بعد عامين على مقتل القذافي.. نشطاء ليبيون يخشون منطق الاحتكام للسلاح

البعض يرجع طريقة قتله إلى العنف الذي أورثه وآخرون يتخوفون من أموال مع مسؤولين سابقين على مستقبل العملية السياسية

العقيد الراحل معمر القذافي لدى حضوره أحد اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (إ.ب.أ)
العقيد الراحل معمر القذافي لدى حضوره أحد اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (إ.ب.أ)
TT

بعد عامين على مقتل القذافي.. نشطاء ليبيون يخشون منطق الاحتكام للسلاح

العقيد الراحل معمر القذافي لدى حضوره أحد اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (إ.ب.أ)
العقيد الراحل معمر القذافي لدى حضوره أحد اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (إ.ب.أ)

تساؤلات في الشارع الليبي: هل فعلا قتل القذافي في ليبيا بأيدي ليبيين؟ وما دور حلف الناتو؟
تمر اليوم الذكرى الثانية لسقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي ومقتله على أيدي حفنة من الثوار المدعومين من حلف شمال الأطلسي (الناتو).
كان المجلس الوطني الانتقالي يسابق الزمن لإقناع الثوار بتسليم القذافي الذي جرى اعتقاله في مسقط رأسه بمدينة سرت الساحلية، لتسليم القذافي حيا، لكن الرجل الذي حكم ليبيا لمدة نحو 42 سنة، تعرض للضرب والإهانة قبل أن يطلق أحدهم النار عليه في رأسه ليسقط مدرجا في دمائه.

