بعد عامين على مقتل القذافي.. نشطاء ليبيون يخشون منطق الاحتكام للسلاح

البعض يرجع طريقة قتله إلى العنف الذي أورثه وآخرون يتخوفون من أموال مع مسؤولين سابقين على مستقبل العملية السياسية

العقيد الراحل معمر القذافي لدى حضوره أحد اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (إ.ب.أ)
العقيد الراحل معمر القذافي لدى حضوره أحد اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (إ.ب.أ)
TT

بعد عامين على مقتل القذافي.. نشطاء ليبيون يخشون منطق الاحتكام للسلاح

العقيد الراحل معمر القذافي لدى حضوره أحد اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (إ.ب.أ)
العقيد الراحل معمر القذافي لدى حضوره أحد اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (إ.ب.أ)

تساؤلات في الشارع الليبي: هل فعلا قتل القذافي في ليبيا بأيدي ليبيين؟ وما دور حلف الناتو؟
تمر اليوم الذكرى الثانية لسقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي ومقتله على أيدي حفنة من الثوار المدعومين من حلف شمال الأطلسي (الناتو).
كان المجلس الوطني الانتقالي يسابق الزمن لإقناع الثوار بتسليم القذافي الذي جرى اعتقاله في مسقط رأسه بمدينة سرت الساحلية، لتسليم القذافي حيا، لكن الرجل الذي حكم ليبيا لمدة نحو 42 سنة، تعرض للضرب والإهانة قبل أن يطلق أحدهم النار عليه في رأسه ليسقط مدرجا في دمائه.

