات سرِّي في الأنفاق

وخلال الحرب الباردة، أصدرت الحكومة البريطانية تعليمات إلى إدارة الهاتف، والذي أصبح فيما بعد شركة الاتصالات البريطانية، بإنشاء نظام اتصالات سرِّي في الأنفاق التي يمكن أن تصمد أمام هجوم نووي. وقد كان الخط الساخن الشهير بين الكرملين والبيت الأبيض يمر عبر ذلك المجمع، وفق الموقع الإلكتروني للمشروع. ولا يزال بعض معدات التبادل الهاتفي في الأنفاق قائمة حتى اليوم، على الرغم من أنها لم تُستخدم منذ ثمانينات القرن الماضي على الأقل. وقال مارتن ديكسون، أحد أمناء مؤسسة «سابتيرانيان بريتانيكا»، وهي مؤسسة خيرية توثق وتحاول الحفاظ على المساحات تحت الأرض: «إن الفكرة كانت أن هذا من شأنه أن يوفر درجة من الحماية». وأضاف ديكسون، الذي انضم إلى مؤسسة «سابتيرانيان بريتانيكا» قبل نحو 40 عاماً: «لو أن الحرب الباردة قد تحولت إلى شيء أكثر خطورة، لكان ذلك قد سمح باستمرار الاتصالات على مستوى ما». وتمتد الأنفاق تحت محطة «تشانسيري لين» لقطارات الأنفاق لأكثر من ميل، ويصل قطرها في بعض الأماكن إلى 25 قدماً تقريباً. وقال السيد موراي إن هذه الأبعاد تجعلها من بين كبرى مجموعات الأنفاق التي جرى بناؤها للناس في مدينة حضرية. وأضاف موراي قائلاً: «لديها تاريخ رائع حقاً». بالنسبة لمجموعة من العاملين في مكاتب البريد والاتصالات في العقود التالية على الحرب العالمية الثانية، تحول مجمع الأنفاق إلى مكان عمل، وقد ظلت بعض جوانبه باقية. وفي إحدى الغرف، لا مفرَّ من اشتمام رائحة سجادة قديمة. ولا يزال آخر يحمل بقايا مقصف. وهناك أيضاً نافذة مزيَّفة تصوِّر صور الطبيعة على أنها زخارف. ولا تزال هناك مكاتب، وكذلك غرف حيث يمكن للعمال قضاء الليل فيها. بعض أجزاء الأنفاق مبطنة بجدران وهمية، وبأبواب ليس وراءها أي شيء.

بريطانيا أول من إنشاءت الأنفاق خلال الحرب(أنفاق لندن)
بريطانيا أول من إنشاءت الأنفاق خلال الحرب(أنفاق لندن)

وقد أصبحت عملية الاتصالات في الأنفاق أمراً قديماً منذ ثمانينات القرن الماضي. وفي عام 2008، عرضت شركة الاتصالات البريطانية الأنفاق للبيع. اعتاد موظفو شركة الاتصالات البريطانية على النزول إلى المجمع حتى تسعينات القرن الماضي للتفتيش على السلامة من الحريق وغير ذلك من الظروف الأخرى. وكانت الأنفاق بخلاف ذلك خاوية. لا تزال هناك حاجة إلى توضيح كثير من التفاصيل بشأن منطقة الجذب السياحي الجديدة، ولكن السيد موراي قال إن تكلفة الزيارة ربما تكون في نفس نطاق السعر الذي تتمتع به المواقع السياحية الرئيسية الأخرى في لندن. (تبلغ رسوم الدخول إلى برج لندن نحو 40 دولاراً، وتبلغ رسوم الدخول إلى دير وستمنستر نحو 36 دولاراً). وقال ديكسون، من مؤسسة «سابتيرانيان بريتانيكا»، إنه متحمس لتوقع تحول «كينغسواي إكستشينج» إلى منطقة جذب سياحية، شريطة أن تكون آمنة وأن يُحفظ التاريخ. وقال ديكسون: «لقد رأيت الآلاف من الأماكن تحت الأرض، من الأماكن العادية إلى المثيرة». ثم أضاف أن «(كينجسواي إكستشينج) مثيرة للاهتمام بصفة خاصة بسبب جميع الوظائف المختلفة التي كانت فيها. فقد لعبت دورها في الحرب العالمية الثانية، وكانت على استعداد للاضطلاع بدورها في الحرب الباردة كذلك».