اختبأ القذافي بصحبة بعض مساعديه وعدد محدود من قواته في سرت، قبل أن يقرر الخروج منها بعد تعقب الناتو لاتصالاته الهاتفية النادرة، ما ساعد على تحديد مكانه.
أطلقت طائرات تابعة للحلف نيرانها على موكب القذافي المكون من نحو 35 سيارة فدمرت معظمه وشلت حركته، ليفاجأ لاحقا بمواطنيه السابقين يعتقلونه وهم يكيلون له الصفعات في حالة هستيرية فرحا بسقوط «القائد الأوحد»، و«ملك ملوك أفريقيا»، و«عميد الحكام العرب»، إلى آخر تلك الألقاب التي أمضى القذافي سنوات عمره يجمعها كهواية لحاكم كان ينظر إلى السلطة على أنها مطية لنزواته الشخصية.
وقبل مقتله بلحظات تابع العالم كله وقتها القذافي وهو يردد «حرام عليكم» مرارا في الوقت الذي انهالت فيه الضربات على رأسه من قبل حشد من الثوار المسلحين حوله، فيما قال رجل وهو يضربه «هذا من أجل مصراتة يا كلب».
وعندما سأله القذافي هل تعرف الصواب من الخطأ؟ قال شخص ما «اخرس يا كلب»، في الوقت الذي انهالت عليه المزيد من الضربات، ليتم جره ثم جذبه من شعره بينما كان صوت أحدهم دون جدوى يصرخ مطالبا بالإبقاء عليه حيا.
كانت لحظات مليئة بالهيستريا التي حكمها المكان والزمان، لم يسمع أحد للرجل الذي كان الرأس الأول والوحيد للدولة على مدى أربعة عقود وهو يصيح: «شنو صاير (ماذا حدث) يا أولادي هل تقتلونني؟» يا أبنائي، أنا القذافي.. أنا القائد.. ماذا تفعلون؟».
وبحسب رواية الكثير من المسؤولين الليبيين فقد شاركت عناصر أجنبية بصورة أو بأخرى في اعتقال القذافي وقتله، وهو ما دفع ابنته عائشة العام الماضي إلى مطالبة الأمم المتحدة بإجراء تحقيقات في ملابسات القصة برمتها لكن لم يستجب أحد على الإطلاق.
وحسب اعتقاد الإعلامي الليبي عريش سعيد، فإن سرعة قتل العقيد القذافي بعد اعتقاله مباشرة، تخدم مصالح أجنبية أكثر ما تخدم قضايا ليبية ستظل شائكة بسبب اكتنافها الغموض، ومات سرها بقتل القذافي، وهذه القضايا ليست بالهينة بل تمس الأمن القومي وتضع النقاط على الحروف في مشكلات تورطت فيها ليبيا ولا تزال تدفع فاتورة هذه المشكلات.
أبرز تلك القضايا كما يقول عريش، هي الحروب التي زج القذافي بها ليبيا في أمصار كثيرة، وكذلك أم القضايا لوكيربي، والممرضات البلغاريات، وموسى الصدر، وغيرها الكثير، لا نعرف حتى الآن ماهية هذه المشكلات وكيف تم تسويتها، فضلا عن الصفقات التي عقدها الغرب مع القذافي قديما وحديثا، لهذا يظل الاعتقاد الراسخ أن استخبارات غربية متورطة بشكل مباشر في تصفية العقيد ليموت مع أسراره.
لكنه في المقابل يلفت الانتباه إلى أن الخوف من بقاء القذافي حيا من تنامي قوة مؤيديه وعرقلتهم لبناء الدولة الحديثة، وخصوصا أن الكثير من مؤيديه اليوم لا يستطيعون حتى مجرد التصديق بموت العقيد..!! وهذا في حد ذاته خطر محدق يزيد من الضغوط والعقبات دون بناء ليبيا بعد الثورة.
وأضاف: «بعد عامين من قتله، تجر البلاد إلى الاحتكام إلى السلاح، وهذا الأمر الذي جعل الكثير يصفهم بالطغاة الجدد، وأنهم نسخة مكربنة من العقيد، وهنا يستوجب على الثوار مسؤوليات عظام وإنكار الذات والتوجه نحو بناء مؤسسات الدولة والانخراط فيها وخصوصا الأمنية ولو على حساب ما يظنونه مجدا لهم، فهم إن لم يتجاوزوا هذا الأمر فهم بلا شك يلطخون تاريخا مشرفا قاموا به في ثورة أبهرت العالم».
وتابع: «نظل على يقين من بارقة أمل تقودنا إلى ليبيا التي ننشد بسواعد أبنائها في ظل الدعوة الصريحة والفعلية لمصالحة وطنية شاملة وفق حوار وطني لجميع الفرقاء وخصوصا المنقسمين في كره العقيد وتأييده، لأنهم هم الأكثر وجودا على الأرض من وجود الأحزاب في ظل التصحر السياسي الذي عاشته ليبيا طوال العقود الماضية».
من وجهة نظر الناشط السياسي فرج الكوافي من مدينة بنغازي بشرق البلاد ومعقل الثوار ومهد الانتفاضة الشعبية، فإن نظاما كان القذافي هو قائده لم ينته تأثيره في الشأن الليبي إلى الأبد فلا يزال للقذافي أتباع بعضهم في الداخل وأكثرهم في الخارج وهم من يمتلكون المال وجل الإمكانيات التي تساعدهم على التأثير في المشهد الليبي وإيقاف سير العملية السياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية في ليبيا.
وقال الكوافي لـ«الشرق الأوسط»: «يبدو أنهم بالفعل قد اشتغلوا لهذا الوقت وهو وقت ما بعد الإطاحة بنظام استبد بالحكم طوال الأربعة عقود الماضية فمن خلال تشكيل خلايا بالداخل كانت تدين وما زالت لنظام القذافي تعمل تلك الخلايا على عدة مسارات من شأنها زعزعت الأمن والاستقرار في ليبيا تارة من خلال بث الإشاعات في الشارع وعبر شبكات الإنترنت ومواقع التواصل وتارة أخرى عبر الوقوف وراء عمليات مسلحة تستهدف بعض قادة الجيش المنظمين للثورة في بدايتها وكذلك بعض النشطاء السياسيين وشخصيات أخرى ويكمن الترتيب لمثل تلك الخطوات في تواصل لوجيستي يتم ما بين بعض الخلايا في الداخل وبعض القيادات في الخارج وكذلك تحويل بعض الأموال والمساعدات بينما العمليات إما تنفذ عن طريق خلايا الداخل أو باستخدام بعض المرتزقة من جنسيات مختلفة أو حتى من خلال استخدام بعض الخارجين عن القانون (البلطجية)».
وبحسب الكوافي فإن هذا الوضع يستمر في إرباك المشهد الليبي سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وكل ذلك التأثير يكمن وراء امتلاك بعض المسؤولين في النظام السابق لأموال ضخمة تمكنهم من رسم خارطة للمشهد الليبي كما يخططون ويأتي ذلك بعد تقاعس الحكومة عن ملاحقة أغلب وجوه تلك الشخصيات المتورطة في أعمال فساد مالي وأخلاقي وحتى تورطهم في بعض أعمال القتل والتحريض عليه.
أما المحامية والناشطة الليبية حنان مصطفى، فترى في المقابل أن مقتل القذافي كان نقطة تحول مفصلية في مسار ثورة فبراير (شباط)، فقد كان الحدث مشهدا مستقبليا لما سيكون عليه القادم، طريقة قتله ونهش لحمه ونتف شعره وانتهاك عرضه على مشهد ومرأى من العالم، كسر حلم فبراير في دواخلي.
وأضافت: «كان يوما عصيبا علي لأنني أيقنت أكذوبة دولة القانون، وحرية الرأي والتعبير وسخافة ادعاءات حقوق الإنسان، التي ما كانت إلا جسرا لتصفية حساب شخصي مع فرد وليس سعيا لدولة مدنية تتوخى الحداثة في سلوكها ومنهاجها ذلك المشهد الهمجي استمر لعامين وربما ذاك السيل من البشاعات التي تربت في عهده وقمعت معا لن يوقفها شيء بعد الآن».
وتابعت: «كنت أعرف أن من قتلوه بعيدا عن المحاكم والعدالة والقانون، لن يستخدموا هذه المفاهيم بعد ذلك أبدا، لأنه بمجرد الانزلاق إلى ازدواجية المعايير فلا طريق للرجعة، إنه منطق القوة، عندما يتحول المظلوم إلى ظالم ويرسخ منظومة الاضطهاد ويستغلها لمكاسبه، هذا ما يحدث اليوم في ليبيا، تبادل أدوار ما بين الظالم والمظلوم، مصراتة تتحول إلى سرت، والزنتان إلى بني وليد».