اختبأ القذافي بصحبة بعض مساعديه وعدد محدود من قواته في سرت، قبل أن يقرر الخروج منها بعد تعقب الناتو لاتصالاته الهاتفية النادرة، ما ساعد على تحديد مكانه.
أطلقت طائرات تابعة للحلف نيرانها على موكب القذافي المكون من نحو 35 سيارة فدمرت معظمه وشلت حركته، ليفاجأ لاحقا بمواطنيه السابقين يعتقلونه وهم يكيلون له الصفعات في حالة هستيرية فرحا بسقوط «القائد الأوحد»، و«ملك ملوك أفريقيا»، و«عميد الحكام العرب»، إلى آخر تلك الألقاب التي أمضى القذافي سنوات عمره يجمعها كهواية لحاكم كان ينظر إلى السلطة على أنها مطية لنزواته الشخصية.
وقبل مقتله بلحظات تابع العالم كله وقتها القذافي وهو يردد «حرام عليكم» مرارا في الوقت الذي انهالت فيه الضربات على رأسه من قبل حشد من الثوار المسلحين حوله، فيما قال رجل وهو يضربه «هذا من أجل مصراتة يا كلب».
وعندما سأله القذافي هل تعرف الصواب من الخطأ؟ قال شخص ما «اخرس يا كلب»، في الوقت الذي انهالت عليه المزيد من الضربات، ليتم جره ثم جذبه من شعره بينما كان صوت أحدهم دون جدوى يصرخ مطالبا بالإبقاء عليه حيا.
كانت لحظات مليئة بالهيستريا التي حكمها المكان والزمان، لم يسمع أحد للرجل الذي كان الرأس الأول والوحيد للدولة على مدى أربعة عقود وهو يصيح: «شنو صاير (ماذا حدث) يا أولادي هل تقتلونني؟» يا أبنائي، أنا القذافي.. أنا القائد.. ماذا تفعلون؟».
وبحسب رواية الكثير من المسؤولين الليبيين فقد شاركت عناصر أجنبية بصورة أو بأخرى في اعتقال القذافي وقتله، وهو ما دفع ابنته عائشة العام الماضي إلى مطالبة الأمم المتحدة بإجراء تحقيقات في ملابسات القصة برمتها لكن لم يستجب أحد على الإطلاق.
وحسب اعتقاد الإعلامي الليبي عريش سعيد، فإن سرعة قتل العقيد القذافي بعد اعتقاله مباشرة، تخدم مصالح أجنبية أكثر ما تخدم قضايا ليبية ستظل شائكة بسبب اكتنافها الغموض، ومات سرها بقتل القذافي، وهذه القضايا ليست بالهينة بل تمس الأمن القومي وتضع النقاط على الحروف في مشكلات تورطت فيها ليبيا ولا تزال تدفع فاتورة هذه المشكلات.
أبرز تلك القضايا كما يقول عريش، هي الحروب التي زج القذافي بها ليبيا في أمصار كثيرة، وكذلك أم القضايا لوكيربي، والممرضات البلغاريات، وموسى الصدر، وغيرها الكثير، لا نعرف حتى الآن ماهية هذه المشكلات وكيف تم تسويتها، فضلا عن الصفقات التي عقدها الغرب مع القذافي قديما وحديثا، لهذا يظل الاعتقاد الراسخ أن استخبارات غربية متورطة بشكل مباشر في تصفية العقيد ليموت مع أسراره.
لكنه في المقابل يلفت الانتباه إلى أن الخوف من بقاء القذافي حيا من تنامي قوة مؤيديه وعرقلتهم لبناء الدولة الحديثة، وخصوصا أن الكثير من مؤيديه اليوم لا يستطيعون حتى مجرد التصديق بموت العقيد..!! وهذا في حد ذاته خطر محدق يزيد من الضغوط والعقبات دون بناء ليبيا بعد الثورة.
وأضاف: «بعد عامين من قتله، تجر البلاد إلى الاحتكام إلى السلاح، وهذا الأمر الذي جعل الكثير يصفهم بالطغاة الجدد، وأنهم نسخة مكربنة من العقيد، وهنا يستوجب على الثوار مسؤوليات عظام وإنكار الذات والتوجه نحو بناء مؤسسات الدولة والانخراط فيها وخصوصا الأمنية ولو على حساب ما يظنونه مجدا لهم، فهم إن لم يتجاوزوا هذا الأمر فهم بلا شك يلطخون تاريخا مشرفا قاموا به في ثورة أبهرت العالم».
وتابع: «نظل على يقين من بارقة أمل تقودنا إلى ليبيا التي ننشد بسواعد أبنائها في ظل الدعوة الصريحة والفعلية لمصالحة وطنية شاملة وفق حوار وطني لجميع الفرقاء وخصوصا المنقسمين في كره العقيد وتأييده، لأنهم هم الأكثر وجودا على الأرض من وجود الأحزاب في ظل التصحر السياسي الذي عاشته ليبيا طوال العقود الماضية».
من وجهة نظر الناشط السياسي فرج الكوافي من مدينة بنغازي بشرق البلاد ومعقل الثوار ومهد الانتفاضة الشعبية، فإن نظاما كان القذافي هو قائده لم ينته تأثيره في الشأن الليبي إلى الأبد فلا يزال للقذافي أتباع بعضهم في الداخل وأكثرهم في الخارج وهم من يمتلكون المال وجل الإمكانيات التي تساعدهم على التأثير في المشهد الليبي وإيقاف سير العملية السياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية في ليبيا.