إنشاء نظام اتصالات سري في الأنفاق خلال الحرب (غيتي)
إنشاء نظام اتصالات سري في الأنفاق خلال الحرب (غيتي)

وقال موراي في بيان له: «إن تاريخ الأنفاق وحجمها وموقعها بين هولبورن في لندن ومنطقة سكوير مايل التاريخية، يمكن أن يجعل هذه الأنفاق واحدة من أكثر الوجهات السياحية شعبية في لندن». وتتمثل الخطة في استثمار 140 مليون جنيه إسترليني (170.5 مليون دولار) في أعمال الترميم، ثم 80 مليون جنيه إسترليني (97 مليون دولار) أخرى في جميع الأجراس والصافرات المغمورة. ومع وجود المهندسين المعماريين من شركة «ويلكنسون أير» ضمن جهود المشروع، من المؤكد أن لديهم فريقاً بارعاً جرى تجميعه لتنفيذ هذه المشاريع الطموحة التي تفوق إلى حد بعيد أي شيء آخر معروض في المدينة.

استخدام الأنفاق لتخزين معدات الاتصالات. (أنفاق لندن)
استخدام الأنفاق لتخزين معدات الاتصالات. (أنفاق لندن)

غرف حرب تشرشل تحت الأرض

تعد «غرف حرب تشرشل» -التي تقع على عمق 12 قدماً فقط تحت مستوى الأرض وجزء صغير من المساحة البالغة 8000 متر مربع التي تشغلها أنفاق «كينغسواي إكستشينج»- من أكثر مناطق الجذب السياحي الدائمة تحت الأرض تطوراً في لندن حالياً. كما تُجري شركة مترو أنفاق لندن جولات سياحية دورية في «لندن الخفية» لاستكشاف محطات المترو والأنفاق المهجورة في المدينة. وعادةً ما تكون الجولات ذات شعبية كبيرة مع زيادة ملحوظة في عدد المشتركين فيها، حيث تنفد التذاكر بمجرد طرحها للبيع. ومع ذلك، فهي لا تزال أفضل فرصة لك لخوض مغامرة تحت الأرض لبضع سنوات مقبلة، لأن مشروع أنفاق لندن إذا استمر فلن يستقبل أول زواره المنبهرين حتى عام 2027.

إستخدامها لتخزين 400 طن من الوثائق الحكومية وخدمات الاتصالات (أنفاق لندن)
إستخدامها لتخزين 400 طن من الوثائق الحكومية وخدمات الاتصالات (أنفاق لندن)

إذاً، كيف وصلنا إلى هنا؟ بعد الحرب، استولت المخابرات البريطانية على الأنفاق لمكتبها التنفيذي للعمليات الخاصة (جزء من MI6)، وكان من المفترض أن تكون المكاتب مصدر إلهام لأفلام «جيمس بوند». وفي الخمسينات، جرى تحويل المجمع إلى Kingsway Exchange Tunnels، وهو يضم أعمق مقهى تحت الأرض، تم بناؤه لموظفيه البالغ عددهم 200 موظف.

وقال موراي: «عندما تنزل إلى هذه الأنفاق، سيكون من المستحيل عدم التفكير في تاريخ بنائها، وكيف ضحَّى الرجال والنساء بأنفسهم من أجل ذلك».

تم بناء الأنفاق في أربعينيات القرن العشرين(أنفاق لندن)
تم بناء الأنفاق في أربعينيات القرن العشرين(أنفاق لندن)

وأوضح موراي الخطط قائلاً: «هناك مولِّدان كبيران جرى تركيبهما بعد الحرب لتشغيل تبادل الاتصالات. سيتم الاحتفاظ بجميع هذه القطع من المعدات -مثلما فعل ويلكنسون اير في باترسي- وسيرى الناس هذه المعدات الأصلية الموجودة داخل الأنفاق».

ويأمل المشروع الذي تبلغ تكلفته 120 مليون جنيه إسترليني أن يتميز بشاشات عالية الدقة وأنشطة تفاعلية ومئات من المتحدثين، وحتى تكنولوجيا انبعاث الروائح لجذب هواة التاريخ والسياح على حد سواء. ويتوقع موراي أن يكون عامل الجذب مؤثراً مثل «عين لندن» التي تستقبل نحو 3 ملايين زائر سنوياً.