ومع ذلك، ترى السيدة حنان أن كل من يتصدرون المشهد يجترون أيدلوجية القذافي ويعيدون تدويرها بطابع قبلي أو إسلامي، أو حتى ليبرالي سمج، المنظومة القانونية مرسومة بقلم رصاص باهت، مشيرة إلى أن وزير العدل يصرح بأنه أصبح يشغل وظيفة غير شريفة كما تم اختطاف رأس الدولة (رئيس الوزراء) من مخدعه على مشهد من المؤتمر الباسم (الوطني العام) والجيش المندثر.
واستطردت: «من الآخر ليبيا كما يقول كل الليبيين اليوم في دعابة ساخرة ممزوجة بالمرارة، خشت (دخلت) في حيط (حائط)».
لكن الكاتب الصحافي محمد عمر بعيو يرى في المقابل أن القذافي خاض حربين خسرهما معا قبل أن يخسر حياته قتلا يوم 20 أكتوبر (تشرين الأول) 2011، حرب مجده الشخصي، أو وهمه الشخصي، كزعيم عالمي اشترى مكانته الزائلة بسلاحي التآمر ومال النفط الليبي، وحرب المجد العشائري القبلي العائلي بتوريث السلطة لأولاده وعندما أقول السلطة لا أعني كرسي الحكم وحده بل التملك المطلق للوطن الليبي بشرا وجغرافيا وإمكانيات.
وأضاف بعيو من مدينة مصراتة لـ«الشرق الأوسط» بعد عامين من هزيمته الأخلاقية والقانونية على أيدي ثوار الشعب الليبي وهزيمته العسكرية التي تشاركها المقاتلون الفدائيون الليبيون مدعومين بالتحالف الدولي وحلف الناتو ونهايته مدانا بقتل شعبه وتدمير اقتصاده وتخريب استقراره المجتمعي وسلمه الأهلي ها هو الواقع يعيد إليه كثيرا من البريق ليس لأنه الأفضل بل لأن من ورثوه وسرقوا ثورة وثروة الليبيين وتسلطوا عليهم أسوأ منه كثيرا بحساب ما كان الشعب يأمله ويحلم به.
أضاف: «انتهى معمر القذافي لكن من سخرية ومن شواهد المأساة أن التاريخ قد يكتب قريبا في حالة من حالات سخرية مكره أنه كان آخر حاكم لليبيا الموحدة المستقرة».
من جانبه، يعتقد الهادي الزنتاني عضو باتحاد شباب الزنتان أن ليبيا ما زالت تعاني بعض المشكلات والإخطار من الأحزاب وأجندتها وأولها حزب «الإخوان» والتحالف.
وأضاف لا تهمنا ذكرى مقتله لأنه انتهى لمزبلة التاريخ. ابنه سيف الذي يقبع في أحد سجون الدولة بمدينة الزنتان وأنا أتحدث من هده المدينة حتى مجرد التفكير في وجود سيف في الزنتان فهو أمر نسيناه ولا يهتم به أحد فما بالك بأبيه. حقبة وقد انتهت ونتمنى أن يكون مستقبل ليبيا واعدا رغم ما يحدث من تجاذبات وهذه الفوضى الأمنية والسياسية ستنتظم مع الوقت، فأحد تعريفات الثورة: الفوضى.
وتابع: «إننا كشباب وخصوصا بمدينة الزنتان لا يؤمنون بالأحزاب المؤدلجة وهذه المدينة التي قدمت 400 شهيد وآلاف الجرحى همهم الوحيد هو ليبيا ويرفضون رفضا باتا الأحزاب وأجندتها الخارجية ما زلنا سنضحي ونقدم المزيد لليبيا ولن نسمح لأي كان أن يمس بما ضحى به الشهداء».
لكن الدكتورة لمياء شرف الدين عضو هيئة تدريس بجامعة طرابلس، تساءلت لـ«الشرق الأوسط» وهل سقط نظامه؟ قبل أن تجيب القذافي مات، ولكن ترك قذاذفة، مضيفة أن هناك نخبة تعمل في صمت لا تريد مناصب وليس لها مصلحة إلا مصلحة البلاد، إلا أنهم قلة، أملنا فيهم.
وتذكر الكاتبة والصحافية رزان نعيم المغربي أنها بعيد مقتل القذافي بساعات تحدثت لصحيفة إيطالية، في تلك اللحظة المشحونة عاطفيا وقالت: إن «قتله بهذه الطريقة نتيجة لكل هذا العنف الذي أورثه لشعبه».
اليوم بعد عامين، ترى رزان أن المشهد الليبي يشكل ما وصفته بصورة واضحة، عما أفرزته السنوات العجاف، أثرت في طبيعته تأثيرا عميقا، مما جعل أطرافا خارجية ساهمت بدعم الثورة، تحرض على قتله حتى تقتل معه أسرارا كثيرة، رغم أن الثوار الذين وقع بين أيديهم كانت ردة فعلهم طبيعية وهم في صراع مسلح معه.
وأضافت: «في ليبيا، التي عمل القذافي على هدم مؤسساتها العسكرية وأولها الجيش، أسس لهذا الخراب بنفسه وليقتل بهذه الطريقة، والقذافي هدم القوانين، ومسح التاريخ، ألغى الدستور، وخرب التعليم، وقال لهم أنتم جيل غضب، لهذا خرجوا في أولى المظاهرات يرددون (جيل غضب أنت سميته... جاك غضب عمرك ماريته). لقد ارتد السهم الذي أطلقه إلى صدره».
وتستطرد رزان: «بينما يحلم المواطن والمثقف الليبي بدولة القانون، يجد نفسه خاضعا مرة أخرى إلى قانون الفوضى.. وباتت ليبيا تشكل مصدر قلق إقليمي، رغم أن الشعب الليبي دخل انتخابات مميزة، وهو لم يعتد على الحراك السياسي، منذ نصف قرن، لكن الانتكاسات حدثت، والانقسامات تشتد كل يوم، لسبب وحيد هو عدم وجود الجيش والشرطة».
وأضافت «التهديد لن يقف عند حد الدول المجاورة، بل بات يشكل خطرا على وحدة ليبيا، التي اتضح أن القدافي عمل على تعزيز الصراع القبلي فيها طيلة مدة حكمه، بدل نزعها، واستبدالها بثقافة مدنية تناسب العصر، في النهاية، نحن اليوم نجني ثمار زرع سام، وحتى نغرس ثمارا طيبة، لا بد من الانتظار».
ويتفق عصام التاجوري وهو محام وناشط حقوقي مع هذا الرأي بعدما لفت إلى أن فبراير (شباط) عام 2011 جاء لأجل دحر دولة الظلم والقهر وحكم الفرد وتأسيس دولة المؤسسات والعدالة واحترام حقوق الإنسان ونقل ليبيا من دولة نامية إلى دولة متقدمة مزدهرة بفضل خيراتها، ومقدراتها التي استنزفها آل القذافي في تحقيق أحلامهم.
لكن وبعد تصفية القذافي يعتقد أنه لم يتحقق حتى هدف واحد من هذه الأهداف، مضيفا أن من يروج بأن أكبر هدف قد تحقق بموت القذافي فهذا لا يمثل إلا نفسه والتيار الذي يتبعه وهؤلاء طلاب ثأر لا عدالة وفبراير منهم براء.
وتابع: «لم يقف الأمر عند هذا وحسب بل سقطت الدولة في أيدي ميليشيات متطرفة دينيا وجهوريا ومناطقيا وقبليا والبلاد تتجه إلى أن تكون مصدر رئيس لتصدير الإرهاب وإزكاء الفتن في دول الجوار والمنطقة، أقولها وبأسى فبراير خطفت وامتطاها من كان بمشروع ليبيا الغد (الإخوان) ومن والاه ومن والاهم».
من جانبه، يعتقد الصحافي الليبي فتحي بن عيسى أن أداء من تولى إدارة البلد بعد مقتل القذافي جعل منه قائدا تاريخيا وتحولت مقولات الكتاب الأخضر الذي كان محل سخرية إلى مقاطع مأثورة يستشهد بها قادة ثورة فبراير ورموزها كمصطفى عبد الجليل (رئيس المجلس الانتقالي السابق) وأصبح المزاج العام مقتنع بأن الحزبية إجهاض للديمقراطية وأن من تحزب خان، وبعدما أعرب عن قناعته بأن مكاسب القذافي بعد مقتله أكثر بكثير مما كان يحلم به ويسعى له وينفق لأجل نفائس الأموال، قال بن عيسى لـ«الشرق الأوسط»: لا أعتقد أن القذافي كان سيجد من يروج لأفكاره بهذه السرعة مثلما فعل من جاء بعده فجعلوا الناس يكفرون بالانتخابات والأحزاب ويضيقون ذرعا بالفساد الذي تجاوز اللامعقول.
ووفقا لما يراه بن عيسى فقد يقول البعض، إن ما يحدث هو نتاج 42 عاما من حكم القذافي وهو يحصد النتائج في قبره إلا أن هذا القول يناقضه قولنا إن الليبيين ثاروا ضد القذافي في فبراير، عبارة المهم الطاغية مات عبارة مدمرة قتلت أي توجه صادق لبناء ليبيا.
وأضاف: «علينا أن نسأل أنفسنا كليبيين هل كانت مشكلتنا مع القذافي كشخص أم نظام وأفكار.. الأشخاص زائلون والأوطان باقية تحتاج للعرق والجهد».