وقال الكوافي لـ«الشرق الأوسط»: «يبدو أنهم بالفعل قد اشتغلوا لهذا الوقت وهو وقت ما بعد الإطاحة بنظام استبد بالحكم طوال الأربعة عقود الماضية فمن خلال تشكيل خلايا بالداخل كانت تدين وما زالت لنظام القذافي تعمل تلك الخلايا على عدة مسارات من شأنها زعزعت الأمن والاستقرار في ليبيا تارة من خلال بث الإشاعات في الشارع وعبر شبكات الإنترنت ومواقع التواصل وتارة أخرى عبر الوقوف وراء عمليات مسلحة تستهدف بعض قادة الجيش المنظمين للثورة في بدايتها وكذلك بعض النشطاء السياسيين وشخصيات أخرى ويكمن الترتيب لمثل تلك الخطوات في تواصل لوجيستي يتم ما بين بعض الخلايا في الداخل وبعض القيادات في الخارج وكذلك تحويل بعض الأموال والمساعدات بينما العمليات إما تنفذ عن طريق خلايا الداخل أو باستخدام بعض المرتزقة من جنسيات مختلفة أو حتى من خلال استخدام بعض الخارجين عن القانون (البلطجية)».
وبحسب الكوافي فإن هذا الوضع يستمر في إرباك المشهد الليبي سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وكل ذلك التأثير يكمن وراء امتلاك بعض المسؤولين في النظام السابق لأموال ضخمة تمكنهم من رسم خارطة للمشهد الليبي كما يخططون ويأتي ذلك بعد تقاعس الحكومة عن ملاحقة أغلب وجوه تلك الشخصيات المتورطة في أعمال فساد مالي وأخلاقي وحتى تورطهم في بعض أعمال القتل والتحريض عليه.
أما المحامية والناشطة الليبية حنان مصطفى، فترى في المقابل أن مقتل القذافي كان نقطة تحول مفصلية في مسار ثورة فبراير (شباط)، فقد كان الحدث مشهدا مستقبليا لما سيكون عليه القادم، طريقة قتله ونهش لحمه ونتف شعره وانتهاك عرضه على مشهد ومرأى من العالم، كسر حلم فبراير في دواخلي.
وأضافت: «كان يوما عصيبا علي لأنني أيقنت أكذوبة دولة القانون، وحرية الرأي والتعبير وسخافة ادعاءات حقوق الإنسان، التي ما كانت إلا جسرا لتصفية حساب شخصي مع فرد وليس سعيا لدولة مدنية تتوخى الحداثة في سلوكها ومنهاجها ذلك المشهد الهمجي استمر لعامين وربما ذاك السيل من البشاعات التي تربت في عهده وقمعت معا لن يوقفها شيء بعد الآن».
وتابعت: «كنت أعرف أن من قتلوه بعيدا عن المحاكم والعدالة والقانون، لن يستخدموا هذه المفاهيم بعد ذلك أبدا، لأنه بمجرد الانزلاق إلى ازدواجية المعايير فلا طريق للرجعة، إنه منطق القوة، عندما يتحول المظلوم إلى ظالم ويرسخ منظومة الاضطهاد ويستغلها لمكاسبه، هذا ما يحدث اليوم في ليبيا، تبادل أدوار ما بين الظالم والمظلوم، مصراتة تتحول إلى سرت، والزنتان إلى بني وليد».
ومع ذلك، ترى السيدة حنان أن كل من يتصدرون المشهد يجترون أيدلوجية القذافي ويعيدون تدويرها بطابع قبلي أو إسلامي، أو حتى ليبرالي سمج، المنظومة القانونية مرسومة بقلم رصاص باهت، مشيرة إلى أن وزير العدل يصرح بأنه أصبح يشغل وظيفة غير شريفة كما تم اختطاف رأس الدولة (رئيس الوزراء) من مخدعه على مشهد من المؤتمر الباسم (الوطني العام) والجيش المندثر.
واستطردت: «من الآخر ليبيا كما يقول كل الليبيين اليوم في دعابة ساخرة ممزوجة بالمرارة، خشت (دخلت) في حيط (حائط)».
لكن الكاتب الصحافي محمد عمر بعيو يرى في المقابل أن القذافي خاض حربين خسرهما معا قبل أن يخسر حياته قتلا يوم 20 أكتوبر (تشرين الأول) 2011، حرب مجده الشخصي، أو وهمه الشخصي، كزعيم عالمي اشترى مكانته الزائلة بسلاحي التآمر ومال النفط الليبي، وحرب المجد العشائري القبلي العائلي بتوريث السلطة لأولاده وعندما أقول السلطة لا أعني كرسي الحكم وحده بل التملك المطلق للوطن الليبي بشرا وجغرافيا وإمكانيات.
وأضاف بعيو من مدينة مصراتة لـ«الشرق الأوسط» بعد عامين من هزيمته الأخلاقية والقانونية على أيدي ثوار الشعب الليبي وهزيمته العسكرية التي تشاركها المقاتلون الفدائيون الليبيون مدعومين بالتحالف الدولي وحلف الناتو ونهايته مدانا بقتل شعبه وتدمير اقتصاده وتخريب استقراره المجتمعي وسلمه الأهلي ها هو الواقع يعيد إليه كثيرا من البريق ليس لأنه الأفضل بل لأن من ورثوه وسرقوا ثورة وثروة الليبيين وتسلطوا عليهم أسوأ منه كثيرا بحساب ما كان الشعب يأمله ويحلم به.
أضاف: «انتهى معمر القذافي لكن من سخرية ومن شواهد المأساة أن التاريخ قد يكتب قريبا في حالة من حالات سخرية مكره أنه كان آخر حاكم لليبيا الموحدة المستقرة».
من جانبه، يعتقد الهادي الزنتاني عضو باتحاد شباب الزنتان أن ليبيا ما زالت تعاني بعض المشكلات والإخطار من الأحزاب وأجندتها وأولها حزب «الإخوان» والتحالف.
وأضاف لا تهمنا ذكرى مقتله لأنه انتهى لمزبلة التاريخ. ابنه سيف الذي يقبع في أحد سجون الدولة بمدينة الزنتان وأنا أتحدث من هده المدينة حتى مجرد التفكير في وجود سيف في الزنتان فهو أمر نسيناه ولا يهتم به أحد فما بالك بأبيه. حقبة وقد انتهت ونتمنى أن يكون مستقبل ليبيا واعدا رغم ما يحدث من تجاذبات وهذه الفوضى الأمنية والسياسية ستنتظم مع الوقت، فأحد تعريفات الثورة: الفوضى.
