هل يستمر «الذهب» في تسجيل مستويات قياسية؟

خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يحول قبلة المستثمرين إلى الملاذات الآمنة

أسعار الذهب ارتفعت بأكبر وتيرة منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008
أسعار الذهب ارتفعت بأكبر وتيرة منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008
TT

هل يستمر «الذهب» في تسجيل مستويات قياسية؟

أسعار الذهب ارتفعت بأكبر وتيرة منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008
أسعار الذهب ارتفعت بأكبر وتيرة منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008

كان الجمعة الماضي يومًا غير عادي بالنسبة للأسواق المالية العالمية، حيث أصبحت بريطانيا خارج الاتحاد الأوروبي، بعد أن صوت 51.9 في المائة من الناخبين مقابل 48.1 في المائة لصالح مغادرة الاتحاد الأوروبي. وشهدت الأسواق حالة من عدم اليقين الاقتصادي المتزايد في أعقاب التصويت بالخروج حفزت المستثمرين إلى تكثيف مشترياتهم من الذهب في ظل السعي إلى ملاذ آمن لاستثماراتهم بعد انزلاق الجنيه الإسترليني إلى مستويات متدنية للغاية، والذي هبط إلى أدنى مستوى له في 31 عامًا.
وارتفعت أسعار الذهب يوم الجمعة بأكبر مستوى منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008، بعد إعلان تصويت بريطانيا، الأمر الذي دفع التجار إلى اللجوء للاستحواذ على المعادن باعتبارها ملاذا آمنا. وفي المقابل انخفضت أسعار النفط والنحاس وغيرها من السلع، ويرجع ذلك جزئيًا لكونها مقومة بالدولار، وكان الدولار قد ارتفع مقابل العملات الأخرى، التي من شأنها أن تجعل المواد الخام أكثر تكلفة لغير الأميركيين.
وانخفض سعر خام برنت بنسبة 4.9 في المائة إلى 48.41 دولار للبرميل. ويتوقع بعض المحللين أن ينخفض دون 45 دولارًا للبرميل في الأسابيع المقبلة. حتى إنه قبل الاستفتاء كانت أسعار النفط قد هبطت من أعلى مستوياتها فوق 50 دولارًا للبرميل، بعدما أثار المضاربين مخاطر بأن ارتفاع الأسعار سيؤدي إلى مزيد من منصات الحفر من قبل منتجي النفط الصخري في أميركا، حيث ارتفع عدد منصات النفط لمدة ثلاثة أسابيع قبل أن ينخفض مرة أخرى الأسبوع الماضي. وارتفع الذهب بنحو 8.1 في المائة إلى ما يقرب من 1359 دولارًا للأونصة في التعاملات المبكرة يوم الجمعة قبل تسوية حول 1317 دولارًا للأونصة، وواصلت أسعار الذهب ارتفاعها - يوم الاثنين - لتصل إلى 1335 خلال التداولات. وارتفعت أسعار الذهب بالفعل 20 في المائة منذ بداية العام وسط مخاوف متزايدة من تباطؤ اقتصادي أوسع على صعيد دول العام المتقدم والناشئ.
وقال جيمس ستيل، كبير محللي المعادن الثمينة في بنك HSBC: «في فترات عدم اليقين، ينظر إلى الذهب في كثير من الأحيان على أنه واحد من عدد قليل من الأصول التي تعتبر (ملاذا آمنا) للمستثمر باعتبارها أصلا يسهل تحويله إلى سيولة في أسرع وقت ممكن». وأضاف جيمس - في مذكرة بحثية الجمعة - قائلاً إن حالة عدم اليقين التي أثارها التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من المرجح أن تثير شهية المستثمرين لشراء كميات كبيرة من الذهب بما يعزز الأسعار إلى مستويات قياسية تصل إلى 1400 دولار بنهاية العام.
ويستعد بنك إنجلترا والبنوك المركزية الأخرى لاتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لمعالجة المخاوف في السوق، والتي وفقًا لتقرير مجلس الذهب العالمي - الصادر مساء الجمعة - تقول بأن البنك المركزي قد توج بالفعل الزيادة في الأصول الآمنة الأخرى، وهذا يعني أن الذهب سيلمع بصورة كبيرة خلال الفترة المُقبلة.
ووفقًا لتحليل الآثار المترتبة على «Brexit» التي تناولتها وكالة S & P، فالبنوك ستفضل الآن أدنى بيئة لأسعار الفائدة على خلفية ارتفاع عدم اليقين في السوق الاقتصادية والمالية، مما يكون له أثر إيجابي ومستدام على الذهب. إلا أن الوكالة قالت في تحليلها: «الدولار القوي ينبغي أن يوفر رياحًا عكسية لأسعار الذهب المرتفعة، ومع ذلك، في حين ظل زيادة التقلبات في الأسواق والأسعار سيفضل المشترين الخروج من الأسواق المالية - بخاصًة الأوروبية - في الوقت الراهن. ولكن كما هو متوقع فإن عدم اليقين في الأسواق المالية التي من شأنها أن تتزايد في الأشهر المقبلة، ستجعل أسعار هي المستفيد الأكبر على المدى المتوسط».
ويرى مجلس الذهب العالمي أن صناديق التقاعد يمكن أن تبدأ في شراء الذهب، وهي فئة لا تستثمر تقليديًا في الذهب، كذلك يرى المجلس أن البنوك المركزية العالمية قد تستغني عن قدر هائل من الجنيه الإسترليني - الذي يعتبر واحد من عدد قليل من احتياطي العملات - في مقابل شراء المزيد من الذهب. وسوف يكون هذا صحيحًا بالنسبة للبنوك المركزية في جميع البلدان التي تحتاج إلى تنويع احتياطاتها للتحوط من مخاطر العملة، خاصة أن نتائج الـ«Brexit» قد بدأت بالفعل حيث ارتفعت المطالب بالانفصال عن الاتحاد الأوروبي من دول أوروبية أخرى مثل إيطاليا وفرنسا والتي من المتوقع أن تزيد من عدم الاستقرار العالمي.