المحطات الأساسية منذ سقوط القذافي

القاهرة: «الشرق الأوسط»

المحطات الأساسية منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي في أكتوبر (تشرين الأول)2011 بعد ثورة شعبية أعقبها نزاع مسلح
* 20 أكتوبر 2011: مقتل القذافي في سرت (360 كلم شرق طرابلس) بعد حصار دام أسابيع، والعثور على ابنه المعتصم ميتا في المدينة.
* 23 أكتوبر: المجلس الوطني الانتقالي الذي فرض نفسه شيئا فشيئا على الساحة الدولية يعلن «التحرير الكامل» لليبيا. أسفر النزاع الذي استمر ثمانية أشهر عن مقتل أكثر من 30 ألف شخص.
* 31 أكتوبر: انتهاء عملية «الحامي الموحد» الجوية لحلف شمال الأطلسي، التي أطلقت في نهاية مارس (آذار).
* 19 نوفمبر (تشرين الثاني): اعتقال سيف الإسلام القذافي نجل الزعيم الليبي الراحل والملاحق أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. وبدأت محاكمته في ليبيا في يناير (كانون الثاني) الماضي.
* يونيو (حزيران) 2012: أكثر من مائة قتيل و500 جريح خلال أسبوع في أعمال عنف قبلية جنوب غربي طرابلس.
* 7 يوليو (تموز) 2012: الليبيون يتوجهون إلى صناديق الاقتراع للمرة الأولى لانتخاب مجلس تأسيسي، المؤتمر الوطني العام. وحصول تحالف القوى الوطنية بقيادة رئيس الوزراء السابق في المجلس الوطني الانتقالي الحاكم محمود جبريل، على 39 مقعدا من أصل ثمانين في المجلس، وحصل حزب العدالة والبناء المنبثق عن الإخوان المسلمين على 17 مقعدا فقط. ومنح 120 مقعدا لمستقلين.
* 8 أغسطس (آب): المؤتمر الوطني العام يسلم السلطات للمجلس التأسيسي المنبثق عن الانتخابات. وانتخاب محمد المقريف المعارض السابق لنظام معمر القذافي رئيسا للمؤتمر الوطني العام (البرلمان).
* 11 سبتمبر (أيلول): هجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي، يسفر عن مقتل أربعة أميركيين بينهم السفير كريس ستيفنز.
* 23 سبتمبر: السلطات تعلن حل جميع الميليشيات والمجموعات المسلحة غير المنضوية تحت سلطة الدولة، وذلك غداة انتفاضة دامية لسكان بنغازي (شرق) على الميليشيات الإسلامية.
* 14 أكتوبر: علي زيدان المعارض السابق لنظام القذافي ينتخب رئيسا للوزراء. ويأتي التصويت بعد أسبوع على استبعاد رئيس الوزراء المنتخب مصطفى أبو شاقور الذي كان المؤتمر العام قد انتخبه لكن أعضاءه رفضوا مرتين تشكيل الحكومة الذي يقترحه.
* 12 يناير 2013: القنصل الإيطالي في بنغازي ينجو من هجوم. المدينة تشهد عدة هجمات ضد مصالح غربية واغتيالات قادة أمنيين.
* 23 أبريل (نيسان): اعتداء بسيارة مفخخة ضد السفارة الفرنسية في طرابلس يسفر عن جرح جنديين اثنين.
* 5 مايو (أيار): تبني مشروع قانون مثير للجدل حول استبعاد مسؤولين في النظام السابق في حين احتلت عناصر في ميليشيات وزارتين منذ أسبوع. واستقالة المقريف الذي خلفه نوري أبو سهمين.
* 8 يونيو: سقوط 30 قتيلا في مواجهات في بنغازي بين ثوار سابقين ومتظاهرين. وفي نهاية يونيو ساهمت أعمال عنف دامية بين ميليشيات في طرابلس في تسريع رحيل وزير الدفاع.
* 27 يوليو: مظاهرات عنيفة ضد السلطات والأحزاب السياسية بعد سلسلة اغتيالات منها اغتيال الناشط المناهض للإسلاميين عبد السلام المسماري.
* 31 يوليو: زيدان يعدل عن تشكيل حكومة أزمة مصغرة.
* 25 أغسطس: رئيس الوزراء يعلن إطلاق حوار وطني بشأن المصالحة الوطنية ونزع الأسلحة.
* 19 سبتمبر: بدء محاكمة نحو 20 مسؤولا سابقا في نظام القذافي لدورهم في قمع الثورة في عام 2011.
* 2 أكتوبر: متظاهرون يحاولون الهجوم على السفارة الروسية في طرابلس مما أسفر عن سقوط قتيلين في صفوف المعتدين.
* 5 أكتوبر: أسر زعيم في «القاعدة» أبو أنس الليبي في غارة أميركية في طرابلس. وطلب المؤتمر الوطني العام أعلى هيئة سياسية في ليبيا من واشنطن تسليمه «فورا».
* 10 أكتوبر: ثوار سابقون يخطفون علي زيدان لبضع ساعات.
* 18 أكتوبر: مقتل مدير الشرطة العسكرية للجيش الليبي العقيد أحمد البرغثي، وهجوم من أنصاره على منزل قائد قوات درع ليبيا وسام بن حميد لاتهامه بالوقوف وراء العملية.