وتابع: «إننا كشباب وخصوصا بمدينة الزنتان لا يؤمنون بالأحزاب المؤدلجة وهذه المدينة التي قدمت 400 شهيد وآلاف الجرحى همهم الوحيد هو ليبيا ويرفضون رفضا باتا الأحزاب وأجندتها الخارجية ما زلنا سنضحي ونقدم المزيد لليبيا ولن نسمح لأي كان أن يمس بما ضحى به الشهداء».
لكن الدكتورة لمياء شرف الدين عضو هيئة تدريس بجامعة طرابلس، تساءلت لـ«الشرق الأوسط» وهل سقط نظامه؟ قبل أن تجيب القذافي مات، ولكن ترك قذاذفة، مضيفة أن هناك نخبة تعمل في صمت لا تريد مناصب وليس لها مصلحة إلا مصلحة البلاد، إلا أنهم قلة، أملنا فيهم.
وتذكر الكاتبة والصحافية رزان نعيم المغربي أنها بعيد مقتل القذافي بساعات تحدثت لصحيفة إيطالية، في تلك اللحظة المشحونة عاطفيا وقالت: إن «قتله بهذه الطريقة نتيجة لكل هذا العنف الذي أورثه لشعبه».
اليوم بعد عامين، ترى رزان أن المشهد الليبي يشكل ما وصفته بصورة واضحة، عما أفرزته السنوات العجاف، أثرت في طبيعته تأثيرا عميقا، مما جعل أطرافا خارجية ساهمت بدعم الثورة، تحرض على قتله حتى تقتل معه أسرارا كثيرة، رغم أن الثوار الذين وقع بين أيديهم كانت ردة فعلهم طبيعية وهم في صراع مسلح معه.
وأضافت: «في ليبيا، التي عمل القذافي على هدم مؤسساتها العسكرية وأولها الجيش، أسس لهذا الخراب بنفسه وليقتل بهذه الطريقة، والقذافي هدم القوانين، ومسح التاريخ، ألغى الدستور، وخرب التعليم، وقال لهم أنتم جيل غضب، لهذا خرجوا في أولى المظاهرات يرددون (جيل غضب أنت سميته... جاك غضب عمرك ماريته). لقد ارتد السهم الذي أطلقه إلى صدره».
وتستطرد رزان: «بينما يحلم المواطن والمثقف الليبي بدولة القانون، يجد نفسه خاضعا مرة أخرى إلى قانون الفوضى.. وباتت ليبيا تشكل مصدر قلق إقليمي، رغم أن الشعب الليبي دخل انتخابات مميزة، وهو لم يعتد على الحراك السياسي، منذ نصف قرن، لكن الانتكاسات حدثت، والانقسامات تشتد كل يوم، لسبب وحيد هو عدم وجود الجيش والشرطة».
وأضافت «التهديد لن يقف عند حد الدول المجاورة، بل بات يشكل خطرا على وحدة ليبيا، التي اتضح أن القدافي عمل على تعزيز الصراع القبلي فيها طيلة مدة حكمه، بدل نزعها، واستبدالها بثقافة مدنية تناسب العصر، في النهاية، نحن اليوم نجني ثمار زرع سام، وحتى نغرس ثمارا طيبة، لا بد من الانتظار».
ويتفق عصام التاجوري وهو محام وناشط حقوقي مع هذا الرأي بعدما لفت إلى أن فبراير (شباط) عام 2011 جاء لأجل دحر دولة الظلم والقهر وحكم الفرد وتأسيس دولة المؤسسات والعدالة واحترام حقوق الإنسان ونقل ليبيا من دولة نامية إلى دولة متقدمة مزدهرة بفضل خيراتها، ومقدراتها التي استنزفها آل القذافي في تحقيق أحلامهم.
لكن وبعد تصفية القذافي يعتقد أنه لم يتحقق حتى هدف واحد من هذه الأهداف، مضيفا أن من يروج بأن أكبر هدف قد تحقق بموت القذافي فهذا لا يمثل إلا نفسه والتيار الذي يتبعه وهؤلاء طلاب ثأر لا عدالة وفبراير منهم براء.
وتابع: «لم يقف الأمر عند هذا وحسب بل سقطت الدولة في أيدي ميليشيات متطرفة دينيا وجهوريا ومناطقيا وقبليا والبلاد تتجه إلى أن تكون مصدر رئيس لتصدير الإرهاب وإزكاء الفتن في دول الجوار والمنطقة، أقولها وبأسى فبراير خطفت وامتطاها من كان بمشروع ليبيا الغد (الإخوان) ومن والاه ومن والاهم».
من جانبه، يعتقد الصحافي الليبي فتحي بن عيسى أن أداء من تولى إدارة البلد بعد مقتل القذافي جعل منه قائدا تاريخيا وتحولت مقولات الكتاب الأخضر الذي كان محل سخرية إلى مقاطع مأثورة يستشهد بها قادة ثورة فبراير ورموزها كمصطفى عبد الجليل (رئيس المجلس الانتقالي السابق) وأصبح المزاج العام مقتنع بأن الحزبية إجهاض للديمقراطية وأن من تحزب خان، وبعدما أعرب عن قناعته بأن مكاسب القذافي بعد مقتله أكثر بكثير مما كان يحلم به ويسعى له وينفق لأجل نفائس الأموال، قال بن عيسى لـ«الشرق الأوسط»: لا أعتقد أن القذافي كان سيجد من يروج لأفكاره بهذه السرعة مثلما فعل من جاء بعده فجعلوا الناس يكفرون بالانتخابات والأحزاب ويضيقون ذرعا بالفساد الذي تجاوز اللامعقول.
ووفقا لما يراه بن عيسى فقد يقول البعض، إن ما يحدث هو نتاج 42 عاما من حكم القذافي وهو يحصد النتائج في قبره إلا أن هذا القول يناقضه قولنا إن الليبيين ثاروا ضد القذافي في فبراير، عبارة المهم الطاغية مات عبارة مدمرة قتلت أي توجه صادق لبناء ليبيا.
وأضاف: «علينا أن نسأل أنفسنا كليبيين هل كانت مشكلتنا مع القذافي كشخص أم نظام وأفكار.. الأشخاص زائلون والأوطان باقية تحتاج للعرق والجهد».

