الأوقاف «المصرية» تتجه لفصل أئمة أحيوا ليالي رمضان في إيران رغم «قرار المنع»

أبدت الأوقاف المصرية انزعاجها الشديد من إحياء أئمة وقراء ليالي رمضان في إيران رغم صدور تحذيرات وقرار بالمنع من الوزارة. وقال مصدر مسؤول في الأوقاف، إن «وزارته تتجه لفصل الأئمة والدعاة الرسميين الذين سافروا لطهران وخطبوا في المساجد أو في الإذاعة والتلفزيون الرسمي».
وكانت الأوقاف بمصر قد أصدرت الشهر الماضي تعليمات مشددة للأئمة والدعاة بعدم السفر لإيران، بعد أن تبين لها أن هناك عددًا من الشخصيات الدينية الإيرانية توافدت على مساجد آل البيت في القاهرة ومحافظات مصر قبل شهر الصيام وقدمت عشرات من الدعوات «المجانية» لزيارة ما يسمى العتبات المقدسة، وحملت تلك الدعوات توقيع بعض الشخصيات الدينية الإيرانية، بحسب المصدر المسؤول في الوزارة.
يشار إلى أن الوزارة تقوم سنويًا بإرسال عدد من الأئمة والدعاة لإحياء ليالي شهر رمضان في كثير من الدول العربية والإسلامية، وذلك يتم وفقًا لضوابط محددة ومن خلال مسابقة عامة بين الأئمة. وتؤكد الوزارة أن سفر الأئمة والدعاة لإيران تحديدًا يعد من الأمور المرفوضة، لأن أي سفر لإحياء ليالي رمضان بالخارج لا بد أن يتم وفقًا للضوابط التي تحددها الوزارة.
وأعلنت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية أن عددًا كبيرًا من القراء المصريين أعلنوا اشتراكهم في المسابقة الدولية التي تنظمها قناة الكوثر الشيعية خلال رمضان، ونشر عدد من وكالات الأنباء الإيرانية والقنوات الشيعية صورًا لعدد من القراء المصريين أثناء حضورهم حفلات دينية في العاصمة الإيرانية طهران. وقال المسؤول في الأوقاف إن «عددًا من المشايخ موجود حاليًا في إيران، وبعضهم شارك في مسابقات قراءة القرآن الكريم، ومنهم من قام بتسجيل بعض مقاطع القرآن بصوته لإذاعة طهران، وهناك من يقرأ القرآن ويلقي الخطب في مساجد المحافظات الإيرانية».
وفتحت وزارة الأوقاف بمصر تحقيقات واسعة بشأن سفر أئمة وقراء لإيران لإحياء ليالي رمضان، وأعلنت أن «العقوبات ضد المخالفين قد تصل للوقف عن القراءة لغير المعينين، والفصل النهائي من العمل للأئمة الرسميين بالأوقاف».
وكان الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف المصري قد أصدر قرارًا بمنع مشاركة جميع متسابقي إيران في مسابقات القرآن الكريم السنوية العالمية التي تقيمها مصر على مستوى الدول العربية والإسلامية، كما تم إلغاء سفر القراء والإيفاد السنوي لطهران للأئمة.. وسبق للوزارة أن أوقفت عددًا ممن سافروا إلى إيران عن العمل خلال الأعوام الماضية.
ولا توجد علاقات رسمية بين مصر وإيران منذ عام 1980، في أعقاب الثورة الإيرانية وتوقيع مصر معاهدة سلام مع إسرائيل، وتعارض التوجهات السياسية لكلا البلدين في منطقة الشرق الأوسط.
وسبق أن انتقدت إيران عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، الذي سعى جاهدًا لإعادة العلاقات معها، مما أثار ردًا عدائيًا من القاهرة. لكن طهران عدلت عن موقفها، وأرسلت مساعد وزير الخارجية الإيراني حسين عبد اللهيان إلى مصر مبعوثًا من الرئيس حسن روحاني، للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رئيسًا للبلاد، قبل عامين.
وقدر المصدر المسؤول في مصر عدد من سافروا من الأئمة لطهران بالعشرات، لافتًا إلى أن وسائل الإعلام الإيرانية تستخدم صورهم للتأكيد على أن علاقتها بمصر قوية، وأن هناك شيعة كثيرين في مصر.
ولا يوجد حصر دقيق لأعداد الشيعة بمصر، لكن قيادات بارزة في الشيعة تدعي أن عددهم 3 ملايين نسمة، أما المصادر غير الرسمية فتشير إلى أن أعدادهم لا تزيد على 18 ألفًا فقط.. وأنه جراء خوفهم من إعلان اعتناقهم المذهب الشيعي يمارسون عقيدتهم في الخفاء ولا يعلنون ذلك.
وقبل 16 عامًا تقدم بعض الشيعة بطلب للسلطات المصرية للاعتراف بالشيعة كطائفة دينية رسمية بموجب القانون، إلا أن الحكومة لم تقم بالرد على طلبهم.. كما طالب بعضهم أخيرًا الحكومة بتخصيص مقاعد لهم في مجلس النواب (البرلمان)، لكن طلبهم قُوبل بعدم الاعتناء.
من جهته، قال المصدر المسؤول نفسه في الأوقاف إن «الوزارة قد تقوم أيضًا بإصدار قرار بشطب كل من سافر من القراء غير المعينين في الوزارة، حال ثبوت مشاركتهم في احتفالات شيعية في العراق وإيران».
وترفض وزارة الأوقاف منح الشيعة تصريحًا رسميًا بإقامة أي شعائر لهم بمسجد الإمام الحسين بوسط العاصمة القاهرة، خاصة في ذكرى «عاشوراء»، حيث يحتفل المصريون بمولد الحسين مرتين في العام، الأولى في ذكرى استقرار رأسه في ضريحه بمسجده بالقاهرة في شهر ربيع الآخر وتستمر لتسعة أيام، والثانية بمولد الحسين في ذكرى مولده في شهر شعبان وتستمر يومين.
وفي يونيو (حزيران) عام 2013 وقت حكم الإخوان، قام إسلاميون متشددون ومئات من أهالي «عزبة أبو مسلم» بمركز «أبو النمرس»، بالقرب من منطقة الأهرامات المصرية الشهيرة في غرب القاهرة، باقتحام منزل يسكنه عدد من الشيعة وأضرموا فيه النار أثناء احتفالهم بليلة النصف من شعبان، وقتلوا 4 أشخاص بينهم حسن شحاتة الزعيم الروحي لمعتنقي المذهب الشيعي بمصر.
وقال المصدر بالأوقاف إن هناك إجراءات شديدة لمن يخالف تعليمات الوزارة ويقبل تلك «الدعوات المشبوهة» من إيران التي تهدف لبلبلة عقيدة الأمة ونشر التشيع بين الأوساط الشبابية، لافتًا إلى أن «هناك تعليمات واضحة لمديري المديريات بالمحافظات بضرورة تكثيف إجراءات التفتيش على المساجد في رمضان لبيان مدى التزام الأئمة والدعاة بتلك التعليمات ووجودهم في المساجد وعدم سفرهم للخارج، حيث يوجد قرار بمنع أي إمام من السفر خارج البلاد دون الحصول على إذن مسبق»، مؤكدًا أن تقارير وصفها بـ«أنها على أعلى مستوى» يتم إعدادها لكل من يثبت تورطه في السفر لإيران، وسيتعرض للعقاب الشديد، الذي يصل للفصل نهائيًا من العمل، وليس فقط الوقف عن العمل، كما كان معمولاً به خلال السنوات الماضية.