اليمن يشدد على توحيد الجهود الأممية لدعم الإغاثة والتنمية

نائب وزير الخارجية اليمني مجتمعاً في عدن مع ممثلي الوكالات الأممية والدولية (سبأ)
نائب وزير الخارجية اليمني مجتمعاً في عدن مع ممثلي الوكالات الأممية والدولية (سبأ)
TT

اليمن يشدد على توحيد الجهود الأممية لدعم الإغاثة والتنمية

نائب وزير الخارجية اليمني مجتمعاً في عدن مع ممثلي الوكالات الأممية والدولية (سبأ)
نائب وزير الخارجية اليمني مجتمعاً في عدن مع ممثلي الوكالات الأممية والدولية (سبأ)

شهدت العاصمة اليمنية المؤقتة عدن خلال الأيام الماضية سلسلة من اللقاءات الحكومية مع ممثلي عدد من المنظمات الأممية والدولية، في إطار مساعٍ لتعزيز التنسيق وتوحيد الجهود الإنسانية والتنموية، بما يسهم في تحسين الأوضاع المعيشية للسكان في ظل تصاعد انتهاكات الجماعة الحوثية التي عطَّلت أعمال عديد من الوكالات الدولية.

ضمن هذه اللقاءات، بحث نائب وزير الخارجية مصطفى نعمان، مع ممثل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) في اليمن، آدم ياو، آليات عمل المنظمة وأهمية تدخلاتها في مجالات الأمن الغذائي والتنمية الزراعية وتحسين سبل المعيشة في المناطق الريفية.

وأشاد نعمان بجهود «فاو» ومشاريعها الداعمة لقطاعي الزراعة والري، مؤكداً حرص الحكومة على تسهيل عملها وتمكينها من تنفيذ برامجها الإنسانية والتنموية بما يسهم في دعم الاستقرار المعيشي.

من جانبه، عبّر ممثل المنظمة عن تقديره لتعاون الحكومة اليمنية، مؤكداً التزام «فاو» بمواصلة تقديم الدعم الفني والإنساني للشعب اليمني، رغم التحديات الميدانية القائمة. وفق ما نقله الإعلام الرسمي اليمني.

في لقاء آخر، ناقش نعمان مع نائب مدير بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها)، ماري ياماشيتا، نشاط البعثة وسبل تطوير أدائها وفقاً لتفويضها الأممي.

جانب من اجتماع نائب وزير الخارجية اليمني مع ممثلي المنظمات الدولية (إكس)

وأكد نعمان ضرورة تعزيز التنسيق بين الحكومة والبعثة، لرفع فاعلية أدائها وتحقيق أهدافها، مرحِّباً بخطوة نقل مقرات البعثات والمنظمات الأممية إلى العاصمة المؤقتة عدن لما تمثله من أهمية في تسهيل مهامها وضمان التواصل المباشر مع الحكومة الشرعية.

ونسب الإعلام الرسمي إلى ياماشيتا أنها أعربت عن تقديرها لتعاون الحكومة اليمنية وتفهمها لطبيعة عمل البعثة، مشيرةً إلى أن الأمم المتحدة بصدد مراجعة مهامها في الحديدة بما يتناسب مع المستجدات الإقليمية والدولية.