المحطات الأساسية منذ سقوط القذافي

القاهرة: «الشرق الأوسط»

المحطات الأساسية منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي في أكتوبر (تشرين الأول)2011 بعد ثورة شعبية أعقبها نزاع مسلح
* 20 أكتوبر 2011: مقتل القذافي في سرت (360 كلم شرق طرابلس) بعد حصار دام أسابيع، والعثور على ابنه المعتصم ميتا في المدينة.
* 23 أكتوبر: المجلس الوطني الانتقالي الذي فرض نفسه شيئا فشيئا على الساحة الدولية يعلن «التحرير الكامل» لليبيا. أسفر النزاع الذي استمر ثمانية أشهر عن مقتل أكثر من 30 ألف شخص.
* 31 أكتوبر: انتهاء عملية «الحامي الموحد» الجوية لحلف شمال الأطلسي، التي أطلقت في نهاية مارس (آذار).
* 19 نوفمبر (تشرين الثاني): اعتقال سيف الإسلام القذافي نجل الزعيم الليبي الراحل والملاحق أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. وبدأت محاكمته في ليبيا في يناير (كانون الثاني) الماضي.
* يونيو (حزيران) 2012: أكثر من مائة قتيل و500 جريح خلال أسبوع في أعمال عنف قبلية جنوب غربي طرابلس.
* 7 يوليو (تموز) 2012: الليبيون يتوجهون إلى صناديق الاقتراع للمرة الأولى لانتخاب مجلس تأسيسي، المؤتمر الوطني العام. وحصول تحالف القوى الوطنية بقيادة رئيس الوزراء السابق في المجلس الوطني الانتقالي الحاكم محمود جبريل، على 39 مقعدا من أصل ثمانين في المجلس، وحصل حزب العدالة والبناء المنبثق عن الإخوان المسلمين على 17 مقعدا فقط. ومنح 120 مقعدا لمستقلين.
* 8 أغسطس (آب): المؤتمر الوطني العام يسلم السلطات للمجلس التأسيسي المنبثق عن الانتخابات. وانتخاب محمد المقريف المعارض السابق لنظام معمر القذافي رئيسا للمؤتمر الوطني العام (البرلمان).
* 11 سبتمبر (أيلول): هجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي، يسفر عن مقتل أربعة أميركيين بينهم السفير كريس ستيفنز.
* 23 سبتمبر: السلطات تعلن حل جميع الميليشيات والمجموعات المسلحة غير المنضوية تحت سلطة الدولة، وذلك غداة انتفاضة دامية لسكان بنغازي (شرق) على الميليشيات الإسلامية.
* 14 أكتوبر: علي زيدان المعارض السابق لنظام القذافي ينتخب رئيسا للوزراء. ويأتي التصويت بعد أسبوع على استبعاد رئيس الوزراء المنتخب مصطفى أبو شاقور الذي كان المؤتمر العام قد انتخبه لكن أعضاءه رفضوا مرتين تشكيل الحكومة الذي يقترحه.
* 12 يناير 2013: القنصل الإيطالي في بنغازي ينجو من هجوم. المدينة تشهد عدة هجمات ضد مصالح غربية واغتيالات قادة أمنيين.
* 23 أبريل (نيسان): اعتداء بسيارة مفخخة ضد السفارة الفرنسية في طرابلس يسفر عن جرح جنديين اثنين.
* 5 مايو (أيار): تبني مشروع قانون مثير للجدل حول استبعاد مسؤولين في النظام السابق في حين احتلت عناصر في ميليشيات وزارتين منذ أسبوع. واستقالة المقريف الذي خلفه نوري أبو سهمين.
* 8 يونيو: سقوط 30 قتيلا في مواجهات في بنغازي بين ثوار سابقين ومتظاهرين. وفي نهاية يونيو ساهمت أعمال عنف دامية بين ميليشيات في طرابلس في تسريع رحيل وزير الدفاع.
* 27 يوليو: مظاهرات عنيفة ضد السلطات والأحزاب السياسية بعد سلسلة اغتيالات منها اغتيال الناشط المناهض للإسلاميين عبد السلام المسماري.
* 31 يوليو: زيدان يعدل عن تشكيل حكومة أزمة مصغرة.
* 25 أغسطس: رئيس الوزراء يعلن إطلاق حوار وطني بشأن المصالحة الوطنية ونزع الأسلحة.
* 19 سبتمبر: بدء محاكمة نحو 20 مسؤولا سابقا في نظام القذافي لدورهم في قمع الثورة في عام 2011.
* 2 أكتوبر: متظاهرون يحاولون الهجوم على السفارة الروسية في طرابلس مما أسفر عن سقوط قتيلين في صفوف المعتدين.
* 5 أكتوبر: أسر زعيم في «القاعدة» أبو أنس الليبي في غارة أميركية في طرابلس. وطلب المؤتمر الوطني العام أعلى هيئة سياسية في ليبيا من واشنطن تسليمه «فورا».
* 10 أكتوبر: ثوار سابقون يخطفون علي زيدان لبضع ساعات.
* 18 أكتوبر: مقتل مدير الشرطة العسكرية للجيش الليبي العقيد أحمد البرغثي، وهجوم من أنصاره على منزل قائد قوات درع ليبيا وسام بن حميد لاتهامه بالوقوف وراء العملية.



أزمة تمويل تهدد معيشة اليمنيين خلال العام المقبل

فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
TT

أزمة تمويل تهدد معيشة اليمنيين خلال العام المقبل

فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)

على الرغم من أن التدخلات التنموية في اليمن تمكّنت من إحداث فارق ملموس في تحسين سبل العيش، تزداد تحذيرات وكالات الأمم المتحدة من اتساع فجوة تمويل الأعمال الإنسانية في اليمن، مع سعيها إلى الاستجابة الطارئة لحماية الأطفال والفئات الأكثر هشاشة من الوصول إلى مستويات شديدة من نقص الاحتياجات.

نفاد الإمدادات

وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) عن حاجتها إلى 126.25 مليون دولار، لتنفيذ خطتها الإنسانية في البلاد للعام المقبل، وضمان استمرار خدمات الصحة والتغذية والمياه والتعليم والحماية لملايين الأطفال الذين يعتمد غالبيتهم على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة، محذرة من أن استمرار التدهور قد يحرم أعداداً متزايدة من الرعاية الأساسية.

وتراجعت حاجة «اليونيسف» إلى تمويل نشاطها في اليمن للعام المقبل بنسبة 40 في المائة عن العام الحالي، الذي طلبت فيه تمويلاً بمبلغ 212 مليون دولار.

ونبهت المنظمة الأممية إلى أن إغلاق أكثر من 3000 مركز تغذية، ونفاد الإمدادات الحيوية بحلول أوائل العام المقبل، يجعلان حياة مئات الآلاف من الأطفال عرضة للخطر.