المدير التنفيذي لـ«سيسكو» السعودية: استثماراتنا بالمملكة مستمرة لدعم جهودها في التحول الرقمي

TT

المدير التنفيذي لـ«سيسكو» السعودية: استثماراتنا بالمملكة مستمرة لدعم جهودها في التحول الرقمي

المدير التنفيذي لشركة «سيسكو السعودية» سلمان فقيه (تصوير: تركي العقيلي)
المدير التنفيذي لشركة «سيسكو السعودية» سلمان فقيه (تصوير: تركي العقيلي)

في ظل ما يشهده قطاع التقنية السعودي من قفزات في المؤشرات العالمية، أثبتت المملكة اهتمامها الكبير بالبنية التحتية لتقنية المعلومات، وهو ما انعكس إيجاباً على أعمال «سيسكو» العالمية للأمن والشبكات، حيث حقَّقت الشركة أداءً قوياً ومتسقاً مع الفرص المتاحة في البلاد، وقرَّرت مواصلة استثماراتها لدعم جهود السعودية في التحول الرقمي.

هذا ما ذكره المدير التنفيذي لشركة «سيسكو» في السعودية سلمان فقيه، في حديث إلى «الشرق الأوسط»، أكد فيه أن المملكة أثبتت قوة بنيتها التحتية وكفاءتها خلال جائحة «كورونا»، الأمر الذي أثّر إيجاباً على الشركة خلال السنوات الماضية.

و«سيسكو» هي شركة تكنولوجية مدرجة في السوق الأميركية، ومقرها الرئيس في وادي السيليكون بكاليفورنيا، وتعمل في مجال تطوير وتصنيع وبيع أجهزة الشبكات والبرامج ومعدات الاتصالات.

التحول الرقمي

وأشار فقيه إلى أن «سيسكو»، تسعى دائماً للعب دور بارز في دعم التحول الرقمي في السعودية من خلال استثمارات استراتيجية، ففي عام 2023، افتتحت الشركة مكتباً إقليمياً في الرياض، وذلك لدعم عملياتها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتعزيز حضورها في المملكة، لافتاً إلى أن الإدارة العليا عقدت اجتماعات رفيعة المستوى مع بعض متخذي القرار في القطاعَين الحكومي والخاص، خلال الشهر الماضي؛ لاستكمال الشراكة مع السوق المحلية.