اجتماع موسع

في سياق التحرك الحكومي اليمني، عقد نائب وزير الخارجية اجتماعاً موسعاً مع ممثلي المنظمات الدولية العاملة في عدن، لمناقشة أوجه التعاون المشترك وسبل تعزيز التنسيق مع الحكومة لضمان تنفيذ البرامج الإنسانية والتنموية بكفاءة وشفافية.

ورحب نائب الوزير بممثلي المنظمات، مشيداً بجهودها في التخفيف من معاناة اليمنيين جراء الحرب، ومؤكداً التزام الحكومة بتهيئة الظروف المناسبة لعملها.

وأعرب عن تقدير الحكومة للمنظمات التي نقلت مقراتها الرئيسية إلى عدن، معتبراً ذلك خطوة تؤكد التزامها بالتعامل مع الحكومة الشرعية وتعزيز حضور مؤسسات الدولة.

وشدد نعمان على أهمية التنسيق الدائم بين وزارة الخارجية في بلاده والمنظمات الدولية لتجاوز التحديات الميدانية، وضمان وصول المساعدات إلى المستحقين في جميع المحافظات وفقاً لأولويات الاحتياج الإنساني.

في المقابل، عبّر ممثلو المنظمات عن شكرهم لوزارة الخارجية على تسهيل إجراءات عملهم، مؤكدين حرصهم على توسيع نطاق أنشطتهم وتعزيز الشراكة مع الحكومة لدعم جهود الإغاثة والاستقرار. حسبما نقلت وكالة «سبأ» الحكومية.

كان نعمان قد التقى نائب مدير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا)، سعيد حرسي، لبحث سبل تطوير التعاون وتعزيز الدعم الإنساني المقدم للشعب اليمني.

وأكد المسؤول اليمني أهمية إعداد خطة شاملة للاستجابة للاحتياجات الإنسانية والتنموية، والعمل على سد الفجوة التمويلية التي تسببت في تقليص عدد المستفيدين من برامج الأمم المتحدة.

وشدد نعمان على ضرورة اعتماد آليات رقابة شفافة تضمن وصول المساعدات إلى المستفيدين الحقيقيين، وتعزيز التنسيق المستمر بين الحكومة ومكتب «أوتشا» لضمان فاعلية البرامج الإنسانية وكفاءتها.


تحركات دبلوماسية يمنية لدعم الإصلاحات الحكومية

طلاب يلعبون كرة القدم في ساحات مدرسة بتمويل سعودي في مدينة عدن (أ.ف.ب)
طلاب يلعبون كرة القدم في ساحات مدرسة بتمويل سعودي في مدينة عدن (أ.ف.ب)
TT

تحركات دبلوماسية يمنية لدعم الإصلاحات الحكومية

طلاب يلعبون كرة القدم في ساحات مدرسة بتمويل سعودي في مدينة عدن (أ.ف.ب)
طلاب يلعبون كرة القدم في ساحات مدرسة بتمويل سعودي في مدينة عدن (أ.ف.ب)

كثّف رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي ورئيس الوزراء سالم بن بريك من نشاطهما في العاصمة السعودية الرياض، ضمن جهود تستهدف توسيع الدعم الدولي لبرامج الإصلاح الاقتصادي، وتعزيز الاستقرار، والتحضير لعقد مؤتمري «المانحين للصحة» و«الطاقة الوطني الأول» خلال الشهر الحالي.

وأفاد الإعلام الرسمي بأن رئيس الوزراء بن بريك بحث مع سفيرة المملكة المتحدة لدى اليمن عبدة شريف مستجدات التعاون الثنائي، وتطورات الأوضاع الاقتصادية والإنسانية، إلى جانب التحضيرات الجارية لمؤتمري «الصحة» و«الطاقة»، اللذين تراهن عليهما الحكومة لحشد التمويل الدولي للقطاعين الحيويين.

ووفق المصادر، تناول اللقاء مسار الإصلاحات المالية والإدارية التي تنفذها الحكومة بدعم من شركائها الدوليين، ونتائجها المتوقعة في تحسين الأداء الحكومي وتخفيف المعاناة الإنسانية الناجمة عن حرب ميليشيات الحوثي.

رئيس الحكومة اليمنية سالم بن بريك مع السفيرة البريطانية عبدة شريف (سبأ)

وشدد بن بريك على أن الحكومة ماضية في تنفيذ إصلاحات شاملة لرفع كفاءة مؤسسات الدولة، وضبط العلاقة بين السلطات المركزية والمحلية، مؤكداً أهمية الشراكة الفاعلة مع المجتمع الدولي لدعم خطط التعافي الاقتصادي، وتمكين الحكومة من القيام بواجباتها تجاه المواطنين.

وأوضح رئيس الوزراء أن مؤتمر المانحين للصحة سيكون محطة محورية لتنسيق الجهود الوطنية والدولية، وحشد الموارد لإعادة تأهيل المرافق الصحية وتطوير الكوادر، في حين يُشكل مؤتمر الطاقة الوطني الأول خطوة نوعية لإصلاح هذا القطاع الحيوي، وتحقيق أمن الطاقة واستدامتها، بدعم من السعودية والإمارات.

من جهتها، أكدت السفيرة البريطانية دعم بلادها للحكومة اليمنية في مسار الإصلاحات وتحسين الخدمات، مشيدة بتوجهها لعقد مؤتمرات نوعية تضع حلولاً عملية للتحديات التنموية.

شراكة ألمانية ودعم فرنسي

في لقاء منفصل، استقبل بن بريك سفير ألمانيا الاتحادية توماس شنايدر؛ حيث جرى بحث العلاقات الثنائية وآفاق التعاون في مجالات الإغاثة والتنمية والإصلاح الاقتصادي.