ملايين الأطفال اليمنيين يواجهون خطر سوء التغذية ونقص الخدمات الصحية (الأمم المتحدة)

بدورها، أطلقت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) نداء تمويلياً بقيمة 86.57 مليون دولار، لدعم سُبل العيش الزراعية وتعزيز القدرة على الصمود لنحو 9.15 مليون شخص في اليمن خلال العام نفسه.

تدخلات زراعية

تقدّر «فاو» أن اليمن يُعد ثالث أكبر أزمة غذاء في العالم، حيث يواجه أكثر من نصف السكان مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بينهم نحو 41 ألف شخص معرضون لخطر المجاعة، بعد عقد من بدء النزاع المسلح، والتطورات الأخيرة التي عطّلت سلاسل التوريد، إلى جانب الانهيار الاقتصادي والتغيرات المناخية القاسية.

ويتوقع المنسق العام للجنة اليمنية العليا للإغاثة، جمال بلفقيه، أن نقل مكتب منسق الشؤون الإنسانية إلى العاصمة المؤقتة عدن سيساعد بشكل كبير على تنفيذ خطط الاستجابة الإنسانية وتغيير مسار العمل الإنساني وبيان أثرها، داعياً إلى الشراكة بين المنظمات الدولية والقطاع الخاص في اليمن، لتوفير السلع الأساسية والشراء من السوق المحلية.

فجوة تمويل الإغاثة في اليمن تهدد بتراجع كبير في القدرة الشرائية للسكان وفق خبراء (أ.ف.ب)

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط» يبدي المسؤول الإغاثي الحكومي قلقه من أن اختطاف الجماعة الحوثية العاملين في الوكالات الأممية، وممارسة الابتزاز باستخدام الورقة الإنسانية سيعوقان أداء المنظمات ويؤثران سلباً على الدعم الخارجي، مبدياً تفاؤله بأن تؤدي الإجراءات الاقتصادية الحكومية إلى تحسين أسعار المواد الأساسية، مما يساعد في تحسين القوة الشرائية.

وتوضح الوكالة الأممية أن 17.68 من التمويل سيُوجّه إلى صالح تدخلات زراعية طارئة لتحقيق تعافي سُبل المعيشة، ويشمل ذلك توزيع البذور، وتطعيم الماشية، وإعادة تأهيل البنى التحتية الزراعية والمائية، في مساعٍ للحد من اعتماد السكان الكامل على المساعدات الغذائية، فيما سيُستخدم المبلغ المتبقي لتعزيز القدرة على الصمود للفئات المستهدفة.

وبسبب مواجهة برنامج الغذاء العالمي عجزاً كبيراً في تمويله، تم تقليص المستفيدين من خدماته إلى النصف، وهو ما سيؤدي إلى انخفاض القدرة الشرائية وسحب ما بين 200 و300 مليون دولار سنوياً من الأسواق المحلية، حسبما أورده المستشار الاقتصادي في مكتب الرئاسة اليمنية، فارس النجار.

تعزيز صمود الريف

وبينما يحتاج البرنامج الأممي إلى أكثر من 300 مليون دولار للستة الأشهر المقبلة، لم يحصل سوى على 106 ملايين دولار فقط.

طفل يتلقى العلاج من سوء التغذية في أحد مستشفيات صنعاء (الأمم المتحدة)

ويقدّر النجار أن سوء التغذية سيؤدي إلى خسارة مستقبلية في إنتاجية الفرد ما بين 10 و15 في المائة، مما يعني اقتصاداً أصغر وناتجاً أقل لعقد كامل إذا لم تجرِ حماية الفئات الأضعف، لافتاً إلى أن عدم تمويل خطة الاستجابة الإنسانية سيضع اليمنيين أقرب من أي وقت مضى أمام سيناريوهات المجاعة.

في غضون ذلك، كشف الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) عن أن التدخلات التنموية متوسطة المدى يمكن أن تُحدث فرقاً ملموساً حتى في ظل استمرار النزاع، وأن هذه التدخلات عززت من تحسين سبل العيش والأمن الغذائي لعشرات الآلاف من السكان في المناطق الريفية في اليمن، رغم استمرار النزاع وانهيار البنية التحتية والخدمات الأساسية.

جاء ذلك بعد أن أظهر مشروع تنمية سبل العيش الريفية، المنفذ بين عامَي 2021 و2024، أن تحسين الوصول إلى المياه وتحديث أنظمة الري أسهما في خفض استهلاك المياه بنسبة وصلت إلى 80 في المائة، إلى جانب زيادة الإنتاج الزراعي، وتحسين دخل آلاف الأسر في خمس محافظات يمنية.

تنمية سبل العيش الريفية تُسهم في تحسين الإنتاج الزراعي وتحسين دخل آلاف الأسر (إيفاد)

وذكر «إيفاد»، في تقرير حديث، أن إجمالي تمويل المشروع وصل إلى 5.3 مليون دولار، وشمل 5 محافظات و31 مديرية، واستفاد منه أكثر من 84 ألف شخص في نحو 12 ألف أسرة ريفية. وركزت التدخلات على تحسين الوصول إلى المياه، وإعادة تأهيل أنظمة الري، وحماية الأراضي الزراعية من الفيضانات، بالإضافة إلى دعم المزارعين بمدخلات زراعية وتدريب تقني.