وأضاف: «كانت هناك استمرارية لاستثمارات الشركة في برامج تسريع التحول الرقمي الهادف إلى دعم جهود المملكة في القطاعات الحيوية، وتطوير منظومة الابتكار».

وتابع فقيه قائلاً إنه منذ إطلاق برنامج التحول الرقمي عام 2016 في المملكة ضمن «رؤية 2030»، الهادف إلى تعزيز المهارات الرقمية وتنمية الابتكار، تم تنفيذ أكثر من 20 مشروعاً من قبل «سيسكو» ضمن هذا البرنامج في مجالات حيوية؛ مثل الرعاية الصحية، والتعليم، والمدن الذكية.

ونوّه الرئيس التنفيذي بالإنجازات التي حققتها المملكة في مجال التحول الرقمي، حيث تمكّنت من تحقيق تقدم ملحوظ في المؤشرات العالمية، وجاءت ثانيةً بين دول مجموعة العشرين في «مؤشر تطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات» لعام 2024، بالإضافة إلى تصدرها في جاهزية أمن المعلومات.

الأمن السيبراني

وأوضح فقيه أن المملكة وضعت في مقدمة أولوياتها تعزيز الأمن السيبراني، لا سيما في ظل ازدياد الهجمات الإلكترونية في جميع أنحاء العالم. وقال: «الأمن السيبراني يمثل أحد التحديات الكبرى، ونعمل في المملكة لتوفير الحلول اللازمة لحماية البيانات والبنية التحتية الرقمية».

ولفت إلى الزيادة الكبيرة لاستثمارات الأمن السيبراني في المملكة. وأظهرت دراسة أجرتها «سيسكو» خلال العام الحالي أن 99 في المائة من المشاركين في الاستطلاع أكدوا زيادة ميزانياتهم الخاصة بالأمن السيبراني، في الوقت الذي تعرَّض فيه 67 في المائة منهم لحوادث أمنية في العام الماضي.

كما ذكر فقيه أن من التحديات الأخرى ما يتعلق بمجال الذكاء الاصطناعي، حيث كشفت دراسة حديثة لـ«سيسكو» أن 93 في المائة من الشركات السعودية لديها استراتيجيات خاصة بالذكاء الاصطناعي، لكن 7 في المائة منها فقط تمتلك الجاهزية الكاملة للبنية التحتية اللازمة لتطبيق هذه التقنيات.

القدرات التقنية

وفيما يتعلق بتطوير القدرات التقنية في المملكة، أوضح فقيه أن برنامج «أكاديميات سيسكو» للشبكات حقق تأثيراً كبيراً في السعودية، حيث استفاد منه أكثر من 336 ألف متدرب ومتدربة، بمَن في ذلك نسبة كبيرة من المتدربات تجاوزت 35 في المائة، وهي واحدة من أعلى النِّسَب على مستوى العالم.

أما في سياق التعاون بين «سيسكو» والمؤسسات الأكاديمية في المملكة، فأبرز فقيه الشراكة المستمرة مع جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية. وقال: «هذا التعاون يهدف إلى استخدام التقنيات الحديثة في تحسين البيئة التعليمية، وتمكين الكوادر الأكاديمية والطلاب من الاستفادة من أحدث الحلول التقنية».

وتطرَّق فقيه إلى التزام الشركة بالاستدامة البيئية، حيث تستهدف «سيسكو» الوصول إلى صافي انبعاثات غازات دفيئة صفرية بحلول 2040. وقال: «نعمل على تقديم حلول تقنية تراعي كفاءة استخدام الطاقة، والمساهمة في تحقيق أهداف المملكة نحو الحياد الصفري الكربوني».

وفي ختام حديثه، أشار فقيه إلى مشاركة «سيسكو» في مؤتمر «بلاك هات» للأمن السيبراني، الذي تستعد الرياض لاستضافته من 26 إلى 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، بصفتها راعياً استراتيجياً. وأضاف أن الشركة تسعى من خلال هذه المشاركة إلى تعزيز التعاون مع العملاء والشركاء في المملكة؛ لتوفير حلول أمنية مبتكرة تضمن حماية البيانات، وتسهيل تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل آمن.