الأزمة الأوكرانية: مباحثات بين كيري ولافروف في باريس بشأن الحل السلمي

بدأ وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف أمس في باريس محادثاتهما في محاولة لإيجاد تسوية للأزمة الأوكرانية، بحسب ما أفاد صحافيون. وسيحاول الوزيران إيجاد مخرج للأزمة وإنهاء المواجهة بين موسكو والدول الغربية منذ قامت روسيا في منتصف مارس (آذار) بضم شبه جزيرة القرم، على أن يبحثا خصوصا اقتراحا لموسكو رفضته كييف يقضي باعتماد نظام فيدرالي لأوكرانيا.
وتصافح كيري ولافروف ثم باشرا اجتماعهما في منزل السفير الروسي في باريس على أن ينضم إليهما لاحقا المستشارون، وفق ما قال مصدر دبلوماسي روسي لوكالة الصحافة الفرنسية. وجاء الاجتماع بعد اتصال هاتفي بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي باراك أوباما يوم الجمعة لبحث اقتراح دبلوماسي أميركي بخصوص أوكرانيا. وجرى اتصال هاتفي بين كيري ولافروف أول من أمس مع سعي الجانبين لتخفيف حدة التوتر في أسوأ مواجهة بين الشرق والغرب منذ الحرب الباردة.
من ناحية اخرى قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس قبل محادثات مقررة في وقت لاحق مع نظيره الأميركي جون كيري، إن العقوبات الغربية على روسيا أثارت بعض الارتباك، لكنها ليست مؤلمة للغاية. وفرض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حزمتين من العقوبات على روسيا تضمنت حظر إصدار تأشيرات للسفر، وتجميد أصول تخص أشخاصا في الدائرة المقربة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وذلك لمعاقبة موسكو على ما يصفه الغرب بأنه استيلاء روسي غير مشروع على شبه جزيرة القرم الأوكرانية.
وقال لافروف للقناة الأولى الروسية: «لا أريد أن أقول إن العقوبات سخيفة وإننا لا نأبه لها، فهذه ليست أمور لطيفة. لا نجد سعادة كبيرة في هذا، لكن لا توجد مشاعر مؤلمة. تجاوزنا ظروفا أصعب». وذكر لافروف أن القوى الغربية وضعت قيودا غير رسمية وحثت دبلوماسييها في روسيا على مقاطعة اجتماعات للمسؤولين والنواب الروس المدرجة أسماؤهم على قائمة العقوبات. وأضاف أن طلبات الدبلوماسيين الروس في العواصم الأوروبية للقاء مسؤولين في وزارات الخارجية بدول الاتحاد الأوروبي قد رفضت. وقال لافروف: «الدبلوماسية هي فن الحديث والتوصل لاتفاقات.. إذا دفع الدبلوماسيون ليكونوا أدوات في سياسة العقوبات، فهذه قصة مختلفة».
وصوت أبناء القرم لصالح الانفصال عن أوكرانيا والانضمام إلى روسيا في استفتاء يوم 16 مارس (آذار) الحالي، وقال الغرب إنه انتهاك لدستور أوكرانيا، وجرى بعدما سيطرت قوات روسية على شبه الجزيرة. وهدد الغرب بفرض عقوبات أكثر صرامة تستهدف الاقتصاد الروسي إذا أرسلت موسكو مزيدا من القوات إلى أوكرانيا.
والتقي لافروف وكيري في باريس أمس في ظل سعي الجانبين لتهدئة التوتر في أسوأ مواجهة بين الشرق والغرب منذ الحرب الباردة.
ويأتي الاجتماع بعد اتصال هاتفي بين بوتين والرئيس الأميركي باراك أوباما يوم الجمعة في أول محادثة مباشرة بين الزعيمين منذ أن فرضت واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون العقوبات.
وردت روسيا بفرض عقوبات ومنعت مسؤولين أميركيين كبارا من دخول أراضيها. وقالت موسكو يوم الجمعة إنها ردت على العقوبات الغربية الموسعة، لكنها لم تذكر أسماء مسؤولين أميركيين أو أوروبيين يشملهم هذا الرد.
من جهة أخرى، دعا لافروف أمس الغربيين إلى دعم اقتراح يرمي إلى منح مزيد من السلطات للمناطق الناطقة بالروسية في أوكرانيا في إطار نظام فيدرالي. وقال لافروف في مقابلة بثتها شبكة «برفي كانال» التلفزيونية الحكومية: «إذا كان شركاؤنا على استعداد، فعندئذ يمكن أن تشكل روسيا والولايات المتحدة مع الاتحاد الأوروبي مجموعة دعم لأوكرانيا وتوجه دعوة مشتركة للذين يتولون السلطة الآن في كييف».
وهذه الخطوة قد تؤدي إلى محادثات بين «كل القوى السياسية الأوكرانية دون استثناء مع استبعاد المتطرفين المسلحين»، وستؤدي إلى دستور جديد يتيح «نظاما فيدراليا» مع مزيد من الحكم الذاتي للمناطق.
والمقابلة التي سجلت الجمعة جرى بثها قبيل لقاء أمس بين لافروف ووزير الخارجية الأميركي جون كيري لإجراء محادثات نظمت على عجل في باريس.
وتدافع روسيا عن فكرة حكم ذاتي موسع جدا لهذه المناطق في أوكرانيا بما أن ملايين الناطقين بالروسية يقيمون في شرق البلاد وفي القرم. وقال لافروف إن هيكلية فيدرالية «ستحمي حقوق الذين يقيمون في أوكرانيا، خصوصا السكان الروس الذين نهتم بأمرهم». وأقر الوزير الروسي مع ذلك بأن محادثاته الأولى مع وزير الخارجية الأوكراني بالوكالة آندري ديشتشيستا الأسبوع الماضي لم تؤد إلى اتفاق على الخطة الروسية بشأن الفيدرالية.