ونوه «إيفاد» إلى أن اعتماد نهج التعاقد المجتمعي، بالشراكة مع صندوق التنمية الاجتماعية ومنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، مكّن المجتمعات المحلية من قيادة عملية التخطيط والتنفيذ، مما عزّز الحوكمة المحلية والتماسك الاجتماعي في بيئات تعاني هشاشة مؤسسية شديدة.

وبيّن التقرير أن تحديث البنية التحتية المائية أسهم في خفض استهلاك مياه الري بنسبة تتراوح بين 70 و80 في المائة، وتحسين إنتاجية المزارعين، إلى جانب حماية 131 هكتاراً من الأراضي الزراعية. كما استفاد أكثر من 3300 مزارع من المدارس الحقلية والأعمال الزراعية، فيما تلقت 4000 امرأة ورجل تدريبات في مجالات التغذية والزراعة المنزلية.


مصر تستكمل ماراثون الانتخابات البرلمانية وسط جدول مزدحم

المصريون بالأردن يصوتون في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب (أ.ش.أ)
المصريون بالأردن يصوتون في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب (أ.ش.أ)
TT

مصر تستكمل ماراثون الانتخابات البرلمانية وسط جدول مزدحم

المصريون بالأردن يصوتون في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب (أ.ش.أ)
المصريون بالأردن يصوتون في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب (أ.ش.أ)

تستكمل مصر ماراثون الانتخابات البرلمانية بانطلاق جولة الإعادة للمغتربين بالمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب، الاثنين، وسط جدول انتخابي مزدحم، عدّه خبراء «منهكاً» لكل من المرشحين والناخبين، مع استحداث جولات جديدة طرأت على أجندة الانتخابات بسبب إلغاء نتائج انتخابات بعض الدوائر لـ«مخالفات»، والطعن على نتائج دوائر أخرى.

وانطلقت عمليات الاقتراع في جولة الإعادة بالمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب المصري «الغرفة الأولى للبرلمان» يومي الاثنين والثلاثاء، بينما يجري التصويت بالداخل يومي الأربعاء والخميس المقبلين.

جولات انتخابية جديدة في اقتراع مجلس النواب المصري (حزب الدستور)

وفي سابقة لافتة يصوت المصريون في انتخابات مجلس النواب على مراحل ممتدة، تصل إلى 7 جولات انتخابية، على خلفية إلغاء نتائج عدد من الدوائر، حيث أصدرت «المحكمة الإدارية العليا» بمجلس الدولة، وهي أعلى محكمة إدارية، نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أحكاماً ببطلان الانتخابات في نحو 30 دائرة بانتخابات المرحلة الأولى، عقب فحصها طعوناً تقدم بها مرشحون.

وسبق ذلك قرار «الهيئة الوطنية للانتخابات» بإلغاء نتائج الانتخابات في 19 دائرة بالمرحلة الأولى، عقب حديث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن «مخالفات»، بالمرحلة الأولى التي انطلقت في 10 نوفمبر الماضي.

وكان مقرراً إعلان النتيجة النهائية لانتخابات مجلس النواب في 25 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بحسب الخريطة الزمنية التي أعلنتها «هيئة الانتخابات» قبل انطلاق الاقتراع، غير أنها أدخلت تعديلات عليها ليكون الإعلان النهائي عن النتيجة في 10 يناير (كانون الثاني) المقبل.

في سابقة استثنائية يصوت المصريون في انتخابات النواب عبر 7 جولات (حزب الدستور)

ويرى نائب مدير مركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بمصر، عمرو هاشم ربيع، أن تعدد وطول جولات التصويت والإعادة يصيب الناخبين بـ«الملل» و«الإحباط»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «7 جولات مرهقة جداً للناخبين والمرشحين، كما أصيبت الأحزاب المشاركة بالإنهاك والارتباك»، وبحسب ربيع، فإن «طول الجولات لن يؤثر في النتائج النهائية للانتخابات»، لكن تأثيره واضح في «نسبة المشاركة المتدنية».

وتثير انتخابات مجلس النواب المصري جدلاً واسعاً قبل بدايتها؛ إذ طالبت أحزاب عدة بتطبيق نظام «القائمة النسبية» لضمان تمثيل عادل لجميع الأحزاب والقوى السياسية، بديلاً عن النظام المطبَّق حالياً، ويعتمد قانون الانتخابات الحالي نظاماً انتخابياً مختلطاً، بواقع انتخاب نصف المقاعد فردياً، في حين أن النصف الآخر يُنتخب بنظام «القوائم المغلقة المطلقة»؛ ما يعني فوز أعضاء القائمة بالكامل حال تحقيقها أعلى الأصوات.

أحزاب مصرية تحشد قوتها لاستكمال جولات الانتخابات (حزب مستقبل وطن)

وفي رأي خبير النظم والتشريعات البرلمانية عبد الناصر قنديل، فإن تعدد وامتداد جولات الإعادة أفرزا مشهداً انتخابياً «مرتبكاً»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «وصول مراحل الإعادة إلى 7 جولات ماراثون وعملية استثنائية لم تحدث في تاريخ الحياة البرلمانية المصرية، فهي أطول عملية اقتراع في تاريخ مصر، وهو مشهد سيغير الكثير، ويطيح بثوابت عدة».

وبحسب قنديل: «اضطر كثير من المرشحين إلى تغيير تكتيكاتهم الانتخابية التي كانوا يعتقدون أنها ستضمن لهم الفوز منذ الجولة الأولى».