وأشاد رئيس الوزراء بالدعم الألماني المتواصل لليمن، مؤكداً أن حكومته تمضي في تنفيذ خطة الإصلاحات الشاملة التي أقرها مجلس القيادة الرئاسي، بهدف تصحيح مسار المالية العامة، وتحسين إدارة الموارد، واستعادة الثقة بالاقتصاد الوطني.

ونقل السفير الألماني تحيات المستشار فريدريش ميرتس، مؤكداً أن بلاده تتابع باهتمام التطورات الاقتصادية في اليمن، وستواصل دعمها للحكومة ضمن أولوياتها الوطنية لتحقيق الأمن والاستقرار وبناء المؤسسات.

تلاميذ يمنيون في مدرسة الرباط الغربي الحكومية في لحج الواقعة بين مدينتي تعز وعدن (أ.ف.ب)

من جهته، التقى العليمي سفيرة فرنسا لدى اليمن، كاترين قرم كمّون، وبحث معها مستجدات الأوضاع على الساحة اليمنية والدعم الفرنسي لبرامج الإصلاحات.

وأعرب العليمي عن تقديره لدور فرنسا في دعم أمن الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن، ومساندة المسار الإنساني والإغاثي، ومواقفها في مجلس الأمن الداعمة لليمن.

وناقش اللقاء -حسب الإعلام الرسمي- البرامج الحكومية لتعزيز التعافي وتحسين الخدمات ودفع الرواتب وتثبيت مؤسسات الدولة في العاصمة المؤقتة عدن.

وأشاد العليمي بالموقف السعودي في دعم الموازنة العامة ومساعدة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها، مشيراً إلى أن مجلس القيادة ماضٍ في مسار السلام الشامل والمستدام وفق المرجعيات المعترف بها، مع إنهاء التدخلات الإيرانية التي عمّقت الأزمة الإنسانية.

السفيرة الفرنسية أكّدت من جانبها التزام باريس بدعم الحكومة اليمنية وجهود تحقيق السلام وأمن الملاحة، وتعزيز التعاون في الملفات الاقتصادية والإنسانية. وفق ما ذكرته وكالة «سبأ» الحكومية.

تعاون صيني

في سياق التحركات اليمنية، استقبل رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي القائم بأعمال السفارة الصينية شاو تشنغ، وبحث معه سبل تعزيز التعاون بين البلدين في المجالات الاقتصادية والأمنية.

وأكد العليمي اعتزاز اليمن بعلاقات الصداقة مع الصين ودعمها المتواصل، مشيراً إلى أهمية التنسيق لردع التهديدات المشتركة، خصوصاً تهريب الأسلحة عبر البحر الأحمر والقرن الأفريقي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مستقبلاً في الرياض القائم بأعمال السفير الصيني (سبأ)

وتطرّق اللقاء إلى تقرير فريق الخبراء الأممي بشأن تصاعد عمليات التهريب للجماعة الحوثية، وأهمية التعاون في مشروعات الطاقة والمواني وتطوير قدرات خفر السواحل لحماية الملاحة الدولية.

القائم بالأعمال الصيني -حسب الإعلام الرسمي- جدّد دعم بلاده لمجلس القيادة والحكومة اليمنية، واستعدادها لتوسيع الشراكة الاقتصادية والتنموية في مختلف القطاعات.

وتعكس هذه اللقاءات حراكاً يمنياً يهدف إلى توسيع قاعدة الدعم الدولي لجهود الإصلاح الاقتصادي وتثبيت الاستقرار، في ظل تحديات معقدة فرضتها الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية واستمرار تهديداتها للأمن الإقليمي والدولي.


الحوثيون يعيدون تأهيل موانئ الحديدة لتجاوز آثار الضربات الجوية

الحوثيون يعملون على إعادة تأهيل موانئ الحديدة لاستعادة قدرتهم على تمويل أنشطتهم العسكرية (أ.ف.ب)
الحوثيون يعملون على إعادة تأهيل موانئ الحديدة لاستعادة قدرتهم على تمويل أنشطتهم العسكرية (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعيدون تأهيل موانئ الحديدة لتجاوز آثار الضربات الجوية

الحوثيون يعملون على إعادة تأهيل موانئ الحديدة لاستعادة قدرتهم على تمويل أنشطتهم العسكرية (أ.ف.ب)
الحوثيون يعملون على إعادة تأهيل موانئ الحديدة لاستعادة قدرتهم على تمويل أنشطتهم العسكرية (أ.ف.ب)

كثفت الجماعة الحوثية أنشطتها لتحسين قدرات موانئ الحديدة وتأهيلها لاستقبال السفن التجارية، مستحدثة أرصفة تُمكّنها من استقبال سفن تجارية كبيرة، في محاولة للتخفيف من الضغوط الاقتصادية التي تواجهها، بالتزامن مع فرض جبايات جديدة على البيوت التجارية تحت اسم «مواجهة تبعات المواجهة مع إسرائيل والولايات المتحدة».

وذكرت مصادر تجارية في العاصمة المختطفة صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، أن الجماعة ضاعفت من أعمال الجباية خلال الأسابيع الأخيرة، وفرضت على البيوت التجارية والمستوردين مبالغ كبيرة؛ للمساهمة في إصلاح ما دمرته الغارات الأميركية والإسرائيلية التي استهدفت منشآت حيوية واقتصادية تحت سيطرتها.

وأوضحت المصادر أنه، وبينما كان التجار يتوقعون أن تؤدي نهاية الحرب في قطاع غزة إلى حدوث انفراجة في الأزمات التي تواجهها الحركة التجارية بمناطق سيطرة الجماعة بعدما أدخلت الجماعة الحوثية البلاد في نطاق المواجهات العسكرية، فوجئوا بأنهم مطالبون بدفع جزء من فاتورة ذلك التصعيد.

قادة حوثيون قرب أحد موانئ الحديدة (إعلام حوثي)

ووفقاً للمصادر، فقد كرر قادة الجماعة تهديداتهم السابقة للبيوت والمجموعات التجارية والتجار والمستوردين بعرقلة وصول بضائعهم في المنافذ البحرية والبرية، وبفرض مزيد من الرسوم عليها هناك، في حال عدم المساهمة بإعادة تأهيل المنشآت الحيوية، وعلى رأسها الموانئ.

وبينما تقول المصادر إن الجماعة تسارع إلى تحويل مركز أنشطتها الاستيرادية إلى ميناء رأس عيسى شمال مدينة الحديدة، الذي كان مخصصاً لتصدير النفط، وإلى ميناء الصليف، كشفت منصة أميركية مختصة في الشؤون البحرية، عن لجوء الحوثيين إلى مضاعفة القدرات التشغيلية لميناء رأس عيسى للتعامل مع السفن الكبيرة وتفريغ مختلف أنواع البضائع.

وسائل مبتكرة

وفق منصة «ذا ماري تايم إكزكيوتيف»، فإن صور الأقمار الاصطناعية، التي التُقطت للمنطقة خلال الأيام الماضية، أظهرت توسعاً ملحوظاً في الميناء يمكّنه من التحول إلى ميناء استيراد بقدرات كبيرة.

الغارات الإسرائيلية ألحقت أضراراً بتجارة الوقود التي يديرها الحوثيون (أ.ف.ب)

وكان الحوثيون حولوا الميناء من منصة لتصدير النفط إلى محطة لتخزين النفط الذي يستوردونه، ويعملون على نقله إلى الخزانات عبر خطوط أنابيب تُوصَّل بالسفن المحملة به التي تضطر إلى الرسوّ في أقرب نقطة مقابلة يمكنها الوصول إليها في البحر.

ورجحت «المنصة» أن تُستخدم بقايا السفينة «غالاكسي ليدر» في إعادة تأهيل ميناء الصليف الواقع شمال محافظة الحديدة، على بعد أميال عدة من ميناء رأس عيسى، وتحوَّل إلى رصيف عائم.

واستهدفت الغارات الإسرائيلية، في يوليو (تموز) الماضي، السفينة «غالاكسي ليدر» المخصصة لنقل السيارات، بعد أكثر من عام ونصف العام من استيلاء الحوثيين عليها ضمن مزاعمهم «مناصرة سكان قطاع غزة»، وجاء هذا الاستهداف بسبب استخدام الجماعة إياها موقعاً لرصد تحركات السفن في البحر الأحمر.

الأقمار الاصطناعية تظهر نشاطاً لتأهيل ميناءي الصليف ورأس عيسى (سنتينل 2 ومركز الأبحاث المشترك)

وبينت «المنصة» أن الصور تظهر عودة ميناء الصليف إلى العمل بشكل كامل؛ مما يشير إلى أن الجماعة لجأت إلى تفريغ البضائع فيه، بعد استهداف ميناء الحديدة، وهو الميناء الرئيسي الذي تدير الجماعة عملياتها الاقتصادية منه، وأرجعت ذلك إلى عدم تضرر مرافق الأول بمثل تضرُّر نظيراتها في الثاني.

وصول سفن جديدة

منذ مارس (آذار) وحتى يوليو (تموز) الماضيين، تعرضت الموانئ الثلاثة لغارات أميركية ثم إسرائيلية؛ رداً على الأنشطة العسكرية الحوثية في البحر الأحمر واستهداف السفن التجارية، إلى جانب هجماتها بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة على إسرائيل.

ووفقاً لـ«المنصة»، فإن سفينتين لنقل البضائع السائبة تمكنتا من الرسوّ عند رصيف ميناء الصليف، في حين تمكن ميناء رأس عيسى من استقبال السفن النفطية التي نقلت وقوداً خاضعاً للعقوبات الأميركية، بعد استحداث أرصفة جديدة فيه.

وأوضحت أن هناك رصيفين جديدين في الميناء بُنِيا بسرعة منذ أكثر من 3 أشهر، بالإضافة إلى رصيف ثالث متصل بجزيرة صناعية وُسّعت أيضاً، ورُصِدت سفن صغيرة ترسو إلى جوار هذه الأرصفة خلال الأسابيع الأخيرة، إلى جانب سفينتين لنقل البضائع رَسَتَا هناك منذ أسبوع، وما لا يقل عن 17 سفينة في المياه تنتظر الرسوّ في الميناءين.

الحوثيون يعملون على استغلال ميناء الصليف للتهرب من العقوبات واستئناف نشاطهم الاقتصادي (إعلام حوثي)

ووصفت «المنصة» هذه الأنشطة بالتحول الاستراتيجي في إدارة الجماعة الموانئ وتجاوز القيود المفروضة عليها.

وتشير مصادر محلية، بالإضافة إلى شهود عيان وعمال بالقرب من الموانئ، إلى أن الجماعة باتت تستخدم الرافعات على السفن لتفريغ الشحنات؛ مما يرجح عدم قدرتها على الحصول على رافعات جديدة، وأيضاً أنها تخشى إنشاءها فتصبح عرضة للغارات الجوية.

ويعدّ وصول السفن إلى الموانئ الواقعة تحت سيطرة الجماعة الحوثية دون المرور على «آلية التفتيش والتحقق الدولية» في ميناء جيبوتي، مخالفاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم «2216» الصادر قبل 10 أعوام.