وتقتصر جولات الإعادة على المقاعد الفردية، التي طالها إلغاء النتائج؛ إذ سبق أن أعلنت «الهيئة الوطنية للانتخابات» فوز «القائمة الوطنية من أجل مصر»، التي تضم 12 حزباً، بمقاعد المرحلة الأولى، وخاضت المنافسة منفردة دون وجود قوائم منافسة.

ويعتقد قنديل أن «المشهد الانتخابي الحالي ضاغط على الأحزاب السياسية، التي لم تتعود أيضاً على هذا التطويل، وهو ما أثر سلباً في قدرتها حشد الناخبين»، وبحسب قنديل، فإن «الهيئة الوطنية للانتخابات تعاملت بكفاءة فنية واضحة مكنتها من وضع جدول زمني استثنائي لجميع المراحل رغم ضيق الوقت».

ويشهد البرلمان المقبل وجود 596 نائباً، بينهم 568 عضواً بالانتخاب، و28 عضواً بنسبة 5 في المائة يعينهم رئيس الجمهورية. ولا يزال يدور التنافس حول 195 مقعداً داخل دوائر الإعادة في المرحلتين الأولى والثانية بجانب الدوائر المُلغاة التي تُعاد انتخاباتها، وفقاً لـ«هيئة الانتخابات».


غزة تكابد لانتشال الجثث من تحت الأنقاض... والعواصف تهدم المباني المتضررة

السلطات في غزة تحذر من احتمال انهيار المزيد من المباني المتضررة من الحرب بسبب الأمطار الغزيرة (أ.ب)
السلطات في غزة تحذر من احتمال انهيار المزيد من المباني المتضررة من الحرب بسبب الأمطار الغزيرة (أ.ب)
TT

غزة تكابد لانتشال الجثث من تحت الأنقاض... والعواصف تهدم المباني المتضررة

السلطات في غزة تحذر من احتمال انهيار المزيد من المباني المتضررة من الحرب بسبب الأمطار الغزيرة (أ.ب)
السلطات في غزة تحذر من احتمال انهيار المزيد من المباني المتضررة من الحرب بسبب الأمطار الغزيرة (أ.ب)

حذرت السلطات في قطاع غزة اليوم (الاثنين) من احتمال انهيار مزيد من المباني المتضررة من الحرب بسبب الأمطار الغزيرة في القطاع الفلسطيني المدمر، وقالت إن الأحوال الجوية تجعل من الصعب انتشال الجثث التي لا تزال تحت الأنقاض.

ووفقاً لـ«رويترز»، ذكرت السلطات الصحية أن انهيار مبنيين في غزة يوم الجمعة أسفر عن مقتل 12 على الأقل، وذلك وسط عاصفة جرفت الخيام وأغرقتها أيضاً، وأدت إلى وفيات بسبب التعرض للبرد.

واتفقت إسرائيل وحركة «حماس» على وقف إطلاق النار في أكتوبر (تشرين الأول) بعد عامين من القصف المكثف والعمليات العسكرية، لكن المنظمات الإنسانية تقول إن المساعدات التي تدخل غزة قليلة للغاية، في حين لا يزال جميع السكان تقريباً بلا مأوى.

ودعا المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل، المجتمع الدولي إلى توفير منازل متنقلة وكرفانات للنازحين الفلسطينيين بدلاً من الخيام.

وقال: «إذا لم يتم حماية الناس اليوم سنشهد مزيداً من الضحايا. سنشهد مزيداً من قتل الناس، والأطفال، والنساء، والعوائل بأكملها داخل هذه المباني».

سلطات غزة تواصل الحفر لانتشال نحو تسعة آلاف جثة يقدّر أنها لا تزال مدفونة تحت الأنقاض (أ.ب)

وكان محمد نصار وعائلته يعيشون في مبنى مكون من ستة طوابق تضرر بشدة جراء الغارات الإسرائيلية في وقت سابق من الحرب، ثم انهار يوم الجمعة.

وواجهت أسرته صعوبات في العثور على مسكن بديل، وغمرتهم المياه أثناء إقامتهم في خيمة خلال نوبة سابقة من سوء الأحوال الجوية. وخرج نصار لشراء بعض الاحتياجات يوم الجمعة وعاد ليجد مشهد الحطام وعمال الإنقاذ يحاولون انتشال الجثث من تحت الأنقاض.

وقال نصار: «شفت إيد ابني طالعة من تحت الأرض، يعني أكتر منظر أثّرني، ابني تحت الأرض مش قادرين نطلعه». وتُوفي ابنه (15 عاماً) وابنته (18 عاماً).

وفي غضون ذلك، قال المتحدث إسماعيل الثوابتة إن سلطات غزة تواصل الحفر لانتشال نحو تسعة آلاف جثة يقدّر أنها لا تزال مدفونة تحت الأنقاض جراء القصف الإسرائيلي خلال الحرب، لكنهم يفتقرون إلى المعدات اللازمة لتسريع العمل.

وانتشل عمال الإنقاذ اليوم رفات نحو 20 شخصاً من مبنى متعدد الطوابق تعرض للقصف في ديسمبر (كانون الأول) 2023، حيث يُعتقد أن نحو 60 شخصاً، بينهم 30 طفلاً، كانوا يحتمون فيه.